محمد حامد (الشارقة)
عزيزي عاشق الريال، هل تعلم أن كريم بنزيمة أصبح اللاعب الأول في تاريخ الملكي، من حيث عدد التمريرات الحاسمة؟ النجم الصامت صنع 133 هدفاً، وهو ما لم يحققه أي لاعب آخر في تاريخ الريال، والذي يعد أحد أكبر أندية العالم، مما يعني أن عدداً لا يمكن حصره من الأساطير مروا على الريال، ومن بين كل هؤلاء أصبح بنزيمة أفضل أسيست في تاريخ العملاق المدريدي، وعلى الرغم من ذلك فإن الصورة الذهنية في عقول عشاق الأبيض، لا تتجاوز رؤيته خارج إطار اللاعب الذي يهدر فرص التسجيل بسهولة، ولا يمكن الاعتماد عليه، بل إن البعض يرى قميص الريال فضفاضاً عليه.
الأمر لا يتعلق فقط بـ«كريم» الذي «بخل» عليه عشاق الملكي بالاعتراف، وإن ظل البعض من هؤلاء يدركون جيداً بصمته وتأثيره رقمياً على الأقل، بل إن عالم الساحرة لا يختلف كثيراً عن تفاصيل الحياة، حيث تغيب العدالة عن مقاييس التقييم في بعض الأحيان، والمثير للدهشة أن هذا الظلم الذي يقع على بعض الأساطير لا يمارسه الإعلام فحسب، بل تمارسه قاعدة جماهيرية كبيرة في بعض الأحيان، وما يثير الحزن حقاً أن جماهير النادي الذي يلعب له هذا اللاعب أو ذاك، هي التي تمنحه مكانته التي يستحقها، وهو الأمر الذي ينطبق على عدد كبير من النجوم، على رأسهم بنزيمة، وأجويرو، وسيلفا السيتي، وبوسكيتس، والنجم الكوري الجنوبي هيونج مين سين.
كريم.. الأول والرابع والعاشر
يقولون إن عشق الكيان يبرر لجماهير الملكي عدم تمجيد اللاعب الفرد حتى إذا كان مبدعاً، فهم ينحازون دائماً للفريق، وعلى الرغم من ذلك فقد حظي بعض الأساطير بما يكفي من الحب، وعلى الجانب الآخر تراوحت علاقة عشاق الريال مع كريم بنزيمة بين الكراهية أو عدم الاقتناع، صحيح أنه لا يكون موفقاً في بعض المباريات، ويهدر بعض الفرص التهديفية السهلة، إلا أن عدم تقديره بما يستحق يحمل علامات استفهام لا نهاية لها.
بنزيمة أصبح رسمياً أسطورة ملكية، وفقاً للغة الأرقام على الأقل، فهو اللاعب الأكثر صناعة للأهداف في تاريخ الريال بـ133 تمريرة حاسمة، والرابع في ترتيب الأكثر تهديفاً برصيد 240 هدفاً، كما أنه العاشر في قائمة الأكثر مشاركة في المباريات طوال تاريخ النادي العريق بـ496 مباراة، أي أنه يقترب بشدة من خوض 500 مباراة، وبحساب مجموع ما سجل وما صنع، فإنه يبلغ 373 بصمة تهديفية، أي بمعدل 0.75 بصمة في كل مباراة.
أجويرو.. ملك يبحث عن العرش
ماذا يمكن لأجويرو أن يفعل أكثر من ذلك لكي يحظى بالاعتراف بأنه أحد أهم أساطير البريميرليج ؟ فقد حمل فريق مان سيتي على كتفيه وأخذه إلى التتويج بلقب الدوري الأقوى عالمياً 4 مرات، وأطلق شرارة المجد بهدفه التاريخي في مرمى «كيو بي آر»، الذي منح به السيتي أول لقب دوري في الحقبة الظبيانية، كما أنه أفضل هداف لاتيني وأجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي برصيد 180 هدفاً.
أجويرو هو اللاعب الوحيد في قائمة التوب 10 الأكثر تهديفاً في دوري الإنجليز، من بين النجوم الذين لا زالوا ينشطون في الملاعب حتى الآن، وهو يقف على بعد 8 أهداف من احتلال المركز الثالث على حساب آندي كول، لأكثر النجوم تهديفاً في تاريخ البريميرليج، كما أنه أكثر من سجل الهاتريك.
المفارقة أنه حينما يتحدث عشاق الدوري الإنجليزي عن الأساطير، فإن اسم أجويرو لا يدهم ذاكرتهم، ووفقاً لما ذكرته الصحافة الإنجليزية، فإن أجويرو هو من أكثر المهاجمين الذين تعرضوا لظلم جماهيري وإعلامي، وقد يتم تذكره كأسطورة غداً، ولكنه لم ينل هذه المكانة اليوم.
سيلفا.. «كناري» في غابة النجوم
90 «أسيست» في البريميرليج، لم تكن كافية ليحظى الكناري الإسباني دافيد سيلفا بالمكانة التي يستحقها، وهو أحد أكثر اللاعبين تأثيراً في نجاحات البلومون في العقد الأخير، فقد ترك بصمته على 14 بطولة، أهمها رباعية البريميرليج، كما أنه بطل مونديالي مع منتخب إسبانيا، ويورو 2008 و2012، وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات، فإن هناك اعترافاً إنجليزياً وإسبانياً بأنه يستحق مكانة جماهيرية وإعلامية أفضل من تلك التي يتمتع بها الآن.
سيلفا عبقري صامت، وكناري في غابة النجوم، فقد جذب الأنظار على طريقة تشافي وإنييستا، حيث الموهبة، والبناء الجسدي الضئيل، والإبداع الصامت، تلك هي السمات الثلاث التي تجمع 3 من عباقرة الكرة الإسبانية والعالمية، وحاول جوارديولا أن يمنحه بعضاً مما يستحق في ظل عدم تمتعه بالمكانة التي يستحقها جماهيرياً وإعلامياً فقال عنه: «سيلفا موهوب في دوري لم يكن يعرف سوى لغة القوة، وضئيل الجسد في دوري يعتمد على القدرات البدنية، وعلى الرغم من كل ذلك يفرض بصمته المهارية، إنه أحد أفضل النجوم في البريميرليج في العقد الأخير».
سون.. فخر قارة لا تراه
قارة الـ4.5 مليار نسمة تقف على أطراف أصابعها، حينما يزورها دافيد بيكهام أو كريستيانو رونالدو، بل إن الآلاف يتدفقون صوب المطارات في الصين وتايلاند واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، لرؤية فريق أوروبي أتى لخوض مباراة ودية في هذه البلدان، وعلى الرغم من هذا الشغف الكبير بالساحرة في آسيا أكبر قارات العالم، فإن مين سون المتوهج مع توتنهام، لا يحظى بالنجومية الكافية في قارة هو فخرها.
بصم سون في الدوري الإنجليزي بـ49 هدفاً، و26 «أسيست» في 150 مباراة، وهو شريك حقيقي مع الجيل الذي جعل توتنهام منافساً على لقب الدوري في مرحلة ما، ومتأهلاً إلى نهائي دوري الأبطال، وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يحصد النجومية الكافية في فريق هاري كين، وقد رصدت الصحافة الإنجليزية سون قائلة إنه قد لا يكون موهوباً مثل هازارد، أو نجماً مثل كين، ولكنه يظل من أكثر اللاعبين تأثيراً وتحركاً وخطورة في الثلث الأخير.
بوسكيتس.. الجندي المجهول
بالنظر إلى فلسفة الأداء التي يعتمد عليها برشلونة، يجب أن يكون هناك جندي مجهول يفعل كل شيء، لكي يتألق ميسي وتشافي وإنييستا وغيرهم من النجوم، حيث تقوم هذه الفلسفة على السيطرة والاستحواذ وجعل المنافس مجرد مشاهد، ولكن ماذا يفعل الفريق حينما يفقد الكرة؟ هنا الجانب الأكثر أهمية في الفلسفة الكروية للبارسا، وهو ضرورة استعادة الكرة في أسرع وقت، واستخلاصها دون أخطاء، والبدء في بناء هجمة جديدة، وهذا الدور لا يوجد من هو أفضل من سيرجيو بوسكيتس في القيام به.
بوسكيتس هو التعريف الحرفي لمعنى الجندي المجهول، فالعيون تتجه صوب مراوغات وتمريرات وأهداف ميسي، وإبداعات إنييستا، ولمسات المايسترو تشافي، ولكن لا يحظى بوسكيتس بالإعجاب الذي يستحقه، على الرغم من أنه مايسترو التمريرة الأولى التي يتم بناء كل شيء عليها، ويواصل بوسكيتس رحلة الإبداع في صمت، وهو على الأرجح سوف يحظى بالمكانة التي يستحقها عقب اعتزاله، ويكفي أن البارسا لم يتمكن من جلب اللاعب الذي يمكنه القيام بدوره بنفس القدر من الكفاءة.