الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القيم الأصيلة تتحدى العولمة للحفاظ على الثوابت والهوية الوطنية

القيم الأصيلة تتحدى العولمة للحفاظ على الثوابت والهوية الوطنية
18 أكتوبر 2011 09:30
أهداف عديدة وخطط متنوعة وضعت لتعزيز القيم التي تضمن تماسك بنية المجتمع وتنمية قيمه وسلوكياته،كما تم تركيز الجهود للمحافظة على الهوية والثوابت العربية الإسلامية، في مواجهة العولمة بكل ميادينها وتداعياتها والمتغيرات الدولية الكبرى، بهدف مواكبة متطلبات اللحاق بركب الدول المتقدمة بجدارة دون المساس بتلك القيم. (دبي) - قالت الدكتورة موزة العبار الكاتبة والخبير الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية إن التحديات سواء كانت داخلية أو خارجية تؤثر بصورة مباشرة في صياغة مستقبل المجتمع والهوية الوطنية، وكذلك في سيادة الدولة ومتطلبات التنمية وتحقيق النمو المستدام وتنمية الموارد البشرية، في ضوء ازدياد القوة العاملة الوافدة وعولمة الثقافة التي تنتشر في كل مكان وتؤثر بقيمها بصورة غير مباشرة في أفراد المجتمع. وأضافت أن تدفق القيم الدخيلة والغربية يؤثر على الهوية الوطنية إن لم يتم تكاتف الجهود والعمل ضمن فرق جماعية، مشيرة إلى أن الهوية ليست بطاقة تحمل في الحقيبة لإثبات الانتماء، ولكن هي الانتماء إلى كل ماله علاقة بالقيم الإسلامية والعربية الأصيلة الخاصة بأبناء الإمارات. وأوضحت أن مفهوم العولمة يعني الانفتاح على العالم اقتصاديا وسياسيا، وتعتمد العولمة على الانفتاح على العالم، والحرية الاقتصادية والسياسية، والسوق الحر والمنافسة العالمية ونظام السوق العالمي المفتوح، أما المدلول الثاني للعولمة فهو المدلول الذي يشير إلى أنها عملية مادية، تتعلق بنقل ومبادلة السلع والخدمات والنقود والموارد والمعلومات عبر حدود الدول، دون معوقات أو قيود ما عدا قيود وأنظمة التجارة العالمية. وأكدت العبار «أن للعولمة تأثيرا في نظام القيم وتشكيل رؤية الفرد لأنها تحدث تأثيرات جوهرية أو نوعية في أنماط السلوك، والسبيل الوحيد لمواجهتها يكمن في تحريك الإنسان ليواجهها ويسمو فوق مستواها وتحدياتها، خاصة أن الأخلاق لا تقف عند حد نشر القيم الأخلاقية، وإنما تمتد إلى خلق روح الابتكار وتزود الجماعات بمهارة فنية مستنيرة». وأضافت «لا يجوز أن نترك تيار العولمة يقودنا إلى أن نذوب فيه، وأن نفقد هويتنا الإسلامية العربية ولذلك مطلوب أن يكون المجتمع مشاركا وإيجابيا في التطورات التي تحدث من حوله». انتماء شامل قالت العبار إن قضية الهوية عندما تثار يتبادر إلى أذهان الكثيرين أن ذلك يعني ضرورة الحصول على بطاقة الهوية أي أن الانتماء للوطن مرتبط بدفع قيمة الهوية، وذلك فهم مغلوط لم يتم التصدي لتصحيحه ليفهم البعض أن الهوية انتماء حضاري وتاريخي وسياسي، خاصة أن القراءة التحليلية لواقع المجتمع ذي الأصول العربية تجعل المهتم لا يفوته إدراك ارتباط تشعبات قضايا الهوية الوطنية بالحراك السكاني وهي أكثر القضايا ارتباطاً بمسألة الهوية الوطنية. ومن وجهة نظر العبار يتعذر الفصل بين قضية الهوية ومسألة التركيبة السكانية، مشيرة إلى أن القيادة الرشيدة سارعت بتشكيل لجنة عليا لتتداول ملف التركيبة السكانية، إدراكاً منها لأهمية القضية، وأن الأعداد الوافدة في تزايد، وهذا التسرب السكاني فرضته ظروف موضوعية، اقترنت بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي عملية مستمرة ولا سبيل إلى إبطال مفعولها وهذه الظروف أحدثت بالتالي إرباكا في المجتمع، طال هويته الثقافية وانتماءه الحضاري. من جهتها، قالت عائشة سيف، مستشارة تربوية في المجلس التعليمي لإمارة الشارقة، إن من أسباب زيادة جنوح الأحداث إلى جانب الخلل في داخل الأسرة، هو سيادة العادات الدخيلة في المجتمع الإماراتي وغربة القيم، ما يهدد الهوية الوطنية التي تسعى استراتيجية الدولة لترسيخها والإبقاء عليها، كما كانت قبل عهد الطفرة والتقدم التكنولوجي، وفي ظل وجود ما يقارب 260 جنسية في عصر الانفتاح والعولمة، لم تعد وسائل مواجهة تلك التحديات التي طالت حتى الصغار، في عصر الماسنجر والقنوات الفضائية التي تدخل كل بيت عبر الأقمار الصناعية سهلة. وأضافت سيف «هناك حدود للحرية حتى في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية تفرض غرامات على ارتداء الملابس مثل الشورت في أماكن معينة، وعلى بعض الشواطئ هناك أيضا رقابة وغرامات، فمن قال إن الحرية الشخصية تعني أن نترك لهم حق خدش الحياء، حتى لا يقال إننا دولة تعادي الحريات؟» حملة توعوية قالت سيف «الأسرة تعمل جهدها كي تبني ولكن ما أن يصل الأبناء لمرحلة النضج مثل المرحلة الثانوية والجامعة والوظيفة حتى يصبح التقليد دليلاً على مواكبة الموضة والتمدن، وذلك مفهوم خاطئ ولا يمكن للأسرة أن تحارب العادات الدخيلة في ظل عدم تطبيق القوانين، ومخاطبة السفارات بالشروط التي يجب اتباعها لكل جنسية تدخل الدولة، وتعريفهم بالعادات الإسلامية وأنها عادات لا تفرض على الإنسان المسلم وإنما هو يفخر بممارستها، لأن الكثير من المنظمات تبث سموم العولمة التي تقول إن الحكومات في الخليج تقيد حرية المرأة». وخلصت إلى أن المطلوب أن «نوضح للوافدين أن الإنسان المسلم سواء في دولة خليجية أو عربية لديه التزامات لا تفرض عليه من إنسان، وإنما هو سعيد بتطبيقها وممارستها، ومن لا يرغب في احترام العادات والقيم الإسلامية والعربية واحترام الهوية عليه أن لا يأتي في الأساس كي لا يبث الشائعات». وتطالب سيف «بحملة توعوية دائمة غير موسمية على مستوى الدولة، تتشارك فيها كل الجهود وتتكاتف للعمل بالقيم والعادات التي بدأت تتأثر بشكل كبير، وقد كان للإمارات السمعة الراقية في كل محفل نتيجة قيمها وعاداتها». من جانبها، طالبت بدرية الياسي، رئيس اللجنة التربوية بجمعية توعية ورعاية الأحداث، ومديرة مدرسة سلمى الأنصارية في إمارة دبي، بآليات لترسيخ القيم طوال العام وليس في مواسم تنتهي لأن المؤثرات السلبية لا تتوقف عند حد أو زمن، وليست مقتصرة على شريحة دون أخرى ضمن تركيبة مجتمع الإمارات. وأضافت أن اكتساب القيم لا يحتاج لمحاضرات وإنما لأفعال عبر برامج تعد خصيصا لمكافحة حملات التغريب التي تعيشها القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، في ظل الواجبات والمتطلبات اليومية التي وقعت على عاتق كل فرد في الأسرة، وصنعت فجوة بسبب تلك المسؤوليات داخل البيت الواحد، وأحد أسباب تغير القيم وتراجعها تعدد الجنسيات واختلاط الأسرة الإماراتية مع الجنسيات ذات الثقافة الغربية وغيرها من الجنسيات الأخرى، إلى جانب القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، التي تبث الكثير من السموم ويلتقطها الصغار خلال بحثهم عن مراجع أو معلومات. حدود ضيقة أكدت الياسي أن التطور لا يعني نزع الحياء ونبذ القيم الإسلامية والعربية، فالقوة تنبع من داخل النفس البشرية وليس من اتباع قيم الغير لإرضائهم، إن كان ذلك يتعارض مع الهوية الوطنية للدولة، ولذلك من أفضل ما يمكن للمواطن أن يقدمه لهويته الوطنية هو العمل بالقيم الأصيلة، ونبذ عادات الدول الأخرى التي لم تعد تبالي بالسلوكيات والعادات كما تبالي بالمردود المالي. وقالت هيام عامر، مديرة مدرسة أم عمارة الثانوية في مدينة خورفكان، إن القيم لا تزال قوية في مناطق معينة في الدولة، لأن تلك المناطق لم تخالط الجنسيات التي تنقل الثقافات الغريبة إلا في حدود ضيقة ومقننة، ولأن الأسرة في تلك المناطق لا تزال تفضل التواصل الأسري والتسامر ضمن المجالس اليومية على مشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تنقل عادات دخيلة، خاصة أن غرس القيم في نفوس الناشئة يعتبر من أهم العوامل الداعمة لتعزيز الإحساس بالانتماء للوطن، مشيرة إلى ضرورة تضمين القيم في المناهج التعليمية، بأبعادها وأشكالها المختلفة حسب مستويات كل مرحلة تعليمية. وأكملت عامر «الخصوصية الثقافية المحلية تتصل اتصالاً مباشراً بجوهر الثقافة العربية والإسلامية كمكون أساسي للهوية، ورغم التطور إلا أن الأسرة لديها حدود للتبرج والاختلاط لأن هناك ضوابط إسلامية وقيماً لا يزال كثير من الأسر يحرص عليها، ومن مصلحة الجميع أن يجتهد للحفاظ على كل السلوكيات الراقية البعيدة عما لا يصلح للإنسان المواطن ولا لهويته الوطنية». وقالت «لا بد من أن نترجم القوانين لأفعال، فلا يجوز أن يعيش المواطن غربة في موطنه وسط تيارات من الجنسيات التي فرضت عاداتها وتقاليدها، ولذلك المجتمع في الإمارات بحاجة إلى تكاتف الجهود وإطلاق حملات وليس شعارات، وعلى كل أسرة أن تعيد غرس القيم حماية لأبنائها ووطنها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©