24 سبتمبر 2011 00:00
(دبي) - في معرض له في دبي، يجمع الفنان التشكيلي السوري أحمد معلا نماذج من عملين فنيين كبيرين، ظل يشتغل عليهما منذ أواخر التسعينيات، وهما “تحية إلى سعد الله ونوس” حيث الأعمال “التنصيبية التي يتشارك في إنجاز عناصرها العديد من الفنون: الرسم والتصوير والنحت والإضاءة والسينوغرافيا والموسيقا”، وقصيدة “لاعب النرد” للشاعر محمود درويش، ضمن تجربة فنية تتسم بالقوة والشاعرية في آن.
معرض معلا الجديد الذي افتتح الثلاثاء الماضي في صالة “غرين آرت” في دبي، ويستمر حتى العاشر من نوفمبر القادم، يضم أعمالا ذات مساحات وأحجام وإيقاعات لونية وخطية حروفية هي من أبرز سمات عمل الفنان. وسواء تعلق الأمر بأعماله المنفذة بوحي من رؤيته لعالم ونوس، أو من خلال استلهام قصيدة درويش، فهو يغوص في عالم بات مألوفاً في عمله، لكنه يتعمق في كل لوحة، خصوصاً في إطار الترابط الذي يحكم سلسلة اللوحات.
في المعرض ما يزيد على اثني عشر عملا بأحجام تراوح في حدود ثلاثة أمتار، وتحتشد بالتكوينات البشرية مختلفة الأشكال، وفي أوضاع متعددة، بعضها يحيل إلى واقع معيش، والآخر يوحي بعوالم متخيلة. هي عوالم معلا التي تجمع الواقع بالحلم والخيال واستلهام الموروث الحضاري لسوريا التي يعرفها الفنان منذ بدأت تجربته مع معرض “سورية أحمد معلا”، واستمرت على هذا النحو في اللونين الأبيض والأسود ودرجات من الرمادي.
لا ينقل معلا عالم درويش أو ونوس بقدر ما ينبش فيهما ليراهما في مرآته الروحية والفنية، ويقود هذه العوالم إلى الرماد الذي غدا رماد الفنان كما يبدو من عنوان الكتالوج المرافق للمعرض “رمادي/ رماد”. فالعالم كله في اللوحة يترمد كما يقول الفنان نفسه “يترمد المحروق بعد النار، يترمد النهار ليلا، ويعلن الظل عالمه، قبيل الحدث، بعيد الحدث، بينهما، يكتظ الخيال الراسم باحتمالات، نقبلها أو لا نقبلها، نتبناها وربما لا نتبناها، لكن تلمس اللوحة يقود إلى الإنجاز البصري الذي نشهده”.
أعمال معلا إذن تحمل بصمة مشروع فني يتجه به صاحبه نحو خصوصية وبصمة واضحتين، من خلال رموز وعناصر ذات أبعاد ثقافية وحضارية تسعى إلى رسم نموذجها الخاص عن الحرية والعدالة في العالم، ورفض العنف والقتل والحروب والتدمير الذي يجري للحضارة الإنسانية. هذه هي رسالة الجموع (الجماهير) التي تحتشد بها لوحة الفنان، فتبدو كل حركة ذات قدرة تعبيرية في وسط حركات تجتمع لترسم مشهد الرفض بجمالية عالية.