قصة حب طويلة، عمرها خمس سنوات، عشتها معه وقضينا معاً أجمل اللحظات، جمعتنا الليالي الرائعة والسهرات الرومانسية على ضوء القمر، تبادلنا خلالها الهدايا والرموز ومن بينها الكتب، تذكر بعضنا الآخر اذا خاننا القدر ولعب لعبته وسار بعكس اتجاه حبنا·· حبنا كان جميلاً فيه جميع اللحظات، لحظات الحب والغضب والأجمل لحظات العناد!! وفجأة من غير سابق انذار تدخل شخص ثالث وزرع الفتنة بيننا ولحظتها أسمعني كلاماً تمنيت لو أن الأرض تبلعني فهجرته بكل سكوت ومرت ثلاثة أشهر كل واحد منا في عالم مختلف عن الآخر، وخلال هذه الفترة حاولت أن أبعث له مسجات ولكنه لم يستجب لأي مسج، فانهرت وقمت بكتابة أشياء وكلمات كان يكرهها، كنت أرغب في استفزازه، لدرجة انني طالبته بكتبي، لا لأنني أريدها فقط لأنني أريده أن يجيب لكن لا حياة لمن تنادي، هكذا حتى قلت لن أبعث له شيئاً، هو من خسرني، وهو من أهانني، ولكن كيف لا أبحث عنه؟ هو من أحببت ولأنني لا أرى في الحب وجودا للكرامة فمحاولاتي ليست لأنني من غير عزة لكن لأنني أحببت بضميري!! وكيف أنساه وهو ما زال مغروساً في قلبي!! ولكن بعدها توقفت عن ارسال الرسائل القصيرة وتركته، وكل ليلة أحارب نفسي وأمنعها من معاودة الاتصال حتى انتصرت ومرت فترة شبه طويلة·
وذات يوم·· وفجأة رن هاتفي الخاص، فرأيت رقمه على شاشته ارتعشت يداي، وتسمرت مكاني هل ما أراه صحيحاً، أم وصل بي الحال الى انني أتخيل رقمه على هاتفي؟ ولكن ما زال الهاتف يرن ويرن؟ وقمت بالرد ولكن من غير أن أجيب·· فقال: آلو السلام عليكم، وضعت يدي علي سماعة الهاتف ألتقط أنفاسي، وأقول لنفسي نعم هذا صوته ولكن كيف؟؟ فأجبته وقلت: وعليكم السلام·· قال هل أنتِ (ذكرت اسمي)، قلت: لا أنا (ذكرت اسمه)، فضحك قلت: نعم، قال: نعامة··، فضحكت، قال: اشتقت لك، كيف حالك؟ وأجبته وتبادلنا الحديث لدرجة انني لم أعاتبه على الذي مضى·· انتهت المكالمة التي لم تتعد بضع دقائق·· وبعدها جلست مع نفسي وقلت: هل أنا ما زلت أحبه؟ ووجدتها لا تجيب، اذا كنت لا أحبه لماذا أحس بشوق اليه·· لماذا أبحث عنه دائماً في ذاكرتي·· لماذا أحاول أن أدفن حبه ولكن بمجرد أن أتذكره أنبش في الماضي وأحاول أن أبحث عنه بين أوراقي لعلي ألمح وجهه أو حتى حرف من حروف اسمه·· وفجأة أقول لأنني أحببته، ولأنه ملك إحساسي يوماً·· وتذكرت كم هو قاس في حبه، تذكرت بأنني كنت أفعل المستحيل حتى أسمع منه كلمة حب، كان نادر الضحك، وشخصيته صارمة، ولكنه صاحب قلب طيب، أحببت فيه قلبه ورجولته الهادئة، فالرجل في نظري قليل الكلام وكثير الفعل هو كان هكذا، أحببته لأنه لا يلبي رغبتي، ولا يقول لي حبيبتي!! بالرغم من احساسي بأن أذني سوف تخرج من مكانها لكثرة شوقها لهذه الكلمة، وجلست أستعيد الماضي وحدي، ومرة أخرى رن هاتفي، نعم هو المتصل، فأجبته:
قلت له: أهلاً، فقال: مرحبا مليون، ففكرت بسرعة أن أرجع لأستفزه حتى اختبر حبي داخله، فقال: كيف هي حياتك؟ وكيف عملك؟ قلت: أنا بخير، وتعرفت في عملي على زملاء جدد، وذكرت الرجال منهم فقط، وجلست أختلق المواقف التي تجمعني بهم، وأنا أسرد الأحداث بكل برود ولا مبالاة وهو ساكت لا يجيب·· فقال: سأغلق السماعة، قلت: لماذا؟ قال: لأنني مشغول جداً· فقلت له: كما تريد وأغلقت السماعة والفرحة تتغلغل داخلي لأنني أحسست بنوع من الانتصار·· ولكن كيف أتأكد؟ فبعثت له مسج وضحكت فيه وقلت كما تدين تدان··· ورد عليَّ وقال: اذا تحدثت في هذا الموضوع مرة أخرى لن تري وجهي الى الأبد·· فكم كانت فرحتي لحظتها وحمدت ربي انني خلقت بلا أجنحة وإلا كنت في عالم لا يعلم مكانه سواي أنا وقلبي··· فعاودت الاتصال به ورد عليَّ: قلت له أنا اسفة، قال: لماذا؟ قلت: لا أعرف، ولكني آسفة، قال لي: أسلوبك تافه جداً، قلت: لأنني محتاجة لهذه الكلمات، فقال: لكن كثر الدق يفج اللحام ، قلت له: ولكنني حتى الآن لم أحسن باللحام؟؟!!، فقال: الى ماذا ترمين؟ قلت بكل صراحة: الى لحظة حب جديدة والى غيرة تحرق قلبك!!، فقال: كم مرة أوضح لك بأنني······، قلت له: بأنك ماذا؟ قال: لا شيء، قلت: لماذا تحرمني من هذه اللحظات؟ قال: لأنك تتبعين الأسلوب الذي لا أحب؟ فقلت: هل أنا لا أحب؟ فقال: أنت الحب بعينه، فقلت: اذاً أين المشكلة؟ فسكت وسكت أنا، ولكن أحسست بأنفاسه تصل إليَّ، فكسرت الهدوء وسألته: هل أحسست بالغيرة؟ قال: لا أْعرف، فقلت: أرجوك قل!!، قال: ليس هناك رجل لا يغار إلا الذي خرج من دائرة الرجولة، فقلت: لا يهمني أي رجل من هذه الدائرة سواك، قال: لا أعرف شيئاً، سوى أنني لا أتحمل أن تربطي اسمك باسم غيري، قلت: باسم من تريده أن يرتبط؟ قال: اسمي، قلت: ومن أنت، قال: أنا فقط!! آآآه لماذا لم تقل اسمك هكذا قرصت نفسي من القهر ولكنني تمالكت نفسي وأكملت الحوار معه، وقلت: أتهرب من الاجابة؟ قال: قلت: اذاً؟ قال: أنت حبيبتي، وأنت ملكي أنا وحدي ولا أريد أن يكون اسمك على لسان أحد سوى لساني أنا··· هذا هو من أحببت رجل قاس في حبه وعنيف في غيرته التي قد لا تحرق لسانه ولكنها تحرق قلبه وجسده!! هذا الرجل الذي أبحث عنه· رجل صامت في حبه!! رجل غيرته في هدوئه وحبه في سكوته·· فقلت له: أين كنت في الفترة الماضية، قال: موجود، قلت: ألم تذكرني؟ قال: أنا لم أنسكِ حتى أتذكرك!! فضحكت، قال: لماذا؟ قلت: لأنك تحاول أ تكذب عليَّ؟ واذا لم تكن كذلك ما سبب هجرك لي الفترة الماضية أيعقل ان تصدق كل ما قيل عني وعنك؟ قال: لا، ولكن رسائلك القصيرة التي تلفظت بها بألفاظ لا تذكر!!، قلت: نعم أْعترف ولكنني كنت في لحظة غضب لماذا لا تجيب عليَّ؟ قال: أتدرين انها كانت تثير ضحكي، فاستغربت فقلت: كيف ذلك؟ قال: لأنك مهما تقولين فهذه الكلمات لا تخرج من قلب عرفته وأحببته، قلت: آسفة وأنا لم أقصدها، قال: أدري ولكن غضبك جميل!! أتذكرين رسالتك التي تطالبين فيها بكتبك بحجة الامتحان؟ قلت: نعم، قال: هل بالفعل لديك امتحان؟ قلت: لا، قال: أدري ولكن عندما باءت خططي بالفشل لجأت الى حجة الامتحان حتى أستعجل في الرد، قلت: صحيح ما قلت، قال: حتى لو ذكرت فأنا أعرفك أكثر من معرفتك بنفسك!! قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأنني أعيش بداخلك؟ فقلت: أتحبني؟؟!! قال: بل أموت على آثار أرجلك فكيف أنتِ··· قلت له: سأغلق الهاتف، قال: لماذا؟ قلت: هكذا لا أريد أن أتحدث، قال: متى أستطيع أن أعاود الاتصال؟ قلت: لا أريدك ان تتصل لأنني سأغلق الهاتف وأغير رقمي، قال: سأبحث عنك تحت الأرض وسآتي مكان عملك وسأسبب لك الازعاج وأقول موظفتكم الموقرة لا تحترم المراجعين، فضحكنا معاً ضحكة أعادت الروح الى الماضي، قلت: لماذا هذا كله·· قال: لأنك أنتِ بكل بساطة·· مرة أخرى طلبت أن أغلق الهاتف·· قال: سأتصل بك لاحقاً، قلت: لا أريد، قال: سأتصل، قلت: لا، قال: بل سأتصل، قلت: لا، لا، لا، قال: هل أتصل: قلت أتمنى······ فضحك، سألته عن سبب الضحك قال: لأنني أعرفك ولا تكثري السؤال حول كيف ولماذا؟ فقلت له: إن شاء الله··· قلت: مع السلامة، قال: تحملي على نفسك ، فشكرته وأغلقت السماعة، وأغلقت معها أنفاسي·· وسرحت بعيداً ووضعت رأسي على الوسادة لاكمل رحلة الحب وحدي، حتى سمعت طرقة باب قوية كادت تكسره وصوت صارم قوي··· صوت يوقظني ويقول: يالله يا ست الحسن وراج دوام ؟؟ فتحت عيناي، واكتشفت لحظتها فقط انني أحلم؟ ولا يوجد رجل أصلاً في حياتي؟ ولا توجد أصلاً قصة حب عمرها خمس سنوات؟ وليس هناك أثر لرجل صامت!!!
سميرة عمر - العين