دبي (الاتحاد)
تستعد مبادرة «صنّاع الأمل» لتتويج أبطالها من نجوم العطاء العربي 20 الجاري في دبي، بعد تلقيها أكثر من 92 ألف مشاركة من 38 دولة حول العالم، تضم قصصاً إنسانية ملهمة تحتفي بالعطاء.
وتتنوع مبادرات أبطال العطاء والبذل من كافة أنحاء العالم العربي في مختلف مسارات البناء والتعليم والصحة والبيئة والإغاثة وتمكين المجتمع، حيث ترسم مبادرة صناع الأمل المندرجة ضمن مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، نماذج مضيئة وتحتفي بقامات إنسانية متميزة على مستوى الوطن العربي.
«وجعلنا من الماء كل شيء حي»
سمع مبكراً شرح الآية الكريمة «وجعلنا من الماء كل شيء حي» ففهم مغزى حياته، ورأى في الماء نواة الأمل ومنشأه ومنتهاه. عرف أن التنمية تبدأ من هناك، من أبسط الأمور وأكثرها إلحاحاً، من أهون موجود وأعز مفقود، من الماء عصب الحياة، فقرر الشاب المغربي جلال عويطة أخذ مسار العمل الإنساني مساراً أساسياً لحياته.
أخذ على نفسه عهداً ألّا يقتصر هدف وجوده على حاجاته الشخصية، بل أن ينفع الآخرين ويساندهم ويمد يد العون والمساعدة لهم ما استطاع، رسم لنفسه أهداف التنمية المستدامة الخاصة به، وشرع ينفذها هدفاً تلو الآخر، جامعاً المساعدات والدعم للمبادرات الإنسانية التي يعمل عليها منذ بدايات سن العشرين.
اليوم، وبعد 13 عاماً من مباشرته العمل الخيري والإنساني، تنجح مبادرات مؤسسته في جمع التبرعات وحفر 5 آبار كل شهر في قرى وبلدات ومناطق نائية في جهات العالم الأربع، وتعمل على بناء شبكة تمديدات لتوصيل المياه للبيوت، حتى استفاد منها أكثر من 30 ألف شخص.
وفي وطنه المغرب، أنشأ جلال بدعم من المتبرعين والخيرين مؤسسة سقيا عطاء المرخصة هناك منذ 6 سنوات، حيث يعمل مع زملائه من المتطوعين على جمع التبرعات والهبات والمساهمات الفردية والمؤسسية، لتوفير المياه النظيفة للقرى التي تحتاج لمياه الشرب، أو السقاية، أو ري الأراضي الزراعية والمشاتل والأحواض.
ومؤخراً وسّع جلال عويطة مبادراته، بافتتاح مؤسسة عطاء الدولية في كندا، والتي لا تقتصر برامجها على توفير إمدادات المياه الصالحة للشرب، بل تشمل مشاريع إنسانية واجتماعية حيوية، مثل التخفيف من وطأة الفقر، ودعم التعليم، وتوفير المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية والحروب، والمساهمة في تنفيذ أعمال البنية التحتية.
وقد باشرت المؤسسة عملها في مجتمعات بحاجة للدعم والمساندة في دول أفريقية مثل مالي، لتتوسع لاحقاً في غانا، وغيرها من البقاع الجغرافية العطشى لمبادرات إنسانية وإغاثية وتنموية هادفة مثل مبادرة «عطاء».
ويعكف جلال وزوجته، حالياً، على جمع المساهمات لتنفيذ مشاريع خيرية تعليمية، منها على سبيل المثال، بناء مدرسة ودار أيتام في إندونيسيا، وإطلاق مبادرات للرعاية الأسرية من أجل تمكين المجتمعات والفئات الهشة فيها.
«رحيمة» والأسر المتعففة
كباحثة اجتماعية، صادفت الكثير من الحالات التي تحتاج إلى المساعدة والدعم المستدام، الذي لا يقتصر على لحظة التعاطف أو التبرعات الآنية. وعلّمتها سنوات الخبرة أن العمل الخيري والإنساني، يجب أن يكون ممنهجاً ومنظماً إلى أبعد الحدود، حتى يؤتي ثماره.
السيدة العُمانية رحيمة المسافر، عرفت مبكراً، ومنذ سنوات عملها الأولى في وزارة التنمية الاجتماعية، الاحتياجات الأساسية للفئات المحتاجة للدعم والمساندة، ونزلت إلى الميدان مبكراً تختلط على الأرض بالأسر المتعففة وتستمع منها لآمالها وأحلامها الصغيرة. «أم سارة» قررت أن تنشئ جمعية ترعى فيها أمور المحتاجين وتجمع التبرعات للفقراء. فعملت واجتهدت ودعت المتطوعين وتواصلت مع المتبرعين، ليخرج اسم جمعية الرحمة إلى النور، تحنو على القلوب الكسيرة، وتطعم البطون الخاوية، وتدعم الحالات الإنسانية.
ولمع اسم الجمعية في عُمان لما حققته من التميز في الدقة والتنظيم في العمل، خاصة بعد الأنواء المناخية الاستثنائية «جونو» التي تأثر بها الكثيرون، لتترك بصمة إيجابية لا تمحى في ذاكرة المتضررين من البسطاء وذوي الدخل المحدود، وهو ما انعكس إيجاباً على نتائج المساعدات والدعم للمحتاجين.
وتدير رحيمة فريقها منذ عام 2005 بمنهج عمل فائق الدقة، وتخصص استمارات منتظمة لكل الحالات التي تدعمها، ما سهّل المهمة على العاملين فيها، وزاد عدد متطوعي ومندوبي الجمعية إلى 4000 شخص، يعملون معاً ويحملون رؤية واحدة وينظرون لهدف واحد، أن يساعدوا الأسر المتعففة ويخففوا عن كاهلهم متاعب الحياة ومشاقها.
أم سارة بدأت لوحدها تساعد المحتاجين، ومن ثم أنشأت مجموعة صغيرة مع أبناء وبنات حيها يساعدونها في تقديم العون والمساعدة للأسر المعوزة، حتى انتشرت قصة عملها الدؤوب مع المحتاجين. فأنشأت جمعية الرحمة وبدأ المتطوعون يتوافدون إليها، وبذلك بدأ نطاق العمل والمساعدة يتسع أكثر فأكثر.