28 يناير 2012
أوضح طارق الشميري خبير الإتيكيت والبروتوكول المعتمد من أوكسفورد، أن فهم الإتيكيت يختلف من منطقة لأخرى بحسب الرقعة الجغرافية وحسب عادات وتقاليد البلدان، وأنه في الأصل لتوثيق العادات والتقاليد وليس لنقضها، وقواعد الإتيكيت الدولي يمكن أن تنكسر إذا تضادت مع المبادئ والأديان والصحة، ولهذا نجد أن لكل دولة ومنطقة إتيكيتها الخاص، فالإتيكيت المستخدم في شعوبنا العربية يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا، لذا لا نستطيع أن نطبق الإتيكيت الغربي في مجتمعاتنا الشرقية، ومن يحاول التقليد سنراه يبدو غريباً عن مجتمعه.
النظام والدرجات
أما عن أصل كلمة (إتيكيت) فيقول الشميري: بعض العلماء يقولون إنها يونانية، وقد ردوها إلى كلمة (استيكوس) ومعناها النظام والدرجات، كما عزاها البعض إلى الكلمة اليونانية (ستيشن) ومعناها الأصلي الطابع أو الطبع والطبائع، بينما يصر الفرنسيون على أن الكلمة فرنسية وأنها تحوير للكلمة الفرنسية القديمة (إتيكيت)، وقد أجمع أغلب العلماء على أنها لفظة فرنسية تعني في الأصل البطاقة التي تلصق على زجاجة أو وعاء أو كراس أو مصنف للدلالة على محتوياته أو التنويه على اسم صاحبه”. ويضيف الشميري: الإتيكيت هو مجموعة من الاستجابات الموجودة التي يقوم بها الإنسان نتيجة لموقف أو طريقة تعامل مع الآخرين، ويمكن تلخيصه بأنه ردات الفعل الإيجابية الناتجة عن قناعات داخلية تجاه أي موقف.
وأشار إلى أن هناك من يرفضون فكرة الإتيكيت لاعتقادهم بأنها جاءت من الغرب، أي أنها فكرة مستوردة، معتقدين بأننا عندما نقول (الإتيكيت) فإننا نتحدث عن شيء مستورد ونحاول غرسه في بيئتنا وذلك لحكمهم على اللفظ وليس على المحتوى، معرباً عن أمله في التوضح لهؤلاء أن هذه المبادئ نابعة من تعاليم ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافاتنا.
لباقة وأخلاق
وبين أنه عندما نقول إتيكيت فإننا نقصد به الذوق والسلوك والتصرف الصحيح، وحسن المعاملة والأخلاق الرفيعة، فنحن لا نقصد بهذه الكلمة تقليد الغرب، بل إن الغرب أنفسهم في مؤتمر فيينا الذي عقد عام 1815م ليضع قواعد للبروتوكول الدولي والإتيكيت، أجمعوا بأن«الإتيكيت والبروتكول ليس نقدا لثقافات الشعوب ولكن للتوثيق بينها، وأنه يعترف بوجود اختلاف في قواعده وأسسه من مجتمع لآخر»، وهو ما يعني أن عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا وقيمنا التي لا تخالف ديننا وتربينا عليها نحن وأباؤنا هي ما يعنيه الإتيكيت. كما أوضح أن مبادئ الإتيكيت تتشابه في الأصل مع تعاليم ديننا الحنيف، لكنها اختلفت في بعض المناطق الغربية بما يتماشى مع بيئتهم، وقد نلاحظ كثيرا على السياح الأجانب عند زياراتهم لمجتمعاتنا الشرقية محاولتهم لتقليدنا في كثير من الأمور، وعلى سبيل المثال محاولة الأكل باليد والجلوس على الأرض، فيعتقد البعض بأنهم يتمتعون بروح المغامرة وأنهم ينظرون للحياة من منظور آخر، لكن العكس صحيح، فهم درسوا وتربوا على أن يطبقوا الإتيكيت الشرقي في المجتمعات الشرقية، وقد أوصت جونسون مدربة الإتيكيت الدولي في واشنطن حفيدتها المخرجة السينمائية عند زيارتها لدبي بأن تتقيد بالإتيكيت الشرقي، بينما نضغط نحن على أنفسنا لمحاولة تطبيق الإتيكيت الغربي في غير محله، فنبدو منبوذين في مجتمعاتنا أمام مبادئنا فقبل تطبيق الإتيكيت، ينبغي ان نعي مفهومه وأهدافه العالمية، ثم نخوض فيه هذه كتجربة.
أما عن تقبل الناس والمجتمع حول اهتمامه بهذا المجال، فيقول الشميري إن مجتمعنا شغوف بهذا المجال، فالكل يسأل والكل يبادر بطلب المعلومات والمعرفة حول هذا المجال من أجل تطبيقه في العديد من مناحي الحياة، كونه يدخل في كل شيء في حياتنا، فكل ما نقابله في حياتنا يصدر منا سلوك ما تجاهه، وعندما يطرح البعض الاتيكيت الإسلامي، فالمقصود به المبادئ والأخلاق الإسلامية والإتيكيت، وهو ما يدلل على أن الذوقيات ليست أمرا عارضا في ديننا، بل هي جزء أصيل مكين منه، وجزء وله هالة عظيمة تحيط بدوائر الأمر والنهي، خاصة وأن الذوق في الإسلام ينقسم إلى قسمين، الأول فطري لم يتدخل الإسلام به بل احترمه وقدره مالم يخالف النصوص الشرعية كالعادات والتقاليد، والطعام والشراب واختلاف أذواق الناس فيها، والثاني مكتسب أو تعليمي، وهو ينحدر من مجموعة الآيات والأحاديث والمأثورات التي تتكلم عن الذوق الرفيع والأدب الجم والحياة المدنية في أرقى حالاتها.
ضرورة عصرية
وحول وجود اهتمام كاف في مجتمعنا بفن الإتيكيت من عدمه، يقول الشميري:إذا نظرنا للظروف الحياتية التي نعيشها اليوم سنجد أن هناك أسبابا كثيرة قد أدت إلى غياب الاتيكيت، فقد أصبح المجتمع اليوم بدون موجه ، لأن الأب والأم مشغولان بحياتهما العملية، فنسيا أن لهم أبناء أصبحوا يتأثرون بالمحطات الفضائية الهابطة، أو يتأثرون بما يشاهدونه في الشوارع والأسواق والأماكن العامة، وهذا ما يفسر ظهور أفراد في مجتمعاتنا وكأنهم لم يسمعوا بفنون التصرف أو الأخلاق الحسنة، رغم أن الطباع يمكن تهذيبها، فالاتيكيت سلوك بالإمكان اكتسابه من خلال تدريب وتعويد الذات عليه بعد الإلمام به، فكل منطقة لها قوانينها وقواعدها وبمجرد احترامها يكون الاتيكيت قد تم تطبيقه فيها.
ويأتي الحديث على جانب مهم في إتيكيت المقابلات الشخصية للوظائف فيقول: يقف الشباب كثيرا وتراودهم الحيرة في مواقف عديدة، ومن أبرزها رفضهم أو عدم قبولهم أثناء البحث عن عمل جديد أو إجراء المقابلات الشخصية عند التقدم للوظائف، فعندها يشعر الشاب أو الفتاة بالإحباط واليأس، ويعتقد بأنه لم يحالفه الحظ إطلاقا، وأن النحس سيرافقه في المستقبل، فيبدأ بغرس قناعات داخلية تدفعه للتوقف عن البحث والاتجاه نحو الضياع.
وفي هذا المجال من عدم البكاء على الفرص الضائعة، بل التركيز على إتقان فن إتيكيت المقابلات الشخصية، وطريقة عرض السيرة الذاتية، فمنها يمكن الانطلاق للبحث والتقدم للوظائف، وحينها سيقابل الشباب من قبل أرباب العمل والمختصين بكل ترحاب، وأهم النقاط التي يجب أن تتصف بها السيرة الذاتية هي المصداقية وعدم المبالغة.
المصدر: الشارقة