10 سبتمبر 2012
أبوظبي (الاتحاد) - اختتمت في مقر المركز الوطني للإحصاء أعمال الورشة الوطنية الأولى حول “قياس مؤشرات العنف ضد المرأة”، بمشاركة نحو 30 جهة رسمية على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي امتدت على مدى ثلاثة أيام عمل، تم خلال جلساتها تقديم ونقاش نحو 16 ورقة عمل، قدمها مجموعة من الخبراء والمسؤولين من الجهات ذات العلاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتناولت أوراق العمل التي تم نقاشها في جلسات الورشة الإطار العام ومفهوم العنف ضد المرأة ومؤشراته من الناحية الإحصائية وموضوع العنف ودلالاته من الناحية التشريعية والدينية، إلى جانب موضوع العنف ودلالاته من الناحية الطبية “الصحية” وموضوع العنف ودلالاته من الناحية الثقافية في المجتمع.
وأشار المجتمعون إلى عدم وجود تعريف وطني موحد جامع مانع لمفهوم العنف ضد المرأة بشكل واضح، الأمر الذي يتطلب عملاً من قبل الجهات المختصة لوضع تعريف واضح ينسجم مع طبيعة مجتمع الدولة وخصوصيته الثقافية والحضارية والدينية حتى يكون قابلاً للاستخدام.
وفي المجال ذاته، أشارت المداولات إلى أن معظم المؤسسات الدولية قد استخدمت التعريفات الخاصة بالأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وهي، تعريف منظمة الصحة العالمية: هو الاستعمال المتعمد للقوة الفيزيائية (المادية) أو القدرة، سواءً بالتهديد أو الاستعمال المادي الحقيقي ضد الذات أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع، بحيث يؤدي إلى حدوث (أو رجحان حدوث) إصابة أو موت أو إصابة نفسية أو سوء النماء أو الحرمان.
كذلك نوهت المداولات بدليل المبادئ التوجيهية لقياس العنف ضد المرأة - الأمم المتحدة: أي عمل من أعمال العنف على أساس الجنس والذي يترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى بدني أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
وأوصى المجتمعون بضرورة تشكيل فريق وطني لمراجعة نتائج أعمال الورشة، بهدف بلورة التعريف الوطني لمفهوم العنف، وكذلك تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة على مستوى الدولة بشأن الخطوات التالية حول الموضوع.
وحول مدى وجود ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمع، خلصت المداولات بين المشاركين إلى بدء الاهتمام بقياس مؤشرات العنف ضد المرأة بعد تفاقم الظاهرة في العديد من الدول، لا سيما المتقدمة منها.
وأكد المشاركون أن ظاهرة العنف ضد المرأة ليست مرتبطة بثقافة أو دين أو مجتمع بحد ذاته، وإنما هي ظاهرة عالمية مرتبطة بالعديد من العوامل التربوية والسلوكية والثقافية.
وذكر المحاضرون أنه لا توجد دراسات ومسوح شاملة في الدولة تبين مدى انتشار واتجاه العنف في الدولة، إلى جانب تأكيد أهمية لتكثيف الدراسات المتخصصة للوصول لصورة إحصائية دقيقة حول موضوع العنف، مع مراعاة خصوصية المجتمع.
وبشان منهجية وأدوات قياس مؤشرات العنف ضد المرأة استعرضت الورشة النماذج الدولية وبخاصة نموذج الأمم المتحدة والمعتمد من قبل منظمة الإسكوا، وقد أوصت الورشة بضرورة مراجعة الاستبيان الدولي لقياس العنف ضد المرأة لمراعاة خصوصية المجتمع الإماراتي، مع مراعاة إمكانية حساب المؤشرات المتفق عليها دولياً لقياس العنف ضد المرأة.
ودعت الورشة إلى ضرورة تعديل الأسئلة وتنقيحها بالشكل الذي يجعلها لا تتصادم مع التشريعات والقوانين وثقافة وتعاليم الإسلام والقيم المجتمعية السائدة في الدولة، إلى جانب التأكد من ملاءمة الأسئلة لمتطلبات الجهات المعنية بالأسرة والمرأة، مع التأكد من إمكانية قياسها بدرجة الدقة المقبولة إحصائياً.
وحول مدى الحاجة لتنفيذ مسح ميداني متخصص حول موضوع العنف ضد المرأة، أكدت الورشة أن وبالرغم من وجود العديد من الدراسات الجزئية التي أجريت بخصوص موضوع العنف ضد المرأة والأسرة في الدولة، إلا أنه لا يتوفر صورة إحصائية دقيقة وشاملة عن هذا الموضوع، لأنه لم يتم تنفيذ مسح شامل متخصص لهذا الموضوع على مستوى الدولة.
وأكد المشاركون في الورشة أنه سيتم اتخاذ قرار بخصوص تنفيذ المسح من قبل فريق فني مختص من الخبراء والمعنيين بموضوع المرأة بعد اكتمال كافة النقاشات الوطنية والإقليمية مع دول مجلس التعاون بهذا الشأن.
وأكد الجميع ضرورة لتكامل الأدوار والجهود بين كافة الجهات ذات العلاقة لإنجاح تنفيذ المسح إلى جانب الحاجة لتحديد الأولويات بخصوص الفئات التي من المفترض أن يشملها المسح وفق احتياجات العمل لدى الجهات المهتمة بشؤون المرأة والأسرة في الدولة، إضافة إلى أهمية وجود حملة إعلامية متخصصة مساندة للتوعية حول المسح قبل وأثناء تنفيذه “في حال تم إقرار تنفيذه” تشارك فيها كافة الجهات ذات العلاقة.
أما على مستوى الصعوبات والتحديات، فقد أشارت نتائج المناقشات لقضايا تحديد مفهوم وتعريف متفق عليه للعنف ضد المرأة بالسرعة الكافية،وتحديد الممارسات التي تعتبر عنفاً ضد المرأة من وجهة نظر المجتمع الإماراتي تشريعياً وشرعياً واجتماعياً وصحياً، لأن ما هو عنف في مجتمع آخر قد لا يكون بنفس المعنى والدلالة في مجتمعنا، إلى جانب اختيار مواضيع المسح وأسئلة الاستمارة بما يتوافق وخصوصية الدولة والمكونات التي يتم استخدامها دولياً.
كذلك أشارت النتئاج إلى نوع المسح “مسح ميداني - سجلات إدارية “الشرطة - المحاكم - المستشفيات” - بيانات الجهات المعنية بالأسرة والمرأة”، وصعوبة الوصول وكذلك صعوبة إجراء المقابلة مع المبحوثة، وتدريب الباحثات للقيام بعملية جمع البيانات بشكل دقيق يحافظ على سلامة وخصوصية المبحوثات، إلى جانب عدم تجاوب الأسر بسبب حساسية محتويات ومكونات استمارة المسح، وتنوع الثقافات والجنسيات في مجتمع الدولة.
وقد أوصت الورشة بالأوليات التالية للعمل عليها من قبل فريق المتابعة على نتائج الورشة بقيادة المركز الوطني للإحصاء، تشكيل فريق وطني من الخبراء والمعنيين بموضوع العنف ضد المرأة ومن ذوي العلاقة، للخروج بنموذج وطني لقياس العنف ضد المرأة، والعمل على تحديد واضح ومتفق عليه للعنف ضد المرأة، وتحديد الممارسات التي تقع ضمن هذا المفهوم، بما يتلاءم مع خصوصية وثقافة وقيم المجتمع في الدولة.
كذلك أوصت بمراجعة وتقييم مسودة وثيقة المبادئ التوجيهية لقياس العنف ضد المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة، إلى جانب مراجعة وتقييم استمارة قياس العنف ضد المرأة، لتكون أكثر ملاءمة لمجتمع الدولة، وضرورة الاستفادة من البيانات السجلية المتوفرة لدى الجهات السجلية وتحليلها حول موضوع العنف ضد المرأة العنف الأسري، وتشمل الجهات (الشرطة - المحاكم - المستشفيات - مراكز الإيواء للنساء والأطفال - الاتحادات والهيئات والمؤسسات المعنية بشؤون الأسرة والمرأة)، بالإضافة إلى الاستفادة من الدراسات والبحوث التي تمت في مجال العنف الأسري والعنف ضد المرأة، والتي نفذتها العديد من الجامعات والمؤسسات الوطنية في الدولة.