ناصر نصر الله: التواصل مع فنانين من دول ومرجعيات وثقافات مختلفة يعد من جوهر الفن
شارك الفنان التشكيلي ناصر نصر الله مؤخراً في تجمع فني عالمي أقيم في العاصمة النمساوية فيينا بعنوان برنامج «الفنان المقيم» واستمر لمدة ثلاثة أشهر برفقة فنان آخر من الإمارات هو المصور الفوتوغرافي بدر العوضي، وأتت المشاركة الإماراتية في هذا التجمع الدولي من خلال التعاون الثقافي المشترك بين إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ووزارة الثقافة النمساوية من أجل استثمار الحوارات الإبداعية التي يطرحها الفن ضمن توجهات مرنة وشفافة تستوعب اللغة المتبادلة بين الذات والآخر، وبين المختلف والمؤتلف في أقانيم وحقول الفن المتشعبة والمتداخلة في ذات الوقت.
وللتعرف على حيثيات وتفاصيل هذا اللقاء الفني المشترك، التقت «الاتحاد» الفنان الشاب ناصر نصر الله الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والذي يستعد أيضاً للمشاركة بأعمال ومشاريع فنية جديدة في المعرض السنوي العام لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية المزمع إقامته بعد أشهر قليلة من الآن.
ففي سؤال حول قيمة وأهمية المشاركة في هذا التجمع في عاصمة غربية وبمشاركة فنانين من مختلف دول العالم، أشار ناصر نصر الله إلى أن أهمية هذا التواصل مع فنانين من دول ومرجعيات وثقافات مختلفة، إنما تنبع من جوهر الفن نفسه، والذي يستوعب التجارب والرؤى المتعددة، ويستوعب أيضا الأساليب والتطبيقات التي تفترق في التكنيك المستخدم لإنتاج العمل الفني، ولكنها في النهاية تجتمع على الوعي والمفهوم الذي يطرحه الفن في كونه لغة عالمية تخترق الكثير من الحواجز الوهمية والافتراضية بين الشعوب.
وتحدث ناصر عن آلية وطبيعة برنامج «الفنان المقيم» موضحاً أن البرنامج أشبه بدورة فنية مركزة تمتد لثلاثة أشهر ويتم تقديم تسهيلات للفنان من حيث توفير الخامات المطلوبة وإقامة لقاءات مبرمجة، وأخرى عفوية تتشكل من خلال الصداقة والرفقة والتواصل الإنساني مع فنانين شبان من شرق العالم وغربه، والذين يضمهم سكن مشترك، سيكون هو الآخر ــ كما قال نصر الله ــ بمثابة ورشة فنية حميمية توازي الورش الرسمية التي ينظمها البرنامج. وأضاف «يقدم الفنان في نهاية الدورة نتاج مشاركته بحيث يتم عرض الأعمال في معرض كبير يلم هذه الأعمال تحت سقف واحد، ويعبر عن أفكار وتقنيات كل فنان على حدة، ويترجم في ذات الوقت مدى الاستفادة التي جناها الفنان خلال إقامته في هذا المناخ الفني المكثف والمتوافر على خبرات جديدة ومعارف لم يسبق له اكتشافها».
وعن طبيعة الأعمال التي قدمها في المعرض، أشار ناصر نصر الله بأنها أعمال اعتمدت على فكرتين مختلفتين، واعتمدت الفكرة الأولى على عنوان «أبيض وأسود وقصص» وتم تطبيقها على صور التقطها في مناطق مختلفة من إمارة الشارقة، وقام بتظهيرها في المعمل التابع للبرنامج، هناك أضاف عليها ألوان الباستيل والألوان المائية، كي يضيف للصور المحايدة بعدا فنيا مختلفا تبين وجهة نظر الفنان فيها وتبرز ملمحا خياليا قد يكون غائباً عن التصور الانطباعي المباشر لدى المتفرج».
وحول الفكرة الثانية التي جسدها في المعرض، قال ناصر نصر الله «الفكرة الثانية اتبعت مدلول العنوان الخاص بها، والذي حمل مسمى «أشياء» وتضمن بصمة وتفاصيل وروح الأشياء والعناصر المحيطة بالسكن أو المبنى الذي احتضننا أثناء إقامتنا في النمسا، ولحسن حظي كان السكن يقع بقرب إحدى الغابات على أطراف المدينة، فقمت بالتقاط وجمع المكونات البيئية التي تطرحها الطبيعة من حولي مثل أوراق الشجر والجذوع والأغصان، بالإضافة إلى أنني كنت أجمع المواد الفنية والخامات التي يتركها أصدقائي الفنانون الآخرون بعد إنجاز أعمالهم، كما قمت بشراء بعض البضائع الصغيرة من الأسواق القريبة من السكن، وألصقت كل هذه العناصر في كراسة وجاءت على شكل وجوه وتركيبات لبشر وحيوانات مستأنسة، فجاء العمل الفني هنا أشبه بتوثيق للأشياء أو العناصر أو المواد الزائلة المحيطة بنا والتي يمكن فقدناها بسهولة، والتي يحاول الفنان أن يمنحها عمرا أطول، ويجمعها في متحف فني مختلف يجمع بين ذاكرة الطفل ودهشته، وبين وعي الفنان وانتباهاته الخاصة».
وحول ردات الفعل النقدية والانطباع العام الذي تركته أعماله وأعمال الفنانين المشاركين في البرنامج، أشار ناصر نصر الله إلى أن ميزة المعرض تمثلت في تنوع الأعمال المشاركة، فكانت اللوحات والمنحوتات تجاور الأعمال المفاهيمية والتركيبية وأعمال الفيديو آرت ورسوم (الآنيميشن) والصور الفوتوغرافية وغيرها، وأكد على أن هذا التنوع خلق بدوره انطباعات ثرية وتفسيرات متعددة واحترام للأسلوب الشخصي والمتفرد للفنان، حتى وإن كان عمله معروضا في معرض عام وجماعي.
المصدر: الشارقة