27 ديسمبر 2010 20:25
لايزال العنف الممارس ضد النساء ضارباً بجذوره في المجتمع المغربي رغم الحملات والقوانين التي استهدفت محاربة هذه الظاهرة المشينة، هذا ما كشف عنه تقرير للمرصد المغربي للعنف ضد النساء، الذي أكد وقوع 26 ألف حالة عنف مورست ضد النساء في العام الحالي، ويكشف هذا الرقم الذي تم تسجيله في عشرة مراكز استماع تشرف عليها الجمعيات المنخرطة في المرصد بمدن مغربية مختلفة، عن حجم انتشار ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة وهول المآسي الاجتماعية والآثار النفسية والجسدية والاقتصادية المترتبة عنه.
ثقافة الصمت
يرى الباحث الاجتماعي محمد الشريفي أن العنف ضد المرأة لا يستثني أي طبقة فالزوجات والطالبات والعاملات والعاطلات معرضات للعنف وسوء المعاملة سواء في البيت أو في الشارع أو العمل، وإن كانت الزوجات أكثر عرضة للعنف من غيرهن لأنهن يأتين في مقدمة ضحايا العنف في كل الدراسات والتقارير.
ويؤكد أن ظاهرة العنف ضد النساء تأخذ مدى أوسع في الطبقات الفقيرة والمعوزة بحكم الظلم الذي يعاني منه أفراد هذه الطبقة وانعكاس القهر على الطرف الأضعف فيها، إضافة إلى رسوخ الثقافة التقليدية التي تبرر العنف وتشجع على السكوت عنه. ويشير الباحث إلى أن الأزواج يبررون ضرب الزوجات بإهمال البيت أو الأطفال، أو الخروج من المنزل دون إذن، وعدم الطاعة، وعدم إظهار الاحترام لوالدي الأزواج.
وعن أشكال ومظاهر العنف، يقول الشريفي إنها عديدة ومتباينة وتبدأ بالضرب والركل والدفع والعض، ثم التوبيخ والتعنيف والصراخ والشتم والسباب، وتنتهي بالإهمال والتجاهل والتهديد بالطلاق، مؤكدا أن ظاهرة العنف ضد النساء منتشرة بشكل واسع، وأن الأرقام المسجلة بعيدة عن الواقع لأن الضحية في الغالب لا ترغب في الحديث عن العنف الذي يمارس ضدها وتلجأ إلى إخفائه وإنكار تعرضها للسلوك العنيف حرصاً على العلاقة الأسرية ومصلحة الأطفال.
عنف متواصل
يبين تقرير، صدر مؤخرا عن المرصد المغربي، أن ظاهرة العنف ضد النساء يمارس بنسبة أعلى من 70 بالمائة لدى فئة الشابات المتراوحة أعمارهن ما بين 18 و40 سنة، ويمارس العنف بنسبة أقل لدى النساء في سن الـ50 سنة، لكن المرصد أكد أن الظاهرة تعاني منها أيضا نساء يفوق سنهن الـ60.
ويوضح التقرير أن المتزوجات هن الأكثر عرضة للعنف حيث تصل نسبتهن إلى 55.32 بالمائة، كاشفا أن التعنيف لا يطال النساء المتزوجات فحسب، بل أيضا المطلقات بـ7 بالمائة، والفتيات العازبات بـ5 بالمائة، والأرامل بـ2 بالمائة.
كما أنه لا يقتصر على الأميات اللاتي يشكلن نسبة 32.64 بالمائة من النساء المعنفات، بل أيضا يمارس ضد المتعلمات بنسب متفاوتة حيث تمثل اللواتي لم يتجاوز مستواهن الدراسي الابتدائي 27 بالمائة من المعنفات، والمتعلمات البالغات المستوى الثانوي 33 بالمائة، والجامعيات 6.65 بالمائة.
ويكشف التقرير نفسه أن نسبة النساء المعنفات في صفوف ربات البيوت الوافدات على مراكز الاستماع تقدر بـ 43.62 بالمائة، بينما 16 بالمائة منهن عاطلات، وتنال فئة النشيطات والممارسات لمهن مختلفة نصيبها من العنف، حيث شكلت الموظفات والمستخدمات والعاملات حوالي ربع الوافدات على المراكز بنسبة تقارب 25 بالمائة.
ويكشف التقرير أن النتائج الإحصائية تبين أن الزوج هو المتهم بأغلب حالات العنف ضد النساء في المغرب، حيث أن أكثر من نصف الحالات المرصودة بنسبة 50.12 بالمائة هي لأزواج. ويضيف أن العنف الذي تعرضت له المشتكيات صدر أيضا عن الطليق بنسبة 6 بالمائة، كما صدر عن الصديق والخطيب وكذا الأب والأخ والمشغل والزميل.
أكثر أنواع العنف ممارسة
عن أكثر أنواع العنف الممارس ضد النساء كشف التقرير أن العنف النفسي يحتل الصدارة في النتائج الإحصائية لتصريحات المعنفات، إذ بلغ عدد الأفعال المصرح بها 13 ألفاً و174 فعلاً عنيفاً شمل الإهانات والتبخيس والتهديد بالضرب أو بالطرد أو بالتعدد أو بالطلاق، بل حتى التهديد بالقتل وغيره من الأفعال الخطرة المؤدية إلى إصابة الضحية بأمراض نفسية بلغت حد الإقدام على الانتحار.
ومن أجل الحد من هذه الظاهرة، ينتظر أن تقر الحكومة المغربية قانونا يجرم العنف ضد المرأة داخل الأسرة، خاصة العنف الزوجي، الذي يشكل نسبة عالية من أشكال تعنيف النساء.
استراتيجية محاربة العنف
وضعت وزارة التنمية الاجتماعية استراتيجية لمحاربة العنف المبني على النوع، ويتضمن هذا البرنامج المتعدد الأطراف تنظيم حملات سنوية لمناهضة العنف المبني على النوع وتتبع وضع منظومات معلوماتية مؤسساتية حول العنف المبني على النوع، وتعزيز قدرات مراكز الاستماع لفائدة النساء ضحايا العنف، ومحاربة الصور النمطية ونشر ثقافة المساواة، وتنفيذ مخطط لتحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام.
المصدر: الرباط