النظام المصرفي الإماراتي بقيادة خليفة «صمام أمان» الاقتصاد الوطني في وجه التحديات العالمية
(دبي) - شكل النظام المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، “صمام أمان” للاقتصاد الوطني، أمام الأزمات والتحديات المالية العالمية التي عصفت باقتصادات عديدة في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الأخيرة، نظرا لما يتمتع به هذا القطاع من متانة ومرونة.
وبشهادة المؤسسات الدولية، تمكن النظام المصرفي الإماراتي، الذي يعد الأكبر عربياً، بأصول تتجاوز 1,67 تريليون درهم، من إثبات قدرة فائقة على الصمود في مواجهة الأزمات العالمية، حيث أظهرت اختبارات التحمّل والقدرة، التي أجريت على المصارف العاملة في الدولة خلال الفترات الماضية، مستوى عال من المتانة التي تتمتع بها هذه المصارف، ما يعبّر عن سلامة القطاع المصرفي، ومدى قدرة هذا القطاع على الصمود في مواجهة الأزمات المالية والصدمات المحتملة في المستقبل.
وفي الوقت الذي تواجه فيه أنظمة مصرفية عالمية عتيدة، اختلالات تهدد مستقبل بلدانها، فقد نجح النظام المصرفي الإماراتي، في ترسيخ دعائم قوية وأصبح يضاهي في قوته أفضل الأنظمة المصرفية في العالم، واكثرها حنكة في تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها، مما ساعد على دعم الاقتصاد الوطني و استقرار النقد.
ويؤكد صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له، على أن قوة إيرادات الأنشطة الأساسية في القطاع المصرفي الإماراتي، خلال الفترات الماضية، هي التي مكّنت المصارف من الوصول إلى هذا المستوى من الأمان والاستقرار.
ورسخ هذا النضج الذي بلغه النظام المصرفي في الإمارات بما يمتلكه من أدوات مرنة، في التعامل مع الأزمات، الثقة في القطاع المصرفي بالإمارات على مواجهه التحديات الجديدة التي فرضتها أزمة الديون الأوربية، بعد أن بات في “مأمن” من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، وفقا لتأكيدات صادرة عن المصرف المركزي، الذي أكد أن “جميع المؤشرات المصرفيّة تعتبر إيجابيّة، وأنّ البنوك في وضع جيد وفي مأمن من التأثيرات السلبيّة التي تشهدها الأسواق العالميّة”.
وأظهرت بيانات صندوق النقد أن القطاع المصرفي وصل إلى مستويات مطمئنة في ما يتعلّق بمؤشرات كفاية رأس المال، حيث ارتفع متوسط معدل كفاية رأس المال في مجمل القطاع إلى نحو 20,8%، كانعكاس لمستوى الدعم الحكومي المقدّم إلى القطاع، وتحسّن حجم السيولة، وارتفاع معدلات الفائدة التي ساهمت بدورها في اجتذاب الودائع واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
وبالإضافة إلى الدور المحوري للمصرف المركزي في ضمان الاستقرار النقدي وترسيخ التعافي الاقتصادي وضمان استدامته، فقد ساهمت حزمة الإجراءات والإصلاحات التي اتخذتها حكومة دولة الإمارات لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية وغيرها، في أن يصبح وضع الاقتصاد الإماراتي أفضل بكثير مما كان متوقعاً، طبقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وتركزت الإجراءات التي اتخذتها الدولة في التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية على جملة إصلاحات اقتصادية ونقدية وتسهيلات مالية، تمثلت أبرزها بضمان الودائع لدى كافة البنوك التي لديها عمليات كبيرة في الإمارات، وتوفير تسهيلات لدعم السيولة بقيمة 120 مليار درهم “بما يعادل 32,7 مليار دولار” موزعة على تسهيلات وزارة المالية والمصرف المركزي، مما أدى إلى تحسن وضع السيولة لدى البنوك.
كما تم الاحتفاظ بالسياسة النقدية للإمارات في صيغة توسعية تركزت على تحقيق نمو اقتصادي متوازن، ترافق مع خفض أسعار الفائدة إلى مستويات تنافسية.
وبرغم استمرار تداعيات “الأزمة المالية” ودخول الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة من الركود، نتيجة أزمة الديون السيادية في أوروبا، فلا يمكن فصل هذا الأداء المطمئن للقطاع المصرفي عن ذلك الجهد المكثّف الذي بذلته وما زالت تبذله السلطات النقدية المتمثلة في “المصرف المركزي” الإماراتي، الذي اجتهد في مراقبة المخاطر المتعلّقة بالأنشطة المصرفية وإدارتها، التي تتضمّن بين بنودها مخاطر ائتمانية، ومخاطر تشغيلية، ومخاطر متعلّقة بالسيولة، ومخاطر خاصة بالسوق، وغيرها من المخاطر التي يمكن أن تتهدّد النشاط المصرفي، سواء داخل الدول أو خارجها.
وقد ترجم “المصرف المركزي” هذه الجهود في شكل إجراءات وتعديلات على القواعد التنظيميّة الخاصة بالقطاع، الأمر الذي ساعد المصارف العاملة في الدولة على استقراء التطوّرات المصرفية، والتنبه إلى المخاطر التي يمكن أن تكتنف أي نشاط أو مشروع جديد يمكن أن تقدم عليه، ما ساعدها على تجنّب الكثير من التهديدات التي كان من الممكن أن تتعرض لها في حال عدم قيام “المصرف المركزي” بدوره على الوجه الذي قام به.
ولعل هذا التوجّه المكلّل بالنجاح من قبل “المصرف المركزي” الإماراتي ليس إلا جزءاً من التوجه العام الذي تسلكه السلطات الاقتصاديّة في دولة الإمارات، الذي استطاع التوصل إلى نموذج متميز من السياسات الاقتصاديّة التي يندر توافرها على المستوى الإقليمي، ما جعل الاقتصاد الوطنيّ كذلك ينافس الاقتصادات الصاعدة حول العالم في اجتذاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبيّة، وأن يصبح إحدى الوجهات الاستثمارية المفضلة، ومركزاً مزدهراً وجاذباً للشركات الدوليّة العاملة في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
ويكتسب ذلك أهمية كبيرة من خلال الروابط المتينة التي تربط الاقتصاد الوطنيّ بالاقتصادات الإقليمية من ناحية، والأسواق العالميّة من ناحية أخرى، الأمر الذي أهّله للقيام بدور حلقة الوصل بين الجانبين، وقد أعطت هذه الظروف والمعطيات للقطاع المصرفي والمالي بدوره فرصة التوسع في أنشطته، حتى باتت الدولة تمثل مركزاً ماليّاً إقليميّاً، وواحداً من المراكز الماليّة الواعدة على المستوى العالمي.
وتعكس احدث المؤشرات المصرفية الصادرة عن المصرف المركزي، قوة هذا القطاع الذي تزيد حجم أصوله عن 1,67 تريليون دولار، وإجمالي قيمة ودائع مصرفية، كما في نهاية شهر أغسطس إلى 1,078,4 تريليون درهم، مقارنة مع إجمالي القروض والسلفيات المقدمة من المصارف العاملة بالدولة بلغت 1,056,8 تريليون درهم بنهاية شهر أغسطس.
وبلغ عدد البنوك الوطنية العاملة بالدولة في نهاية أغسطس الماضي 23 بنكاً، بإجمالي عدد فروع قدره 749 فرعاً، تمتلك 27 وحدة خدمة مصرفية إلكترونية، وعدد مكاتب يبلغ 86 مكتباً، فيما استقر عدد بنوك دول مجلس التعاون العاملة في الدولة خلال الربع الثاني من سنة 2011 عند 6 بنوك.
أما بالنسبة لبقية البنوك الأجنبية، فقد بلغ عددها 22 بنكاً، بعدد فروع وصل إلى 82 فرعاً في نهاية الربع الثاني من 2011، فيما بلغ عدد وحدات الخدمة المصرفية الإلكترونية التابعة لهذه البنوك 47 وحدة.