28 أكتوبر 2011 22:11
يقدر إجمالي احتياطيات كندا من النفط بأكثر من 175 مليار برميل، حسب وزارة الطاقة الأميركية، ما يضعها في الترتيب الثالث عالمياً بعد المملكة العربية السعودية وفنزويلا وقبل إيران.
ويقع خمسة وتسعون في المئة من نفط كندا في رمال البيرتا التي جذبت كبريات الشركات العالمية بما فيها اكسون موبل ورويال داتش شل وبي بي وتوتال.
هذه الموارد النفطية تضع كندا في مركز فريد كدولة عضو في وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للبدان الصناعية المتقدمة.
وجاء في تقرير صدر مؤخراً عن وكالة الطاقة الدولية: “أي تحليل لجاهزية كندا الطارئة لا بد من ألا يغفل دورها كمورد مستقر ومتنام للنفط ومدى إسهامها في أمن جميع الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية”.
الرمال النفطية
قال جون دون كبير محللي كندا والاسكا في وود ماكنزي: “من حيث الإمكانات المحتملة، تشكل الرمال النفطية في كندا فرصة مجزية وقريبة الأجل لشركات النفط”.
وتعتلي كندا مركزاً متفوقاً من حيث تقليص المخاطر السياسية والمالية مقارنة ببعض دول القمة العشر الأخرى.
وقال بن روجرز الخبير في مؤسسة نورتون روز للشؤون القانونية، إن كندا وأستراليا تعتبران أكثر دول العالم جذباً لمشروعات الطاقة للعديد من الأسباب التي من أهمها التشريعات والقوانين واللوائح التنظيمية المدروسة الملائمة.
وقد تعافى نشاط قطاع النفط منذ تسبب هبوط أسعاره في النصف الثاني عامي 2008 و2009 في توقف العديد من المشروعات. وأعلنت الجمعية الكندية لمنتجي النفط أن إنفاق القطاع الرأسمالي سيزيد هذا العام على عام 2010 بنحو ملياري دولار كندي.
وفي كندا، العديد من المشروعات الجارية حالياً في مجال استخراج النفط الرملي تشمل مشروعاً مشتركاً يعرف باسم سنرايز بين شركتي هسكي اينرجي وبي بي.
وأعلنت الجمعية الكندية لمنتجي النفط هذا العام أن مشاريع الرمل النفطي المستأنفة زادت توقعات إنتاج النفط الكندي لعام 2025 إلى 4,7 مليون برميل نفط يومياً من التوقعات السابقة البالغة 4,3 مليون برميل يومياً ومن الإنتاج الفعلي لعام 2010 البالغ 2,8 مليون برميل يومياً.
كذلك من المنتظر أن يزيد إنتاج كندا من النفط التقليدي عقب عدة سنوات من التراجع.
تبني الجمعية الكندية تفاؤلها على النهوض بتقنية الحفر الأفقي وعلى الاستثمارات الجديدة الناتجة عن استمرار ارتفاع أسعار النفط.
إلا أن آفاق الغاز الطبيعي بكندا أقل تفاؤلاً وهو ما يعود إلى انخفاض أسعاره. وقال روجرز إن العديد من من المنتجين قد توقفوا عن الإنتاج نظراً لثبات سعره على 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (ألف قدم مكعبة أو 28 متراً مكعباً) ولا يستطيعون بالتالي تغطية نفقات التشغيل.
أما الرمال النفطية بكندا الواقعة في مساحة تساوي مسافة ولاية كاليفورنيا، فقد وضعت كندا على الخريطة العالمية كإحدى قوى الطاقة العظمى، الأمر الذي يجذب إليها عشرات مليارات الدولارات من الاستثمارات، ويجعلها مصدراً طويل الأجل مهماً للولايات المتحدة واقتصادات آسيوية خصوصاً الصين.
ومن جهة أخرى، يحول قطاع النفط والغاز مركز ثقل كندا الاقتصادي والسياسي نحو غرب كندا بعد أن كان واقعاً في جنوبها الصناعي المتمثل في اونتاريو وكيبك. ولذا فقد نزح العديد من السكان إلى البيرتا من ويندسور مركز صناعة السيارات في اونتاريو التي تعاني من الركود مما جعل شركة خطوط ويست جت الجوية المتمركزة في كلجاري تبدأ في تقديم خدمة يومية بين المدينتين.
مساهمة النفط
وأفادت إحصائيات رسمية كندية، بأن حصة قطاع النفط والغاز في الناتج الإجمالي المحلي الكندي زادت من 5,6% عام 1997 إلى 9,6% عام 2007 وأن هذه الحصة مرشحة للزيادة المطردة. كما بلغت عائدات تصدير النفط الكندي رقماً قياسياً هذا العام بالنظر إلى زيادة سعة خط أنابيب التصدير إلى الولايات المتحدة من جهة واستمرار ارتفاع أسعار النفط من جهة أخرى.
غير أن رمال البيرتا النفطية التي يصفها منتقدوها “برمال القطران” أضحت هدفاً رئيسياً لنشطاء البيئة وخصوصاً أولئك المعنيين بمكافحة ظاهرة الدفيئة العالمية.
وكان عدد من الفائزين بجائزة نوبل قد أرسلوا خطاباً مفتوحاً إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما جاء فيه: “نحن ندرك أن حفر رمال القطران من تحت غابات شمالي البيرتا، ثم نقل آلاف براميل النفط يومياً من كندا إلى تكساس لن يضر سكاناً في الولايات المتحدة فقط بل سيضر بكوكب الأرض بأسره”.
ورداً على الانتقادات، قال جيف ساندكويست مندوب البيرتا في أوروبا، إن مشاريع تعدين الرمال النفطية تغطي 660 كيلومترا مربعا أو أقل من 1 في المئة من مساحة أراضي البيرتا. وأضاف أنه من الممكن استخراج البيوتومين من خلال عملية آمنة تسمى عملية الاستخراج بمؤازرة البخار. كما ذكر أن المنتجين قد خصصوا مليار دولار كندي ضمان أداء لتأمين البيئات الطبيعية.
وبجانب الجدل في شأن الأضرار البيئية يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه هذا القطاع بكندا في البحث عن أسواق جديدة للنفط والغاز الكندي وعن طرق نقله. ذلك أن اعتماد كندا الكثيف على الولايات المتحدة التي تستورد أكثر من 90% من صادرات كندا من النفط والغاز قد دفع ببعض القائمين على صناعة النفط بكندا إلى مطالبة الحكومة بتنويع قاعدة عملائها. وقالت لورين ميتشلمور رئيسة وحدة رويال داتش شل الكندية مؤخراً إنه لابد لكندا من التنويع لتفتح مجال بيع النفط والغاز لآسيا التي تعد سوق الطاقة الأسرع نمواً في العالم. وأضافت أن جميع دول تصدير الطاقة الكبرى في العالم تستهدف تلك السوق وأن كندا هي مصدر النفط والغاز الرئيسي الوحيد في العالم الذي لم ينفتح بعد على أسواق عالمية. وقالت: “جميع ما لدينا من بيض نجمعه في سلة واحدة هي الولايات المتحدة. غير أن الطلب الأميركي على منتجاتنا النفطية لا ينمو وما لم ننوع سوقنا فربما نواجه العراقيل. يذكر أن شل كندا تمتلك 30% من موارد شركتها الأم الانجلو هولندية.
وقالت ميتشلمور، إن دول تصدير الطاقة الأخرى تتحرك سريعاً نحو الأسواق كثيفة الطلب كما تفعل أستراليا التي تعتزم قيادة سوق تصدير الغاز الطبيعي المسال العالمية بحلول عام 2020 والتي لديها مشروعات غاز طبيعي مسال قيد الإنشاء أو التخطيط تساوي 250 مليار دولار. وبالمقارنة ينتظر أن تبلغ مشاريع الرمال النفطية المخططة في كندا نحو نصف ذلك الحجم.
وهناك عدة مبادرات طموحة يجري التخطيط لها في كندا تشمل مشروع أول خط أنابيب يربط البيرتا بخليج المكسيك المسمى (كيستون اكس إل).
وقالت شركة انبريدج المتمركزة في كالجاري في أغسطس الماضي إنها عقدت اتفاقيات مع عملاء آسيويين تغطي كامل سعة خط أنابيب البوابة الشمالية الذي يربط البيرتا بميناء التصدير الواقع في كيتيمات في بريتش كولومبيا.
كما تخطط شركة كيندر مورجان زيادة سعة خط أنابيب قائم ينقل النفط إلى بريتش كولومبيا وولاية واشنطن بمقدار 240 ألفا إلى 400 ألف برميل نفط يوميا.
ومن المنتظر أن تعطي وزارة الخارجية الأميركية الموافقة النهائية على مشروع كيستون اكس إل قبل نهاية العام. غير أن مشروعات كندية أخرى تواجه معارضة كثيفة من جماعات نشطاء البيئة والسكان المحليين وغيرها.
وربما تنجح كندا مستقبلاً في فتح أسواق جديدة لصادراتها من النفط والغاز غير أن ذلك قد يستغرق وقتاً وقد تواجهه بعض الصعوبات.
نقلاً عن: «فايننشيال تايمز»
ترجمة: عماد الدين زكي