الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خليفة المحرزي: الأبناء وحدهم يتجرعون مرارة انهيار الكيانات الأسرية

خليفة المحرزي: الأبناء وحدهم يتجرعون مرارة انهيار الكيانات الأسرية
26 ديسمبر 2010 19:48
كثير من الزوجات يعتقدن قبل الانفصال عن أزواجهن أن بحصولن على «صك الطلاق» ستنتهي الكثير من المشكلات التي يعانين منها مع شركائهن، لكن ما أن يحصل هذا الانفصال حتى يبدأ الشعور بفداحة المصيبة وعظم الخسارة، وأنها بداية لمعاناة جديدة، خاصة وأن للطلاق تبعات نفسية مدمرة تؤذي كافة الأطراف ويكون المتضرر الأول هم «الأبناء»، وأن الضرر الواقع عليهم يصيب جميع النواحي النفسية والاجتماعية والصحية والاقتصادية. يؤكد خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي أن النزاعات الأسرية تتواصل بعد الطلاق، وتتركز حول ثلاثة جوانب رئيسية هي «النفقة، والرؤية، والحضانة» وتؤدي تلك الجوانب إلى فقدان الشعور بالأمان و الثقة. بل وفقدان الاحترام بين الطرفين، لتبدأمرحلة جديدة من الصراع لكلا الطرفين بعدأن اعتقدوا أن المسألة قد انتهت. ويشير المحرزى إلى آخر إحصائية قام بها المركز الاستشارى الأسري في دبي، ويقول:«إن المركز قام بدراسة بحثية عشوائية لنحو 66 مطلقة من عدة جنسيات مختلفة، وأشارت الدراسة إلى أن 80% من مشكلات مابعد الطلاق تتعلق بالنفقة والرؤية والحضانة، وهذا يرجع إلى دوافع الأزواج إلى الانتقام من الزوجة فقط دون أن يفكروا في أى اعتبارات أخرى، أو ما الذنب الذي اقترفه الأبناء؟». ويكمل المحرزي:«إن مسؤولية الأبناء لا يمكن أن تنتهي عند أحد الطرفين بمجرد أن ينفصلا شرعياً وقانونياً، لما يترتب على الطلاق من التزامات ومسؤوليات مادية وتربوية للطرفين. فحتما سيؤثر ذلك على سير العلاقة الطبيعية التي غالباً ما تقود إلى «حرب شرسة» خاصة فيما يتعلق بالحضانة، مما يؤدي إلى تراكمات ورواسب نفسية تؤثر في طبيعة الأطفال وشخصياتهم في المستقبل، وتخلف آثاراً نفسية واجتماعية سلبية للغاية. فالأزمة النفسية للطفل التي تعقب عملية الطلاق تتمثل في الشعور بالإحباط والخلل العاطفي وخيبة الأمل وفقدان الأمان النفسي والأسري. ويتشتت النسيج الاجتماعي الذي يصعب إعادته إلى ما كان عليه، مما يهدد مرحلة التوافق مع الحياة بعد الطلاق. وعادة ما تسبب تلك الممارسات القاسية في حق الأطفال الأبرياء حالات عديدة تعاني من عدم التوافق الاجتماعي والتشتت والاكتئاب والقهر النفسي والتي تعد من أبرز مشاكل ما بعد الطلاق». السلوك العدائي تتلخص تلك الممارسات كما يؤكدها المحرزي من خلال السلوك العدائي من قبل أحد الطرفين تجاه الآخر، حيث تشير الأبحاث إلى أن «الرجال هم أكثر نسبة من النساء في سلك هذا السلوك» لأسباب اجتماعية عديدة منها إحساسه بأن هناك عيباً في تكوينه الاجتماعي وبالتالي يشعر بالسخط أو انعدام الثقة أمام مطلقته فيتعمد الانتقام والتعامل بقسوة غير إنسانية معها». ويضرب المحرزي أمثلة واقعية من الواقع لحالة زوجة حصلت على الطلاق من المحكمة، ويقول:« تعاملت مع حالة زوجة حصلت على حكم الطلاق من المحكمة وحصل الزوج بموجب الاتفاقية على حقه في رؤية الأبناء ساعتين في الأسبوع لكنها لم تلتزم برؤية الأب للأبناء، ولا ترضي أن تريه الأبناء أو حتى تريهم لوالدته أو ترد علي اتصالاته بهم». ويوضح المحرزي أثر ابتعاد الأبناء عن الأب ويقول:« أحد الأطفال توفي بمرضه ولم تخبر الأم الزوج بالأمر رغم مرور شهر تقريباً علي وفاة الطفل!». سوء المعاملة «أم علي».. سيدة مطلقة، وأم لثلاثة أطفال، جميعهم دون الثامنة من العمر، عانت هي وأطفالها الأمرين من سوء وقسوة معاملة الزوج الذي لايراعي الله ولا كل القيم والأخلاقيات، وفي الوقت الذي يفترض فيه أن يكون هو الملاذ الآمن لزوجته وأبنائه، وتقول عن معاناتها:«زوجي إنسان غير طبيعي، فكثيراً ما يتحول إلى «وحش كاسر» يتلذذ بتعذيبي مع أبنائي بلا ملل . وحينما أصبحت الحياة لاتطاق مع ذلك الرجل طلبت منه الطلاق، لكنه رفض وتركني معلقة أكثر من خمس سنوات، وحينما يئست من أن يطلقني بالمعروف لجأت إلى المحكمة وطلبت الطلاق، فحصلت عليه كما حصلت على حق الحضانة الشرعية للأبناء، لكنه رفض تسليم الأبناء، ولم تقم الجهات التنفيذية بمتابعة تنفيذ حكم المحكمة والتحقق من التزامه بتسليم الأبناء لي حتى الآن». أقول الحقيقة «أبو راشد» الذي طلق زوجته وعمر ابنه آنذاك تسعة أشهر يقول: «طلقت زوجتي وحصل الانفصال، وقد منعتني زوجتي من رؤية ابني حتى عندما طلقتها وأخذت الورقة، والآن أنا أزوره مرة إلى مرتين في الأسبوع، لكنه يبكي كثيراً حين أزوره. والآن أصبح عمره11 شهراً، ولا أعرف متى سيعرف أنني والده. ويصمت أبو راشد ويعاود الحديث بضيق متسائلاً: « هل أستمر في زيارته وهو في هذا العمر؟ وكم مرة في الأسبوع كافية؟ وعندما يكبر، ماذا أقول له عندما يسأل عن سبب الطلاق.. هل أقول الحقيقة له؟. ومن جانبها تقول أم أحمد «45سنة»، مطلقة، وأم لطفلين يقارب عمرهما سبع وخمس سنوات: « أعاني العذاب والضيق، فعندما يمر طليقي على أطفالي للرؤية الشرعية، يأخذهم معه، ويحتفظ بهم عند زوجته الجديدة ويرفض إرجاعهم إلا بعد مماطلة وعذاب». وتنهمر دموعها من عينيها لتحكي تفاصيل إذلال زوجها لها. وتقول:« أضطر حينها الذهاب إلى بيته والوقوف لساعات أمام الباب للمطالبة بإرجاع الطفل. لكنه دائما ما يهددني بأنه سيرفع علّي دعوى إسقاط حضانة لأني غير جديرة بتربيته. وتصف أم أحمد شعورها «بالطبع هذا الذل والإهانة من زوجي مؤلم لأي أم تحب أبنائها، فهي تريد المحافظة عليهم، وأن تقوم برعايتهم حق الرعاية وأخشى ألا يجدوا عند أبيهم الاهتمام الكبير والرعاية في ظل انشغال الكثير من الآباء في أعمالهم ومشاغلهم العملية أو التجارية في بعض الأحيان أو بالزواج من امرأة أخرى». ضحايا الطلاق لاألوم أبي أو أمي على أنهما فكرا في الطلاق، لكنني ككل الفتيات كنت أتمنى أن أعيش بين أحضانهما. هكذا وصفت شيخة سعيد معاناتها مع طلاق والديها. وتتابع حديثها بمرارة:« أريد أن أستمتع بحضنهما، فأنا حرمت من الحنان الأبوي منذ طفولتي التي عشتها بعيدة عن أحضان الأسرة الدافئة». وتحاول سرد ماتتذكره من أحداث وتقول:« أبي في الأصل هو ابن عم أمي التي تزوجت منه عندما كان عمرها 22 سنة، وعاشت معه في بيت كان يضم كل أفراد العائلة. وعاشت مع أبي وهي تحاول ما أمكن التأقلم مع هذا الجو. فكل أشغال البيت كانت تلقى على عاتقها،المهم لا داعي للخوض في أسباب طلاق أمي من أبي، فبعد ولادتي بستة أشهر طلق أبى أمي، واستمر في إرسال مبلغ مالي يعاد يكفينا، وبعد مدة امتنع عن إرساله فاضطرت أمي للعمل . وأشعر بالقهر حين أرى الأبناء وصديقاتي مع والديهم، فيما أنا لاأجد من يمسح رأسي أويقبلني أو يشترى لي هدية عيد ميلادي سوى والدتي التي ما زالت تضحى بكل شىء من أجل إسعادي». وتروي لولوة عبيد «16 عاماً» تجربتها مع طلاق والديها، وتقول: تجاوزت بالفعل محنة طلاق والدي، فطلاقهما مر عليه عامين بعد مشاجرات طويلة لم تنه إلا بالطلاق. ففي البداية تمنيت أن تستمر المشاجرات لكن نظل نعيش كلنا في أسرة واحدة، لكن بعد مرور الوقت اكتشفت أن قرار الطلاق كان صائباً، فنحن نعيش مع والدتنا في هدوءٍ ودون مشاحنات، وأبي يحرص على رؤيتنا باستمرار، لكن يبقى بداخلي شعور بعدم الأمان، وهذا يجعلني دائماً ما أسأل نفسي: ماذا لو تزوج والدي أو تزوجت والدتي؟ هل سنصبح أيتاماً؟ الأبناء ضحية يعود المحرزي ويؤكد :« هؤلاء الأطفال الذين يقعون ضحية لخلاف الآباء قد يستخدمون من أحد الطرفين «كسلاح لمحاربة الطرف الآخر» كما يجبر بعض الأبناء على العيش مع أهل الأب عندما يتم انتزاعهم من الأم، وعادة ما يكون هناك رفض كبير قد يصل إلى هروب الأبناء من تنفيذ حكم الحضانة». وينصح المحرزي الشريكين «الأزواج» بعد مرحلة الانفصال. ويقول :«لابد من كلا الطرفين التريث في شد حبل الخناق على الطرف الآخر، وضرورة تجاوز الأحقاد والضغائن والالتفات إلى المشاركة في المسؤوليات. عوضا عن المحاربة النفسية المستمرة. فليس هناك ضير أن اتفق الطليقان على نظام معين لمواصلة حياتهما بشكل طبيعي، فتقاسم المسؤوليات في حالة وجود أبناء يعكس أرقى صورالطلاق الناجح، لكن المسألة لا تعتمد على الطليقين فقط، بل على الظروف الاجتماعية المحيطة وخاصة أهليهما». ? قضايا الحضانة تشير الدراسات الاجتماعية التي تم تطبيقها في المجتمع الخليجي إلى أن قضايا الحضانة تمثل أحد أهم القضايا التي تشغل المحاكم والقضاة ،وخصوصا إذا ما تمت المماطلة من قبل الأزواج والذي قد يصل إلى حد الظاهرة في هذه القضية. ولاشك أن من يدفع الثمن في هذاالشأن هو الأبناء، وخصوصاً إذا ما تم استخدامهم من قبل أحد الزوجين كوسيلة ضغط على الطرف الآخر من غير مراعاة الوضع النفسي والاجتماعي لديهم».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©