موجهون: «الفروق الفردية» وراء تدني مستوى «بعض» الطلاب
يؤكد موجهو لغة عربية في منطقة أبوظبي التعليمية أن هُناك اهتماما كبيرا باللغة العربية من كافة مستويات أجهزة الدولة وإمارة أبوظبي، وأجهزتها التعليمية والتربوية المتخصصة، وحرصاً على تطوير المناهج الدراسية في كافة المراحل التعليمية والنهوض بمستوى الكوادر التعليمية وتدريبها وتأهيلها بما ينسجم واستراتيجية التطوير الطموحة، واختبار الكفاءة في اللغة العربية الذي استحدث مؤخراً ما هو إلا خطوة جادة وعملية إيجابية في هذا الاتجاه، حيث يخضع جميع المعلمين في مختلف المراحل والمواد الدراسية “ما عدا الإنجليزية” ممن يقومون بتدريس المواد الدراسية المختلفة باللغة العربية، لاختبار كفاءة في اللغة العربية، وهي اللغة الأم، وفق معايير علمية أعدتها سلفاً جامعة الإمارات، ويتضمن الاختبار قياس المهارات الأربعة “القراءة - الكتابة - الاستماع - التحدث”، بهدف الوقوف على مستواهم الحقيقي في اللغة العربية، تمهيداً لإلحاق المحتاجين منهم “ذوي المستويات الضعيفة” بدورات تدريبية في اللغة العربية بهدف رفع كفاءتهم الذاتية، وهذه الدورات ينظمها ويشرف عليها مجلس أبوظبي للتعليم بالتعاون والتنسيق مع جامعة الإمارات.
ومن مظاهر اهتمام الدولة باللغة العربية في المدارس، عقد امتحان خاص بالمعارف والمهارات اللغوية لطلاب المدارس الحكومية في العام الماضي،من الصف الثالث حتى الثاني عشر، وهذا العام تم عقد الامتحان لصفوف المرحلة الثانوية، حيث تقوم الجهة المنظمة بإسناد عملية التصحيح لجامعة زايد في أبوظبي، ومن ثمّ تزويد المدارس بالنتائج النهائية التي تخدم عملية التقويم الشاملة لحالة الطلاب.
وبمناقشة توجيه اللغة العربية في منطقة أبوظبي التعليمية حول واقع حال تعليم اللغة العربية في مدارس إمارة أبوظبي، هل تعاني اللغة العربية من أزمة؟ وهل يمكن وصف حال الطلاب بل والمعلمين القائمين على العملية التعليمية بالتدني أو التواضع؟ وما هي الأسباب؟
يقول محمود علي الحسن “موجه اللغة العربية في منطقة أبوظبي التعليمية”: “بلاشك.. هُناك اهتمام ملموس بحالة اللغة العربية في المدارس من كافة مستويات الأجهزة الحكومية، كجزء من حالة عامة تجعل من اللغة العربية عنواناً للهوية الإماراتية، لكن هذا لا يمنع بطبيعة الحال من وجود ضعف عند بعض الطلاب” مخرجات التعليم”، نظراً للفروق الفردية بين الطلاب، ونحن نعلم أن اللغة العربية مثل أي لغة أخرى مهارة من المهارات الذاتية، وتحتاج إلى إتقان، والاتقان يحتاج إلى تدريب، وهذا يتطلب من الجميع خاصة في الميدان التعليمي والتربوي المزيد من الاهتمام بهذا الجانب، وبصورة أكبر حتى يتقن الطلاب هذه المهارة وبالصورة التي نطمح إليها”.
ويحدد محمود الحسن أسباب هذا الضعف لدى “بعض الطلاب” قائلاً: “هناك ضعف على مستوى تفعيل التواصل بين المدرسة وأسرة الطالب، خاصة في المرحلة الأساسية الأولى، لأننا إذا أردنا طالباً يتقن اللغة ومهاراتها، فلابد من وجود حالة إيجابية من التواصل بين المدرسة والأسرة، هذا إلى جانب بعض الملاحظات التي يمكن أن توجه إلى المناهج الدراسية، فبالرغم من أن المناهج تركز في طرحها على تنمية مهارات طلاقة التعبير الشفهي لدى الطلاب، ومهارة طلاقة التفكير، إلا أن الطلاب في هذا الجانب يحتاجون إلى المزيد من الاهتمام بالتدريب من قبل المعلمين، وتوظيف الأنشطة اللاصفية المتعددة في نفس الاتجاه لاثراء العملية التعليمية”.
التدرج والتكامل
تكمل نفوذ يونس الخضور “موجهة اللغة العربية”، وتقول: “المناهج المدرسية بطبيعة الحال تكمل بعضها البعض، فالمناهج من الصف الأول الأساسي وحتى الصف السابع، هي مناهج جديدة ومتطورة، وتم تطويرها بالفعل، كذا مناهج المرحلة الثانوية من بين الصف العاشر وحتى الثاني عشر، أما مناهج الصف الثامن والتاسع فسيتم الانتهاء من تطويرها العام القادم والذي يليه، فتصبح المناهج كاملة مطورة ككل متكامل من حيث معالجة المهارات المستهدفة، ومتدرجة في بنائها اللغوي، ومتكاملة في تناول مهارات اللغة العربية، إذن نحن أمام مناهج مناسبة جداً، وتخضع دائماً للمراجعة والتطوير والتحديث والتغيير باستمرار”.
مؤشرات.. وتقييم
يقول أحمد حسن الحليسي “موجه اللغة العربية”: “لا يخفى على أحد أن جميع المجتمعات العربية تعاني من ازدواجية اللغة لوجود أكثر من لغة في نفس هذا البلد أو ذاك، فضلاً عن وجود اللهجات المحلية هنا وهناك، وهذا من شأنه أن يؤثر على سلامة تعلم الطلاب اللغة الفصحى، وإذا تم تعليم هذه اللغة على حساب اللغة الأم، إلى جانب عدم إغفال الجوانب المجتمعية الأخرى المرتبطة بثقافة المجتمع نفسه وهو ما يختلف من قطر لآخر”. ويضيف الحليسي: “نحن حريصون في المنطقة التعليمية كنظام مؤسسي وتربوي أن يجري تقييم سنوي لمعلمي ومعلمات اللغة العربية في كافة المراحل الدراسية، وذلك وفق مؤشرات أداء مهنية معتمدة من قبل وزارة التربية حتى بالنسبة للمعلمين الذين يدرسون المواد الأخرى باللغة العربية، وحيث يتم الاستعانة بمؤشر خاص يضمن استخدامه للغة العربية السليمة، ومن ثم تشجيع الطلاب على استخدامها، هذا بالإضافة إلى أن قسم المناهج يطلب بشكل دوري تسجيل أي ملحوظات ميدانية من قبل المعلمين في مدارسهم حول تنفيذ وتدريس المناهج المعتمدة، ومن ثم تصبح هذه الملحوظات قيد البحث والدراسة والمعالجة”.
المهارات الذاتية
نحن نعلم أن اللغة العربية مثل أي لغة أخرى مهارة من المهارات الذاتية، وتحتاج إلى إتقان، والاتقان يحتاج إلى تدريب، وهذا يتطلب من الجميع خاصة في الميدان التعليمي والتربوي المزيد من الاهتمام بهذا الجانب، وبصورة أكبر حتى يتقن الطلاب هذه المهارة وبالصورة التي نطمح إليها.
اللغة الأم
“لا يخفى على أحد أن جميع المجتمعات العربية تعاني من ازدواجية اللغة لوجود أكثر من لغة في نفس هذا البلد أو ذاك، فضلاً عن وجود اللهجات المحلية هنا وهناك، وهذا من شأنه أن يؤثر على سلامة تعلم الطلاب اللغة الفصحى، وإذا تم تعليم هذه اللغة على حساب اللغة الأم، إلى جانب عدم إغفال الجوانب المجتمعية الأخرى المرتبطة بثقافة المجتمع نفسه وهو ما يختلف من قطر لآخر”.
مشروع «الكفاءة اللغوية» سبق فريد
أبوظبي بالاتحاد) - مشروع “الكفاءة اللغوية للناطقين بالعربية”، هو منظومة اختبارية متكاملة، تقيس كفاءة أبناء العربية في التواصل باللغة الفصيحة، ويوفر المشروع مادة علمية ثرية متنوعة تتيح للمُقبلين على الاختبار فرصة تعزيز المهارات اللغوية التطبيقية، واختبارات تجريبية تهيئهم للتعامل مع الاختبار، كما يمكنه أن يوفر دورات لغوية مكثفة تهدف إلى الارتقاء بالمهارات اللغوية ومعالجة مظاهر الضعف اللغوي. ويقدم المشروع لكل مختبر شهادة موثقة؛ تحتوي على توصيف علمي مفصل لمهاراته وقدراته اللغوية في الاستماع والقراءة والكتابة والإصدار الشفوي.
والمشروع خاص بالناطقين بالعربية المحتاجين إلى الدراسة، أو المتقدّمين إلى العمل، في بيئات تكون العربية لغة التواصل فيها. وتقوم بإعداد المشروع وتنفيذه (لجنة الكفاءة اللغوية) في وحدة المتطلبات الجامعية العامة بجامعة الإمارات العربية المتحدة.
منطلقات المشروع
يصدر مشروع قياس الكفاءة اللغوية للناطقين بالعربية عن رؤية مؤسسة على المنطلقات الآتية:
? الوظيفة الأساسية للغة هي التواصل.
? الكفاءة في اللغة العربية مطلب دينيّ وقومي واجتماعي ومعرفي وتربوي.
? كفاءة لغوية أفضل تعني تحقيق تواصل أفضل وظيفياً وإبداعياً.
? أنسب طريقة لاكتساب الكفاءة اللغوية هي تعلّم اللغة باللغة.
محاور الاختبار
يتكوّن اختبار الكفاءة اللغوية من أربعة محاور اختبارية كبرى هي:
الاستماع
في هذا القسم يستمع المختبر إلى مجموعة مصطفاة من النصوص العربية الحيّة التي اختيرت من مواقف لغوية طبيعية مثل: نشرات الأخبار، والإعلانات المسموعة والمرئية، والمحاضرات العامة، والندوات، واللقاء الإذاعية والمتلفزة، والمواد الوثائقية والدرامية، وفي أثناء الاستماع يُطلب من المختبر أن يجيب على أسئلة مرتبطة بهذه النصوص، وهذه الأسئلة تدور حول مهارات فهم المسموع ولغته. ويؤدَّي اختبار الاستماع عن طريق الحاسبو.
القراءة
في هذا المحور تظهر للمختبر مجموعة من النصوص المقروءة، تم اختيارها وفق معايير محددة، وهي نصوص ثقافية متنوعة فكراً وبناء وحجماً وأسلوباً، وتليها أسئلة تدور حول مهارات محددة من مهارات القراءة ولغتها. ويجرى اختبار القراءة عن طريق الحاسوب.
الكتابة
تنقسم أسئلة هذا المحور إلى قسمين:
القسم الحاسوبي: وهو يقيس مهارات المختبر في اختبار الكلمات الصحيحة (إملاء ونحواً وصرفاً) والدقيقة (دلالة)، واستخدام الأساليب النحوية والبلاغية والصيغ الصرفية المناسبة للتعبير عن مواقف محددة.
القسم الورقي: وهو يقيس قدرة المختبر على إنتاج نصوص كتابية وفق معايير لغوية وفكرية محددة، وهو يؤدى عن طريق الكتابة اليدوية.
محور الأداء الشفهي
في هذا المحور تقاس كفاءة المختبر في القراءة الجهرية، والارتجال.
ومن المهارات التي يقيسها هذا المحور: نطق الأصوات من مخارجها الصحيحة، وإعطاء كل صوت حقه في النطق، وصحة الوقف والوصل، والتنويع في نغمات الصوت وفقاً للأساليب ومقتضيات السياق، ونطق الكلمات نطقاً صحيحاً من حيث البنية الداخلية وأواخر الكلمات، وإعطاء كل جنس كلامي حقه من الأداء، وضبط سرعة الأداء الشفوي، ودرجة ارتفاع الصوت، والتحدث بطلاقة في موضوعات محددة بشكل متصل ومترابط لفترات زمنية مقدرة، واختيار كلمات وأساليب صحيحة ومناسبة، والتخلص من سمات اللهجات العامية التي تتعارض مع معايير الأداء الشفوي الفصيح، ويتم التنفيذ من خلال الحاسوب.
«العربية» في خطبة الجمعة
أبوظبي (الاتحاد) - دعا خطباء الجمعة في مساجد الدولة الجمعة الماضية إلى المحافظة على اللغة العربية وتعلمها وتعليمها لأبنائنا ولذوينا “بأن نربّي أبناءنا على التحدث بها، ونعوّدهم على حفظ ما يجمل من الشّعر والنثر، ونغرس في نفوسهم الوعي بأهمية هذه اللغة ليستشعروا جمال لغتهم”، وذلك بالتكلم والتواصل والفهم والتعامل بها، وكذلك عبر الكتابة والتأليف والانشاد والإبداع بها “بأن تكون في كلّ حياتنا، في مدارسنا وفي إعلامنا وفي دور نشرنا وفي أبحاثنا العلمية وفي مجالسنا حتى نحيا بها ونعيش، فمن عاش بلغته عاش ماجداً خالداً عزيزاً كريماً”.
وقال أئمة المساجد في مساجد الدولة إن للّغة العربية مكانة سامية ومنزلة رفيعة، وقيمة عظمى في حياتنا، فتاريخها تليد وبقاؤها مجيد، عذبة الألفاظ، مرنة الاستعمال، كثيرة المترادفات، لا تعجز عن وصف الأشياء، ومن تأمل فيها أحبها، ومن اشتغل بها رق طبعه، ولان جانبه".
وشدد الخطباء على أن اللغة العربية هي هويتنا وهي ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وتستحق منا كل احترام وتقدير، إنها اللغة التي تحمل رسالة إلى الإنسانية جمعاء. أن تعاونوا على البناء ولا تعاونوا على الهدم والشقاء، إنها لغة الحضارة والعلوم والتجارة والاقتصاد والتشريع والأدب وغير ذلك.
وأكد الخطباء أن القرآن الكريم يظهر جمال اللغة وحلاوتها، لافتين إلى قول الحقّ تبارك وتعالى في قصة موسى عليه السلام "وأوحينا إلى أمّ موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين".
وأوضح الخطباء أن هذه الآية القصيرة من القرآن العظيم فيها "أمران ونهيان وبشارتان وخبران، فأما الأمران فهما أرضعيه وألقيه، وأما النهيان فهما لا تخافي ولا تحزني، وأما البشارتان فهما رادوه إليك وجاعلوه، وأما الخبران فهما الإخبار بالردّ والتمكين بالرسالة".
ولفت الخطباء إلى أن الله تبارك وتعالى جعل رسوله صلى الله عليه وسلم يتكلم باللغة العربية، وينشأ في بيئة تتكلم بها لتكون سليقته عربية، فيبعثه الله تعالى ليبلّغ مراده من خلقه بهذه اللغة المباركة، ولقد آتاه الله عز وجل جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصاراً".
وذكر الخطباء أن من جمال فصاحة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لما سأله سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال "قل آمنت بالله ثم استقم"، مبينين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دل سفيان رضي الله عنه بكلمات قصيرة على القول الذي يعيش مستغنياً به عن سؤال أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه القول الجامع لدوام الاعتقاد والعمل الذي إذا التزم به كان له الخير كله.
وقال الخطباء في ختام الخطبة: إن اللغة العربية هي دعامة المجتمع وأساس حضارته، وقد حافظ عليها المسلمون على مدار التاريخ، وبذلوا الغالي والنفيس لتبقى شامخة البنيان وأورثونا إياها عزيزة خالدة"
المصدر: أبوظبي