إن صدى النداءات التي تتعالى في الجبال وتتوالد مع السنوات إثر عثور أحدهم على رسائل الأسلاف في الحجر، لا تكاد تشبه غيرها من النداءات الإنسانية على الأرض، ولا يمكن ترجمة مداخل الفرح والانفعال في رجفة ذلك النداء، يبدو وكأن الصوت قادم من جهة أبدية، يعلو من طبقات ثاوية في العطش الماورائي والفضول الجامح، ذلك الفضول الذي يكبر في صيغة سؤال حائر وعميق: (من نحن؟ وكيف أتينا؟).
إن الصخور كفيلة بحفظ العبور السّردي القديم، سجل إنساني ومكنون تاريخي بقي على مدار آلاف السنين محفوظاً على جلاميد الحجر، حين اعتقد إنسان البدايات بوجود عوالم أخرى تتعايش معه، عوالم خفية في الكون، وجب عليه رصدها ميثولوجياً وفق اعتقادات شتى سجلها بالحفر الصخري وبالنحت الكهفي على طبقات الجبال المهيبة، التي تتعرض بين زمن وآخر لعمليات التعرية والتفتيت المائي، وبالأخص تلك النقوش في الأماكن التي تميل نحو السماء، بل شك أنها تكون معرّضة أكثر لحبات المطر، بينما الكتابات المتعامدة في أمكنتها مع السماء، تكون أقل عرضة وبالتالي فهي مانحة لفرصة أكبر لمحاولة فك شفرات رموزها ومكنونها الثقافي.
الوقوف أمام صخرة قديمة مطرزة بالرّموز، دهشة ما بعدها دهشة، إنها اللحظة التي تجذبك من قاع الغفلة، وتكشف عجزنا الرتيب في استنطاق ما لا يُستنطق بالإمكانيات الضحلة، لقد ملك الإنسان القديم قوة البطء وثقته بالزمن والجغرافيا وحراك الخيال في الرموز، وإيمانه العظيم بتواتر الأثر ووصول الرسالة مهما ارتجفت الأرض تحت وطأة التغيرات الجيولوجية العنيفة.
إن رائحة الحفر والنحت بإزميل النحّات القديم تتركك في حيرة لذيذة، هل تكتفي بالتصوير والعبور كأي أحد، أم تتجمد في تأمل الإبداع الخلاّق الذي قد يراه الآخرون مجرد تخبّط وشخبطة إنسان قد اغتمّ من فراغ العالم ومجهوله؟
ولأجل ألا أكون من الصنف الأول، أعملتُ مخيلتي في نسج افتراضات حول تفكيك رموز تلك الصخور، وشرعتُ بتسجيل أفكاري في هذا التحليل المبسّط، لا أدّعي المعرفة، فكل ما هو مطروح في هذه المادة من صنع التواضع والإجلال لهيبة النحّات الأول، غايتي هي ألا أقف مكتوفة التفكير أمام صدمة براعته، وأن يكون لي حضور وانفعال أمام هذا السر العظيم لإنسان غائب.
السّجل الصخري لجبال الحجر
عُرفت جبال الحجر بقوة صلادتها، وحين توسعت الروابط التجارية بين جبال الحجر وبلاد الرافدين ووادي نهر السند خلال فترة أم النار كانت صخور حجر (الديورايت) تصدّر من جبال الحجر وتستخدم في صناعة التماثيل للحكام العظماء في بلاد النهرين. مثل التمثال السومري المعروض في متحف اللوفر أبوظبي، وهو تمثال كوديا أمير لكش، ومن صخر الديورايت أيضاً نحتت عليه تشريعات حمورابي.
في جبال الحجر ثمة المئات ـ إن لم نقل الآلاف ـ من مواقع الفن الصخري، ومنها مواقع قليلة جداً يعتقد بأنها ترجع إلى العصر البرونزي، بينما الغالبية العظمى منها تعود إلى العصر الحديدي، وإلى الحقبة الإسلامية، هناك كذلك عدد منها يعود إلى عهد حديث نسبياً، وخاصة تلك المواقع المنتشرة في رؤوس الجبال، وفي الجبال الممتدة على طول الساحل الشرقي للإمارات توجد كذلك نماذج جيدة في الفن الصخري نصادفها عادة في شعاب الأودية الجافة، وممرات الأخاديد، وطرق القوافل القديمة، والأماكن والمرتفعات المتفرقة، وأحياناً على السهل الساحلي. كل تلك الشواهد الحجرية دالة على أن الإنسان في تلك الأزمنة يقضي أوقاتاً طويلة ربما بالسنوات في تلك المغارات والكهوف، يشغل وقته في فعل الخيال والتصورات النقشية والاستبصار.
يعود معظم الفن الصخري في المنطقة الشرقية في الإمارات العربية المتحدة الذي تولت دراسته إم. سي. زيولكوفسكي إلى العصر الحديدي، أو ما بعده. وإن أغلب تلك النقوش كانت في سفوح الأودية وهي قريبة من المصادر المائية، وقد حُفرت على صخور ثابتة وأغلبها في مواقع مقابلة للمغارات، وقد غلبت عليها مواضيع الطبيعة والصيد بتفاصيلها، فكان الإنسان ينقش ما يراه ويصور محيطه وحالاته، تأخذ بعض الكائنات المرسومة على شكل الدواب والأنعام والأفاعي، وبعضها لم تتم قراءتها بشكل واضح، كونها منفذة بطريقة بدائية، وتبدو الكائنات المحفورة وكأنها أسطورية، ربما قد تأثرت الصخرة بالرطوبة والطحالب والتآكل على مر الأزمنة، مما بدد إمكانية القراءة.
وقد كشفت زيولكوفسكي في مقالتها التي ترجع إلى عام 2007 عن عدد من وجوه الشبه بين الرسوم المتكررة للفن الصخري والتي تعود بتاريخها إلى الألفية الثالثة، وحتى مطلع ومنتصف الألفية الثانية قبل الميلاد.
يرى د. وليد ياسين التكريتي، إن الفن السائد في جبال الإمارات وعُمان ربما كان يمارس في الحقب السابقة للعصر البرونزي، وأن الفن الصخري في الإمارات الذي ربما يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ هو الذي نجده في موقع ( خطم الملاحة ) الكائن في جنوب غرب خور كلباء . وقد كان الرحالة برترام توماس أول من انتبه إلى النقوش الصخرية في ( خطم الملاحة) ونشر عنها دراسة في عام 1931.
وقد أعيد اكتشاف هذا الموقع من جديد في 1973، حين كان مؤلف هذه الدراسة في جولة بالساحل الشرقي. وفي أثناء تلك الزيارة نقل المؤلف صخرتين تحفلان بأشكال الحيوانات، وعرضتا في متحف العين.
وفي عام 1987 أصدر مكتب د. التكريتي تقريراً مختصراً عن موقع الفن الصخري في (خطم الملاحة)، وقدّم إلى إدارة الآثار في الشارقة، وكان الهدف منه زيادة الوعي بأهمية الموقع وحمايته. وقد تضمن التقرير كذلك الإشارة إلى اكتشاف مدافن أخرى من حقبتي حفيت وأم النار في جبل الأميلح وقبور أخرى من العصر الحديدي في جبل البحايص، واحتمال أن يكون أحدهما من فترة (جمدة نصر) في بابل بالعراق.
رحلات كشفية إماراتية
لازالت اكتشافات الفن الصخري في الإمارات مستمرة مع اتساع النهضة والدّور الاستكشافي المعرفي الذي تتزعم ريادته فرق بحثية شبابية في الإمارات، من منطلق الهواية والمغامرة وحب الاكتشاف ، تلك الرحلات الشبابية من شأنها أن تثري الآثاريين وتقدّم لهم خريطة بحثية لأقرب وأسرع الطرق المؤدية للمعالم الصخرية الأثرية المنتشرة في دهاليز وأودية وشعاب الجبال الشاهقة، ومن ثم الإسهام في توثيق كنوز البلاد من خلال توصيل تلك المعلومات بأكثر الوسائل التكنولوجية حداثة، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة قد عززت في توثيق تلك الرحلات الكشفية الثرية، أبرزها وأكثرها جدية هو (فريق الوشق الإماراتي) الخاص بالمغامرات الجبلية وترأسه الباحثة الشابة رحاب الظنحاني، والمتتبع لحركة وجولات هذا الفريق ستدهشه حتماً عدد المواقع الصخرية المهمة التي تم كشف الظلام عنها في الأمكنة العميقة الخطرة، منها تلك الصخرة المنقوش عليها كتابة عربية غير منقوطة في شعب أودية منطقة (زكت) التابعة لإمارة الفجيرة، وقد تم تخمين عمر الكتابات نحو 945 سنة تقريباً، واجتهدت رحاب الظنحاني في تقديم قراءة مبدئية لتلك الكتابات القديمة.
صخرة عين الشمس
عثر على صخرة عين الشمس في جبال منطقة (الطويين) التابعة لإمارة الفجيرة، وتبعد عنها ما يقارب 75 كيلومتراً. والشمس في الدلالة المألوفة هي رمز للقداسة والتجدد والحياة، وهي القوة الكونية العليا ومركز الكينونة وقلب المعرفة الحدسية، وهي عين العالم وعين النهار. والشمس الساكنة على الحجر قد تعني توقف الدّوران والهروب من الزمن والإفلات من حلقة الوجود.
كما أنها ترمز أيضاً للنفوذ والسلطة والقوة الآتية من السماء، ولطالما كانت المعبودة الأولى في شبه الجزيرة العربية، وارتبط الماء بعروق الشمس، فالشمس هي الموقد الكوني لدورة حياة الماء وبخار الزرع والنماء، و(شمس) أول الأجرام السماوية التي لفتت نظر البشر، المعبودة القديمة والأسبق عند العرب، مصدر القوة والطاقة والهبات.
الوعول والثيران والكلاب
تنتشر على الأغلب صور الثيران والوعول والكلاب على صخور جبال الحجر، فأما (الثور) لم يكن كائناً غريباً على سكان شبه الجزيرة العربية، حيث كانوا يعتقدون في الحكاية الميثيولوجية أن العالم يستند على قرني ثور، وكلما انتقلت الأرض من قرن إلى قرن، تحول الليل والنهار.
الثور ذو طبيعة مزدوجة، فعادة ما يكون رمزاً للذكورة في الطبيعة، والقوة الشمسية للتناسل، وهي القوة المقدسة لدى كل آلهة السماء، إضافة إلى ذلك فهو رمز الملكية والملك، إلا أنه يرمز أيضاً إلى الأرض وقوة الرّطوبة في الطبيعة.
وقد نلاحظ على بعض الصخور نقوشاً لرجال يركبون الثيران، وذلك رمز المقاتل الشمسيّ المتصل بالسماء والرّياح، ويرتبط الثور بقوة التخصيب للشمس والمطر والرّيح والرّعد والبرق، وفي المقابل هو دليل للجفاف والرّطوبة.
و(الوعول) المنقوشة على الصخور تذكرنا بحكاية الإله (عثتر) إله المطر والخصب والإخصاب في شبه الجزيرة العربية، حين كانت له معابد وأصنام على شكل وعل.
كما أن الوعل رمز مقدّس للقوة والشموخ والكبرياء، كما أنه إله العزلة والتأمل، على أنه يتخذ لنفسه مخابئ حصينة بين شقوق الصخور وتحت الحيود الوعرة.
أما (الكلاب) فهي ترمز إلى الإخلاص واليقظة والنّبل والحذر في الحياة، والكلب هو حارس الحدود بين هذا العالم والعالم التالي، وهو الذي يحمي الممر بينهما، ورفيق الموتى الذي يهدي الأرواح إلى العالم الآخر.
نقش (أثر النبيّ)
عثر فريق الوشق البحثي مؤخراً على صخرة تحمل نقوشاً غريبة في منطقة (رول ضدنا) بدبا الفجيرة، عبارة عن صخرة نُقشت عليها قدم إنسان إلى جانبها عدة نقوش أخرى، وأطلق عليها أهالي المنطقة اسم صخرة «أثر النبي»، ولم يذكر الأهالي أي نبيّ يقصدون، كما توجد عدة نقوش أخرى في تلك المنطقة، إلا أن صخرة أثر النبي هي الأكثر تميزاً بينها، نظراً لاسمها وطريقة نقش الرموز عليها.
وآثار القدم في الرموز التقليدية إشارة على الأثر الإلهي أو الزيارة، أي الأثر الذي ربما يسير الإنسان على هداه، والشكل المطبوع على صفحة الكون من أثر حضور لشخص قديس ورِع وتقيّ.
اللوحة الصخرية في وادي سهم
يمر هذا الوادي الضخم كالسهم في الجبال الضخمة التابعة لإمارة الفجيرة، لا يتعرج إلا بتفرعات قليلة جداً، فلاسمه نسب لشكله، في علوّه آثار حصن قديم كان يحمي القرية التي سميت باسم الوادي، تنتشر هنا وهناك بقايا الكتابات والنقوش والأبراج التاريخية المبنية من الحجارة الصخرية المطعمة بالحصى.
أبرز تلك الفنون النقشية على حجر هذا الوادي، صخرة أشبه بلوحة تشكيلية، اختزلت في صدرها كل العناصر الزمنية والطبيعة المكانية المعيشة في الألف الثالث ما قبل الميلاد، من معارك وعبادات وطقوس الصيد ورموز اجتماعية دينية وسياسية عديدة، سنصل إلى فحواها لو أننا تأملنا وحاولنا فض اشتباك دلالات النقوش.
قد تدل بعض السجلات الصخرية في الجبال على وجود دفائن ومقابر قريبة من مكان الصخرة، أو كنوزاً مخفية، ولها أسرارها وطرق تحليلها المستمد من علم الآثار والدفائن.
وينطبق ذلك على صخرة وادي سهم، ثيران ووعول وجمال وخيول مشتبكة في معركة صيد، وعدد كبير من الحيوانات التي قد تكون منقرضة اليوم، غير أن الوعول لها النصيب الأكثر بروزاً في النحت على جبال الحجر، وقد كان كما ذكرنا سلفاً رمزاً للتأمل والعزلة، ورمز إله القمر في عهد بلقيس على مملكة سبأ.
ثم إن هنالك رجالاً يمتطون جمالاً ونموراً وضباعاً تجري باتجاه الشرق، ويقبض الرجال على رماح وسهام الصيد، قد ترمز الرّماح هنا إلى البسالة في الحرب وقوة منح الحياة أو سلبها، وآخرون مترجلون يحملون في أيديهم ترساً وسيفاً وكأنهم في حالة هجوم، كل عناصر الصخرة وكأنها تنتشر في ساحة حرب بعيدة.
ثم تأتي المعابد في الجزء العلوي من اللوحة الحجرية، وكأنها مفتتنة بالألوهية الصافية المشعّة من الشرق الأعلى، حيث جرم الشمس، ورجال مفتوحة أذرعهم للسماء، وكأنهم في حالة دعاء أو في طقس الصلاة والاستجداء لذلك المعبود القديم (شمس) في شبه الجزيرة العربية.
أما حرف T فلربما يرمز لتوقيت الصلاة والعبادة، حيث تتعامد الشمس على الأرض.
أما على الكتف الأيمن للصخرة فثمة حفر مشابه للأشكال التي على صدرها، إلا أن هنالك استثناء شكلياً متمثلاً في رسم غائر لخطين: أحدهما مستقيم، ولعله يرمز إلى الطريق المستوي أو إلى شكل وادي سهم، والآخر خط متموّج، والأرجح أنه يرمز لطريق متعرج في الوادي، أو يرمز لوادٍ قريب من وادي سهم.
ونلاحظ على هذه الصخرة اشتراك الرسم مع الكتابة، وأن الكتابة تبدأ من اليسار إلى اليمين، وقد ظهر هذا النمط من وجود تصوير بالاشتراك مع الحروف في عدد من الأبجديات العربية الأخرى، خاصة الأبجديات الثمودية. والجدير بالذكر أن الخطوط الثمودية لا يشترط أن تكون للأقوام الثمودية، بل هو اصطلاح يطلق على الخطوط المكتشفة في الجزيرة العربية، خاصة في منطقة جبة، بالقرب من مدينة حائل.
كما يتضح أن الكتابات والنقوش قد كُتبت وحُفرت على مراحل، أي في فترات زمنية مختلفة، وبواسطة أشخاص مختلفين زمنياً ودينياً وثقافياً. حيث اللوحة الأولى الأصلية كانت لوحة رحلة صيد وصيادين يحملون رماحاً وأسهماً، ثم أعقب ذلك زمن رُسمت فيه على الصخرة نفسها لوحة مضافة جديدة، حوت رسوماً لمعركة وحرب وجنود ومحاربين يحملون سيوفاً، ثم جاء من يضيف عليها لوحة سلام واطمئنان وصلاة للشمس مقرونة برمز توقيت الصلاة T، ليتضح في نهاية الأمر بأن الإنسان انتقل من مرحلة التعبير بالرسم والنقش، إلى مرحلة اشتراك الرسم والكتابة بالحرف.
ولا شك أن تلك النقوش الصخرية في جبال الحجر علامة بارزة على نبوغ الإنسان القديم في الإمارات، فقد امتلك فناً راقياً في التواصل مع الطبيعة وثقافة مهيبة ربما استفادها من حضارات أخرى بحكم التنقل والترحال، وربما كانت النقوش مشتركاً فطرياً بين الإنسانية جمعاء، إلا أن لكل منطقة ملامح محلية خالصة تعطي أهمية كبيرة لمسيرة إنسان عاش في هذه الأرض منذ الأزمنة المطيرة، وأكسب أرضه الكثير من المعارف والدلائل والقيم التاريخية والإنسانية.
حضارة أم النار
حضارة أم النار، من الحضارات التي ظهرت في منطقة الجزيرة العربية، وتحديداً في دولة الإمارات العربية، وسلطنة عمان، وذلك في العصر البرونزي، حيث إنّها استمرت ما بين العام 2600ق.م، إلى العام 2000ق.م، وقد أطلق عليها هذا الاسم نسبةً إلى جزيرةٍ في أبوظبي تعرف باسم أم النار، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الحضارة لحقت حضارة حفيت، وسبقت حضارة وادي سوق.
وقد تم اكتشاف هذه الحضارة بعد القيام بمجموعةٍ من الحفريات والمسوحات على يد علماءٍ من الدانمارك، والإمارات، والعراق في العام 1959م، حيث استطاعوا من خلالها التعرّف على حياة السكان البدائيين والأوائل في هذه المنطقة، والذين كانوا يعتمدون على صيد الأسماك، وصهر المعادن وتحديداً النحاس، بالإضافة إلى التجارة مع وادي السند، وبلاد الرافدين، كما تبين أن سكان هذه الجزيرة كانوا يقيمون مستوطناتٍ كبيرة، وتمتد إلى مساحاتٍ واسعة.
حضارة حفيت
تمتد حضارة حفيت من 3200 ق. م إلى 2500 ق. م، وتؤرخ لبداية العصر البرونزي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أظهرت عمليات التنقيب عن الآثار التي قامت بها البعثة الدنماركية منذ عام 1959، أن الإنسان قد استوطن منطقة العين منذ نهاية الأف الرابع قبل الميلاد. ويُستدل على ذلك بالبقايا الأثرية التي تم العثور عليها في منطقة جبل حفيت كالفخار والأدوات الحجرية والتي تعود إلى العصر البرونزي المبكر، وقد بلغ عمرها اليوم حوالي خمسة آلاف سنة، وهي تقدم أدلة رائعة عن البراعة والمهارات الحرفية للأسلاف الأوائل لسكان العين، وكما أشار بعض المؤرخين إلى أن حضارة حفيت في العين هي جزء من حضارة ماجان القديمة في المنطقة.
ويدل هذا الانتشار الحضاري الواسع على أهمية منطقة العين منذ ذلك التاريخ، وتم التنقيب في العشرات من هذه المدافن التي تبين بأنها تشبه بعضها بعضاً خلال فترة تجاوزت خمسة عقود من الزمن. وهذه المدافن أحادية التقسيم، أي أن الواحد منها يتكون من حجرة دفن واحدة ذات شكل دائري أو بيضوي مبنية من الأحجار المحلية غير المتناسقة وهي بذلك تختلف عن مدافن الفترة اللاحقة وحجرات المدافن التي تتكون من جدار دائري واحد، وفي كثير من الأحيان من جدارين أو أكثر ترتفع لثلاثة أو أربعة أمتار فوق سطح الأرض.
..................................................
مراجع:
* الفن الصخري/ د. وليد ياسين التكريتي/ هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
* مخاطر وجولات في جزيرة العرب/ للرحالة البريطاني: برترام توماس/ هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
* الموسوعة المصورة للرموز التقليدية/ جى. سي. كوبر، المركز القومي للترجمة.
* الوسائل التعبيرية البدائية إلى الأبجدية الأولى وما بعدها، الباحث حارث بن سيف الخروصي/ مجلة نزوى/ العدد 91
* جلفار عبر التاريخ/ عبد الله الطابور/ 2003
..................................................
هامش:
* النص تفكيك وقراءة تخيُّليّة، والصور بعدسة فريق الوشق الإماراتي، ورحاب الظنحاني uae_discovery