«كونية الحرف» يرصد تجليات الحروفية العربية في الشرق والغرب
صدر حديثا ضمن منشورات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، كتاب بعنوان «كونية الحرف.. ندوة فنية تداولية» وضم الأوراق العلمية التي قدمت في الندوة التي نظمتها إدارة الفنون بالدائرة على هامش الدورة الخامسة لملتقى الشارقة للخط وذلك تحت عدة محاور منها: كونية الحرف كمفهوم، و»الاصطلاحات البصرية المواكبة للنتاج الحروفي» و»العلاقة بين جسد الحرف والأطر الفلسفية المرتبطة» و»الحرف وعلاقاته بالمشاريع البصرية المعاصرة» و«الحرف العربي من الرسوخ إلى التحرر».
وقدمت إدارة الفنون للكتاب بالقول «إن الحرف العربي استطاع بهيبته الراسخة وتحرره اللا نمطي أن يجد السبل للولوج إلى حيز التشكيل، انطلاقا من اللوحة المسندية، ووصولا إلى فنون الصورة الضوئية والمتحركة ببعديها الثنائي والثلاثي؛ وهو ما خلق علاقات متلاحقة فيما بين الحرف والتشكيل».
وتبرز المقدمة الجهود العربية التي بذلت لإغناء سيرة الحرف العربي في المشهد الفني العالمي؛ وهي تؤكد ان ندوة كونية الحرف تسعى لتحفيز البحث والتنظير العربيين في مجال الفنون البصرية على مواكبة العقل العلامي في طرحه وقراءته للإنتاج التشكيلي في كافة تحولاته وأوجهه.
اما الورقة الأولى في الكتاب والتي جاءت بعنوان «سيمولوجية الحرف العربي بين الشعور بالحرية، الانتماء الكوني، أزمة التحديث، والرقمنة» للدكتور أشرف عباس من مصر، تتبع سعي مجموعة من الفنانين والخطاطين والمدارس الفنية العربية إلى استلهام الحرف كعنصر جمالي يمكن تحويله إلى كائن مستقل عن الجملة أو المعنى المتعارف عليه وأخذه من محيط القاعدة الثابتة والمتبعة لكل نمط من أنماطه كالديواني والنسخ والثلث.
كما أبرز علاقة الحرف بالشعور بالحرية في الأداء الفني والقيم الصوفية الموحية المرتبطة به، كذلك تحدث عباس عن علاقة الحرف واللون وقرأ في هذا الإطار تجارب من العراق ومصر والمغرب.
وفي نهاية ورقته تكلم عباس عن أزمات تقنية تواجه هذه الجهود الفنية ومنها المعالجة الرقمية فهي لا زالت بسيطة وقليلة ولا تتناسب مع ما للخط العربي من قيمة وإمكانيات.
فيقول «قد جاءت الرقمنة أكثر لتخدم عملية الطباعة التجارية متمثلة في الخط النسخ وبعض أنواع الخطوط الأخرى للدعاية والإعلان في الوقت الذي لم يكن هناك جهد مؤسسي كبير رغم توفر الإمكانيات المادية والبشرية في بعض البلدان العربية» وأشار عباس إلى ان هناك انواعا كثيرة من الخطوط لم تعالج رقمياً.
ومن الأوراق اللافتة التي ضمها الكتاب ورقة الاسباني خوسيه ميغل وهي تحت عنوان «قصور الحمراء.. عمارة خطوط، شكلا ومضموناً «ويتكلم فيها عن العلاقة بين الخط العربي والعمارة، حيث يتناول قصور الحمراء المبنية في غرناطة بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر ميلادياً، بوصفها نموذجاً مثالياً على تعالق الحرف بالعمارة فهي عبارة عن عمارة نصوص وخطوط بامتياز حيث يندمج الحرف مع التخطيطات الزخرفية وينظمها.
اما ورقة الدكتور حسن موسى من السودان فجاءت تحت عنوان «جيوبوليتيك الخط» وتناولت علاقة فن الخط العربي بالسلطة من خلال قراءة طبيعة العلاقة بين ياقوت الخطاط والخليفة المستعصم التي خلفت جمالية معينة للخطوط العربية.
وتحت عنوان «حضور الحرف العربي في فنون الغرب الحضارية والمعاصرة» جاءت ورقة الفنان الأردني غازي انعيم ويستهلها قائلا «قدم العرب المسلمون في عصور نهضتهم روائع فنية ظلت مثار إعجاب إلى عصرنا الراهن وكان من هذه الروائع البديعة الحرف العربي الذي كان له تأثير واضح على الفنون الغربية في كل من صقلية وايطاليا واسبانيا وغرب فرنسا والبلقان حيث استخدم الفنانون الغربيون الحرف العربي في معظم أساليب المعمار والزخرفة».
وذكر انعيم ان الحرف العربي كان له حضوره المتميز والذي استمر من القرن الثامن حتى بداية القرن الماضي في الإبداعات الفنية الغربية نتيجة تضافر جهود الأمم التي انضوت تحت راية الإسلام والتي عملت من خلال مبدعيها على تجويد هذا الفن الجميل الذي شهد تقدما كبيرا ساهم في وضع الحرف العربي في أسمى مراتب الفنون ويتجلى ذلك بوضوح في مساهمة الحرف العربي في تطوير أشكال الحروف الأوروبية نفسها.
كما ضم الكتاب مساهمات نوعية أخرى لكل من الدكتور عمر عبد العزيز من اليمن، والدكتور عبد الكريم السيد من فلسطين، والدكتور السيد القماش، محمد مهدي حميدة من مصر، وثائر الأطرقجي من العراق، والدكتور جمال نجا من لبنان، والدكتور عبدالله عطار من السعودية.
المصدر: الشارقة