11 أكتوبر 2012
أرست محكمة التمييز مبدأ يقضي بثبوت نسب الطفل إلى والده بناء على الإقرار الصادر من الوالد أمام القاضي الشرعي بأن المولود ابنه حتى ولو كان الطفل قد ولد قبل مضي أقل مدة الحمل المقررة قانونا وهي ستة أشهر من تاريخ زواج والديه وحتى تاريخ ولادته وتوافرت شروط الإقرار بالنسب المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية وانه لا حاجة لبحث شروط النسب بالفراش متى ثبت النسب بالإقرار.
صرح بذلك المستشار عبدالله كليب المحامي العام رئيس النيابة المدنية مشيرا إلى أن هذا المبدأ جاء بناء على عدد من الطعون في دعاوي الأحوال الشخصية التي أقامتها النيابة المدنية أمام محكمة التمييز بشأن ثبوت نسب الطفل إلى والده "أبيه" بالإقرار.
وقالت محكمة التمييز في أسباب حكمها بشأن ثبوت النسب بالإقرار وإنه من المقرر طبقا لقانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة النسب يثبت من جانب الرجل بالإقرار ويشترط لصحة الإقرار بالنسب أن يكون الولد المقر به محتمل الثبوت لأن الإقرار إخبار عن كائن. فإذا استحال كونه، فالإخبار عنه يكون كذبا محضا. وأن يولد مثله لمثل المقر. وألا يكون المقر بنسبه معروف النسب من غيره. فإذا كان معلوم النسب، فإن الإقرار لا يصح. وأن يصدق المقر له بنسبه أن كان من أهل المصادقة بأن كان بالغا مميزا سواء أكان التصديق في حياة المقر أو بعد وفاته لأن النسب لا يبطل بالموت. وألا يكون في الإقرار حمل النسب على غيره لأن الإقرار حجة على نفسه لا على غيره. ولا يجوز إقرار الزوجة بالولد لأن فيه حمل نسب غيره على غيره وهو نسب الولد للزوج فلا يقبل إلا إذا صدقها الزوج أو استندت الزوجة على الولادة أو البينة.
ومن المقرر كذلك أن النسب يثبت بالدعوة وهي الإقرار المجرد بالنسب بما ينطوي عليه من اعترف ببنوة الولد وأنه يخلق من مثله سواء أكان صادقا في الواقع أم كاذبا فيثبت لهذا الولد عند ذلك شرعا جميع أحكام البنوة اعتبارا بأنه إن كان كاذبا وقع عليه إثم الادعاء ويصح النسب بهذا الطريق ولو كانت الظواهر تكذبه.
ومن المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة، أنه إذا تعارض ظاهر في ثبوت النسب أحدهما مثبت للنسب وظاهر ينفيه، قدم الظاهر المثبت للنسب على الظاهر النافي له وإن الإقرار بما فيه حد كالزنا أن يستمر المقر على إقراره إلى أن يقام عليه الحد. فإن رجع عن إقراره قبل ذلك، قبل منه الرجوع ولا يقام عليه الحد سواء أبدى عذرا يبرر به رجوعه أو لم يبد العذر وهو الصحيح الذي ذهب به الشافعي و أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه.
ومن ثم، فإذا اعترف شخص بأنه زنا بامرأة ثم رجع، لا يقام عليه حد الزنا ولكن يجب أن يؤدي صداق المرأة التي اعترف بأنه زنا بها. وبالتالي فإن الإقرار بحق لمخلوق يلزم صاحبه ولا يفيده الرجوع سواء أبدى عذرا أو لم يبده وسواء رجع فيما أقر به رجوعا صريحا أو ضمنيا.
وقد اشترط الشرع الإسلامي في الإقرار بما يوجب الحد أن يفسره صاحبه وأن يبينه بأن يقول زنيت ومدى ذلك أن يكون إقرار الزاني صراحة وجاء تلقائيا بإرادة حرة واعية دون تأثير وينبغي على القاضي عند الاستفسار بحد معين أن يبحث له عن مخرج مما أقر به الزاني لقوله صلى الله عليه وسلم "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" - رواه الترمذي.
ومن المقرر شرعا أيضا أنه إذا استحق الرجل ولدا ثم رجع في إقراره بأبوته فإن النسب ثابت ويرث الابن من أبيه لكن الأب لا يرث في ابنه لأنه أنكره. فإن مات الولد، وقف نصيب الأب إلى أن يموت ثم يدخل ذلك النصيب في تركة الأب.