مسجد البدية ينفرد بالهندسة ويشهد على العراقة
مدينة البدية الواقعة ما بين مدينتي خورفكان ودبا وتحديدا على بعد 30 كم من إمارة الفجيرة تقف هناك تحفة أثرية بديعة إنه مسجد البدية ·لا تلبث أن تطأ أقدامك ترابه حتى يأخذك في رحلة تاريخية، تجد في منبره الصغير، الذي يبعد عن الأرض أمتار قليلة، العظمة في أنه مازال قائما رغم تلك السنين يؤم المصلين ويفد إليه السائحون· وعندما تتمعن بجدرانه المتينة وجماله الهندسي المتقن لابد وأن تقف تحية إجلال وتقدير لتلك الهمم العالية لأجدادنا الذين بنوا هذا الصرح بأيديهم، ورووه بعرقهم معتمدين على مواد أولية لم يكن بحوزتهم سواها حتى أصبح الآن مركزا دينيا ومعلما تراثيا، يتحدى عوامل التعرية والزمن فلم تزده السنون إلا جمالا ولم يضف إليه العمر سوى بهاء·
بني مسجد البدية بمواد أولية صرفة فقد تم بناؤه من الحجارة الكبيرة والصغيرة مايسمى (بازلت)، واستخدم فيه الطين المحروق كمادة رابطة للبناء وقد سقف بأربع قباب تستند على عمود وسطي وشكل متفرد لا يشبه أي بناء تاريخي في الإمارات ويتخذ المسجد شكل مربع متساوي الأضلاع وتبلغ مساحته 53 مترا مربعا وعلى الرغم من صغر مساحته إلا أنه يعطيك منظرا ملفتا للانتباه غني بتكوينه الجمالي، وتحتوي قاعة الصلاة فيه على محراب ومنبر صغيرين، وتعلوها أربع قباب ذات شكل دائري من الداخل لكن هيئتها الخارجية عبارة حلقات حلزونية متماثلة· واستنادا إلى نتائج دراسة حديثة أجرتها إدارة التراث والآثار في إمارة الفجيرة بالتعاون مع جامعة سيدني في أسترالي حيث أخذت عينات لمواد عضوية من تحت أسس جدران المسجد وأجريت عليها تحاليل كميائية لـ''كربون ''14 للتاريخ الزمني فكانت نتيجة التحاليل أن مسجد البدية بني بحدود عام 1446ميلادية تقريبا وهو يقع ما بين شاطئ البحر وسفح الجبل· وهناك الكثير من التفسيرات عن نشأة هذا المسجد منها ما يرى أنه كان مزارا أو ضريحا بسبب صغره وشكل قبابه ومنها ما يرى شبها قديما بين هذا المسجد مساجد أخرى منها مسجد ''فلها بو سكري'' في نيودلهي وأصبح هذا المسجد بحجمه الصغير وموقعه المميز وشكله المستغرب هدفا لتساؤلات كثيرة· وقد تم ترميم المسجد وتقام فيه الصلاة للآن كما أن هناك مكان للوضوء مصمم بشكل يتناسب مع المسجد مع خصوصية بنائه
المصدر: الفجيرة