الثلاثاء 29 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 47 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشواري مع أحمد زكي في 25 سنة

مشواري مع أحمد زكي في 25 سنة
27 ابريل 2005

ع بداية احترافي للنقد السينمائي عام ،1965 منذ 40 سنة تماما، كانت علاقاتي محدودة دودة للغاية مع نجوم السينما· كان الشائع انهم 'يشترون' الصحفيين والنقاد، وان هؤلاء 'يسهرون' كل ليلة على نفقة النجوم، وان اولئك يقدمون لهم 'الهدايا' بمناسبة أو من دون مناسبة، وكنت اريد ان اقدم صورة مختلفة لناقد السينما في الصحافة، وان أكون امتدادا للعدد القليل جدا من النقاد الذين لا يعملون لدى النجوم، ولا يكتبون لحسابهم·
ولذلك لم ادخل الا بيوت عدد من النجوم يعد على اصابع اليد الواحدة 'سعاد حسني وميرفت امين ونبيلة عبيد وليلى علوي واحمد زكي' ولم تدخل بيتي إلا سعاد حسني، ولم تكن لي علاقة شخصية وثيقة إلا معها، وتشرفت بدخول منزل فاتن حمامة مرة واحدة أو مرتين، وكذلك منزل عادل امام· وقد لفت احمد زكي نظري في 'طائر على الطريق' اخراج محمد خان،عام 1981 'احمد زكي وفردوس عبدالحميد وآثار الحكيم نجوم الثمانينيات في السينما المصرية'· وكان خيري بشارة قد قدمه في دور قصير في اول افلامه 'الاقدار الدامية' عام ·1980 ولولا محمد خان وخيري بشارة وعاطف الطيب لما كشف موهبة احمد زكي، ولطمست مثل مواهب كثيرة ضاعت في الزحام·
تعرفت على احمد زكي في ستوديو الاهرام عام 1981 وهو يصور مع سعاد حسني 'موعد على العشاء' اخراج محمد خان، وكان المشهد يدور داخل سيارة وينتهي بأن يصفف لها شعرها باصابعه· اذهلني واذهلها كيف استطاع - بادارة خان طبعا - ان يعبر لها عن حبه عبر لمس اطراف شعرها· واقتربت منه اكثر في موقع تصوير 'عيون لا تنام' أول افلام رأفت الميهي في نفس العام·
وفي مقالي عن هذا الفيلم عام 1982 كتبت: 'احمد زكي هو نجم الثمانينيات في السينما المصرية الذي يسطع كالشهاب، ويتقدم تقدما ملحوظا في كل فيلم جديد يمثله صانعا نجما من نوع جديد مثل جيمس ديف في سينما الخمسينيات'·
واستطردت في نفس المقال: 'ان احمد زكي بشعره الاكرت الذي لا تمر فيه اسنان المشط، ووجهه الفرعوني الاسمر، وعيونه التي تتطلع الى العالم في براءة الاطفال وحمق المجانين، وجسده النحيل، وملابسه التي يرتديها اي شاب تلتقي به على قارعة الطريق، وحركاته الطبيعية، وصوته العادي الجميل، والقائة الطبيعي للحوار، انما يعبر عن الشباب المصري الضائع الذي لا يدري ما الذي يحدث حوله في اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات في القاهرة والاسكندرية، وكل المدن والقرى المصرية'·
العوامة 70
وفي مقالي عن 'العوامة رقم '70 اخراج خيري بشارة 1982 ايضا نشرت : 'احمد زكي في دور احمد الشاذلي يثبت بما لا يدع مجالا للشك انه الاكتشاف العظيم للسينما المصرية في اوائل الثمانينيات· لقد ادى هذا الدور المركب بابداع وجمال كاملين، وكانت عيناه تعبران عن قلق جيله، جيل ،1967 مثلما تعبر كلمات فايز غالي ولقطات خيري بشارة، واضواء محمود عبدالسميع وبوسيت جهاد داود، الآن، والآن فقط، نقول هذه هي السينما المصرية الجديدة من دون تحفظات أو تنازلات'·
لم يكن احمد زكي يعلق ابدا على ما انشره عنه، ولم اكن انتظر منه ان يعلق بالطبع، ولكن عندما نلتقي بالصدفة أو بناء على موعد بعد فترة كان وجهه يتهلل بالفرحة ويحتضنني قائلا: انني اخجل أن اشكرك، فأرد عليه انما انت الذي تستحق الشكر على المتعة الفنية التي تحققها لي ولكل جمهورك· وعن دوره في 'التخشيبة' اخراج عاطف الطيب 1984 نشرت: 'سوف يبقى الاداء المؤثر الممتاز لاحمد زكي في دور المحامي، وهو دور سهل في ظاهره، ولكنه مقتنع ببراءة موكلته التي تشير كل الادلة الى انها غير بريئة'·
وعن 'الحب فوق هضبة الهرم' اخراج عاطف الطيب 1985 نشرت 'احمد زكي ممثل من طراز رفيع، ولو كانت نسخة الفيلم جيدة من الناحية الحرفية لعرض الفيلم في مسابقة مهرجان كان أو غيره من المهرجانات الدولية الكبرى، ولفاز احمد زكي بتقدير دولي كبير'· ومع عاطف الطيب وصل احمد زكي الى ذروته في 'البريء' ،1985 وعن هذا الدور كتبت: 'افتتاحية الفيلم نصا واخراجا وتصويرا وصوتا وديكورا ومونتاجا لم يكن من الممكن ان تضع المتفرج في عمق الدراما من دون اداء احمد زكي لدور احمد، ففي هذه الافتتاحية يضع الممثل القدير اسس الاسلوب الذي اتبعه في الاداء، وهو اسلوب يستمر حركته الجسمانية من حركة الانسان الآلي 'االروبوت'، ويستمد طريقته في الالقاء من طريقة القاء الاطفال حيث يندفعون في الكلام من دون تفكير، او بالاحرى من دون انتظار تنميق العبارة، والتأكد من انها تعبر عن ما يريده قائلها بالضبط'·
ومع عاطف الطيب ايضا وصل احمد زكي الى ذروة جديدة في 'الهروب' ·1990
كلام وجيه
اصبح احمد زكي نجما، اي يذهب الجمهور الى دور السينما من أجله، وهنا برز الصراع التقليدي بين النجوم والمخرجين وبدأت المناقشات الحادة بيني وبينه ولكن في اطار من الحب والاحترام المتبادلين· الى متى يقال فيلم محمد خان الجديد·· هل الممثل قطعة من الديكور أو الاكسسوار· انه ظلم فادح الممثل ايضا له رأي، ومن الواجب ان يحترمه المخرج· هذا ما بدأ يقوله، وما ظل يقوله، وهو كلام يبدو وجيها للوهلة الاولى، ولكن الحقيقة ان المشكلة ليست فنية على الاطلاق، وانما هي مشكلة الممثل عندما يصبح نجما، ولا يريد ان يختار ادواره فقط، وانما يصنعها بنفسه، وقد وصل 'الصراع' بين احمد زكي ومحمد خان اثناء تصوير 'احلام هند وكاميليا' مثلا عام 1988 الى حد المشاجرات العلنية في شوارع مصر الجديدة والتهديد بالمسدسات!
ولكن احمد زكي كان يدرك في قرارة نفسه ان المخرجين والمؤلفين هم الذين يصنعون الافلام التي تبقى في تاريخ السينما، ولذلك لم يكف عن العمل مع خيري وخان والطيب، وكان 'الهروب' الذي وصل فيه الى ذروة جديدة في مسيرته الحافلة· واعتقد انني في كل ما نشرت من مقالات عن الافلام لم استخدم ابدا كلمة 'عبقري' الا في وصف اداء زكي في 'الهروب' حيث ذكرت في مقالي المنشور عام 1990 'في دور منتصر يستعيد احمد زكي عبقريته في 'العوامة رقم '70 و 'عيون لا تنام' و'الحب فوق هبضة الهرم' و 'البريء' و 'طائر على الطريق' و'موعد على العشاء'، وهي العبقرية التي فقدها في ادوار البواب والسماك والدون جوان على طريقة افلام فريد الاطرش· هنا احمد زكي ممثل عالمي يثبت للمقارنة مع كبار ممثلي السينما، وليس فقط احد ألمع نجوم حركة الواقعية'·
وعندما التقينا بعد نشر هذا المقال هتف ما له البواب والسماك يا عم سمير، انها ادوار انفس فيها عن طاقتي بعيدا عن المخرجين العباقرة الذين لا يرون في الممثل الا قطعة من الصلصال يشكلونها دون ارادته وكأنه دميه· ألست عبقريا انا ايضا كما تقول·· وكان يرى انك تدرك ما اعنيه، ومادمت لا تزال تملك القدرة على الانتقال من البواب والسماك الى منتصر لا توجد مشكلة·
بين عبد الناصر والسادات
وعن دور جمال عبدالناصر في 'ناصر '56 اخراج محمد فاضل 1996 نشرت 'استطاع احمد زكي في 'ناصر '56 ان يثبت انه أحد اعظم الممثلين في مصر والعالم العربي والعالم كله· انه لم يتقمص شخصية عبدالناصر كما رآها في الصور الفوتوغرافية والافلام، ولم يحاكيها، ولكنه عبر عنها بمفهومه الخاص، وجسدها روحيا وفكريا وليس بالملابس والماكياج، عبدالناصر احمد زكي في هذا الفيلم انسان بسيط في حياته، كبير في سلوكه وطموحاته، بحجم البلد التي يحكمها، وبحجم احساسه بالفقراء من المصريين· وربما على العكس من الحقيقة حيث يبدو عبدالناصر في تسجيلاته السمعية، والسمعية - البصرية·· اقرب الى الانفعال، يقدمه احمد زكي اقرب الى مفكر عقلاني بارد حتى في خطاب التأميم ذاته· لقد ادرك احمد زكي ان الانفعال الحماسي يمكن ان يوحي للمتفرج بان الرجل اتخذ قراره لمجرد رد فعل، ومن دون تقدير العواقب والاحساس بالمسؤولية، فلم يستسلم لما توحي به الصور والافلام، وقدم نموذجا للاداء التمثيلي الفني الذي يتجاوز المحاكاة الشكلية، وبقدر سعادة احمد زكي باستقبال 'الناصريين' الحافل للفيلم بقدر ذعره من ان يضعه ذلك الاستقبال في 'خانة سياسية' ولذلك قرر تمثيل دور السادات·
وعن دور السادات في 'ايام السادات' اخراج محمد خان ،2002 والذي منحه عنه الرئيس مبارك بوسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى، نشرت: 'ادى احمد زكي دور السادات ببراعة فنية كبيرة، وأهم ما يجعلنا نقول ذلك انه لم يقلد السادات·
كان السادات رشيق القوام وشديد الاناقة، ولم يكن احمد زكي كذلك في الفيلم، وكانت طريقة السادات في الكلام تلفت النظر حتى عن مضمون كلامه بالضغط عن بعض الحروف وتسكين حروف أخرى، ولكن احمد زكي امسك بجوهر هذه الطريقة ولم يقلدها، واضاف الكثير من خلال عينيه المعبرتين ليؤكد على موقفه الخاص من الشخصية التي يؤديها· هذا ممثل احب السادات وآمن بصدقه وعاش داخله اثناء تمثيل دوره، وكان هذا نفس ما فعله وهو يؤدي دور عبدالناصر·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض