السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الهروب الكبير» بين طلاب الثانوية من دراسة التخصصات العلمية

«الهروب الكبير» بين طلاب الثانوية من دراسة التخصصات العلمية
26 سبتمبر 2012
عدم إتاحة فرص التجريب والتطبيق في المختبرات أمام طلبة التخصصات العلمية تسبب في جعل بيئة الدراسة العلمية جافة وطاردة وغير مشجعة لطلبة الثانوية لاكمال دراستهم الجامعية في التخصص العلمي الأمر الذي دفع الجهات ذات العلاقة إلى التفكير في إيجاد برامج ومبادرات تخلق بيئة أكاديمية جاذبة ترغب الطلبة في الالتحاق بالتخصصات العلمية. ومن بين تلك الجهات مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، التي عقدت أمس الأول الحلقة الثالثة من ملتقى مؤسسة الإمارات للاستثمار المجتمعي، برعاية الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان عضو مجلس الإدارة المنتدب للمؤسسة، وحضور ممثلين عن وزارة التربية والتعليم، وشركة أبوظبي للمياه والكهرباء، وكوكبة من رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات والبنوك في الدولة. (أبوظبي) - ناقش اللقاء الثالث للمؤسسة، الذي قامت الرئيس التنفيذي للمؤسسة كلير وودكرافت بإدارته، أهمية تشجيع الشباب على دراسة المواد العلمية في المدارس والجامعات ومن ثم إلحاقهم بالعمل في مجالات ذات صلة بالعلوم بشكل عام وبتخصصات تحتاجها البلاد بشكل خاص. شارك في اللقاء كل من الدكتور عبدالقادر أبو صافية مستشار التكنولوجيا في مبادلة لصناعة الطيران، والبروفيسور سهام الدين كلداري نائب الرئيس للبحوث والدراسات العليا، وأستاذ الكيمياء الحيوية وعلم الخلايا الجزيئية في جامعة الإمارات، والدكتورة شيماء الكبيسي أستاذة مساعدة في كلية العلوم التقنية في جامعة الإمارات. خريجو الثانوية وفي حديثها أوضحت كلير وودكرافت الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات أنه، وحسب دراسة أعدها قسم البحوث في المؤسسة، فإن نسبة 29 بالمائة من الشباب الإماراتي يتخرجون في القسم العلمي خلال دراستهم الثانوية، مما جعل نسبة الخريجين في التخصصات الجامعية المبنية على اقتصاد المعرفة (الهندسة والطب والعلوم وتقنية المعلومات) تبلغ 24.6 بالمائة فقط، وأن هذه المعادلة، وحسب الدراسة، تنتهي عند أن 7 بالمائة فقط من الإماراتيين، يعملون في وظائف لها علاقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار. وودكرافت نوهت بأن هذه الحقائق تستدعي الوقوف والنظر فيها، واتخاذ إجراءات عملية، تعالج الموضوع من أساسه، من خلال البحث في الأسباب، التي تقف عائقاً أمام استقطاب الشباب لدراسة تخصصات علمية، والآليات التي يجب اتباعها لتجتذب عدداً أكبر منهم في المستقبل. وتم خلال اللقاء طرح عدد من الأسئلة، وكان على رأسها الأسباب التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن اختيار تخصصات علمية، وناقشها الحضور من خلال ثلاثة محاور هي المناهج المدرسية، والتوظيف، والتعليم الجامعي والبحث العلمي. عقل رقمي إلى ذلك أرجعت بعض المداخلات في الجلسة العزوف عن دراسة العلوم إلى البيت والمدرسة، في حين قال البعض الآخر إن المعلم هو المسؤول عن دفع الطالب وتحبيبه المواد العلمية، وترك المجال مفتوحاً للتجريب والعمل يدوياً، أما آخرون فأرجعوا الموضوع إلى منهاج الدراسة، حيث أشارت إحدى المداخلات إلى أن هناك من يدرس تخصصاً ويصرف عليه أموالاً طائلة ثم يرجع ليمارس تخصصاً آخر، واعتبرت ذلك هدراً للمال والجهد والوقت، ونوهت إلى شيء مهم وهو أن حب ما يدرسه أي شخص والتعلق به هو ما يحقق الفارق في تحقيق نتائج أفضل. وأوضحت مداخلة أخرى أن البداية تكون من البيت، وحملت المسؤولية للآباء وجعلتها تقع على عاتقهم، حيث قال صاحب المداخلة إن التحدي الكبير يقع على الأب لتغيير نظرة الطفل للعلوم، وتحبيبه لها، وأكد أن هذا الشغف هو ما يجعل الكل يتحدى الصعوبات، كما لفت إلى ضرورة جعل العلوم جذابة، مشدداً على ضرورة استخدام الجانب النفسي في تعلق الأطفال بهذا الجانب من التفكير الإبداعي والتكنولوجي لجعل العلوم محببة للأطفال، وعقبت كلير وودكرافت أن هذا الجيل يتمتع بعقل رقمي، ويجب دعم هذا التوجه، وجعله محبباً، وإيجاد صيغ مناسبة لذلك. وفي السياق ذاته قال متحدث إن هناك تجربة حية عن معسكر علمي تكنولوجي صيفي، حيث تم استقطاب الطلاب خلال الفترة الصيفية، وتم تعليمهم وترك المجال مفتوحاً أمامهم للتجريب واختبار معارفهم على أرض الواقع، مما دفعهم إلى تغيير النظرة للتعاطي مع المواد العلمية، وأكد أنهم زاروا المدارس التي ينتمي لها الطلبة هذه السنة ووجدوا أن الكثير منهم غير تخصصاته بناء على ما تعلموه في المعسكر، ومن ثم اعتبر أن التغيير ممكن وسهل عن طريق العمل الميداني والتطبيقي وليس النظري فقط، وفي سياق آخر حملت إحدى المتحدثات المسؤولية للإعلام، موضحة أنه يدعم الفن والفنانين أكثر مما يدعم العلوم والمخترعين ويجعلهم نماذج يحتذى بهم، وقالت إنه يجب على أجهزة الإعلام التأثير في كيفية التفكير لدى الشباب وتوجههم توجهاً علمياً تكنولوجياً. استثمار في البشر وفي حديث خاص عبر البروفسور سهام الدين كلداري، أستاذ الكمياء الحيوية وبيولوجيا الخلية الجزيئية، مساعد نائب مدير الجامعة لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا بجامعة الإمارات، عن سعادته بهذه المشاركة لدعم رؤية هذا البرنامج، مشدداً على مسؤولية الجميع، بقول الرسول الكريم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، موضحاً أن المسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة، والمجتمع. وقال، البداية من البيت، ومن الأسرة، واعتبر أن الأم ثم الأب هما من تقع عليهما مسؤولية تحبيب الأبناء في المدرسة بشكل عام وفي التربية الحسنة وفي التعاطي مع العلوم، ووأضاف أنه عاتب على نظرة بعض الآباء الذين يركزون على المظهر والشكل أكثر من الجوهر، ودعا الآباء للاستثمار في أولادهم، وشدد على أن أي محبة زوجية وأي حرص على استقرار الأسرة هو لصالح الأبناء، فالاستثمار الأغلى والأبقى هو في الأبناء، وأشار إلى أن بعض الآباء يقدمون شكاوى ضد بعض المعلمين ويواجهونهم أمام أولادهم، وأعتبره خطأ، بحيث يجب أن تكون للمعلم هيبته، وهذا لا يخلي مسؤولية المعلم الذي يجب أن يكون مسؤولا مسؤولية كاملة من الطالب من ناحية تعليمه وتربيته، فهو مصدر المعرفة، وهذه أمانة في عنقه، إذ يقضي الطالب فترة زمنية طويلة في رحابها، وبها يتعلم وتلقن له القيم والمبادئ والأخلاق، وإن لم يكن المعلم يتوافر على هذه المقومات فإن المشكلة ستكون كبيرة بالطبع، كما أكد كلداري ضرورة العمل الجسدي والحركي للطالب، وفتح المجال أمامه للتجريب واختبار مواهبه، معتبراً أن الفشل نوعان، نوع مقصود بالتقصير، ونوع مفيد فمن خلاله يمكن أن ينهض الشخص من جديد بعد أن يكون قد حصل على حصيلة من المعارف، لذا يجب ترك المجال لتطبيق المعارف واختبار التجارب الميدانية أمام الطلاب. ولفت كلداري إلى أن المعلم يجب أن ترجع له هيبته، ويجب تقدير هذه المهنة، فوظيفته ليست عادية، فهي من أهم المهن، إذ يجب أن تكون لديه موهبة، بحيث تعمد إليه مهمة بناء البشر، والبشر هم رأس مال أي مجتمع، وكيف يتم ذلك من دون معلم؟، يجب أن يكونون موهوبين، مسؤولين أمام الله، يتمتعون بضمير حي ويراعون الأمانة، كما يجب عليهم تقدير أنفسهم والثقة بها، كما حث على متابعة الأهل لأولادهم وحضور اجتماع أولياء الأمور، أما عن رسالته فقد قال للمعلمين إن مهنتكم أمانة، وخاطب الآباء قائلاً إن أولادكم نعمة يجب استثمارها أحسن استثمار. مطالبة بتغيير بعض أساليب التعليم حضر اللقاء أيضاً شباب إماراتيون من المهتمين بدراسة العلوم والمبدعين فيها، وكانت هذه الكوكبة قد شاركت في مسابقات علمية محلية وعالمية محققين فيها مراكز متقدمة، حيث شاركوا في الحوار مبتدئين بابتكاراتهم العلمية، وتحدثوا إلى الحضور عن طموحاتهم وآمالهم في إتمام مسيرتهم التعليمية ومن ثم المهنية في مجالات علمية تخدم اقتصاد البلاد، كما أشاروا إلى الصعوبات والمعوقات والمحفزات التي تقف أمامهم وتشجعهم في الوقت ذاته على إكمال مسيرتهم العلمية والمهنية. وأوضحوا من خلال فيديو، عرض خلال اللقاء، عن حبهم للعلوم والتكنولوجيا، مطالبين بضرورة تغيير بعض الأساليب في التعليم، حيث قال حمد أحمد العلي، تخصص الهندسة الميكانيكية، بمعهد التكنولوجيا التطبيقية، المخترع لربوت يعمل بالطاقة الشمسية، ومهمته تنظيف الأرضيات: شاركت وزميلي في اختراع الربوت، وهدفنا من خلال ذلك تقليل العمالة، بحيث ستوكل للبربوت عملية تنظيف الأرضيات، وهو يعمل بالطاقة الشمسية، وزودناه ببطارية تخزين، بحيث يمكنه العمل ليلاً، وذلك لتخزينه بالطاقة، كما نهدف من وراء ذلك التقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية، وهو من المشاريع الصديقة للبيئة، وفي سياق دعم التخصصات العلمية، وقال إن المشكلة تتعلق بمشكلة في المنهاج والتدريس، موضحاً أن الأستاذ في الجامعة، خاصة في التخصصات العلمية، لا يفسح المجال أمام الطلبة للتجريب. وقال في هذا الصدد، إنني درست أربع سنوات في تخصصي العلمي في الجامعة، وكل ما كنا نقوم به هو تدوين المعلومات نظرياً، في حين كان الأستاذ يقوم بالتجارب. «بالعلوم نفكر» شهد اللقاء إطلاق برنامج المؤسسة الجديد “بالعلوم نفكر” الذي يهتم بتشجيع الشباب الإماراتي على دراسة العلوم منذ المرحلة المدرسية، حيث أشارت ميثاء الحبسي الرئيس التنفيذي للبرامج في مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب إلى أن الفئة العمرية المستهدفة من البرنامج هي من 15 حتى 24 عاماً، وبهذا تتم تغطية المرحلة الثانوية في المدرسة والمرحلة الجامعية. وخلال عرض تفصيلي حول البرنامج الجديد، أوضحت الحبسي، أنه ينقسم إلى ثلاثة مشاريع رئيسية هي “مسابقة بالعلوم نفكر”، و”سفراء المعرفة” و”منتدى بالعلوم نفكر”، حيث إن لكل مرحلة من البرنامج أهميتها ووقتاً محدداً لانطلاقتها، مؤكدة أن أول الغيث سيكون من خلال الإعلان عن تفاصيل “مسابقة بالعلوم نفكر”، والتي ستنطلق خلال أيام. ونوهت الحبسي بأن للمؤسسة شركاء في تنفيذ هذا البرنامج المهم، وهم شركة سيمنس ومجلس أبوظبي للتعليم ووزارة التربية والتعليم، وأن البرنامج سيصل إلى الشباب الإماراتي في أماكن تجمعهم وسيعمل على تحفيز الشباب الإماراتي وتشجيع نزعة الابتكار والإبداع لديه بما يمهد لاكتشاف إبداعات وكفاءات وطنية تغطي احتياجات سوق العمل في الدولة، حيث تشير الإحصاءات التي أعدها قسم البحث في المؤسسة إلى أن سوق العمل بحاجة إلى آلاف الإماراتيين المؤهلين ليشغلوا وظائف في عدد كبير من القطاعات مثل الهندسة النووية وهندسة الطيران وقطاع الطاقة وقطاع تقنية المعلومات. ودعت الحبسي خلال حديثها جميع الجهات والهيئات والمؤسسات من القطاعين الحكومي والخاص ووسائل الإعلام المختلفة إلى التعاون مع المؤسسة في تنفيذ هذا البرنامج بشكل خاص، بما يؤهل للعمل على اكتشاف المواهب الإماراتية العلمية في سن صغيرة، والعمل معها، وتطويرها، وتزويدها بالمهارات والمعارف اللازمة، بما يؤهلهم ليكونوا مفكرين وعلماء في مجالاتهم، مما يعلي من شأن الإمارات، ويدعم توجهها نحو بناء اقتصاد المعرفة. سيارة صديقة للبيئة راشد مظفر، تخصص هندسة ميكانيكية، مثل زملائه الذين شــاركوا في اختراع ســيارة صديقة للبيئة تستهلك نسبة وقود قليلة، أوضح أنه أول فريق يشارك في مسـابقة في كوالامبور بماليزيا، ودخلوا هذه المسابقة بعد اختبارات عدة للأمان، حيث قاد السيارة واحد من فريق الاختراع، وتم اختياره بناء على ضعف بنيته، لأنه كلما زادت حمولة السيارة تزيد كمية استهلاك البترول. أما عن دوره في المشاركة في هذا اللقاء، وعن كيفية تحبيب الأطفال والطلاب إلى العلوم، فقال إن المسؤولية تقع على الأسرة ثم المدرسة، موضحاً أن الرحلات التي تقوم بها المدارس لبعض الأماكن يجب أن يعاد النظر فيها، بحيث تصبح رحلات ذات أهمية علمية في جانب منها، إلى جانب الترفيه. أما خليفة محمد الحوسني، أول سنة جامعة، تخصص هندسة بأميركا، وراشد محمد الزعابي، تخصص هندسة كيميائية، فقد اخترعا إلى جانب زملائهم آلة تبريد السوائل خلال 3 ثوانٍ من دون استعمال كهرباء وهما حاصلان على براءة اختراع، قالا إن مشاركتهما في هذا اللقاء جاءت لتغيير نظرة الشباب للتعاطي مع العلوم، وحملوا المسؤولية للمدرسة والمنهاج، ونوها إلى ضرورة خلق مختبرات صغيرة في كل مدرسة وخلق جو تنافسي بين الطلاب، موضحين أن الطلاب لهم شغف بالتفاعلات الكميائية، هذا الجانب يجب أن يتم دعمه بترك المجال للتجريب على أرض الواقع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©