8 أكتوبر 2011 00:35
يعتبر متحف الشارقة للآثار أرشيفاً حياً ودائماً للقطع الأثرية المكتشفة في إمارة الشارقة، وتكمن أهمية هذا الصرح الحضاري في حفظ القطع الأثرية النفيسة وعرضها والتعريف، بالإضافة إلى نشر المعلومات الكافية عنها بطريقة تحث على تقييم تراث الشارقة الأثري وبث روح التعلم والمتعة، حيث يتمكن زوار المتحف من اكتشاف الفن القديم الذي مارسه سكان المنطقة القدماء في صناعة مجوهراتهم والمقتنيات التي استخدموها في حياتهم اليومية.
يشكل متحف الشارقة للآثار الأرشيف الدائم لكل القطع الأثرية المكتشفة في إمارة الشارقة، ومن مهمات المتحف الأساسية صيانة وتفسير وعرض المقتنيات الخاصة به ونشر المعرفة بشأن هذه المقتنيات بطريقة تشجع على التقدير والتعلم والاستمتاع والانخراط في تراث الشارقة الأثري، كما يهدف المتحف إلى حفظ وتوثيق القطع الأثرية للشارقة والاهتمام بالسجلات المتعلقة بها على أعلى المستويات، وتقديم المعارض على المستوى العالمي بشكل يعطي شرحاً وافياً عن مقتنيات المتحف.
فعاليات تعليمية
إلى ذلك، يقول ناصر الدرمكي، أمين عام متحف الشارقة للآثار “يحمل متحف الشارقة للآثار على عاتقه إجراء الأبحاث حول المقتنيات وكل ما يتعلق بها وتسهيل عملية التواصل بين العاملين في المتحف وزواره وبين هذه المقتنيات وتوفير الوثائق المرتبطة بها وتشجيع إجراء الأبحاث باستخدام المكتبة الأكاديمية، إضافة إلى توفير خدمات وفعاليات تعليمية للزوار تثير اهتمامهم وحبهم للاستكشاف وفهمهم لطبيعة التراث المتعلق بآثار الشارقة، وتطوير مقتنيات جديدة مترافقة مع معلومات وافية عنها تتوافق مع سياسة المتحف في الاقتناء واستراتيجيات البحث، وصولا إلى نشر المعلومات المتعلقة بمقتنيات المتحف والأبحاث الخاصة بها باستخدام مجموعة كبيرة من التوجهات الحديثة عبر وسائل الإعلام، والتعاون مع كل المؤسسات والمعاهد الحكومية والتعليمية ومراكز الأبحاث على جميع الأصعدة المحلية والاتحادية والعالمية، والارتقاء بالتطور الشخصي والاحترافي لدى العاملين في المتحف ضمن بيئة مساندة وداعمة”.
وعن أهم التحديثات، التي أجريت على متحف الشارقة للآثار منذ إنشائه في مايو 1997، يقول الدرمكي “يتم تجديد معروضات المتحف بشكل مستمر، حيث تمت اضافة كل من معرض البحيص وورشة البيت المدفون، وقاعة المعارض الدولية المؤقتة، ومختبر ومعمل الترميم، كما تم إعادة ترتيب وتنظيم المعروضات في المتحف حيث أضيفت بعض القطع الجديدة المكتشفة ومن أهمها بعض الأدوات الصوانية التي تعد الأقدم حتى الآن، والتي يصل عمرها إلى 125 ألف عام، بالإضافة إلى تجديد الشروحات ولوحات العرض في خزائن العرض من ناحية المعلومات والشكل”.
ورش عائلية
عن أبرز وأهم الفعاليات التي يقدمها المتحف للجمهور وطلبة المدارس والجامعات على وجه الخصوص، يوضح الدرمكي “تنظيم الورش التعليمية المتخصصة المرتبطة بالفترات التاريخية التي يغطيها المتحف، والتعريف بأهم المعروضات فيه وتشمل ورشاً في تزيين الفخار وترميمه، وطرق صناعة الحلي القديمة وأدوات الصيد، وصنع نماذج للمساكن القديمة، والتعرف على العلاقات التجارية قبل الميلاد، بالإضافة إلى إقامة الورش الشهرية العائلية التي تتناول مواضيع هامة كالتنقيب والتزيين وصناعة الحلي وغيرها في قالب ترفيهي تعليمي يشرك جميع أفراد الأسرة في الورشة، وتقام هذه الورشة صباح ثالث سبت من كل شهر لضمان حضور جميع أفراد الأسرة، كما يقيم المتحف أيضا المحاضرات العلمية المتخصصة في تاريخ وآثار الخليج العربي ودعوة العامة وطلاب الجامعات لحضورها”. ويضيف “يوفر المتحف المرشدين المتخصصين لتسهيل إجراء الطلاب لأبحاثهم ومعاونتهم في الوصول إلى أهداف الأبحاث وتوفير المراجع العلمية الهامة في حقلي التاريخ والآثار، وكذلك مساعدة الطلاب في صنع التقارير المصورة واختيار القطع المناسبة لإجراء البحوث عليها وتسهيل تصويرها، كما يقيم المتحف الورش التعليمية في المدارس عند الطلب، ويستقبل الطلاب المتدربين كجزء من متطلبات البحث عندهم أو لتدريبهم خلال فترة الصيف، حيث يعد المتحف لهم برنامجاً علمياً مكثفاً يعرفهم بأقسام المتحف من خلال عملهم المباشر فيها مع الكادر المتخصص من الموظفين، كما يعمل المتحف على دمج المقرر الدراسي بالورش التعليمية التي يقدمها المتحف”.
موقع إلكتروني
يقع متحف الشارقة للآثار في منطقة حلوان بجوار المتحف العلمي وتلفزيون الشارقة، ويتكون من بناء واسع يضم إضافة لقاعات عرض الآثار، قاعة حديثة للمؤتمرات ومكتبة تحوي مجموعة من الكتب والمجلات والدوريات والتقارير المتخصصة في علم الآثار والتاريخ القديم، كما يضم مختبرا حديثا مزودا بالمعدات والمواد اللازمة لمعالجة وترميم القطع الأثرية، وخزانات كبيرة لحفظ الآثار إضافة لجناحه الإداري، وقامت إدارة متاحف الشارقة بإطلاق الموقع الإلكتروني الجديد لمتحف الشارقة للآثار في 2010، والذي تم تصميمه ليسهل الوصول منه إلى الكثير من المعلومات القيمة عن تراث الشارقة في أربعة عصور زمنية، وتأتي هذه المبادرة في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها إدارة متاحف الشارقة لنشر الوعي بأهمية التاريخ والتراث في الحياة المجتمعية وسعياً منها إلى الترويج لمتاحفها كبوابة تربط المجتمع بجذوره، حيث يحتوي الموقع الإلكتروني على معلومات قيمة عن أهم القطع الأثرية والتي هي نتاج العمل الدؤوب لإدارة الآثار في الشارقة وبعثات التنقيب الأجنبية، وتشمل هذه المقتنيات عقد مصنوع من الحجر والصدف الذي عُثر عليه في مقبرة العصر الحجري الحديث في جبل البحيص، ورأس سهم من البرونز والذي تم دفنه مع المحاربين في قبور جماعية حجرية كبيرة وتعدينه وصهر معادنه في جبال شبه الجزيرة العربية.
عروض سينمائية
يعتمد متحف الشارقة للآثار أسلوب التسلسل الزمني في تصنيف آثاره وعرضها ابتداء بأقدم الآثار التي تم اكتشافها في إمارة الشارقة حتى الآن، انتهاء بالفترة التي سبقت ظهور الإسلام، كما زودت قاعات العرض بأجهزة كمبيوتر تمكن الزائر من استخدامها بطريقة سهلة من اجل الحصول على مزيد من المعلومات التي تخص القطع الأثرية المعروضة.
كما تتوفر الألعاب المسلية للأطفال ذات العلاقة بمواضيع المتحف ومعروضاته الأثرية، بالإضافة إلى توفير شاشات عرض سينمائية يتمكن الزائر من خلالها من مشاهدة سبعة أفلام باللغتين العربية والإنجليزية تصور سلسلة من الأحداث والأنشطة البشرية بطريقة شيقة وممتعة تثير اهتمامه وتحفزه على مشاهدة معروضات المتحف، التي تعكس التراث الغني الضخم لإمارة الشارقة، مظهرا تأقلم سكانها الأوائل مع بيئتهم وكيفية بناء بيوتهم، كما يطلع زواره على طعامهم وأسلحتهم ومجوهراتهم والأدوات اليومية التي صنعوها، وأخيرا كيف يتعاملون مع الموتى.
ويستطيع زائر صالة التنقيب اختبار أساليب التنقيب الأثري وأخذ فكرة عن المواقع الأثرية المكتشفة في إمارة الشارقة، كما يمكنه أن يراقب أو حتى يشارك في التنقيب في موقع أعيد بناؤه خصيصا لهذا الغرض داخل المتحف. أما صالة العصر الحجري، الفترة الزمنية الأولى في المتحف، (5000 إلى 3000) قبل الميلاد، فتمثل أقدم الفترات المعروفة عن التواجد البشري في الشارقة، حيث يمكن للزائر أن يرى البقايا المكتشفة للصيادين والرعاة ويتفحص أدواتهم وأسلحتهم والحلي التي صنعوها من العظام والحجارة والأصداف، كما يضم المتحف صالة العصر البرونزي، وصالة العصر الحديدي.
مجموعة حاكم الشارقة
تمثل مجموعة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رافدا مهما للمتحف، فعلى مرّ السنوات تم جمع الآلاف من اللقى والقطع الأثرية من سطح أرض مليحة، كما عُثر على الكثير منها خلال أعمال البناء ونشاطات الجرّافات، وقام بعض الناس بإزالة الكثير من القطع باستعمال كاشفات المعادن واحتفظ بعضهم من المحليين والمغتربين بقطع للذكرى، إلى جانب أن بعض القطع ظهرت في سوق الآثار الدولي، وهي عبارة عن قطع تماثيل وحلي إلى جانب قطع مميزة أخرى من مليحة تعود إلى فترة المنطقة العربية الكبرى هي من مجموعة صاحب السمو حاكم الشارقة، فقد اشترى سموّه هذه المجموعة بعدما علم أنها كانت ستُباع بطريقة غير شرعية في الخارج، وبعدها قام سموّه بإهدائها إلى متحف الشارقة للآثار، وهكذا عادت هذه القطع إلى مكانها وموضعها الشرعي.
المصدر: الشارقة