السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجدية وحسن إدارة الوقت مهارة حياتية مكتسبة

الجدية وحسن إدارة الوقت مهارة حياتية مكتسبة
15 أكتوبر 2011 22:36
تتسم سلوكيات الأطفال بعدم القدرة على إدارة وتنظيم الوقت، مع ضيقه، وتعدد المهام وتغيير النظام، وعدم تعويدهم الجدية، بحجة أنهم أطفال، وعليهم أن يعيشوا طفولتهم، وعدم وضوح الأولويات في حياة الأبناء، وعدم تدريبهم على القيام بعدة أعمال وعدة مهام وأدوار في وقت واحد، وهو ما يعد تدريبا على الحياة المتوازنة بطبيعتها الحقيقية. كيف يكتسب الطفل الإحساس بقيمة الوقت؟ وكيف يكتسب مهارة تنظيم وقته بفعالية وإيجابية؟ (أبوظبي) - دائماً ما نتهم الصغار بالاستغراق في اللهو واللعب، وهدر الوقت بما لا يفيد، وعدم استغلال الوقت بطريقة إيجابية أومفيدة، وعادة ما يكون ذلك نتيجة نقص في فهم سيكولوجية الطفل، وسيكولوجية اللعب، أو عدم إدراك لطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الصغار، فضلاً عن نقص خبرة المربين في تنظيم الوقت، أو تدريب الصغار على الاستثمار الأمثل للوقت بما يتفق وطبيعة أعمارهم، إلى جانب تعدد فلسفات ونظريات مهارة تنظيم الوقت، وتباين الخلفيات الثقافية والتربوية للمربين. تشير الخبيرة التربوية نيفين عبدالله، إلى أهمية فهم أسباب إهدار الأطفال للوقت، وتقول: «تتسم سلوكيات الأطفال بعدم القدرة على إدارة وتنظيم الوقت، مع ضيقه، وتعدد المهام وتغيير النظام، وعدم تعويدهم الجدية، بحجة أنهم أطفال، وعليهم أن يعيشوا طفولتهم، وعدم وضوح الأولويات في حياة الأبناء، وعدم تدريبهم على القيام بعدة أعمال وعدة مهام وأدوار في وقت واحد، وهو ما يعد تدريبا على الحياة المتوازنة بطبيعتها الحقيقية، وعدم تدريبهم أيضاً على التخطيط القَبْلي في كل أحداث حياتهم، مما يجعلهم يواجهون المناسبات والمواقف بطريقة عشوائية». وتضيف نيفين عبدالله: «هنا تكمن أهمية الدعوة إلى تدريب الأطفال على إدارة الوقت التي يمكن تلخيصها في «حلم الحياة المتوازنة الجادة»، فأسس إدارة الوقت تقوم بشكل عام على القدرة على التمييز بين «ما يجب فعله»، و»ما يُرغب في فعله»، وتعويد الطفل على تسجيل كل ما عليه فعله، وكل ما يرغب في فعله. والتدريب على تحليل أي مهمة كبيرة لعدد من المهام الصغيرة، وأن تذكر لطفلك عددا من المهام، واطلب منه تحليلها لمهام قصيرة كنوع من التدريب (مثلا: تنظيف الحجرة يتضمن: وضع الكتب في المكتبة، كنس الحجرة، وضع قصاصات الورق في السلة...)، ثم يطلب منه تحليل كل مهامه اليومية التي سجلها في الجدول السابق بنفس الطريقة، والوعي بالوقت اللازم لكل مهمة أو نشاط بشكل حقيقي، وأن يطلب منه أن يسجل الوقت الذي أنفقه فعليا عند أدائه للمهام الجزئية، وأن يكرر ذلك عدة مرات لنفس المهمة ليعرف بدقة متوسط الوقت الحقيقي اللازم لكل مهمة، وهذه خطوة تمهيدية لتدريب الطفل على استخدام الجداول بشكل فعال». ذروة النشاط وتكمل عبدالله: «من الأهمية الوعي بوقت ذروة النشاط، والوعي بمستوى النشاط اللازم لكل مهمة، فهناك من المهام ما يستلزم نشاطا كبيرا كالاستذكار والصلاة وقراءة القرآن مثلا، وهناك ما لا يحتاج إلى تركيز كتحضير الحقيبة المدرسية، وبعض المهام المنزلية، وأن يضع المربون عدداً من المهام المعتادة للطفل في ورقة، ويطلب منه تسجيل مستوى النشاط اللازم لها: نشاط عال، متوسط، عادى، قليل»، ويكرر ذلك عدة مرات حتى يعي مستوى النشاط الحقيقي بالنسبة له، وتكرار التقييم بعد ممارسة نفس النشاط عدة مرات. ومن الأهمية مساعدة الطفل على الوعي بأفضل أوقاته وأكثرها نشاطا، كذلك الوعي بقدرته على أداء كل مهمة، فمنهم من يمكنه حل مسائل الحساب بمستوى نشاط قليل، ومنهم من لا يمكنه أبدا حفظ النصوص مثلا إلا في ذروة نشاطه ويقظته. وبعد هذه الاختبارات السابقة دعه يسجل في الجدول أفضل وقت للقيام بكل مهمة حسب مستوى نشاطه في هذا الوقت، وحسب مستوى النشاط الذي تتطلبه المهمة. هذا إلى جانب فهم المهام الثابتة في أوقاتها يوميا كالذهاب للمدرسة، وقت التدريبات الرياضية، وقت النوم، مواعيد الصلاة، وهناك بعض الأنشطة التي تسمح بقدر من المرونة «الاتصال بصديق، تنظيف الحجرة... إلخ». مضيعات الوقت وتشير عبدالله إلى أهمية فهم مضيعات الوقت، وأن يطلب من الطفل أن يسجل بالترتيب كل مهمة يقوم بها على مدار اليوم مع تسجيل الوقت المنفق فيها، وأن يكرر ذلك لعدة أيام، ويناقش أيًّا من هذه الأعمال يجب عليه حذفها، وأيها يمكنه تقليل الوقت المنفق فيها، وأيها عليه القيام بها في وقت آخر؛ لأنها تحتاج نشاطا أعلى. ومن ثم الوعي بالمهام العاجلة والهامة، والأمور العاجلة، لكنها غير هامة، وهناك أمور هامة جدا، لكنها غير عاجلة، وهناك النوع الثالث من الأنشطة التي تعتبر هامة وعاجلة، فالاستذكار لامتحان بعد شهر هام ولكنه غير عاجل، والاستذكار لاختبار بعد يومين هام وعاجل، والتخلص من الأوراق التي تكتظ بها أدراجك يعد عاجلا ولكنه غير هام، وأن يسجلها ويحددها كما في السابق، دون أن ننسى أهمية إشعار الطفل بالاستمتاع في أثناء هذه المهمة، ومشاركته فيها، والتشارك سيمثل حافزا له، ومكافأة على الالتزام، وقدرته على تأجيل الإشباع والصبر على القيام بمهمة تبدو له ممتعة جدا، ولكنها ليست أكثر المهام أهمية، وتعويده أن يكافئ نفسه على اختياره الأصوب، وساعده ليكون مسؤولا عن فعله، وأن تذكره بقيمة أن يسجل نتائج تنظيم وقته، وكن قدوة في اختيار الأولويات، ففي هذا ترسيخ للقيم التي تحاول توصيلها له، وأن تستثمر الطفولة في ترسيخ المعايير التي يختارها وفقا للأمور الهامة جدا في حياته وتلك الأقل أهمية، وحدد ماهي الأشياء التي لا يمكن التهاون فيها، وتستلزم إنفاق وقت مناسب لها». حساب الوقت تؤكد الأخصائية النفسية نهى الزيني، أهمية مساعدة الطفل في أن يفكر في توابع أو عواقب عدم إنفاق الوقت في محله، ومساعدته وتعويده على أن يسأل نفسه: ماذا لو أفعل هذا الأمر؟، ماذا لو قللت الوقت الذي استغرقه في إنجاز كذا؟، هل من طرق معينة لتقليل هذا الوقت؟ ومساعدته ليحلل ويفكر في البدائل، وهل لديه فرصة واحدة ليلتحق بما يريد، أو أن هناك فرصا أخرى يمكنه القيام فيها بما يرغب في مقابل أن يختار الآن «ما يجب فعله»، عندها سيكون الطفل مستعداً ليتعلم كيف ينظم وقته وفق جدول يومي، أو أسبوعي، أو شهري، بالتدريب معه على الحياة المتوازنة». وتضيف الزيني: «يمكن استثمار اليوم المدرسي في تدريب وتعويد الطفل على الحياة المتوازنة، لمن هم في سن الحضانة والدراسة الابتدائية الأولية، وتطبيق منهج متوازن لتنظيم وقته بفعالية، ودون أن نهمل التأثير الإيجابي لوقت اللعب واللهو، فاللعب له أهداف تربوية لا تقل أهمية عن الفعاليات التعليمية، وله أبعاد سيكولوجية في غاية الأهمية، ودون أن ننسى أهمية اللعب الجماعي، واللعب التعليمي، والترفيه، وممارسة الهوايات، وهي نشاطات يومية يمكن غرس قيمة تنظيم الوقت من خلالها، بل إنها نشاطات تكرس هذه القيمة لدى الطفل منذ وقت مبكر». عادة سلوكية تقول عائشة عنان، معلمة: «يمكن استثمار عامل اللهو أو اللعب أو القيام بنشاط ترفيهي يحبه الطفل، في تعزيز قابليته لتنظيم الوقت وإدارته بشكل فعال إذا ما راعينا حب الطفل للعب، أو بمكافأته بشيء يحبه، فإذا شعر الطفل بأننا نثني عليه ونثيبه على النظام، وتنظيم الوقت، وحس إدارته لوقته طيلة اليوم، سيصبح ذلك عادة سلوكية إيجابية مكتسبة، يحبها ويكررها، ويقدم عليها بشكل تلقائي دون جهد أو عناء أو مشاكل، وتتحول إلى سمة سلوكية تلتصق بشخصيته طيلة سنوات عمره. فإذا كان هم المدرسة تنظيم اليوم المدرسي، فالمعلمة في الصف، والأم والأب في البيت، عليهم إكمال ذلك البرنامج بفعاليات جادة ومراقبة وتدريب ومتابعة، وعدم ترك الحبل على الغارب للطفل ليضيع يومه ووقته بما لا يفيده أو ينفعه، وأن يشارك الطفل نفسه في تقييم أدائه يوماً بيوم، وأسبوعاً بأسبوع، وأن يتعلم انتقاد نفسه بإيجابية دون مبالغة أو إفراط أو تضييق أو كبت، حتى يدرك قيمة عامل الوقت في حياته بشكل عام».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©