الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة أوباما··· وثمن الفشل في باكستان

إدارة أوباما··· وثمن الفشل في باكستان
10 مارس 2009 01:17
أواخر الشهر الماضي، أدى قائد الجيش الباكستاني الجنرال إشفاق كياني زيارة لم يعلَن عنها إلى البيت الأبيض للاجتماع مع مستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي الجنرال المتقاعد جيمس جونز؛ ولكن الاجتماع لم يتم على نحو جيد· ففي المحادثات بين الجنرالين، حث جونز ضيفه كياني على شن حرب أكثر قوة وشراسة ضد المقاتلين الإسلاميين في غرب باكستان، بدءاً بوادي سوات حيث وسّع المتشددون نفوذهم هذا العام، ولكن رد كياني كان مجرد تطمينات فضفاضة بأنه سيبحث المسألة باهتمام· والواقع أن إدارة أوباما لم تنتهِ بعد من مراجعة السياسة الأميركية تجاه أفغانستان وباكستان، والتي ينتظر أن تدوم ستين يوماً، غير أن كبار المسؤولين وصلوا منذ فترة إلى خلاصة مهمة مؤداها أن باكستان، إلى جانب أفغانستان، هي الجبهة الرئيسية للحرب على التطرف اليوم· ذلك أن باكستان، التي تملك السلاح النووي، تواجه مشاكل بالجملة، ومن ذلك ازدياد التطرف في وقت تبدو فيه الحكومة والجيش غير قادرين على وقف هذا الاتجاه· واليوم، يدير كل من بن لادن والملا محمد عمر عملياتهما انطلاقاً من حدود البلدين· كما يقوم المقاتلون المحليون المتحالفون مع ''القاعدة'' بتوسيع حكمهم في مزيد من المناطق في وقت تبدو فيه الحكومة الموالية للولايات المتحدة مشلولة· وفي هذه الأثناء يحاول الجيش إرضاء وتهدئة الأميركيين والإسلاميين معاً· وعليه، فماذا ستفعل إدارة أوباما؟ بداية، سترسل مزيداً من المساعدات· فالحكومة تنوي أن تطلب من الكونجرس 1,5 مليار دولار إضافية كل عام على مدى خمس سنوات على الأقل -من أجل دعم حالة سياسية لا تثق فيها· أما في حال لم تف المساعدات بالغرض، فهناك دائماً تلك الصواريخ التي تطلقها طائرات بدون طيار؛ فإدارة أوباما واصلت، بل كثفت، حملة الضربات الجوية السرية التي كانت تتبعها إدارة بوش وتنفذها طائرات غير مأهولة ضد زعماء ''القاعدة'' المشتبهين في باكستان· ويبدو مهندسو حملة الضربات الجوية التي تديرها الـ''سي آي إيه'' متحمسين ومتفائلين بنجاحها حيث قال المكلف بالإرهاب في إدارة بوش خوان كارلوس زاراتي الأسبوع الماضي: ''لقد باتت القاعدة على وشك أن تُهزم''· ولكن آخرين يختلفون معه في الرأي حيث يقول عميد خبراء الإرهاب في أميركا بروس هوفمان: ''إن القاعدة تكسب لأنها بصدد قطع خطوات على طريق زعزعة (باكستان) وتأمين معقل لها''· ومما لاشك فيه أن الضربات الجوية عرقلت أنشطة المنظمة الإرهابية وقوضت قدرتها على تنفيذ مخططات مثل هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت نيويورك وواشنطن؛ ولكنها على الميدان تولِّد غضبا كبيرا ضد الولايات المتحدة لأنها تقتل المدنيين والإرهابيين معاً، أحياناً دون تمييز كافٍ· بل إن ثمة دلائل على أن الضربات التي تنفَّذ في المناطق الحدودية ربما تؤدي إلى تغلغل المقاتلين أكثر داخل باكستان· ولذلك، فإن مستقبل باكستان مهم جداً بالنسبة للولايات المتحدة مخافة التحول إلى ملاذ للإرهابيين الذين غزت القوات الأميركية أفغانستان من أجل القضاء عليهم أصــلا· وعندمــا تسلل بن لادن والملا عمر عبر الحدود إلى باكستان عام ،2001 وجدا المأوى في الجبال لدى رجال القبائل البشتونية المتعاطفين· وكان إسلاميو باكستان الموالون لـ''طالبان'' آنذاك مشرذمين ومتخاصمين وضعفاء نسبياً؛ ولكن خلال السنوات التي تلت ذلك، نمت ''طالبان الباكستانية'' وشكلت تحالفات جديدة وحاربت قوات الأمن التابعة للحكومة -وأحكمت قبضتها على المناطق القبلية الغربية التي لم تكن في يوم من الأيام، في الواقع، خاضعة للسيطرة المركزية تماماً· واليوم تؤكد أفرع ''طالبان'' نفوذها في جهات خارج المناطق القبلية، ومن ذلك وادي سوات الذي لا يبعد عن العاصمة إسلام آباد سوى 100 ميل إلى الشمال الغربي، وحيث استقوت مجموعة من ''طالبان'' وأرغمت الجيش على التفاوض حول وقف لإطلاق النار، وفرضت شكلا صارماً من تطبيق الشريعة، حسب فهمها· وربما لا يمكن للولايات المتحدة أن تتوقع مساعدةً كبيرة من الرئيس الباكستاني المدني آصف علي زرداري؛ الذي يسعى جاهداً اليوم إلى إنقاذ شعبيته الآخذة في الهبوط بين الناخبين الباكستانيين· كما أنه شدد الأسبوع الماضي على أن الزعماء الجدد في منطقة سوات هم مجرد ''رجال دين محليون تقليديون''· ولذلك، فإن إدارة أوباما لم تثق كثيراً بتطمينات الجنرال كياني من أنه سيبحث استراتيجية لإعادة فرض وتأكيد سلطة الحكومة في وادي سوات· وفي هذا السياق قال لي مسؤول أميركي الأسبوع الماضي: ''لقد استولى وحش فرانكنشتاين على المختبر، ويهدد الآن بالانتقال إلى المطبخ وغرفة المعيشة''، ولكن الباكستانيين ''لم يقرروا بعد قتل ذلك الوحش''· وفي هذه الأثناء، يأمل المسؤولون الأميركيون أن يساهم ازدياد خطر العنف في تغيير توجهات الرأي العام الباكستاني· والواقع أن غالبية رجال النخبة السياسية في البلاد -بمن فيهم زرداري، العلماني الذي يعلم أنه على قائمة المستهدَفين من قبل ''طالبان''، وأنه قد يلقى مصيراً مشابهاً لمصير زوجته- متوجسون وقلقون من صعود المد الأصولي· غير أن الباكستانيين العاديين منقسمون على أنفسهم حيث وجد استطلاع للرأي أجري العام الماضي أن 63 في المئة يعارضون التعاون مع الولايات المتحدة في هذا المجال· ومنذ الحادي عشر من سبتمبر أرسلت إدارة بوش أكثر من 10 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لباكستان؛ ولكن معظم هذه المساعدات ذهب لتقوية القوات التقليدية داخل الجيش الباكستاني في إطـــــار التنافس مـــع العــــدو التقليدي -الهند- بدلا من أن يذهب لدعم وتعزيز قوات محاربة التمرد على الجبهة الغربية· وقد جدد كياني وزملاؤه مؤخراً طلب الحصول على المزيد، ومن ذلك طائرات هيلوكبتر وطائرات بدون طيار، وهو ما يشي بأن مفاوضات صعبة تلوح في الأفق· ولكن فكرة الإدارة الأميركية الحالية هي زيادة كبيرة في المساعدات الاقتصادية من أجل بناء الطرق والجسور والمدارس في بلد فقير على نحو يبعث على اليأس، على أمل أن تساعد مثل هذه الأمور الحكومةَ المدنية على الفوز بدعم الشعب ضد ''طالبان''· وفي غضون عام سيطلب أوباما زيادة الضرائب وحزمة أخرى لإنقاذ البنوك وإصلاح الرعاية الصحية، وسيكون من الصعب عليه حينها إقناع الكونجرس بإرسال مليارات أخرى من المساعدات إلى بلد قيادته المدنية هشة، وزعماؤه العسكريون غير متعاونين، وعدد كبير من سكانه يعارضون التعاون مع الولايات المتحدة؛ غير أن البدائل لتقديم مثل تلك المساعدات تبدو أسوأ بكثير· دويل ماكمانوس كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©