13 أكتوبر 2011 00:53
(أبوظبي) - نظَّم بيت الشعر في مركز زايد للبحوث والدراسات في مقره بمارينا البطين مساء أمس الأول في أبوظبي، أمسية شعرية اشترك فيها الشاعر العراقي حازم التميمي والشاعرة السورية بهيجة أدلبي.
وحضر الأمسية الشاعر حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة بيت الشعر والشاعر أرشد توفيق سفير جمهورية العراق لدى الدولة، كما شهد الأمسية عدد من الأدباء والشعراء والمهتمين بالشعر.
وفي تقديمه للشاعرين، قال الإعلامي سعيد الشعيبي «يلتقي في هذه الأمسية شاعران أجادا وأحسنا القول، فكانا في طليعة فرسان مسابقة أمير الشعراء في دورته الأولى، حيث تغنيا بمختلف أنواع الأغراض الشعرية وأبدعا بها».
واستعرض الشعيبي جزءاً من السيرة الشخصية والإبداعية للشاعرين وتحدث عن إنجازاتهما في الشعر وما طبع لهما من دواوين، وما كتبا من قصائد، كما أشار إلى مساهمات بهيجة أدلبي النقدية من خلال ما كتبت في نقد الشعر والرواية.
وتناوب الشاعران القراءة سجالاً بينهما، حيث صدَح حازم التميمي بأعذب الأبيات، فكان هادراً، متطاولاً كالنخلة في أبياته الشعرية التي تكتنز صوراً جديدة، حداثية حملت عذوبة القول وصلابته في آن واحد، وتلته في الإنشاد الشاعرة بهيجة أدلبي فرقت وخاطبت الحبيب في حوار صوفي عذب تناغم معهُ الحضور فاستحسن خواتيمها المبهرة الصادمة.
قرأ حازم التميمي قصائد متعددة، وفي قصيدته «طرقات قلب» يقول:
طرقت بابك، ما كفي بطارقةٍ
لكنه قلبي قبل الكف قد طرقا
وظلّ يطرقُ
ملتذاً وأحسبه
قد ظنّ قلبك
خلف الباب ملتصقاً
وتبدو في شعرية حازم التميمي مجموعة من الخصائص، أهمها التركيب الصوري التجريدي الذي يؤسس لوحدة البيت ويبني عليها أبياته المتلاحقة، مع ما فيها من سرد حكائي لا تحس به، بل هو يجذب المتلقي كي يتخيل صورته بكل مكونات أجزائها، هذا بالإضافة إلى ما في شعره من قوافٍ أتت عفو الخاطر ولم يقحمها في نهايات أبياته، والدليل على ذلك قوافي قصيدته «طرقات قلب»، حيث قافية القاف أقرب للقلب الذي يبرز فيه حرف القاف أكثر تصويتاً من حرفية الآخرين اللام والباب.
من جانبها، همست الشاعرة بهيجة أدلبي همساً في شعرها، ورققت في قوافيها واشتعلت صوفية في معانيها وترادفت ألفاظها باشتقاقات من ذاتها وكأن المشتق ليس من جنس أخيه.
كانت بهيجة أدلبي صوتاً يسري فيه نغمة الشعر بكل صفائها وعذوبتها فاستحقت الانصات من الحضور والذين قابلوا خواتيمها بالتصفيق بعد أن باحت بكل هواجسها وحنينها في القصيدة وبخاصة في قصيدتها «وسواس الشعر» والتي تلخص مفهوماً للشعر ومعاناتها منه والتي تقول فيها:
أغيب في الحرف حين السر يتبعه
ســـرٌّ وحرف سعى فيه تضرعه
واســــتعير من الرؤيــا نوافذهــا
فيستوي في شغاف النور مطلعه
وأمسك الريح من صحراء رحلتهـا
فتفرد الســـر في روحي وتمرعه
وأشكلُ النهر في أحــــلام أغنيــة
وافرق البحر في وجدي وأجمعه
ثم تتحول الشاعرة إلى إسراءات وجدها وهي تخاطب الحبيب في خطاب صوفي عذب:
من لي إذ الداءُ مني بي سرى الداءُ
وهمّ بالقلب عشــق فيه إغواء
أخفيت بي ما سرى بالغيب فانكشفت
نوافذ الروح لي والكشف إخفاء
كأنما أســــطر ما خطـــها قلـــم
فاضت من اللوح والألواح خرساء
وطوال ساعة كاملة كان الحضور مشدودين إلى هذين الشاعرين اللذين وإن قرآ قصائد كلاسيكية، إلا أنها لبست ثوب الحداثة.