الجمعة 18 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقوى الله تفريج للكرب ومخرج من الضيق

تقوى الله تفريج للكرب ومخرج من الضيق
22 سبتمبر 2011 21:46
التقوى مفتاح الخير ومنبع الفضائل كلها ومن ثمراته تخليص الإنسان من الكرب والشدائد حين توصد جميع الأبواب وينقطع حبل الرجاء من الناس ولا يبقى إلا اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وطلب رحمته وعفوه.وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح ينجي صاحبه في قصة الثلاثة الذين خرجوا من ديارهم وابتعدوا عنها لغرض من الأغراض وتقطعت بهم الأسباب، عندما نزل مطر غزير، فبحثوا عن مكان يحتمون فيه من شدة المطر، فلم يجدوا إلا غاراً في جبل وكانت الأمطار غزيرة، بحيث جرفت السيول الصخور الكبيرة من أعلى الجبل، فانحدرت صخرة من تلك الصخور، حتى سدت عليهم باب الغار، وكانت من العظم، بحيث لا يستطيعون تحريكها، فضلاً عن دفعها وإزالتها، ولا يوجد سبيل إلى إيصال خبرهم إلى قومهم، وقد أزالت الأمطار والسيول كل أثر يمكن عن طريقه الاهتداء إلى مكانهم. (القاهرة) - القصة التي رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: “بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت، بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه ناء بي الشجر، فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رأسيهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى رأوا منها السماء. وقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت إليها نفسها، فأبت حتى آتيها بمئة دينار، فسعيت حتى جمعت مئة دينار، فلقيتها بها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله، اتق الله ولا تفتح الخاتم، فقمت عنها، اللهم فإن كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها، ففرج لهم فرجة. وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بفرق أرز ، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه، فتركه ورغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني، وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها، فقال: اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت: إني لا أهزأ بك، فخذ ذلك البقر وراعيها، فأخذه فانطلق بها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج ما بقي، ففرج الله عنهم. الأعمال الصالحة ويقول الدكتور محمد داود أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس، إن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه القصة العظيمة يحكي لنا حال بعض الذين أصابهم الكرب والشدة، ويخبرنا في بلاغة معجزة أن صالح الأعمال واللجوء إلى الله تعالى أمر ينجي من البلاء، وتكشف الهم والكرب، مضيفا أن النبي عليه الصلاة والسلام حرص على أن يضرب للأمة مثلاً ويقدم نموذجاً من الناس، قد عرفوا الله تعالى عند الخير والنعمة والعافية، وعملوا بطاعته، وادخروا أعمالاً صالحة لتكون ذخراً لهم عند الحاجة إليها، فلما نزلت بهم الشدة والضر والضيق، عرف الله لهم ذلك، فيلطف بهم ويعينهم وييسر أمورهم وأنجاهم وكشف ما بهم بما سبق لهم من الخير والفضل والإحسان مصداقا لقوله تعالى: “ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب” 2 الطلاق، وقوله سبحانه: “ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا” 4 الطلاق. الطمأنينة والسلام وقال إن من ثمار الطاعة والإيمان والشعور بمعية الله عز وجل الهداية بدلاً من الضلال، والسكينة والطمأنينة والسلام بدلاً من الخوف والجزع والاضطراب، والفرج والخلاص من الضيق والكرب والشرور، والاستناد إلى مسبب الأسباب وخالق الأكوان، موضحاً أن الإيمان هو الذي انطق نبي الله موسى عليه السلام حين تبعه فرعون وجنوده وقال بقوة وحزم: “قال كلا”، وأردف قوله هذا مؤيدا ومعللا ما يقول: “إن معي ربى سيهدين”، فما أبطأت عناية الله، بل جاءه الوحي الإلهى مؤيدا بمعجزة تفوق حدود العقل البشرى وقدرته على تصور الأمور، قال الله تعالى: “فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين” الشعراء 63-67، وهو ما حدث مع سيدنا إبراهيم - عليه السلام - حين أراد قومه أن يكيدوا له وتآمروا عليه فتركهم قائلا: “إني ذاهب إلى ربي سيهدين” الصافات 99، فأعقب هذا الدعاء المطمئن بالإيمان الواثق بفضل الله وعنايته بعباده المؤمنين معجزتان، الأولى رزقه الله تعالى بطفل من امرأته العقيم، والمعجزة الثانية نجى الله إسماعيل عليه السلام من الذبح وفداه بذبح عظيم نزل من السماء. وأوضح الدكتور عبدالجواد المحص أستاذ البلاغة والنقد والدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أن القصة تؤكد إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، وترسم للمسلم طريق الرشاد والخلاص والنجاة إذا اشتد به الكرب ونزل به البلاء، وهو الالتجاء إلى الله جل وعلا ودعاؤه، فهو القادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. وأضاف أن هذا الحديث مملوء بالعبر والدروس والعظات الجليلة التي يمكن استخلاصها فالأول من هؤلاء الثلاثة ضرب مثلا عظيما في البر بوالديه، عندما بقي طوال الليل والإناء على يده لم تطب نفسه أن يشرب منه، ولا أن يسقي أولاده وأهله، ولا أن ينغص على والديه نومهما حتى طلع الفجر فدل هذا على فضل بر الوالدين، وبر الوالدين هو أعظم ما يكون من صلة الرحم، وهو سبب لتيسير الأمور وتفريج الكرب، وقال الرسول- صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه”. الابتعاد عن الحرام وقال إن النموذج الثاني الذي تحدث عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم- هو رجل ضرب مثلا بالغا في العفة والخوف من الله والابتعاد عن الحرام والفاحشة، حين تمكن من مراده وأوقع في حبائله بالمرأة التي راودها عن نفسها مرارا وهي أحب الناس إليه وكانت تأبى الفاحشة مستغلا ضائقة مرت بها، ولكن عندما ذكرته بالله تركها، وترك ماله، وجزاء العفاف جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله أن من ضمن هؤلاء السبعة: “رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله”، والله تعالى يقول: “والذين لا يدعون مع الله آلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما” 70 الفرقان. وأضاف أن القصة عرضت موقف الثالث الذي توسل بأمانته وبينت مدى نصحه وحفظه لحقوق الآخرين، حين استأجر أجيرا ليعمل له عملا من الأعمال، وكانت أجرته شيئا من الأرز، ولما أنهى الأجير عمله، ترك أجرته وزهد فيها، لكن الرجل نماه وثمره، وسلمه إليه حين عاد يطلبه ولم يطمع فيه رغم كثرته، وقال إن الإسلام يرفض أن يبخس الإنسان حقوق الآخرين ويستنكر المماطلة في إعطاء الأجير أجره، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه فقد خصمته”، وذكر منهم: “رجلا استأجر أجيرا فاستوفى منه ثم لم يعطه أجره”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض