22 سبتمبر 2011 22:08
احتفى العديد من زملاء وتلاميذ عملاق الكوميديا الراحل فؤاد المهندس، بذكرى رحيله الخامسة بطرق مختلفة، فمنهم من دشن موقعاً إلكترونياً خاصاً بأعماله الفنية وسيرته الذاتية وما كتب عنه، ومنهم من اهتم بنشر مقاطع كوميدية من أعماله في العديد من مواقع التواصل ومنها “فيسبوك” و”تويتر”، كما اهتمت البرامج والفضائيات بذكراه التي حلت في 16 من الشهر الجاري من خلال عرض بعض أعماله.
(القاهرة) - يعد فؤاد المهندس الذي لقب بـ “مهندس الكوميديا المصرية” من كبار الفنانين المخضرمين الذين مثلوا في المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة التي قدم فيها برنامجاً نقدياً اجتماعياً يومياً عنوانه “كلمتين وبس”، وحرص عبر مشواره الفني الطويل على تقديم أعمال كثيرة للأطفال، كان من أشهرها “فوازير عمو فؤاد” التي كانت تعرض في شهر رمضان ولاقت نجاحاً كبيراً.
ولد فؤاد المهندس في 6 سبتمبر عام 1924 في حي العباسية بالقاهرة لأسرة مكونة من أربعة إخوة، هم صفية التي كانت واحدة من أكبر المذيعات المصريات ودرية وفؤاد وسامي، وكان والده العالم اللغوي زكي المهندس يدرس اللغة العربية في كلية دار العلوم وترقى حتى صار عميداً لها، وهو ما جعل منزلهم بمثابة قلعة للحفاظ على اللغة العربية التي أتقنها فؤاد من خلال أبيه الذي كان صاحب الفضل الأول في تنمية مواهبه الفنية، كما ورث عنه خفة الدم وحضور البديهة وسرعة الخاطر الذي ميزه في مشواره الفني.
وتسبب الراحل نجيب الريحاني في قلب حياة فؤاد المهندس رأسا على عقب، وتحديداً حين شاهد له مسرحية “الدنيا على كف عفريت” التي صار بعدها الريحاني وفرقته محور حياته، حيث انضم للفرقة وواظب على حضور التدريبات ومراقبة معلمه وتسبب اهتمامه المفرط بالمسرح في تلك الفترة في رسوبه في كلية التجارة التي كان عضواً في فريق التمثيل بها قبل أن يتخرج فيها عام 1948.
«ساعة لقلبك»
بعد وفاة الريحاني تكونت فرقة “ساعة لقلبك” عام 1953 من مجموعة ممثلين صاروا نجوم الكوميديا في مصر في تلك الفترة، وكان فؤاد المهندس واحداً من هؤلاء، وعرفه الجمهور من خلال تجسيده لشخصية “محمود” الزوج الطيب للزوجة المناكفة.
وفي موازاة ذلك، اشتهر في برامج الأطفال بالإذاعة، فعبر “بابا شارو” أو محمد محمود شعبان، وهو زوج شقيقته صفية، قدم أدواراً متنوعة، ثم أعد برامج إذاعية اشترك في تمثيلها، من بينها “حكايات طرزان” و”كينج كونج” و”كنوز الملك سليمان”.
لعبت الصدفة دوراً كبيراً في حياته، حيث تحمس له السيد بدير الذي كان يستعد للعب البطولة في مسرحية “السكرتير الفني” أمام فنانة شابة وجميلة هي شويكار، ورشح بدير المهندس لأداء دور في المسرحية، لكن بدير سافر في ظرف طارئ إلى تشيكوسلوفاكيا، فأسند بطولة المسرحية لفؤاد الذي برع في تجسيد شخصية “ياقوت أفندي” التي كانت أحد أحلامه، لأنها كانت تشبه أدوار أستاذه الريحاني.
نسمة سينمائية
استغلت السينما نجاحه خلال هذه الآونة ولم تمنحه المساحة الكافية لإبراز مواهبه، ولم يحاول هو استغلالها لإظهار قدراته التي كانت تظهر بمنتهى السهولة على المسرح، وكان يعامل باعتباره نسمة خفيفة لتلطيف حرارة الدراما الشديدة في أفلام رومانسية درامية، وتم حصره في أدوار ثانية ومساعدة للعديد من النجوم ومنها “الأرض الطيبة” لكمال الشناوي، و”بين الأطلال” لعماد حمدي، و”أميرة العرب” لرشدي أباظة، و”نهر الحب” لعمر الشريف، و”ألمظ وعبده الحامولي” لعادل مأمون ووردة، و”الشموع السوداء” لصالح سليم ونجاة.
وقد شكل فيلم “عائلة زيزي” الذي أخرجه فطين عبد الوهاب إحدى العلامات في مسيرة فؤاد المهندس، حيث اختير بعده لأدوار البطولة المطلقة مع شويكار التي كون معها ثنائياً رائعاً أثمر عشرات الأفلام الكوميدية منها “اعترافات زوج” و”هارب من الزواج” و”اقتلني من فضلك” و”زوجة من باريس” و”غرام في أغسطس” و”الراجل ده حيجنني” و”أخطر رجل في العالم” و”مدرسة المراهقين” و”أرض النفاق” و”مطاردة غرامية” و”شنبو في المصيدة” و”العتبة جزاز” و”سفاح النساء” و”جريمة الأربع”.
رسالة سامية
كان يرى أن للفن رسالة سامية يجب أن تخدم المجتمع، ولأنه كان يحب الأطفال، فقد حرص على تقديم أعمال لهم، وحالفه التوفيق في ذلك من خلال فوازير “عمو فؤاد” التي كان يحرص علي متابعتها كل الأطفال العرب، ولم يكتف بالفوازير، بل حرص علي تقديم عمل مسرحي لهم من خلال “هالة حبيبتي” وأوضحت المسرحية سوء المعاملة التي يلقاها الأطفال في الملاجئ، وشاركته بطولتها دلال عبدالعزيز والطفلة رانيا.
قدم العديد من الأغنيات التي تم توظيفها بشكل جيد في أعماله الفنية، خصوصاً أنه كان يهوى الغناء منذ صغره، وهو ما جعله رئيساً لفرقة الأناشيد في المرحلة الابتدائية ، وغنى “رايح أجيب الديب من ديله” في مسرحية “أنا فين وانت فين” ورغم أنه قدم ما يقرب من 70 فيلماً سينمائياً، فقد عشق المسرح بطريقة جنونية لدرجة أنه كان يشارك في مسرحية “إنها حقاً عائلة محترمة” مع أمينة رزق وشويكار وهو مصاب بجلطة في القلب، وأكد له الأطباء أنه شفي منها من خلال عمله على المسرح.
ولا تزال مسرحياته التي لعب بطولتها بمثابة مدرسة فنية راقية في فن الكوميديا تنهل منها الأجيال التالية له ومنها “سيدتي الجميلة” و”الدنيا ماشيه كدة” و”حواء الساعة 12” و”أنا وهو وهي” و”أنا فين وإنت فين” و”حالة حب” و”أنا وهي وسموه” و”ياما كان في نفسي” و”ليه ليه” و”سك على بناتك” و”روحية اتخطفت” و”علشان خاطر عيونك”. كما شارك في بطولة عدد من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية منها “عيون” أمام يونس شلبي وشيرين.
زواج وجوائز
تزوج المهندس مرتين الأولى من ابنة الجيران عفت سرور نجيب وأثمر زواجه منها عن ولديه أحمد ومحمد، والثانية من الفنانة شويكار، حين كانا يقدمان مسرحية “أنا وهو وهي” وانفصلا بعد ذلك في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، لكنهما ظلا صديقين حتى وفاته.
وكان آخر أفلامه “ونسيت أني امرأة” مع ماجدة عام 1994، وحصل علي جائزة الدولة التقديرية. وتوفي في 16 سبتمبر 2006 بعد معاناة طويلة مع مرض الكبد عن عمر يناهز 82 عاماً.