حاتم فاروق (أبوظبي)
ألزم نظام الحوكمة الجديد الشركات المساهمة العامة، بالإفصاح عن «التقرير المتكامل»، وهو التقرير الذي يجمع إفصاحات الشركة مثل تقرير مجلس الإدارة عن أعمال الشركة والبيانات المالية، والمكافآت، وتقرير الحوكمة، وتقارير الاستدامة، وتقرير مدقق حسابات الشركة وخلافها في تقرير واحد، بحسب هيئة الأوراق المالية والسلع.
وقالت الهيئة لـ«الاتحاد»، إن إلزام الشركات بالإفصاح عن «التقرير المتكامل»، يمثل نموذجاً للجمع بين متطلبات الحوكمة الإلزامية وبين التقيد بالممارسات الجيدة، ويتولى مجلس الإدارة الإشراف على نشر التقارير المتكاملة التي تجمع الأفرع المختلفة من التقارير، ككل متماسك، بما يبيّن قدرة المؤسسة على خلق القيمة والإبقاء عليها.
وصرح الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، لـ«الاتحاد»، أن قرار «دليل حوكمة الشركات المساهمة العامة» الذي اعتمده معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع، يأتي انعكاساً لمساعي الهيئة الدؤوبة لتطوير النظام الإشرافي والتنظيمي لحوكمة الشركات الذي أصبح يضاهي أفضل المعايير والممارسات الدولية، أخذاً بعين الاعتبار معايير التنافسية ومنظمة «أيوسكو» ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD للارتقاء بقطاع الأوراق المالية في الدولة وتنظيمه.
ونوه الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية إلى أن القرار الجديد يعد نظاماً متكاملاً، تم فيه تحديد مسؤوليات مجلس إدارة الشركة المساهمة العامة وإدارتها التنفيذية بشكل أكثر وضوحاً، مع ضمان تحقيق قدر عالٍ من الشفافية والحيادية في سوق رأس المال، سعياً منها لتحقيق أعلى مستوى من حماية المستثمرين والارتقاء بمستوى الثقة في أداء تلك الشركات.
وأضاف أن النظام يتضمن معايير أساسية، كالمسؤولية البيئية والاجتماعية للشركات (ESG) مع التركيز على حوكمة مجالس إدارات الشركات، مع تحديد مسؤوليات مجلس الإدارة وتقييمه وكذلك الأدوات التي ستتاح له، وأيضاً التركيز على الرقابة الداخلية وإبراز دور المدقق الداخلي والخارجي وتقييم خبرته المالية ومسؤولياته، كما يشتمل النظام كذلك على منظومة آليات لحماية المساهمين وخاصة الأقليات، من بينها تعيين ممثل عن مساهمي الأقلية لحضور اجتماعات الجمعية العمومية، ويضع آليات التصويت الإلكتروني في الجمعيات العمومية.
مستجدات النظام
وبالمقارنة مع النظام السابق، يلاحظ التحول من مفهوم «قواعد حوكمة» إلى «دليل حوكمة» في النظام الجديد، كما يتبين أنه تم تصميم الدليل ليركز على مستويات الحوكمة الهرمي، ويضع النظام الجديد في اعتباره حوكمة اجتماعات الجمعية العمومية وأداء مجالس الإدارات، وأعمال ومهام مدقق الحسابات، حيث تضمن نقاطاً تطويرية فيما يخص إدارة المخاطر والامتثال والتدقيق ونُظم الرقابة الداخلية في الشركات المساهمة العامة كلها، قائمة على مبدأ الإفصاح والإنفاذ.
كما تبنى النظام الجديد للحوكمة حزمة من ممارسات الحوكمة المعروفة عالمياً، ومنها أنه أتاح للشركة إمكانية اختيار نموذج «الهيكل المزدوج» Two-tier structured board الذي يتم الفصل فيه بين الإدارة والإشراف من خلال لجنتين(تنفيذية، ورقابة). وتتلخص فكرة أسلوب الإدارة هذا في وجود لجنتين منبثقتين من مجلس الإدارة، إحداهما لجنة تنفيذية تعنى بالإشراف المباشر على عملية الإدارة التنفيذية للشركة، والأخرى لجنة رقابة تتولى مهام الرقابة على أعمال مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية وإدارة الشركة.
ومن أبرز الممارسات الأخرى التي تبناها النظام، مراعاة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من قبل المساهمين، بناءً على توصية مجلس الإدارة، حيث استحدث أحكاماً تنظم المسؤولية المجتمعية للشركة، وذلك في المادة (81)، وكذلك نظم حوكمة الشركات التابعة، والتي تشكل مجموعة شركات واحدة، وذلك في المادة (79)، مما يدعم التحول إلى مبادئ الاقتصاد المستدام.
التزامات الإدارة
ومن الإضافات الأخرى التي تضمنها الدليل، بشأن مجلس إدارة الشركة، تحديد التزامات مجلس الإدارة بشكل تفصيلي، ومعايير الملاءمة والمناسبة لأعضاء المجلس مثل النزاهة والشفافية والمساءلة، وإلزام أعضاء مجلس الإدارة بتقديم إقرار المصلحة، بحيث ُيفصح للشركة عن جميع المصالح والعلاقات التي يمكن أن تؤثر على قدرته على أداء مهامه كعضو مجلس إدارة.
كما تلزم المادة (12) من الدليل الشركة بتدريب وتعريف أعضاء مجلس الإدارة من خلال دورات عن الموضوعات المتصلة بمصالح الشركة، وإطلاعهم على برنامج تعريفي عن نشاط الشركة واستراتيجيتها والأمور المالية والمحاسبية ومهامهم ومسؤولياتهم وحقوقهم، وكذا خضوع أداء المجلس وأعضائه ولجانه لتقييم سنوي من قبل لجنة الترشيحات والمكافآت، أو رئيس المجلس، أو مقيم خارجي تتعاقد معه الشركة.
كما تضمن الدليل أحكاماً جديدة بشأن أمين سر مجلس الإدارة، ولجان المجلس التي يجوز لمجلس الإدارة تشكليها، ومنها لجنة المخاطر ولجنة تقنية المعلومات.
كما تضمن الدليل أحكاماً إضافية استهدفت تنظيم العلاقة بشأن مهام ومسؤوليات رئيس مجلس إدارة الشركة، ودوره في تحقيق التوازن بين الأعضاء التنفيذيين وغير التنفيذيين في المجلس، والتواصل مع أعضاء المجلس والمساهمين وأصحاب المصالح وإنشاء علاقات إيجابية، وكذلك أحكاماً بشأن تداولات الأطراف ذات العلاقة، ومسؤولية الشركة المجتمعية، فضلاً عن استحداث مهام مدير المخاطر وضابط الامتثال، وهو الشخص الذي تعينه الشركة للتحقق من التزامها والعاملين فيها بأحكام القانون والأنظمة والقرارات الصادرة بمقتضاه والسياسات والإجراءات الداخلية بها.
التزامات مجلس الإدارة
ومن النقاط المستحدثة التي عالجها النظام تشكيل وتعيين مجلس الإدارة والتزامات أعضائه، حيث روعي في تشكيل مجلس الإدارة أن يتضمن تمثيلاً للمرأة، وأن يلتزم بوضع سياسة بشأن التنوع بين الجنسين وأهداف هذه السياسة وإجراءاتها، حيث عملت الهيئة بالتنسيق مع مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، لإطلاق دليل استرشادي لترشيح دخول المرأة في مجلس الإدارات.
وفيما يخص التزامات أعضاء مجلس الإدارة، عرض النظام بشكل أكثر تفصيلاً لواجبات الأمانة لأعضاء مجلس الإدارة، وبالنسبة للإفصاح عن تضارب المصالح، حيث أكد على أنه عند تعيين مجلس الإدارة يجب الإفصاح عن أي تعارض مصالح لدى العضو، كما أكد النظام على أن من أهم خصائص المجلس: الكفاءة، الشفافية، الاعتمادية.
مسؤوليات الإدارة
وأجملَ النظام الجديد مسؤوليات مجلس الإدارة في تعظيم قيمة المؤسسة وتوفير مستوى عالٍ لحماية حقوق أصحاب المصلحة، ومن المسؤوليات الأخرى إدراج دور مجلس الإدارة في تحديد ثقافة الشركات (القيم والمعايير الأخلاقية)، حيث قدم مزيداً من الإرشادات حول دور مجلس الإدارة في وضع الاستراتيجية ومراقبة الأداء، وتناول أدوار وإجراءات المجلس فيما يخص السكرتارية والتدريب وكيفية تقييم أعمال المجلس.
ومن بين مسؤوليات رئيس مجلس الإدارة، التي أقرها النظام الجديد، العمل على إنشاء قنوات فعالة للمساهمين وأصحاب المصلحة للتعبير عن الآراء، كما تعرض النظام لتشكيل اللجان والاجتماعات ولجنة المخاطر ولجنة التقنية، كذلك تضمن النظام أحكاماً بشأن تعارض المصالح، والعمليات مع الأطراف المرتبطة: سواء ما يتعلق بالإجراءات أو السرية، وكذلك الإفصاح عن المصلحة والهدايا.
وتناول النظام أحكاماً إضافية بشأن موظف إدارة المخاطر ووظيفة الامتثال ومسؤول الامتثال وتقارير التدقيق الداخلي، كما حدد النظام أسلوب إدارة العلاقة مع أصحاب المصالح، وكيفية تعويض أصحاب المصالح عند الإضرار بحقوقهم.
وبين الدليل كذلك مسؤولية مجلس الإدارة في تطوير سياسات بشأن إدارة مساهمات الشركة في الجوانب الاجتماعية.
أبرز ملامح النظام الجديد
1 - إلزام الشركات بتعيين أمين سر مجلس إدارة، وتم تحديد شروط شغل هذه الوظيفة، ومهام أمين السر.
2 - إلزام الشركات بتعيين غالبية أعضاء مجلس الإدارة من المستقلين غير التنفيذيين.
3 - الإفصاح عن مصالح عضو مجلس الإدارة الجديد والمرتبطة بالشركة من خلال إلزامه بتقديم «إقرار المصلحة» عند توليه مهامه.
4 - استحداث المعايير الملائمة والمناسبة لأعضاء مجلس إدارة الشركة.
5 - توضيح إجراءات التعامل مع حالات تعارض المصالح.
6 - استحداث أسلوب إدارة جديد للشركة من خلال تمكينها –اختيارياً- من الأخذ بنظام هيكل الحوكمة المزدوج.
7 - تمكين مجلس الإدارة –اختياراً- من تشكيل لجنة دائمة تكون مسؤولة عن المخاطر.
8 - تمكين مجلس الإدارة –اختياراً- من تشكيل لجنة تقنية لمساعدة مجلس الإدارة في أداء مسؤولياته الرقابية.
9 - توضيح إجراءات الإفصاحات المرتبطة بالحوكمة.
10 - أحكام إضافية عند الدعوة لاجتماع الجمعية العمومية، ومنها إخطار المساهمين بكتب مسجلة أو إرسال رسائل نصية هاتفية أو إلكترونية.
أهداف الدليل
يهدف دليل الحوكمة إلى وضع إطار عمل قانوني ونظامي فعال لتنظيم شؤون الشركة- وبصفة خاصة وضع إطار عمل للتعامل مع حقوق جميع أصحاب المصالح وحمايتها- وتحديد مسؤوليات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، وتعزيز دور مجلس الإدارة واللجان والعمل على تطوير قدراتها بما يعزز من آليات صنع القرار بالشركة، وتحقيق الشفافية والحيادية والإنصاف في سوق رأس المال ومعاملاتها، وبيئة العمل وتعزيز عملية الإفصاح بها.
كما يستهدف كذلك توفير أدوات فعالة ومتوازنة للتعامل مع حالات تعارض المصالح، وتعزيز آليات المساءلة والرقابة لإدارة الشركة وموظفيها، والعمل على ضمان تطبيق آليات فعالة لإدارة المخاطر والضوابط والإجراءات الداخلية بالشركة، ودعم كفاءة نظام التدقيق على الشركة وأدواته، والعمل على رفع الوعي بالشركات فيما يتعلق بمفهوم السلوك المهني وتشجيع السلوك الأخلاقي.
مبادئ الدليل
يستند دليل حوكمة الشركات إلى عدد من المبادئ أهمها «المساءلة»، حيث يؤسس هذا الدليل لمساءلة إدارة الشركة تجاه جميع المساهمين وأصحاب المصالح، ويوجه مجلس الإدارة لوضع الاستراتيجية والإشراف عليها وتوجيه الإدارة ومراقبتها.
وتُلزم الشركة نفسها من خلال دليل الحوكمة، بحماية حقوق المساهمين وضمان المعاملة العادلة لهم جميعاً، بما في ذلك مساهمو الأقلية، ويُعطي جميع المساهمين التعويض الفعال حالَ إضرار مجلس الإدارة بحقوقهم.
كما تلتزم الشركة القيام بالإفصاحات الدقيقة وفي التوقيتات الواجبة بشأن جميع الأمور الجوهرية التي تتعلق بالشركة، بما في ذلك شؤونها المالية، وأداؤها، وملكية أسهمها، وحوكمتها على نحو يتسم بسهولة الوصول إليه من جانب جميع الأطراف المعنية.
وتُقر الشركة بحقوق باقي أصحاب المصالح بحسب القوانين واللوائح، وتشجع التعاون فيما بين الشركة وأصحاب المصالح في إيجاد شركات تتسم بالاستدامة والملاءة المالية.