يمنى العيد: ثراء عزازيل الداخلي أثراها عند لجنة التحكيم
قال الروائي يوسف زيدان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية (جائزة بوكر العربية) للعام 2009 عن روايته ''عزازيل'' انه لم يتعاطف مع الشيطان ولم يسئ للديانة المسيحية في روايته، وقال إن الرواية عبارة عن دعوة لإعادة النظر في نظام التصورات العامة التي تدير حياتنا·
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم مساء أمس الأول بفندق شاطئ روتانا بأبوظبي على هامش الإعلان عن نتائج الجائزة في العاصمة أبوظبي والمقامة بالشراكة مع جائزة البوكر البريطانية وبدعم من مؤسسة الإمارات·
وفي سؤال للناقدة اللبنانية يمنى العيد رئيسة لجنة تحكيم الجائزة حول المؤشرات القوية والمميزة لرواية ''عزازيل'' والتي أهلتها للفوز بالجائزة الكبرى قالت العيد: ''لجأنا في نقاشات لجنة التحكيم حول الروايات الست المتنافسة على الجائزة الكبرى إلى الأسلوب النقدي التقييمي القائم على رؤية المعطيات والعناصر المميزة في كل رواية، فوجدنا في رواية ''عزازيل'' الثراء الداخلي وعودة إلى أسلوب مختف وغائب عن أنماط الرواية العربية الجديدة، فرواية ''عزازيل'' تتمتع بأسلوب سردي كلاسيكي ولكن من دون أن يكون عادياً أو تقليدياً، فهو رجع بالرواية العربية إلى الحكاية وابتعد عن موضة الشكلانية في الرواية العربية الحديثة، كما أن الكاتب عبر بقوة عن القلق الداخلي للشخصيات وقام بتصوير وبناء هذه الشخصيات بشكل رائع، واستطاعت الرواية أن تطرح أسئلة جريئة حول الزمن والوجود والإيمان، وما يحمله عصرنا من تيارات متطرفة، فثراء الرواية المحيل على عدة قضايا راهنة وملحة هو الذي دفع لجنة التحكيم إلى الإجماع على فوزها، رغم إعجابنا وتقديرنا للروايات الأخرى المتنافسة في المسابقة''·
يذكر أن لجنة التحكيم ضمت أربعة أعضاء بالإضافة إلى رئيستها هم: رشيد العناني، أستاذ الأدب العربي الحديث، ومدير ''معهد الدراسات العربية والإسلامية'' في جامعة إكستر، وهارتموت فندريش، مترجم ألماني للأدب العربي، ومحمد المرّ، كاتب وصحفي إماراتي، ونائب رئيس ''هيئة الثقافة والفنون في دبي''، وفخري صالح، ناقد وصحفي أردني وهو اسم مرجعيّ في مجال الأدب العربي المعاصر·
وقال زيدان في المؤتمر الصحفي انه سعى من خلال روايته إلى الإبحار في الأزمنة المسيحية من أجل تجاوز سوء الفهم التاريخي حول العلاقة السوية بين الأديان والثقافات والتي روجت وعملت ضدها ثقافة العنف والتطرف ونبذ الآخر لمجرد أنه مختلف وبعيد وغامض·
وحول تأثير عمله المهني بمكتبة الإسكندرية على أجواء روايته قال زيدان: ''إن عملي بمكتبة الإسكندرية هو أحد الغراميات الكبرى في حياتي، فأنا أعمل في المكتبة منذ العام 1994 ولا شك أن تعرفي على كنوز ومكونات المكتبة ساهم بقوة في صياغة عوالم رواية ''عزازيل''، والتي أعتبرها امتداداً لنوع أو أسلوب منسي في الأدب العربي وهو الأسلوب الذي ورد في كتاب ''حي بن يقظان'' مثلاً او في أعمال ابن سينا او الحلاج في ''الطواسين''، وما ورد أيضاً في التراث الصوفي الفارسي الذي تشرب من جذور الثقافة الإسلامية واللغة العربية والذي بانت آثاره بقوة فيما كتبه جلال الدين الرومي مثلاً في كتابه المثنوي''·
وأكد زيدان أنه تأثر بالقرآن الكريم على المستوى البلاغي، لأنه كتاب غير قابل للتكرار ويحتوي على انحناءات تعبيرية شديدة الغنى والتنوع ولذلك علينا أن نجتهد كثيراً لنقارب اللغة المميزة في القرآن·
وعن الهدف من كتابة هذه الرواية قال زيدان: ''إنها رواية تعمل ضد العنف الفكري والأيديولوجي الذي سيطر على العالم في الآونة الأخيرة، فالعنف في زمننا الراهن أصبح شبيهاً بميدوزا التي تخرج الأفاعي من رأسها كما ورد في الأساطير القديمة، لقد كتبت هذه الرواية لأهزم ميدوزا وأهزم كل وجوه وأشكال العنف حتى وإن ارتبط هذا العنف بمسميات كبرى ومقدسة''·
وكان الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر العربية قد تم في حفل أقامته مؤسسة الإمارات راعية الجائزة في فندق روتان بيتش في أبوظبي بحضور حشد من المثقفين والنقاد والمهتمين· وألقيت خلاله كلمات لكل من المديرة التنفيذية للجائزة الشاعرة اللبنانية جومانا حداد، وجوناثان تايلور، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، ومؤسسة جائزة بوكر البريطانية، وأحمد علي الصايغ العضو المنتدب لمؤسسة الإمارات، ورئيسة اللجنة التحكيمية الدكتورة يمنى العيد، والكاتب الهندي أميتاف غوش· وسلم الجوائز للأدباء الستة المرشحين، وكذلك للروائي الفائز، عضو مجلس إدارة مؤسسة الإمارات أحمد محمد البواردي·
وكان قد جرى الإعلان عن الروايات الست المرشحة للجائزة، بالإضافة إلى أسماء أعضاء هيئة التحكيم، خلال مؤتمر صحفي عقد في لندن في 10 ديسمبر ،2008 حيث جاء ذلك بعد قراءة ومناقشة مستفيضة لقائمة طويلة من الروايات المشاركة، والتي زادت على 121 رواية منشورة باللغة العربية من 16 دولة·
وفيما يلي الأعمال الستة وأسماء الكتاب وجنسياتهم، وعناوين الروايات، وأسماء الناشرين:
محمد البساطي ''جوع'' مصري دار الآداب، فواز حداد ''المترجم الخائن'' سوري منشورات رياض الريس، يوسف زيدان ''عزازيل'' مصري دار الشروق، الحبيب السالمي ''روائح ماري كلير'' تونسي دار الآداب، إنعام كجه جي ''الحفيدة الأميركية'' عراقية دار الجديد، إبراهيم نصر الله ''زمن الخيول البيضاء'' أردني الدار العربية للعلوم·
الصايغ: مشروع مهرجان للرواية العربية
لفت في الكلمة التي ألقاها أحمد علي الصايغ العضو المنتدب لمؤسسة الإمارات خلال حفل إعلان الفائز بجائزة البوكر العربية قوله، إن مؤسسة الإمارات تسعى إلى توسيع نشاطها الثقافي في المستقبل القريب من خلال ترجمة العديد من الروايات التي ترشحت لنيل الجائزة الى اللغات الأجنبية· وقال إن المؤسس تسعى إلى توسيع نشاطها إلى جوانب إبداعية أخرى غير المجال الروائي وخصوصاً فيما يتعلق بأدب الأطفال، للتأكيد على أهمية تنمية القراءة عند الطفل كما عند البالغين·
وكشف الصايغ عن مشروع لإقامة مهرجان للرواية العربية، تعد له مؤسسة الإمارات·