26 أكتوبر 2011 21:44
كثيراً ما نسمع عن التلوث السمعي، الذي يقترن عادة بالتلوث البيئي، وهي مشكلة رغم قدمها، إلا أنها باتت معروفة على نطاق واسع بعد الثورة الصناعية فى أوروبا في القرن الماضي، ومن ثم أصبحت مشكلة الضوضاء واحدة من أهم المشكلات التي رافقت التقدم الصناعي. ومشكلة الضوضاء صاحبها ظهور سلبيات متعددة وضارة على الإنسان سواء من الناحية النفسية أو الصحية أو العقلية على المدى البعيد أو المدى القريب. حيث صاحب التقدم التكنولوجي في العقود القليلة الماضية ظهور مصادر متنوعة للضوضاء مصاحبة للإنسان أينما ذهب، وتلازمه طيلة ساعات يومه، في البيت، وفى العمل، وفي الطرق، مع زيادة الكثافة السكانية، والزيادة المطردة لوسائط النقل والسيارات، والازدحامات والاختناقات المرورية في كل مكان.
لكن الأمر الذي يثير القلق هنا، هو ما تمثله هذه الضوضاء من انعكاسات سلبية «نفسية وعضوية» على الإنسان، وصحته، وما تمثله الضوضاء من ضغوط عصبية ونفسية ترهق الإنسان، وتقلق مضجعه أينما وجد.
يشير الدكتور أحمد فخري هاني، استشاري العلوم الانسانية في معهد البيئة بجامعة عين شمس، إلى خطورة التلوث السمعي، ويقول:» إن ارتفاع نسبة الضوضاء وتجاوزها 45 ديسيبل نهاراً، و35 ديسيبل ليلاً، تصبح مشكلة، وهذا يتبعه أضراراً بالغة بالإنسان، مما يؤثر عليه صحياً ونفسياً واجتماعياً، مما يفوق احتمال النفس البشرية وتخلق ضغوطاً توتر أعصاب وعقول الناس، وخاصة الأضرار التي اجتازت حاجز الأمان بالجهاز السمعي، إلى جانب أضرارها الأخرى على صحة الإنسان. فعندما تزداد الضوضاء عن 110 ديسيبل تحدث ألماً شديداً بالأذن، وقد تؤدى إلى أضرار قد تصل إلى فقدان تام للسمع سواء على المدى القريب أو المدى البعيد. وبعض الدراسات تناولت الناحية السيكولوجية وبعضها تناول الأداء والتحصيل لدى تلاميذ المدارس والآخر تناولها من ناحية الأداء سواء في العمل أو في الدراسة، كذلك التأثيرات الناجمة عن الضوضاء على الاتصال والإنتاجية والسلوك الاجتماعي والتطوع بمساعدة الآخرين».
متاعب فسيولوجية
ويضيف الدكتور فخري: «قد تم تحديد مجموعة التأثيرات التالية كردود أفعال جسدية للضوضاء، منها انقباض الأوعية الدموية الطرفية، وتغير في إيقاع القلب، وتنفس عميق وبطيء، وتغير مقاومة الجلد «إفراز العرق»، وتغير طفيف فى الشد العضلي، وتغير في حركة الجهاز المعدي، والتغير الكيميائي للدم والبول. وتختلف ردود الأفعال هذه من شخص إلى آخر، وتكون أكثر وضوحاً عند نفس الشخص عندما يكون الصوت أكثر شدة، أما التأثيرات على الجانب النفسي، فيتمثل في الإزعاج وتأثيره على الأعصاب، إذا ما استمرت لفترة طويلة وعلى وتيرة واحدة. فالقلق والتوتر العصبي، وحدة المزاج منتجات إضافية للعصر التكنولوجي. فتستطيع الضوضاء أن تسبب مشاعر مختلفة من عدم الرضا إلى الضيق والخوف والجزع. فالضوضاء تؤثر فى قشرة المخ، وتقلل النشاط، ويؤدى هذا إلى استثارة القلق وعدم الارتياح الداخلي والتوتر والارتباك وعدم الانسجام أوالتوافق الصحي. فالفرد قد يتراكم لديه من غير أن يشعر توتر عصبي بسبب التعرض للضوضاء، وهذا قد يسبب انهياراً عصبياً للشخص المعرض للضوضاء مما يسرع للإصابة بالأزمات الانفعالية».
إجهاد ذهني
ويكمل الدكتور فخري: «للضوضاء تأثير سلبي وضاغط على نفسية الإنسان، ويؤثر الضغط النفسى بالسلب على الصحة النفسية للفرد في مختلف سنوات عمره، ويظهر في شكل ذعر وقلق وارتباك وعدم تركيز وإرهاق واكتئاب وتعكر عليه الصفاء الذهني، مما يؤدى إلى تدهور حالته النفسية التي تؤدى إلى انخفاض مستوى أدائه وتعوق نموه النفسى، فبعض الدراسات ترى أن الضوضاء تؤثر على القدرة الذهنية للفرد مما يؤدي إلى الشعور بالإجهاد الذهني وعدم القدرة على الاستيعاب والتعلم. كما تؤثر على الأعمال التي تتطلب اليقظة والأعمال الحسابية، كما أن لها تأثيرا سلبيا على صحة الإنسان، ومن أهم الأسباب الرئيسية في خفض الدافع للأداء، والتركيز وتشتيت الانتباه وسبباً في الإزعاج والضيق، وهذا بالتالي يؤثر على العامل القريب من مصادر الضوضاء في شعوره بالتعب والإرهاق السمعي والجسمي، وبالتالي تقل إنتاجية العامل وتسوء مقدرته على العمل، كما أثبتت الأبحاث العلمية مؤخراً أن للضوضاء تأثيرا سلبيا على الأجنة في بطون الحوامل، خاصة بين العاملات في المصانع والأوساط المتعرضة لدرجات من الضوضاء بسبب حساسية الجهاز العصبي للأجنة. مما يعرضها للإصابة بأمراض عصبية، وقلق، وتوتر بعد الولادة. وقد تكون الضوضاء سبباً في تشوه الأجنة إذا ما تعرضت الأم لضوضاء مرتفعة لفترات طويلة».
المصدر: أبوظبي