الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 35 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقد المسلَّمات!

نقد المسلَّمات!
29 ديسمبر 2010 20:32
ما زال المفكر العربيّ المعروف أدونيس (علي أحمد سعيد) يقدّم الى القارىء العربيّ جديده الفكريّ على طبق من النقد الفلسفي والأدبي، متابعا منهجه، موجها سهامه الى الواقع الديني والبنى السياسية العربية ومعهما المواطن العربي. وعن دار الآداب في بيروت، صدرت الطبعة الأولى من كتابه “الكتاب الخطاب الحجاب” الواقع في مئتين وست صفحات من القطع الصغير، مقسما الى ثلاثة أقسام؛ الأول: النص والحقيقة، والثاني: السياسة والحقيقة، والثالث: شذرات. تكثر العناوين التي تحمل على القيود التي تكبل حرية الانسان وتمنعه الابداع والحوار مع الآخر، اذ محاولة التفكير تقابل بالتكفير، والمشكلة في نظر أدونيس “عندما يصبح النص الديني معيارا في النظر الى النصوص غير الدينية” والتكفير في هذه الحال يدمّر ما أعطاه الخالق للانسان: عقل، حرّية، ارادة... والذين يكفرون يعطون لأنفسهم حقوقا لم يعطها الخالق لمرسليه وأنبيائه. ومن هذا المنطلق يشكك الكاتب في مقولة الحوار بين الديانات والثقافات والحضارات،زاعما: “أنّ المارسة الدينية في الأديان الوحدانية الثلاثة تخلق بين الدين والانسان هوة تزداد اتساعا وعمقا، وتشكل عائقا كبيرا بين الانسان والحقيقة”، وحتى يقوم حوار بيننا وبين الآخر يجب أن يكون لدينا شيء نعطيه له مقابل أخذنا منه، فهل لدينا شيء نعطيه؟ وبعد أن يتوقف مليا عند هذا التناقض، يؤكد أن المسلمين اليوم يواجهون خيارين: إما الاستمرار حياة وثقافة في التوكيد على مفهوم الأمّة الدينية. وإما الخروج منه الى مفهوم مدني انساني... وفي الاسلام ولغة المستقبل تنطلق المواقف الناقدة التي تضع اللوم في التخلف على الداخل العربي لاعلى الخارج الغازي والمستعمر لأنّ العلل كامنة فينا، وانّ الاسلام اذا أراد أن يتقدّم فعليه أن يتكلم لغة المستقبل، وجوهر هذه اللغة، هو أنّ كلّ شيء يجب أن يكون لخدمة الانسان. وفي السياق عينه يتناول ثقافة الفتوى في العالمين العربي والاسلامي التي تحجب الحقيقة، وتقتل الحرّية والفرادة. والحقيقة السياسية التي يصوّب باتجاهها أدونيس تضع صورة قاتمة للحركتين الثقافية والسياسية، فهو”يفاجأ بحيوية الشعب مرتبطة على الأخص بالهمّ اليومي المرتبط هو الآخر بالنظام وسياساته الداخلية، وهناك صراع عميق صامت بين ارادتين: الأولى تعمل على أن يكون الشعب جزءا من النظام. والثانية تعمل على أن يكون النظام نظرا وعملا جزءا من الشعب. وفي النهاية يشكل كتاب أدونيس حلقة مكملة لما نشره سابقا، ووصلة متشابهة من الآراء المأثورة عنه، وخاصة تعنيفه المستمر للثقافة العربية بمؤسساتها ورجالها وأفكارها، لأنها تخرج من زمن الابداع الى زمن التكفير، ومن زمن التفكير الى زمن المتع الحسية، والرضى بالواقع، والاستسلام للتبعية، وأنّها لم تتمكن من صياغة مشروع حضاري لانشاء حياة مدنية قوامها احترام العقل وحقوق الانسان. واذا كان الواحد منا يتفق معه في بعض المواضيع من حيث استهلاكنا غير العقلاني للتكنولوجيا، غير أنّه يصعب التسليم دائما بالصورة الناصعة للحضارة الغربية العلمانية التي تتخبط في كثير من المشاكل الروحية، وتتحمل مسؤولية نهب المستعمرات، واشعال الحروب لتمويل رخائها واستقرارها، فأين حقوق الانسان، وأين الحريات؟ أليس من حقّ الآخرين أن يعيشوا؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض