9 أكتوبر 2011 15:11
تميزت مسرحية “يا ورد”، تأليف عبد الله إسماعيل وإخراج مبارك خميس بموضوعها الحديث الذي يعالج هموم وقضايا الشباب المتعلقة باستخدام أحدث التقنيات المتمثلة في “البلاك بيري”، والتعامل مع كل الفضاءات الإلكترونية المفترضة، وما ينجم عن ذلك من مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية، ولكن هذا التميز لا يمنع من القول إن خطاب العرض كما تلقاه المشاهد جاء غامضا من حيث بعض التفاصيل، خصوصا في ما يتعلق ببداية العرض ونهايته.
العرض الذي قدمته فرقة مسرح راس الخيمة الوطني، في اليوم السابع من أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب، شارك فيه عشرة ممثلين، إضافة إلى الفنيين. عدد من الممثلين قام بدور بارز المعالم في العرض، والغالبية قامت بدور شباب (البلاك بيري، ما يشبه الكومبارس). تنفتح الستارة على حريق هائل، يجري تجسيده بشكل فني ناجح إضاءة ومؤثرات صوتية، لكننا لا نعرف سببه الحقيقي، إلا أن للتقنية الحديثة دورها في ذلك.
بعد هذا المشهد الافتتاحي، تنتشر في المكان قطع ديكور ثابتة تتحرك في لحظات من العرض، ويقدم المخرج مشاهد سريعة لعلاقات سريعة، ثم تبدأ بالتكون شخصية مسرحية ذات بناء يتصاعد دراميا هي شخصية عمران الناجي من الحريق بالكثير من التشوهات، وقام بالدور على نحو مقبول الممثل عبد الرحمن برك. وشيئا فشيئا، ومع عزلته تبدأ علاقته مع العالم الافتراضي، أصدقاء وصديقات، وتتوطد العلاقة مع فتاة لتصل مرحلة الحب، وتتواصل الاتصالات بينه وبين هذا العالم، فيزورونه ولكن وسط خلافات يطردهم، ثم يطلب من صديقته زيارته في المستشفى، فتغامر الفتاة وتزوره، تقوم بالدور الفنانة نورة، وحين تصدم بتشوهاته تتهمه بخداعها وأنه أرسل لها صورا لشاب “طول وعرض”، ويتصاعد غضبه فيتهمها بالاهتمام بالمظهر ثم يطردها ويحطم باقة ورد جاءت بها. ويغدو وحيدا إلا من الطبيب (السوداني). ثم فجأة نجد عمران أمام محاكمة تقوده إلى المشنقة.
وهكذا رأينا هذه الوسيلة التكنولوجية التي هي سبب للتواصل بين البشر، قد تحولت إلى وسيلة للقطيعة والصراعات بين أبناء وبنات المجتمع الواحد. تحولت من فضاء افتراضي للتعارف والمحبة إلى ساحة وهمية خيالية تقود إلى عكس غاياتها.
الفكرة البسيطة، كما قال المؤلف، رأيناها تتحول عرضا معقدا بلا مبرر، بدءا بأداء الممثلين عموما، وانتهاء بالعناصر الفنية، خصوصا السينوغرافيا المتمثلة في اللون الأسود الذي اختاره المخرج لفضائه، مع ديكورات من كتل توحي بالثقل، والحبال المتدلية من السقف بلا دور إلا في نهاية العرض والإضاءة التي لم تكن موجهة توجيها فنيا حتى الملابس التي كانت بلا دلالة.
وبدءا من الفضاء المسرحي، اختار المخرج استخدام الثلث الأوسط من الخشبة تحت الإضاءة والحركة، حيث المريض عمران، وجعل من الطرفين مساحة معتمة تماما باستثناء لحظات لإضاءة لقطة ما، لكن حركة الأضواء ظلت مسلطة في الوسط عبر حبال من الضوء تتكرر بلا حاجة فنية. بينما المؤثرات الصوتية قليلة الحضور. وسط هذا الفضاء القاتم يأتي دور الممثلين وحضورهم الذي تميز بكثرة الحركة، أفرادا ومجاميع، ولكنها حركة في معظمها “بلا بركة”، باستثناء بعض الحركات والأداء الكوميدي للممثل إبراهيم المنصوري.
المشاركون في مداخلات الندوة التطبيقية أكد غالبيتهم المشكلات الفنية بصورة أساسية، فتركز النقد والملاحظات على استخدام العتمة بطريقة غير مفهومة، والإضاءة التي يتم توزيعها بلا حساب، بل بتكرار ممل يوحي بأن المطلوب هو استخدام الإضاءة ولو على نحو مجاني. وكذلك الأمر بخصوص العناصر الفنية، إضافة إلى الاستخدام الخاطئ للألوان في غير محلها وبلا تناسق. وتناولت الملاحظات مشكلة اللهجة وطريقة نطق الحروف التي تمنع وصول العبارة للمتلقي.
وفي حين تتواصل فعاليات المهرجان في دورته الخامسة، حتى الثاني عشر من الشهر الجاري، يقام في السادسة والنصف من مساء اليوم، أي قبل العرض، حفل تكريم الفنان السوداني يحيى الحاج بوصفه شخصية العام. وفي الثامنة والنصف تقدم فرقة مسرح الفجيرة القومي مسرحية “الضباب” تأليف حميد فارس وإخراج عبد الله الرشدي.
المصدر: دبي