حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس من خطورة التصعيد الإسرائيلي الجديد ضد قطاع غزة على عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين، فيما قدمت الحكومة الإسرائيلية شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بشأن “وابل من الصواريخ وقذائف الهاون” قالت إنها أطلقت على إسرائيل من القطاع خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال عباس، خلال استقباله ممثل الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الفلسطينية كريستيان بيرجر في رام الله، “إن أي عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة سيضع العملية السلمية برمتها في خطر حقيقي وسيؤدي إلى انهيار كافة الجهود الدولية الرامية إلى إنقاذ السلام”. وطلب من الاتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً أكبر في عملية السلام، خاصة لما “تتمتع به أوروبا من ثقل سياسي واقتصادي كبير يمكنها من التأثير على الأطراف كافة لدعم عملية السلام”.
وحذرت القيادة الفلسطينية أيضاً من أن التصعيد الإسرائيلي يمهد لعدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة، ودفع المنطقة برمتها إلى أُتون العنف والتدهور.
وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن إسرائيل تحاول استخدام الحلول العسكرية للتهرب من متطلبات السلام، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية تبذل كل جهد ممكن للوصول للمصالحة الوطنية الفلسطينية الداخلية، والدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ورأت مصادر سياسية فلسطينية أن التصعيد الإسرائيلي تجاه غزة، يؤشر إلى أن إسرائيل لا تريد شن عدوان جديد، بل تعمل على ارتكاب اعتداءات متفرقة لتسخين الوضع في القطاع بهدف تسليط الضوء الإعلامي والسياسي عليه، بعدما أجهضت المسيرة السلمية.
وأوضحت أن إسرائيل تحولت إلى قطاع غزة من أجل إشغال الفلسطينيين ومنعهم من تحقيق ما يريدونه من المفاوضات، خاصة إقامة الدولة الفلسطينية، وإلهاء الرأي العام العالمي والإقليمي. واعتبرت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأن الفصائل الفلسطينية هناك لديها صواريخ قادرة على إلحاق أضرار بدباباتها، تبريراً للعمليات العسكرية الانتقائية الموضعية المحتملة، من أجل حجب الأنظار عن فشل المفاوضات.
في الوقت نفسه، أعلن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية المقالة التابعة لحركة “حماس” طاهر النونو أن تلك الحكومة سترفع شكوى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان الدولي وكل الجهات ذات العلاقة بشأن التصعيد الإسرائيلي وتهديدات إسرائيل بمزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني.
وقال في مؤتمر صحفي في غزة “سنجري اتصالات مع العديد من الدول لشرح النوايا العدوانية لدى الاحتلال. وقد تم التواصل مع المسؤولين المصريين ووضعهم في صورة التهديدات”.
من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها قدمت شكوى إلى الأمم المتحدة من تزايد إطلاق الصواريخ والقذائف من قطاع غزة على مواقع عسكرية إسرائيلية ومستوطنات يهودية في النقب جنوبي فلسطين المحتلة.
وقالت في رسالة وجهها المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة ميرون روفن إلى رئيسة مجلس الأمن الدولي الأمن، مندوبة الولايات المتحدة، سوزان رايس وأمين عام المنظمة الدولية بان كي مون “إن حوادث الأيام الأخيرة تندرج في سياق تصعيد للهجمات الإرهابية انطلاقا من قطاع غزة”. وذكرت أن 3 صواريخ و18 قذيفة هاون تم اطلاقها منذ يوم الأحد الماضي.
وطلبت من المجلس والأمم المتحدة “توجيه رسالة واضحة وحازمة بأن هذه الاعتداءات غير مقبولة” وإيلاء مزيد من الاهتمام لمسألة “تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة لمواصلة إشعال العنف والاضطرابات في المنطقة”.
وخلصت إلى القول “إن إسرائيل تعتبر سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة (حماس) مسؤولة بالكامل عن كل هذه الحوادث. وردا على الهجمات، التي تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي، مارست إسرائيل وستواصل ممارسة حقها في الدفاع عن النفس”.
ميدانياً، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على الشريط الأمني الإسرائيلي الفاصل بين القطاع والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، أراضيَ زراعيه شرق حي شرق غزة بعشر قذائف مدفعية، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية فوق المدينة. وأعلن جيش الاحتلال أن قواته تعرضت لإطلاق نار عبر السياج الأمني بينما كانت تقوم بنشاطاتها بالقرب من مستوطنة “صوفا”.
وذكرت مصادر أمنية فلسطينية قوات الاحتلال داهمت بلدتي بيت كاحل وترقوميا جنوبي الضفة الغربية المحتلة واعتقلت 5 فلسطينيين هم سياف إبراهيم علي العصافرة (25 عاماً)، عمر أحمد محمد عبد المحسن العصافرة (22 عاماً)، الشقيقان إياد (33 عاماً) وزياد حسن حسين فطافطة (30 عاماً) ونشأت عطالله أحمد حسن فطافطة.
مصر قلقة إزاء التصعيد الأخير في غزة
(د ب أ) - أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أمس عن قلق مصر إزاء التصعيد الأخير في قطاع غزة. وحذر من خروج الوضع عن السيطرة، وطالب جميع الأطراف بممارسة ضبط النفس وتبصر العواقب قبل الإقدام على خطوات غير محسوبة، وأن التصعيد لن يكون في مصلحة أي طرف. وأكد زكي أهمية عدم إتاحة الفرصة لإسرائيل كي تصعد اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني. وأدان الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، موضحاً أن على إسرائيل أن تفهم أن هذه الغارات لا تسهم سوى في توتير الأجواء وتأجيج المشاعر ضدها في المنطقة وأن المرحلة الدقيقة الحالية لا تحتمل مثل هذا السلوك. ورأى أن الغارات تمثل محاولة لصرف الأنظار عن تعطل العملية السلمية، قائلاً إنه لا ينبغي أن يعطي أي طرف لإسرائيل الفرصة لتشتيت الأنظار والتهرب من مسؤولياتها عن انهيار المسار السلمي.