10 سبتمبر 2012
مرت الذكرى الحادية عشرة لرحيل المطرب عبدالعزيز محمود في هدوء، لا يتناسب مع ما قدمه للساحة الفنية سواء في مجال الغناء أو التلحين أو الانتاج أو التمثيل، حيث يعد الراحل من الفنانين الكبار الذين طوروا أنفسهم بأنفسهم، خصوصاً وأنه سبق عصره وأثبت كفاءة كبيرة وتميزاً في مختلف الألوان الغنائية سواء الشعبية التي أشتهر بها، أو العاطفية أو الدينية أو الوطنية أو الوصفية أو «الفرانكو آراب».
سعيد ياسين (القاهرة) - رغم ظهور الفنان عبد العزيز محمود في وقت مليء بأهل الطرب والمشاهير في الإذاعة ومنهم محمد عبدالوهاب ومنيره المهدية ولور دكاش وابراهيم حمودة وفتحيه أحمد، فقد استطاع أن يضع قدماً راسخة بينهم، لدرجة أنه كان أغلى المطربين أجراً خلال الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.
ولد عبدالعزيز محمود الخناجري في احدى قرى محافظة سوهاج في صعيد مصر في 17 اكتوبر عام 1914، وتوفى والده وهو لايزال صبيا، وتعلق منذ طفولته بالغناء، وحين أراد أن يمارسه رفضت عائلته وهددته بالقتل، وهو ما دفعه للرحيل إلى مدينة بورسعيد على ساحل البحر المتوسط، وفيها تعلم قيادة السفن الصغيرة، ولأنه كان يعـول والدته وشقيقه كان لابد أن يجد عملا يدر عليه دخلا يكفيهما فعمل في شركة «شل» إلى أن أصيب بكسر في إحدى ساقيه، فاستغنت عنه الشركة، وكان معروفا في بورسعيد بخفة الدم فضلاً عن الصوت الحسن المشوب بالنبرة الساحلية، واشتهر بالغناء في الأفراح والموالد.
اختبار الأصوات
ولعبت الصدفة دوراً كبيراً في حياته، وتحديداً حين كان يزور رئيس قسم الموسيقى في الإذاعة الموسيقار مدحت عاصم عام 1937، حيث استمع اليه وأعجب به وطلب منه الحضور إلى القاهرة. وبعد حضوره اجتاز اختبار الأصوات بأغنية«النار عايز تلعب بيها»، ثم تفرغ للغناء وبدأ ممارسته كمهنة للرزق، وقدم له مدحت عاصم اول لحن «الصباح الجديد» من كلمات أبوالقاسم الشابي، وقدم له أيضاً أغنية «حبيبي واخد قلبي معاه».
أغنيات عديدة
وقدم العديد من الأغنيات التي تعاون فيها مع مختلف الشعراء ومنهم فتحي قورة وعلي السوهاجي وأبوالسعود الابياري وإمام الصفطاوي ومرسي جميل عزيز ويوسف بدروس وعبدالفتاح مصطفى ومنها« منديل الحلو، تاكسي الغرام، شباك حبيبي، يا مزوق يا ورد في عود، كعبه محني، مكاحل مكاحل، يا نجف بنور، وصفولي حسنك، اكتب له يا قلم، راعيني بنظرة، ليه قلبي تجرحه، حب العزيز، اللي ملك قلبي، لمين هواك، سلامات يا واحشني، اعمل معروف يا جميل، سواد عيونه ياليل، حبيبي يا أسمر، بلدية وحبيبي، جلجل يا أدان، الوحدة باقية، فجر جديد، يا صاحب القدرة، فرحة رمضان»
وكتب كلمات أكثر من 30 أغنية من الاغاني التي قام بتلحينها، كما كتب كلمات اغاني الفرانكو اراب التي مزج في كلماتها لغات مختلفة، وقدم مؤلفات غنائية أخرى منها «صحيح يا مجربين الحب له علامة، البنت الحلوة ماريكا، آه من برة وبلاد برة، لوليتا، يا لايم كفاية لوم، يا مروحين البلد، ادلع يا قمر، كان مالك بس ومالي، لأ يا نينة، هاتو الحمام، ورد وفل ويا سمين».
ولم تقتصر ألحانه على الأغنيات التي تغنى بها، ولكنه قدم العديد من الألحان المميزة للعديد من المطربين والمطربات منها«قد كمال الأنس لكارم محمود، باقي دقيقة لشفيق جلال، ما تهونشي عليا، إن فات عليك الهوى، ياللي انت قلبك لشادية، خلاص يا دنيا، يا مظلومين بالقوي لهــدى سلطان، من الريح ما تنام لفايزة أحمد، أنت فين لنجاح سلام، قالت له وقال لها لنجاة.
30 فيلماً
وشارك بالتمثيل والغناء في أكثر من 30 فيلماً سينمائياً أمام غالبية نجمات جيله وأنتج بعض هذه الأفلام، ومنها فيلم« عريس الهنا أمام ثريا حلمي، أسمر وجميل أمام سعاد مكاوي، شباك حبيبي أمام نور الهدى، راوية أمام كوكا ويحيى شاهين، أول نظرة أمام صباح وزوزو ماضي، ثمرة الجريمة أمام رجاء توفيق ومحسن سرحان، التضحية الكبرى أمام عقيلة راتب وعماد حمدي، الستات عفاريت أمام زوزو حمدي الحكيم واسماعيل يس، فوق السحاب أمام عزيزة أمير ومحمود ذوالفقار، فتنة أمام كاميليا ومحمود اسماعيل ويحيى شاهين، كلام الناس أمام ابراهيم حمودة وشادية، بالإضافة إلى العديد من الأفلام الأخرى.
ووجهت له الإذاعة البريطانية القسم العربي الدعوة لزيارتها في لندن لتقديم مجموعة من مقطوعاته الموسيقية وأغانيه «الفرانكو آراب»، وتعاقدت معه على تسجيل ثماني مقطوعات موسيقية في مقدمتها «لوليتا»، واستضافه التليفزيون البريطاني ليتحدث عن أغنياته في البرنامج التليفزيوني الشهير حينها «العالم في الليل».
وتزوج عبدالعزيز أربع مرات، الأولى من خارج الوسط الفني، والثانية والثالثة والرابعة من الفنانات اعتدال شاهين وبرلنتي نجيب وفوزية ابراهيم، وأنجب سبعة أبناء هم حشمت وهشام وولاء وعزة وهدى ونهاد وهويدا، واقتصر نشاطه في سنواته الأخيرة على التلحين، وتعرض لمتاعب صحية جمة خلال سنواته الست الأخيرة إلى أن توفي إثر أزمة قلبية في أغسطس 1991 عن 77 عاماً.