«براءة الاختراع».. حلم كل مبتكر

أشرف جمعة (أبوظبي)

أحلام المخترعين لا سقف لها في هذه الحياة، فهم يعملون من أجل مصلحة البشرية، وهو ما يجعل الكثير منهم يسعى إلى تسجيل براءة الاختراع الخاص به، وفي هذه الرحلة التي يتخللها الكثير من الجهد لا تتوقف عزيمتهم ويواصلون ما بدؤوه، إذ تشكل الابتكارات التي تتبلور في أفكار إلى إحداث حالة من الزخم في ظل الأجواء المفتوحة في الإمارات والمشجعة على التميز والإبداع للدخول إلى المستقبل، وفي الكثير من المواقع، سواء في المدرسة أو الجامعة أو ميادين العمل، يحاول العديد من المبتكرين أن يحصلوا على إثبات ملكية الفكرة وتسجليها داخل الدولة أو خارجها، حتى تكون هذه الخطوات نواة لتنفيذ الابتكارات وتحقيق الطموحات.

دعم المخترعين
يقول سالم عبدالله بن شبيب، رئيس لجنة الابتكار في برنامج «تكامل»، التابع لدائرة التنمية اقتصادية أبوظبي: «يعد الابتكار مساهماً رئيساً في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وبناء اقتصاد قائم على المعرفة وفي هذا السياق، يتماشى برنامج (تكامل) مع الهدف الأساسي لرؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 في تطوير رأس مال بشري مبتكر ضمن قطاعات العلوم والتكنولوجيا، من خلال دعمه للمخترعين من الفئات العمرية كافة، لتحويل أفكارهم الإبداعية الطموحة إلى واقع ملموس».
ويلفت ابن شبيب إلى أن برنامج «تكامل» هو برنامج وطني لدعم الابتكار بدأ في عام 2011 بهدف توفير الدعم للمخترعين وترسيخ ثقافة الابتكار في دولة الإمارات، حيث يسهم في جعل الدولة ضمن المجتمعات الأكثر ابتكاراً في العالم، من خلال مساندة تنفيذ الأفكار المحلية المبتكرة وتحويلها إلى أنشطة تجارية تعود بالفائدة على الدولة اقتصادياً واجتماعياً، عبر دعم المخترعين بمختلف فئاتهم ومستوياتهم، أفراداً وشركات ومؤسسات أكاديمية.
ويورد أنه منذ انطلاقته الأولى وبرنامج «تكامل» يواصل تحقيق زيادة سنوية في عدد براءات الاختراع التي يدعم تسجيلها، مع نشر الوعي بالمراحل الأساسية للابتكار، خاصة الجوانب القانونية التي تحفظ حقوقهم، ومنها الملكية الفكرية وطريقة حمايتها وطريقة تفعيل القيم التجارية للملكية الفكرية.
ويبين ابن شبيب أن الاختراع بملكية كاملة هو الاختراع الذي تم ابتكاره كلياً من قبل صاحب طلب الدعم المقدم لـ«تكامل»، لكن القائمين على البرنامج يدركون أن الأبحاث تحتاج عادة إلى جهود مشتركة وتعاون بين أكثر من طرف، وعليه فإن المخترع المشارك في مثل هذه الحالة قد لا يكون مؤهلاً للحصول على دعم «تكامل». وبالتالي، فإن برنامج «تكامل» مستعد لدعم جزئي للاختراع الذي نفذه طرف مؤهل للحصول على دعم البرنامج، وفي حالة الاختراع المشترك بين طرف مؤهل وطرف غير مؤهل، يحدد برنامج «تكامل» حصة الطرف المؤهل للحصول على المطلوب.

توثيق الأفكار
ويبين الدكتور ياسر جريش، أستاذ بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة الإمارات، أنه من المهم أن يسعى المبتكرون إلى تسجيل براءة اختراع لكل فكرة تكون قابلة للتنفيذ، موضحاً أنه داخل الجامعة يوجد مكتب مخصص لتسجيل أفكار الطلاب في ظل الدعم الذي تحظى به هذه الفئة على المستويات كافة، وهو ما يظهر جلياً في الاهتمام بالمبدعين في هذا المجال، مشيراً إلى أنه أشرف على العديد من مشروعات الابتكار بالجامعة، ووجد بالفعل أن بعض المشروعات قابلة للتنفيذ، لذا فمن الضروري أن يتم توثيق الأفكار المهمة لأي مبتكر في الدولة حسب أهمية الابتكار ومدى إمكانية تنفيذه في غضون السنوات القليلة المقبلة. ويلفت جريش إلى أن هناك خطوات للحصول على براءة اختراع، سواء داخل الدولة أو خارجها، سواء من خلال الدعم المؤسسي أو بالجهود الفردية، وأن هذه الرحلة لها أبعاد إيجابية على المبتكر نفسه.

حيز التنفيذ
ويذكر أحمد الشحي الذي حصل على براءات اختراع من أميركا وكندا، عن بعض ابتكاراته، أن الفكرة هي التي تحدد أهميتها في عالم الابتكار، خاصة أن هناك ابتكارات تدخل على الفور حيز التنفيذ، وقد تتولى بعض الشركات العمل على إنجازها من أجل استخدامها بشكل مباشر. ويشير إلى أنه في حالة تسجيل الابتكار بشكل فردي وبتكلفة مادية من المبتكر نفسه، فإن عليه أن يعين محامياً مختصاً لإنهاء الإجراءات كاملة، وفي البلد الذي يفضله المبتكر.
ويرى الشحي أن عدد المبتكرين في الإمارات أصبح كبيراً، وأنهم جميعاً على وعي بخطوات تسجيل مخترعاتهم، ومن ضمن الابتكارات التي حصل لها على براءة اختراع «آلة تنظيف واجهات المباني»، موضحاً أنه مستمر في تقديم أفكاره وابتكاراته بصورة مستمرة.

مبتكر حقيقي
ولا يخفي عبدالله محمد الشحي أن كل مبتكر حقيقي تتشكل لديه الرغبة في أن يحصل على إثبات الملكية الفكرية لمشروعه، فضلاً عن تسجيل براءة الاختراع لأنه عندما يصل إلى هذه المرحلة فهذا يعنى أن فكرته مختلفة وغير مطروقة، وأنها من الممكن أن تدخل حيز التنفيذ. ويبين أنه حصل على براءة اختراع عن أحد مشروعاته من بريطانيا من خلال مكتب متخصص في تسجيل الأفكار مستعيناً بمحام متخصص في هذا الصدد، ويشير إلى أنه في الإمارات هناك جهات متخصصة تعمل على تسجيل براءات الاختراعات، وعلى كل مبتكر أن يوجه اختراعه في المكان الذي يفضله، مشيراً إلى أن أحد ابتكاراته يتم العمل عليه حالياً ويعمل بكل طاقته من أجل إنجاز مشروعاته. ويرى أن المبتكر يمتلك الخيال ويمتلك الواقع أيضاً لأنه دائماً يبحث عن الكيفية التي يستطيع من خلالها أن يخرج بفكرته إلى العالم بشكل علمي حتى يستفيد منها الجميع.

الواقع والخيال
ويورد محمود الحادر أنه قدم العديد من الابتكارات التي تم تنفيذ بعضها، وهو يشعر بأهمية الابتكارات في حياة المجتمعات، لأن من الممكن لاختراع بسيط أن يغير مجرى أشياء كثيرة، ومن خلال خبرته في هذا المجال فإنه على دراية بالخطوات التي تهيئ للمبتكر الفرصة من أجل تسجيل فكرته لحفظها بحسب حقوق الملكة الفكرية، ومن ثم يسعى إلى تسجيلها من أجل الحصول على براءة اختراع، حيث إنه حصل على براءات اختراع لإحدى لبعض ابتكاراته من مكتب تسجيل براءات الاختراع في أميركا، ويرى أن هذه الرحلة على الرغم من أنها تحتاج إلى صبر وجهد لكنها في نهاية الأمر تجعل المبتكر يشعر بأنه حقق إنجازه بالحصول على براءة الاختراع، ومن ثم يفكر في تنفيذها على أرض الواقع، من خلال إعطائها لإحدى الشركات من أجل تنفيذها أو لجهة تتولى ذلك، مشيراً إلى أن سعادة أي مبتكر تكمن في يرى ابتكاره النور.