24 يناير 2011 20:12
في الجهة المقابلة لخور رأس الخيمة، وتحديداً في المدينة القديمة، يقع سوق رأس الخيمة التراثي، ككهل اعتاد الجلوس أمام بوابة الزمن حيث تتراءى حضارة جلفار الغابرة لتضرب في جذور الزمن وتحكي عن نشاط تجاري قديم عاشته رأس الخيمة حينما كانت «بندرا» من بنادر التجار المرتحلين من أقصى الخليج العربي إلى الهند والسند وبلاد ما وراء النهرين.
سوق رأس الخيمة التراثي القديم أعاد الحياة التاريخية إلى دورتها من جديد أمام زواره من الأهالي والسياح في هذا المكان الذي تعود جذوره إلى غابر التاريخ حين كانت رأس الخيمة مركزاً للتجارة الإقليمية بين الحضارات المتعاقبة.
بعد الانتهاء من عملية ترميم وصيانة حذرة، افتتح مؤخراً أمام الجمهور والسياح السوق التراثي القديم بعد ركود استمر سنوات ليجسد ويعكس عبق الماضي الممتد إلى 5 آلاف عام خلت على استمرار الروح التجارية للإمارة حتى تاريخنا المعاصر.
الاهتمام بالماضي
ثمنت المواطنة فاطمة يوسف 65 عاماً اهتمام قيادتنا الرشيدة في مختلف إمارات الدولة في الحفاظ علي الإرث التاريخي الذي يجسد عبق حضارة الماضي بين الأجيال المتعاقبة علي الرغم من التطور العمراني والنهضة الشاملة المتسارعة التي تشهدها حالياً، وتقول: يعتبر سوق رأس الخيمة القديم أحد أهم المعالم التاريخية في الإمارة، وكان في الماضي الشريان النابض للتجارة في رأس الخيمة.
تتابع فاطمة : صيانة هذا السوق والاهتمام به ساهما في إعادته إلى الخريطة اليومية للإمارة، فهذا المكان كنّا نزوره ونحن صغار وكان ملتقي لكافة أهالي مناطق إمارة رأس الخيمة في الشتاء والصيف.
وأضافت فاطمة: هذا السوق الذي احتل مكانة تجارية هامة بالإمارة في مرحلة ما قبل الاتحاد وقبل نشأة الأسواق الحديثة والمراكز التجارية الضخمة وانتشارها في مختلف مناطق الإمارة، ظل مقصداً مهماً لكل الباحثين عن البضائع التراثية المختلفة، وبقي هكذا اليوم بعد افتتاحه الجديد.
البضائع المتوافرة
وقال عاشق التراث المواطن علي عبد الرحمن درويش الذي يمتلك محلا تراثياً في السوق القديم كما يملك قرية بن درويش التراثية: إن سوق رأس الخيمة التراثي القديم يضم كافة المقتنيات التي تجسد حياة الآباء والأجداد في الماضي العريق، لافتاً الى أن محله يضم غرف نوم وأسرة وكافة المقتنيات المنزلية التي كانت تستخدمها الأمهات في البيوت وأجهزة راديو قديمة وغيرها من المقتنيات الأخرى التي كان يستخدمها الآباء في حياتهم العادية وعملهم في مختلف البيئات والمناطق التي كانوا يعيشون فيها والموزعة بين الجبلية والريفية والساحلية إضافة إلى العملات النقدية والفخاريات والأسلحة القديمة موزعة بين البنادق القديمة ومدفع قديم كان يستخدمه آباؤنا وأجدادنا للدفاع عن الإمارة ضد الطامعين والغزاة إضافة إلى مختلف أنواع الخناجر والسيوف. وأضاف علي بن درويش أنه يقوم ببيع هذه المقتنيات على الزوار والسياح بأسعار رمزية تعتبر أقل من الأسعار التي تباع في الإمارات الأخرى .
إلكترونيات
وقال البائع الآسيوي في أحد محال السوق منذر حميد إن السوق الذي شيد بالحصا والجص المأخوذ من البحر يضم الكثير من المقتنيات التراثية التي يعود تاريخها من 75سنة وما فوق ويرتاد السوق المواطنين والمواطنات من كبار السن والسياح الأجانب.
وأضاف حميد أن أسعار بيع المقتنيات في متناول الجميع وتعد أرخص من الأسعار الحالية في الأسواق والمراكز التجارية.
ويعدد منذر بعض المواد التي يمكن شراؤها من السوق فيقول : يمكن العثور في السوق على أجهزة الراديو، الهاتف، كاميرات فوتوغرافية وغيرها من الإلكترونيات القديمة التي يعود تاريخ صنعها إلى بدايات القرن الماضي.
يعرض في السوق أيضاً صور قديمة لقادة الإمارات والأهالي وأخرى توضح معالم الحياة التي كان يعيشها الآباء والأجداد في الماضي، إضافة إلى خياطة البشوت وصنع العقال القديم الذي كان يستخدمه أهالي الإمارة في المناطق البدوية والزراعية والساحلية.
ثقافة أيضاً
ومن جانبه دعا المواطن غانم أحمد 60 عاماً الذي يتردد على السوق بصفة دورية لشراء المقتنيات القديمة التي تذكرة بالماضي الجميل الجهات المختصة والمدارس ورياض الأطفال تنظيم زيارات للسوق القديم لتعريف الجيل الجديد بتراث وماضي الآباء والأجداد.
مشيرا الى أنه قام بعمل متحف مصغر في إحدى غرف منزلة حتى يتعرف أبناؤة وأحفاده على موروث الآباء والأجداد في الماضي .
وأبدى غانم تخوفه من اندثار هذا الموروث الشعبي في المستقبل إذا لم يتواصل معه جيل اليوم الذي يعتمد على الإنترنت وعلى الوجبات السريعة.
وأيده في هذا الصدد منصور علي مطالباً وزارة التربية التركيز على تنظيم رحلات طلابية لزيارات الأسواق والأماكن التراثية والأثرية للحفاظ على هذا التراث العريق الضارب في جذور التاريخ قرابة 5 آلاف عام خلت.
وأضاف أن مقتنيات السوق تجسد الحياة المنزلية التي كان يعيشها أهالي الإمارة في الماضي بالكامل في حلهم ورحالهم .
ذكريات للسياح
وقالت السائحة الألمانية فرجين شوخر أنها أعجبت بالمقتنيات التي شاهدتها في السوق القديم حيث إنها تؤكد أن دولة الإمارات عامة ورأس الخيمة خاصة تتمتع بحضارة قديمة.
وأشادت بجهود الدولة في الحفاظ على التراث واستمرار فتح الأسواق والبازارات القديمة لتعانق النهضة الحديثة العمالقة التي تشهدها مختلف إمارات الدولة. وأضافت أنها قامت بشراء فخاريات وفضيات من السوق حتى تبقي ذكرى لها عندما تعود إلى موطنها.
مقتنيات
تعرض محال وبازارات السوق القديم للـبالغ عددها قرابة 15محلا وبازاراً تجارياً تراثياً المقتنيات القديمة التي كان يستخدمها الآباء والأجداد في منازلهم وفي أعمالهم منها الأثاث المنزلي القديم والأواني المنزلية التي كانت تستخدم لطهي وحفظ الطعام والتمر والشعير واللبن والحليب والماء وحتى الرحىّ لطحن حب القمح، والفخاريات، الأسلحة، السيوف، الخناجر، العملات المعدنية والورقية، وبالطبع الصناديق الخشبية
« المناديس» التي تستعمل لحفظ الملابس والمقتنيات وحلي النساء الذهبية والفضية.
المصدر: رأس الخيمة