13 مارس 2009 00:41
قلعة صلاح الدين الأيوبي أعرق المباني الأثرية في مصر، تجاوز عمرها 900 عام·· عند بنـــائها كان الهـــدف أن تكون قلعة عسكرية تحمي مصر من هجمات المعتدين، ولكنها بمرور الوقت صارت مقراً للحكم·· ومصدر أمان وحماية للحاكم·
كان صلاح الدين الأيوبي أشهر حكام الدولة الأيوبية، وهو صاحب فكرة إنشاء القلعة، وتم بناؤها في عام 572 هـ/ ·1176
وفكرة بناء القلعة جاءت من منطلق أن تكون حصناً عسكرياً·
لم تحظ أى قلعة بالشهرة مثلما حظيت بها قلعة صلاح الدين، التي كانت مقراً للحكم منذ عهد الأيوبيين وحتى الدولة العثمانية ولم ينتقل الحكم إلى قصر عابدين إلا فى عهد الخديوي إسماعيل·
وكانت شاهداً على أكبر مجزرة في القرن التاسع عشر يوم أن تخلص محمد علي حاكم مصر من مطامع المماليك الذين كانوا يحلمون بإجهاض أحلامه، بالوصول إلى كرسي الحكم· وفور مبايعة الشعب المصري لمحمد علي حاكماً على مصر تحققت أمنيته التي كانت تداعب خياله·
ولكن كانت أمامه عقبات منها، الأوامر العليا من الدولة العثمانية في تركيا، وعقبة المماليك شركائه في الحكم رغم عدم مبايعة الشعب لهم، لكن خطرهم كان سبباً فى سعي محمد علي للتخلص منهم·
وكانت قلعة صلاح الدين قد شهدت سيناريو نهاية للمماليك، حيث أعد محمد علي فخاً، نجح من خلاله في القضاء عليهم، وفر عدد قليل منهم خوفاً من بطش محمد علي·
ومذبحة القلعة حلم داعب خيال فنانين كثيرين في العالم، وكانت هناك رسومات من وحي خيال الفنانين تصور كيف تم حادث مذبحة القلعة·
ولعل لوحة الفارس الذي يقفز بجواده من أعلى أسوار القلعة ناجياً بحياته، من مذبحة الموت التى أعدها محمد علي للمماليك كانت أبلغ تعبير عن اهتمام التشكيليين بهذا الحادث· ليتفرد علي بحكم مصر دون طامع في العرش·
وبعد أن قضي على المماليك في 1809 عاش محمد علي بالقلعة يحكم مصر، وأصبحت مقراً للحكم حتى عهد الخديوي إسماعيل·
قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة تعد من أكبر القلاع الحربية وأندرها على مستوى العالم·· شيدها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في عام 572 هـ / 1176 م، وبنيت القلعة على إحدى الربى المخروطة من جبل المقطم تسمى ربوة الصوة كموقع استراتيجي هام ودفاعي في المقام الأول لمدينتي القاهرة القديمة والفسطاط·· فيما يعرف الآن بحي القلعة ''الخليفة''
وأسباب اختيار المكان كما ذكر المؤرخون هو أن السلطان الأيوبي قام بتعليق لحم حيوان في تلك المنطقة فلم يتغير لونه ولم يصبه العفن إلا بعد ثلاثة أيام·
وأشرف على عمارتها الأمير بهاء الدين قراقوش، فشرع في بنائها على ربوة الصوة واستخدم في بنائها بقايا أهرامات صغيرة أخذ حجارتها ونقلها لمكان القلعة، وبني بها الأسوار الخارجية على هيئة أبراج حربية نصف دائرية تتوسطها خنادق تصلح للفرار والاحتماء بها في حالة إغارة الأعداء عليها، بناء القلعة بشكلها الحالي، لم يكتمل إلا في عهد السلطان الكامل محمد الذي أتم بناء الأسوار والأبراج والقصر الداخلي للحكم بها·
متاحــف ومساجـــد
زائر القلعة سوف يشاهد عدداً كبيراً من المتاحف والمساجد الأثرية التي أشبه ما تكون بكتاب مفتوح يحكي تاريخ مصر في عصر الدولة الفاطمية وحتى مطلع القرن الماضي، ومنها قصر الجوهرة أجمل القصور القديمة في مصر ويقع في الناحية الجنوبية الغربية من القلعة·· بني على أطلال قصور مملوكية كانت في عهد الملك قايتباي، وقد خصص القصر بعد بنائه مقراً لحكم محمد علي بعد طرد خورشيد باشا حلواني العثماني من القلعة والذي اعتقله بعد ذلك داخلــــــها·
وبالقلعة متحف الشرطة الموجود بالجهة الشمالية وافتتح في عهد الرئيس مبارك، 25 يناير سنة 1984 إبان احتفالات أعياد الشرطة·· وداخل المتحف صور نادرة لوزراء الداخلية منذ عام 1878 وحتى الآن·· إضافة لصور شخصية لمحمد علي باشا في زيه العسكري وسط الدروع والخوذ، كما يحتوي على الأسلحة التي كانت تستخدمها الشرطة المصرية على مر العصور، وصور لأشهر الجرائم فى تاريخ مصر، مثل الاغتيالات السياسية ومعركة الشرطة بالإسماعيلية وصور لريا وسكينة ومشهد إعدامهما·
كما أن متحف الحديقة الأثرية الذي أنشئ مؤخراً ويضم محكى القلعة يعد رابطاً ثقافياً بين القديم والحديث·· والمتحف عبارة عن حديقة أثرية على مساحة 9000 متر مربع تحوي آثاراً إسلامية من أعمدة وتيجان ترجع إلى العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية، وكتابات ونقوشاً كتبت بالخط الكوفي والنسخ·· بالإضافة إلى لوحات تذكارية تاريخية جميعها من المجلس الأعلى للآثار ومن مختلف المساجد مثل السلطان حسن وجامع عمرو ومخازن تحف الفن الإسلامية·
أشهــــر سجـن
داخل القلعة أشهر السجون المصرية على مر التاريخ، وأنشئ في العصر الإسلامي وسمي أول ما سمي بسجن ''الرحبة'' نسبة إلى رحبة باب العبيد، وكان سجناً سياسياً ثم تحول إلى سجن عام لأرباب الجرائم منذ عام 820 هـ ، ويشغل جزءاً منه الآن قسم شرطة الخليفة ومصلحة الدمغة والموازين، وكان بعض السلاطين والملوك حتى العصر الحديث يستخدمون السجن كمعتقل سياسي فى دهاليز القلعة وأبراجها، واستعملها الإنجليز أيضاً حتى أنشأوا بها الزنزانات الموجودة حاليا والتي تم إلغاؤها عقب قرار رئيس الجمهورية بتحويلها إلى متحف، فالسجن شاهد عيان على جرائم تاريخية ارتكبت في حق المصريين
أول انقلاب
قال الدكتور حسني نويصر أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة عن القيمة التاريخية لقلعة صلاح الدين إنها من القلاع النادرة، والتي تحتفظ بتفاصيلها الكاملة علي مستوى العالم، والأيوبيون لم ينشئوا غير تلك القلعة، وقلعة القل الموجودة في سيناء، وقد بنيت بعد الفسطاط والعسكر والقطائع، ثم القاهرة، وهي من المباني الحربية النادرة منذ نشأتها وحتى الآن·
وأضاف أن القلعة قطعة هندسية ومعمارية رائعة، قلما تتواجد في العالم كله، وهي أيضاً أضخم أثر إسلامي داخل مصر والأثر الوحيد الـــباقي من عصر الدولة الأيوبية إلى جوار مدرسة السلطان حسين· وقد أنشئت على هضبة صغيرة في الجزء الجنوبي الشرقي للقاهرة الإسلامية·
ويضيف أنها مكونة من قسمين - قسم عسكري وقد طغى عليه الطابع الإسلامي القديم، وقسم ثان وهو الجزء الذي بنى عليه محمد علي مسجده الشهير على الطراز العثماني· وقد أصبحت القلعة مقراً لحكم الدولة المصرية منذ عهد السلطان بهاء الدين قراقوش وحتى الخديوي إسماعيل، ثم اكتسبت أهمية حديثة في العصر الحديث كاستخدامها لاستطلاع شهر هلال رمضان وأهلة الشهور ويضيف أن عصر محمد علي أثر بالسلب، كما يؤرخ الأثريون، على المنظر الجمالي للقلعة نظراً لأنه خلط بين طرازين معماريين هما الطراز المعماري الإسلامي ''الأيوبى''، والطراز العثماني الذي يؤخذ عليه الطابع الأوروبي في التصميم والإنشاء·
وعن أهميتها التاريخية قال إنها ترجع إلى كونها كانت مقراً للحكم منذ أنشأها الناصر صلاح الدين الأيوبى، ومن بعده السلطان الكامل محمد، والسلطان العادل، وحتى عهد الخديوى إسماعيل الذي قضى فيها بعض الوقت ثم نزل بمقر حكمه إلى القاهرة في قصر عابدين الذي أنشأه بمناسبة افتتاح قناة السويس·
لم تشهد القلعة أي غزو خارجي منذ نشأتها، وإنما شهدت العـديد من الانقلابات على الحاكم في عصر المماليك البحرية والسلاجقة وحتى عهد محمد علي، فكان أول انقلاب شهدته القلعة على نظام الحكم في عصر الناصر محمد ثم الناصر حسن، وأعقبه انقلاب على السلطان برقوق الذي عُزل وقُتل داخل القلعة·· كما شهدت مقتل عز الدين أيبك على يد أتباع شجرة الدر ودفُن في القلعة·
رحلات
وخلال الموسم الدراسي تكثر رحلات المدارس إلى قلعة صلاح الدين بسبب خطط وزارة التعليم المصرية في أن يتعرف الصغار على تعاليم تاريخهم
والصغار عندما يدخلون القلعة يتذكرون شخوص فيلم الناصر صلاح الدين الذي تطرق إلى هزيمة الصليبيين في حطين·
وروى لي أسامة السيد، وهو مدرس لغه انجليزية بالزهراء، أن المدرسة سنوياً تنظم أكثر من رحلة إلي قلعة صلاح الدين لتعريف التلاميذ على تاريخ مصر على مدار ألف عام من التاريخ
المصدر: القاهرة