اكتشافات واعدة للنفط والغاز في الساحل التركي بالبحر الأسود
حتى بعد 150 عاماً من تطوير صناعة النفط لا يزال الخبراء والفنيون يقرون بأنه إلى أن يحفروا بئراً بالفعل ليس في مقدورهم التأكد مما قد يحتويه هذا البئر.
وينطبق ذلك تماماً على الاكتشافات البترولية المحتملة بالمياه العميقة الجاري التنقيب عنها على خلفية أسعار النفط المرتفعة.
وهُناك اكتشافات واعدة في المياه قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود بطول 1100 كيلو متر، حيث ينتظر اكتشاف حقول هائلة جديدة، بحسب محمد أويسال رئيس شركة “تي بي إيه” الحكومية التي تنشغل في عمليات مسح المنطقة.
ونظراً لنتائج فحوص زلزالية ايجابية واكتشاف كميات قليلة من الغاز، ولكنها مشجعة قبالة مدينة ايريجلي الواقعة على ساحل البحر الأسود، فقد اقتنعت شركتا نفط أميركيتان هما اكسون موبل وشيفرون وشركة بتروبراس الحكومية البرازيلية بالدخول في شراكة مع شركة “تي بي أو ايه”.
وبدأت الأمور تنشط فعلاً حين تم سحب حفار الاستكشاف الضخم ليف ايريكسون المستأجر من قبل “تي بي إيه أو” إلى البوسفور لحفر بئر استكشافية في المنطقة التي تقوم “تي بي إيه أو” باستكشافها في شراكة مع شركتي ايكسون وبتروبراس.
وعلى الرغم من إتمام بعض الأعمال الاستكشافية لم يتم التصريح بأي بيانات عن الاستكشافات واكتفى مسؤولون أتراك بالتصريح بأنه يجري حالياً تقييم النتائج وتحرك الحفار للتنقيب في منطقة تشترك كل من “تي بي إيه أو” وشيفرون في استغلالها.
ورغم علامات الاستفهام لا تزال مصالح المنطقة في يد تاينر يلديز وزير الطاقة التركي والذي صرح مؤخراً أن هُناك شركة رابعة تجري مفاوضات وينتظر أن يتم التعاقد معها بحلول آخر عام 2011.
وليس من المستغرب هذا الاهتمام المستمر بالنظر إلى الاحتمالات الواعدة المنطوي عليها ذلك المشروع.
وقال جون روبرتس خبير أسهم طاقة بحر قزوين والبحر الأسود في وكالة بلاتس لتسعير النفط: “أن اكتشاف كميات كبرى من الهيدروكربونز (النفط والغاز) سيكون بمثابة طفرة ايجابية لتركيا”.
وتوقع جون استمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية وإلى أن تركيا لا تزال تعتمد على استيراد معظم احتياجاتها من النفط والغاز. وأوضح أن اكتشاف الغاز بكميات كبيرة سيكون له أهمية ليس فقط لتركيا ولكن لأوروبا أيضاً.
ورغم أن تركيا لا تنقل سوى أحجام صغيرة من غاز أزربيجان إلى أوروبا إلا أنه من المخطط زيادة تلك الأحجام من خلال لا يقل عن ثلاثة مشروعات خطوط أنابيب ضخمة ترمي إلى نقل أحجام ضخمة من الغاز من أزربيجان إلى أوروبا عبوراً بتركيا.
كما أن أنقرة تجري محادثات مع إيران حول امكانية إضافة غاز عراقي إلى أكبر الخطوط الثلاثة المسمى خط أنابيب نابوكو المدعم من قبل الاتحاد الأوروبي المخطط أن ينقل نحو 31 مليار متر مكعب غاز في العام عبر تركيا إلى وسط أوروبا.
ويقول روبرتس: “لو استطاعت تركيا تلبية احتياجاتها من الغاز فسوف تغير موقف مورديها القائمين بما يشمل روسيا وسوف تضع أنقرة في وضع يمكنها من فرض شروط على نقل الغاز عبر تركيا إلى أوروبا”.
وهذه نقطة ينبغي على مشرعي سياسة الطاقة بالاتحاد الأوروبي وضعها في عين الاعتبار.
وسيكون لاكتشاف كبير للنفط في البحر الأسود شأن لا يقل أهمية، حيث سيضع حداً لاعتماد تركيا على واردات من روسيا وإيران وأزربيجان غير أنه سيشكل مصاعب أيضاً، خصوصاً الأسلوب الذي سيتم به عرض النفط في السوق. فتركيا طالما اعتمدت على مرور السفن الحاملة للنفط عبر مضيق البوسفور المزدحم عند اسطنبول التي تحمل النفط من حوض بحر قزوين الذي يصل إلى البحر الأسود عن طريق خط الأنابيب.
وتحذر تركيا من أن زيادة الإنتاج في بحر قزوين خلال العقد المقبل ستعمل على انسداد الشبكة.
وفي هذا العام مرر مسؤولو وزارة الخارجية ورقة مناقشة في مسعى لإلزام منتجي نفط بحر قزوين بالموافقة على استخدام خط أنابيب سامسن - سيهان الطويل التركي والذي سيتجاوز مضيق البوسفور ويصل مباشرة إلى ساحل تركيا المتوسط.
وإذا تم مثل هذا الاتفاق فلن يترك مجالاً في خط الأنابيب المخطط لنفط البحر الأوسط.
عن - فاينانشيال تايمز
ترجمة - عماد الدين زكي