18 ديسمبر 2010 21:06
كين دلانيان وديفيد إس. كلاود
كاتبان ومحللان سياسيان أميركيان
رسم تقريران أصدرتهما مؤخراً وكالات الاستخبارات الأميركية صورة قاتمة عن الحرب الأفغانية، تتناقض مع ما يقوله المسؤولون العسكريون عن إحراز تقدم في العمليات العسكرية هناك، في وقت يستعد فيه البيت الأبيض لإصدار تقرير عن التقدم الحربي الذي تحقق في النزاع الأفغاني المتواصل منذ تسعة أعوام. وتشير التقارير السرية التي أصدرتها وكالات الاستخبارات إلى أن مناطق واسعة من أفغانستان لا تزال عرضة لخطر السقوط في يد مقاتلي "طالبان". وينسب التصريح بهذه المعلومات إلى مسؤولين تم إطلاعهم على محتوى تقارير "التقديرات الاستخباراتية القومية بشأن أفغانستان وباكستان"، مع العلم أن المضمون الوارد في هذه التقارير يمثل وجهة نظر جماعية مشتركة لما يزيد على عشر وكالات استخباراتية أميركية.
كما ورد في التقارير ذاتها، والتي سوف تعقد اللجنة الاستخباراتية التابعة لمجلس الشيوخ جلسة مغلقة لمناقشتها، أن باكستان لا تزال غير راغبة في وقف دعمها السري لعناصر "طالبان" الأفغانية التي تشن هجمات على القوات الأميركية انطلاقاً من منطقة القبائل الباكستانية. ورفض المسؤولون الذين صرحوا بهذه المعلومات ذكر أسمائهم نظراً لسرية المعلومات التي دارت حولها مناقشاتهم.
ويذكر أن تقديرات الوكالات الاستخباراتية تتناقض تناقضاً جوهرياً مع تصريحات وزير الدفاع الأسبوع الماضي، والتي أكد فيها بعد زيارته للمنطقة، ثقته التامة بأن الاستراتيجية التي تبنتها الإدارة الحالية بشأن الحرب الأفغانية قد بدأت تُؤتي أُكلها.
ومن الجانب الآخر، نفى مسؤولون عسكريون بشدة يوم الثلاثاء الماضي، صحة ما ورد في التقديرات الاستخباراتية للوضع الحربي في أفغانستان، واصفين محتوى تلك التقديرات بعدم مواكبة ما يجري في الأرض وميادين القتال بالفعل.
وعلى عكس ذلك، فإن مدة مراجعة الجيش لاستراتيجية الحرب الأفغانية قد انتهت في شهر سبتمبر المنصرم، وهو موعد وصول آخر قوات أميركية إضافية إلى أفغانستان. وعليه فمن رأي المسؤولين العسكريين أن التقديرات الاستخباراتية لم تواكب آخر التطورات الحربية التي جرت على الأرض.
وفي السياق نفسه، قال أحد كبار المسؤولين العسكريين إن التقديرات الاستخباراتية هذه لم تغط فترة شهرين ونصف على الأقل من آخر العمليات العسكرية المكثفة التي شاركت فيها القوات الإضافية التي أرسلت ضمن استراتيجية زيادة عدد القوات المطبقة حالياً. وأضاف المسؤول قائلاً "إن وكالات الاستخبارات التي أعدت تلك التقديرات تفتقر إلى ملامسة الوضع الميداني الحربي، وهي الميزة الأساسية التي تتمتع بها القوات المقاتلة، لكونها تعايش الواقع الميداني يومياً".
لكن أحد كبار المسؤولين الاستخباراتيين تصدى لهذه المزاعم بالقول: "إن الاعتقاد بعدم وجود الضباط الاستخباراتيين على الأرض وفي ميادين الحرب الأفغانية، وأنهم ليسوا في صفوف القتال الأمامية لمكافحة الإرهاب هناك، ليس صحيحاً، بل مضلل، فضباطنا وعملاؤنا الاستخباراتيون يعملون جنباً إلى جنب مقاتلي الجيش الأميركي وشركائنا الدوليين في القتال ضد عدونا المشترك". وتجدر الإشارة إلى أن "التقديرات الاستخباراتية القومية" عادة ما تستخدم جميع المعلومات التحليلية الواردة إليها من كافة الوكالات الاستخباراتية الأميركية، بما فيها المعلومات التحليلية المنسوبة إلى البنتاجون.
ومهما يكن فإن تضارب تقديرات الوضع الحربي في أفغانستان، يعكس مدى صعوبة التوصل إلى أي تكهنات دقيقة أو قياس إحراز أي تقدم فعلي تم في ميادين القتال الأفغانية. وقد تباطأ كثيراً شن العمليات العسكرية الواسعة في الجنوب الأفغاني خلال العام الحالي، قياساً إلى توقعات الجيش السابقة. وعلى حد قول بعض المسؤولين العسكريين فإن موسم الربيع القادم سوف يكون المقياس الحقيقي الوحيد لقياس مدى قوة "طالبان" القتالية. فبحلول الربيع، تنتهي فترة الركود التقليدي للعمليات الحربية في موسم الشتاء.
هذا وقد وقّع أوباما في يوم الخميس الماضي مسودة لتقرير التقدم الحربي الذي يصدره البيت الأبيض، عقب اجتماع عقده مع كبار مستشاريه الأمنيين، على حد قول السكرتير الصحفي روبرت جيبس، الذي استطرد قائلاً: كما يتوقع لتقرير "المراجعة" الرئاسي هذا أن يتضمن عبارات مثل: لقد أحرز ثمة تقدم مهم في كبح جماح حركة "طالبان"، وأننا شهدنا تعاوناً كبيراً معنا خلال الـ18 شهراً الماضية من جانب الحكومة الباكستانية فيما يتعلق بالجهود المبذولة لكسر شوكة طالبان". وفي استطراد آخر قال جيبس: "من الطبيعي أن يشير تقرير المراجعة الرئاسية للاستراتيجية الحربية في أفغانستان إلى المشاكل والصعوبات التي تواجه جهودنا الحربية هناك، لاسيما تلك المتعلقة باستمرار التحدي الطالباني، وتوفر ملاذات آمنة لمقاتلي الحركة وقادتها في باكستان".
ويذكر أن أوباما الذي أرسل 30 ألف جندي إضافيين إلى أفغانستان، بهدف تعزيز جهود استراتيجية مكافحة التمرد التي تبناها هناك، قد تعهد بأن يبدأ انسحاب قواته من هناك في يوليو 2011، على أن يبدأ الانسحاب الفعلي وفقاً لتقديرات الوضع الحربي. غير أن أوباما كان قد أطلع الدول الأعضاء في حلف الناتو في أكتوبر الماضي، على أن عام 2014 سوف يكون التوقيت الذي تأمل فيه الولايات المتحدة تسليم المسؤولية الأمنية كاملة للقوات الأفغانية. ويشير ذلك التصريح إلى أن أي انسحاب للقوات من هناك خلال العام المقبل، سوف يكون محدوداً جداً. كما يتضمن تصريح أوباما، تأكيد واشنطن لحليفتها إسلام أباد، عزم أميركا على البقاء مدة أطول في المنطقة، ما يعني تزايد الضغوط الأميركية التي تحث إسلام أباد على قطع علاقاتها مع المتمردين الإسلاميين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«إم. تي. سي. إنترناشيونال»