الأحد 3 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التربية والتعليم في الإسلام

28 ابريل 2005

يتبوأ العلم والتعليم في الإسلام مكانة عظيمة، ومرتبة كبيرة، بهما ترتفع الأقدار، يقول الله جل وعلا: يرفع الله الذين آمنوا منكم والدين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير والنبي 'يقول: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة والدعوة إلى العلم والمعرفة عامة ولكل فرد، شاملة لميادين الحياة ومجالاتها التي تصلح بها الأفراد والمجتمعات، في الحديث: طلب العلم فريضة على كل مسلم إن أهل الإسلام هم معقل الحق ومأزر الإيمان، رسالتهم عالمية، أكرمهم الله بها، وحملهم أمانة المحافظة عليها، وتبليغها في كل عصر، وفي كل مصر· لذلك فإن التربية لباس ودثار، يفصل على قامة الشعوب، منبثقة من عقائدها، منسجمة مع أهدافها وآدابها· وليس مقياس النجاح مجرد معرفة القراءة والكتابة، وليس دليل التفوق كثرة دور العلم وأفواج الخريجين إن كثيراً من البلاد الإسلامية في عصورها المتأخرة خسرت أكثر مما ربحت، حين ظنت أن مبادئ التربية وأصول التعليم تستورد كما تستورد البضائع والصنائع، وضلت حين ظنت أنها تقايض في معاملات تجارية، لتكسب علما أو تمحو أمية· أيها المربون، أيها الفضلاء، العلوم والآداب والمناهج ونظريات التربية التي ظهرت، وتظهر في الغرب أو في الشرق أو في أي مكان من الدنيا: هي تجارب بشرية يخطئ أصحابها ويصيبون، ويمشون ويتعثرون، يؤخذ منها ما ينفع بعد أن تجرد مما يقترن بها من عوامل الإلحاد والإفساد والاستخفاف بالقيم، ثم تصبغ بصبغة الإيمان: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ليس من العقل ولا من الحكمة والنصح للأمة أن تنقل هذه العلوم والنظريات بعلاتها وعوامل الافساد فيها، يجب أن تعود هذه العلوم والدراسات إلى الإيمان والتقوى والخشية، إنما يخشى الله من عباده العلماء ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار إن مناهج التربية وطرائق التدريس، يجب أن تكون قائدة إلى الإيمان، قاصدة إصلاح الأنفس وتهذيب الأخلاق·· لا فائدة في علم لم يكس بخلق، ولا جدوى من تربية لا تثمر عملا صالحا· أجيال وأفواج فارغو الأكواب، ظامئو الشفاه، مظلمو الروح، قليلو البصر، ينكرون أنفسهم، ويؤمنون بغيرهم، يموت الأمل في صدورهم، مبهورون بانتاج غيرهم، يمدون أيديهم يستجدون خبزاً وشعيراً، يلوكون رطانة، ويتكسرون في مشية، لم تزرع فيهم التربية الثقة بأنفسهم، بل لم تعرفهم بأنفسهم، ولم تبين لهم منزلتهم، ولم تشحذ همتهم، لم تبن فيهم الشعور بمسؤوليتهم، قتلوا من غير حرب، كل قلوبهم ونفوسهم حول الماديات تحوم، وبالقشور والهندام تتعلق· إن قضية التربية والتعليم في الإسلام من كبرى القضايا ومن عظائم المهمات، فهي مسألة قائمة بذاتها، لأن أمة الإسلام أمة خاصة في طبيعتها ومنهجها وأهدافها، أمة ذات مبدأ وعقيدة، ورسالة ودعوة، يجب أن تكون التربية والتعليم خاضعين لمبادئ الأمة وعقيدتها ورسالتها ودعوتها التي تسعى من خلال منطلقات علمية وأهداف تربوية إلى تحقيق أغراض ومقاصد مفيدة من التعليم، وغايات حميدة من التربية· أبرزها: صهر الجيل بروح التربية ومفاهيمها، ونوعها وشكلها· فالتعليم بشتى أنواعه، والتربية بمختلف صورها هما الوسيلة الكبرى لإنشاء الأجيال التي تؤمن بمبدأ الأمة وقيمها السامية التي تربى عليها الأباء، وهما السبيل لتسديد المجتمع بكامله بروحهما ومضامينهما· العلم في نظر الإسلام صمام الأمان بإذن الله للنهوض بالأمة، وجعلها في مكان عالٍ من المكارم والفضائل، والرقي والتمدن، والصلاح والسعادة، والازدهار والفلاح· العلم في الإسلام له غايات عظمى، وأهداف نبيلة، تضمن سعادة الأفراد وسلامة المجتمعات وفلاحها دنيَّا وأخرى· والأمة المحمدية أمة عقيدة تقوم على مبدأ رسالة سامية، ومنهج رباني يراد منه تحكيم شريعة الله جل وعلا في هذه الحياة في جميع المجالات ومختلف الصور، فلا غرو حينئذ أن يكون التعليم بشتى أنواعه أداة لإنشاء الأجيال التي تؤمن بهذا المبدأ الراسخ، وتدين بالعقيدة الصحيحة التي حملتها الرسالة المحمدية، والمشكاة النبوية·
لذلك فإن الإسلام يحث على التعليم ويركز على التربية على أنهما أساس وقاعدة لضمان ترسيخ المفاهيم الصحيحة في نفوس الخلق نحو خالقهم، وما تتضمنه تلك المفاهيم من أثر بالغ في ضبط السلوك والتوجهات التي تحقق الفوز والسعادة لبني البشر إنما يخشى الله من عباده العلماء ينظر الإسلام للتعليم على أنه أداة تحقق بناء مجتمع صالح في جوانب حياته كلها، في محيط التزام كامل بمنهج الله جلّ وعلا وفق معايير الرفض والقبول التي حددها الشرع لتصبح الحياة صورة تطبيقية لقوله جل وعلا في خطابه لنبيّنا محمد' قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت التربية والتعليم في الإسلام ينطلقان من أهداف تضمن بإذن الله جل وعلا تخريج أجيال مملوكة الفكر والمشاعر لخالقها، تابعة في الثقافة والتصور والواقع لدينها قلباً وقالباً، وفق فهم صحيح لحقائق الإيمان ومناهج الإسلام، فتبدر حينئذٍ من خلالهما في نفوس النشء روح العزة بهذا الدين فترتسم به مبادئهم ونظراتهم، وتصاغ به عقلياتهم وتوجهاتهم نحو كل نافع ومفيد في دينهم ودنياهم· التربية والتعليم في نظرة قدوتنا محمد' سبيل لتعميق المبادئ العليا والمثل الفضلي في عقول النشء ليتمثلوها منهج سلوك وأسلوب عمل في حياتهم كلها، قال': إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق· ديننا يشجع على كسب العلوم والمعارف التي تزود الأفراد والمجتمع بكل صالح ونافع يحقق عمارة الأرض وفق ما أراد الله جل وعلا: وسخر لكم ما في السموت وما في الأرض جميعاً منه فسائر العلوم التي تحقق مبدأ احترام العمل، وترسخ المفاهيم والاتجاهات السليمة نحو كل عمل بناء هي مطلب من مطالب هذا الدين، كل ذلك بغية إنشاء جيل مؤمن يعمل لدينه ودنياه، ويسهم في تفضيل أمته ومجتمعه، ويسير به قدماً في معارج التطور الميداني، والرقي الحضاري محققا الحياة الكريمة والرفعة والسيادة للأمة الإسلامية، المؤمن القوي خير وأفضل من المؤمن الضعيف، وفي كل خير· أيها المعلمون·· أيها المربون: لتكن تلكم الأهداف نصب أعينكم، وليكن تحقيقها في ناشئة المسلمين هو مطلبكم ومسعاكم، حققوا غرساً يدين للإسلام أولاً، وللأمة ثانياً· ابذلوا قصارى جهدكم لتربية تغرس في القلوب الولاء الصادق والمحبة الحقيقية لدين الإسلام ولنبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام·
احرصوا على كشف الحقائق الصحيحة لهذا الدين، ولدعوة سيد الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم، وجهوا النشء إلى الالتزام بالأخلاق الإسلامية والآداب المرعية، والتمثل بالمكارم والفضائل في المدرسة والبيت، في الشارع والسوق، وفي ميادين الحياة كلها· فتلك المعاني مسؤولية تقع على عواتقكم، وواجب محتم نحو أمتكم، كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته· أيها المعلمون·· أيها المربون: التزموا بمنهج دينكم، واحرصوا على تحقيق أهدافه ومقاصده فبه تصلح الأحوال، وتزكو النفوس، وتسعد الحياة· خير ما تبذل فيه الجهود وتصرف فبه الأوقات التوجه إلى كتاب الله جل وعلا تعلما وتعليما، تدبراً وتفهما، قال': خيركم من تعلم القرآن وعلمه، فوجهوا رحمكم الله أولادكم لتعلم هذا الكتاب الكريم، وحفظه والعناية به، لاسيما والفرص متاحة ومتيسرة بفضل الله ومنته، فذلك الذي يعود عليكم بعاقبة حميدة، وعائدة سعيدة، قال': إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويخفض به آخرين· وليكن الحرص موصولاً على تعليم النشء أحاديث رسول الله ' وسيرته العطرة وأخلاقه الحميدة وشمائله الرفيعة، فلا خير في تربية بدون تلك المعاني العظيمة والمكارم الرفيعة، قال ': من يرد الله به خيراً يفقه في الدين·
جمعة سالم الحوسني
مدرسة حموده بن علي النموذجية
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض