بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية المنفذة والمعلنة حتى الآن في سوريا نحو 93 مليار درهم (25 مليار دولار) موزعة على العديد من القطاعات، منها توليد الطاقة الكهربائية والصناعة والبنية التحتية والتنمية العقارية، بحسب معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التجارة الخارجية.
وأكدت معاليها، خلال كلمتها بملتقى رجال الأعمال الإماراتي السوري في دمشق أمس أن دولة الإمارات تعد من أكبر الدول المستثمرة في سوريا.
وأوضحت أن سوريا تعد إحدى أهم المحطات للاستثمارات الإماراتية التي تتمتع ببعد عربي في توجهاتها الخارجية، مشيرة إلى أن النشاط المتميز والكثافة الملحوظة في توافد الشركات الإماراتية للاستثمار في سوريا يثبت هذا التوجه الإماراتي.
حضر افتتاح الملتقى معالي الدكتور محمد الحسين وزيرة المالية السوري ومعالي لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية وعدد من الوزراء السوريين وحشد من رجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية وأعضاء الوفد الإماراتي المرافق.
وأضافت أن النوعية المتميزة والعدد الكبير من الشركات الإماراتية الموجودة في هذه الزيارة وتنوع نشاطاتها يؤكد حرص الإمارات على تطوير العلاقات الاقتصادية مع سوريا واستكشاف المزيد من فرص التعاون التجاري والاستثماري.
وأكدت معاليها أن الشركات الإماراتية تتمتع بمكانة قوية واستراتيجيات استثمارية طموحة وهي تقف اليوم على أرضية صلبة تجعلها أكثر قدرة على الاستفادة من الفرص الاستثمارية الجيدة في الدول العربية والعالم.
ولفتت إلى تركيز الشركات الإماراتية في استثماراتها الخارجية على البعد الاجتماعي والإنساني والتنموي في البلدان التي تستثمر فيها من خلال إقامة مجمعات صناعية وسكنية ومشاريع اقتصادية وتنموية حيوية تنعكس إيجابا على المجتمع والاقتصاد المحلي وتعمل على تشغيل الأيدي العاملة المحلية، منوهة باستمرارها في هذه الاستراتيجية كونها من أهم عوامل ترحيب الدول ومجتمعات العالم للشركات الإماراتية ونجاح استثماراتها.
وأكدت معالي الشيخة لبنى القاسمي في كلمتها عمق العلاقات بين دولة الإمارات وسوريا والمدفوعة دائما بالحرص على تعزيزها في مختلف المجالات، خاصة التجارية والاستثمارية والرغبة للارتقاء بها في ظل توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله والرئيس السوري بشار الأسد.
ولفتت إلى أن هذا التميز في العلاقات الثنائية يساهم في بناء قاعدة متينة من التعاون المشترك، خاصة في المجال الاقتصادي وإقامة مشاريع تنموية تصب في مصلحة البلدين.
التبادل التجاري
وأوضحت معاليها أن قراءة المشهد التجاري بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية تشير إلى الارتفاع الملحوظ في قيمة التبادل التجاري من حوالي 259 مليون دولار في عام 2005 إلى حوالي 322 مليون دولار في عام 2009 بنسبة نمو 24% حيث زادت صادرات الإمارات إلى سوريا، بما فيها سلع إعادة التصدير بنسبة 16% من حوالي 172 مليون دولار إلى حوالي 201 مليون دولار، فيما ارتفعت صادرات سوريا إلى الإمارات بنسبة 40% خلال هذه الفترة لترتفع من 86 مليون دولار إلى 121 مليون دولار.
ولفتت إلى أن الانخفاض في وتيرة التبادل التجاري بنسبة 16% عام 2009، مقارنة بعام 2008 يعد استثنائيا بسبب الأزمة المالية العالمية وما تركته من آثار على حركة التجارة الدولية التي شهدت انخفاضا بنسبة 11%.
وقالت معاليها “إذا كانت هذه الأرقام تجعلنا نشعر بالتفاؤل لكنها في الوقت ذاته تبقى من دون الطموحات وأقل من الإمكانات الكبيرة القائمة في اقتصاد البلدين مما يضع مسؤوليات كبيرة للارتقاء بالعلاقات الثنائية عبر إيجاد الوسائل المتطورة وابتكار الأساليب العصرية التي تحقق المصلحة المشتركة، خاصة أن استعراض مسيرة العلاقات الثنائية تظهر أن حكومة البلدين قد أنجزت الكثير من الاتفاقيات الأساسية التي تشكل الأرضية المناسبة لدفع التعاون التجاري خصوصا، والاقتصادي عموما إلى الأمام، منها اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني واتفاقية منطقة التجارة الحرة واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات”.
وأكدت معاليها أن المسؤولية في تعزيز التعاون الاقتصادي، خاصة في الجانب التجاري والاستثماري، يقع على عاتق رجال الأعمال والمستثمرين والقطاع الخاص الذين يشكلون المحرك الأساسي لدفع العلاقات إلى الأمام وترجمة الاتفاقيات والتفاهمات المشتركة على أرض الواقع مع استعداد الجهات الحكومية المعنية بمناقشة المقترحات والآليات الجديدة من قبل القطاع الخاص لدفع العلاقات التجارية الثنائية.
دعم إماراتي
وهنأت معاليها سوريا لحصولها على صفة عضو مراقب في منظمة التجارة العالمية مؤكدة دعم الإمارات لسوريا في عملية التفاوض التي تقوم بها للحصول على العضوية الدائمة لها في منظمة التجارة العالمية واستعدادها لتقديم أشكال الدعم الفني المطلوب.
واستعرضت معاليها التطورات الاقتصادية في الإمارات، مؤكدة أن الاقتصاد الوطني نجح في تقليص تداعيات الأزمة المالية العالمية وتجاوز تأثيراتها وذلك بحكمة القيادة ومتانة الاقتصاد وقوة الشركات وصلابة وحرفية الإجراءات المنفذة.
وأوضحت أن مؤشرات اقتصاد دولة الإمارات خلال العام الجاري تعد مشجعة وإيجابية إذ يتوقع أن ينمو الاقتصاد الوطني بنسبة 3,2 في المائة ليتجاوز الناتج المحلي للدولة حاجز التريليون درهم، في الوقت الذي أثبت أداء عدد من القطاعات الاقتصادية في الإمارات، وأبرزها التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية أن الإمارات تمضي قدماً في مسيرة النمو والازدهار.
وأضافت أن التنوع الاقتصادي، الذي وصلت إليه الإمارات بنسبة 71 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي عام 2009، يعكس النهج السليم للاستراتيجية الاقتصادية، والتي تتوسع الآن نحو قطاعات جديدة مثل الطاقة البديلة والطاقة النووية والتكنولوجيا والسياحة والصناعات الثقيلة والمتقدمة.
وأضافت أن الوضع المالي والمصرفي في دولة الإمارات قويا في الوقت الذي تواصل فيه المؤسسات المالية والمصرفية نموها بخطى واثقة ومدروسة إذ ارتفع رصيد محفظة الودائع لدى البنوك العاملة في الدولة إلى 287 مليار دولار خلال شهر أكتوبر الماضي وازدادت الودائع الحكومية إلى 55 مليار دولار، فيما زاد النقد المتداول والودائع تحت الطلب لأقل من ثلاثة أشهر إلى 63 مليار دولار مما يعكس ثقة المتعاملين في النظام المصرفي الإماراتي.
ودعت معاليها الشركات الإماراتية والسورية في ختام كلمتها إلى ترجمة الفرص المتعددة والمتنوعة في سوريا والإمارات إلى مشاريع تنموية تصب في المصلحة المشتركة، مؤكدة أهمية صناعة الفرص بدل انتظارها للقدوم.
من جانبه، أكد معالي الدكتور محمد الحسين وزير المالية السوري أهمية التواصل والحوار بين القطاع الخاص في البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي في القطاعات كافة.
واستعرض معاليه المقومات الاستثمارية في سوريا من الناحية المالية والضريبية مؤكدا أن الوضع الاقتصادي والاستثماري في سوريا اليوم يختلف كثيرا عن ما كان في الفترة السابقة، خاصة من حيث تقديم الحوافز المالية والضريبية للمستثمرين والانفتاح الكبير في القطاع المصرفي، حيث يوجد في سوريا الكثير من البنوك العربية والعالمية.
وأكد أن الحوافز الضريبية الممنوحة للمستثمرين العرب والأجانب تعد منافسة لكثير من دول العالم، في الوقت الذي يمكن للمستثمرين إخراج الأرباح بحرية تامة.
ولفت إلى نظام النافذة الواحدة التي تطبقها سوريا في تسهيل إجراءات المستثمرين بحيث يمكن خلال ساعة واحدة الحصول على التراخيص الاستثمارية اللازمة بعد تخصيص الأرض التي سيتم عليها بناء المشروع.
بدورها، أكدت معالي لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية الفرص الاستثمارية المتعددة والمتنوعة في الاقتصاد السوري الذي ينمو بمعدلات جيدة مقارنة بالفترة السابقة، مشيرة إلى الفرص الاستثمارية القائمة في قطاعات الصناعة والسياحة والطاقة الكهربائية والنفط والغاز والبنية التحتية وغيرها من القطاعات الحيوية.
ولفتت إلى أهمية هذه اللقاءات في الحوار والتواصل بين القطاع الخاص في البلدين مبدية استعداد الجانب السوري على حل المعوقات والصعوبات التي تواجه المستثمرين الإماراتيين في مختلف القطاعات الاقتصادية.
كما قدم الدكتور أنس الكزبري رئيس مجلس إدارة شركة إنفست للاستثمار في سوريا عرضا توضيحا لفرص استثمارية في مجال الطاقة المتجددة يعمل على توليد الطاقة الكهربائية بالرياح مستعرضا الجدوى الاقتصادية للمشروع وفوائد المستقبلية وقدراته الإنتاجية.
ودعا المستثمرين الإماراتيين للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في سوريا كونها تمتلك مقومات كثيرة في هذا المجال الحيوي.
عقب ذلك دار حوار موسع بين رجال الأعمال الإماراتيين ومسؤولي الجهات الحكومية السورية والمستثمرين السوريين حول فرص الاستثمار الممكنة في سوريا وكيفية التعاون للاستفادة منها في بلورة مشاريع حيوية تحقق المصالح المشتركة.