10 سبتمبر 2012
أسلحة نادرة وسيارات فريدة الأشكال ومظاهر تراثية وبيئية متنوعة حفل بها معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في دورته التاسعة لهذا العام، استطاعت هذه التباينات المدهشة استقطاب إعجاب وتقدير الزائرين وتكريس معاني الاعتزاز بالموروث الحضاري الإماراتي التي تقاطعت خطوطه مع غيره من التراث الحضاري لعديد من شعوب الأرض ما أفرز حالة من الانصهار الحضاري المثير للإعجاب على أرض العاصمة الإماراتية من خلال فعاليات وأنشطة المعرض التي أثبتت قدرة الإمارة على إدارة وتنظيم الفعاليات العالمية على أرقى مستوى.
شهدت أروقة المعرض مظاهر متنوعة تعكس المشاركات الواسعة لمؤسسات المجتمع كافة، بالإضافة لإبداعات جميلة بأيدي أبناء الإمارات، تأملتها العيون وأشاد بها الجميع لما اشتملت عليه من مزج لطيف بين مكونات الماضي ورموز الحاضر والمستقبل.
من بين تلك المشاركات المتميزة، احتل جناح مجموعة توازن مكاناً مميزاً في مدخل القسم الخاص بالأسلحة، وتصدر أبناء وبنات الإمارات واجهة الجناح وتعاملوا مع جمهور الحضور الراغبين في التعرف إلى أحدث الأسلحة التي انتجتها الشركة واقتناء البعض منها بغرض الحماية الشخصية، أو تجميع قطع السلاح ذات الأشكال الفريدة التي برعت الشركة في إنتاجها.
أشكال جميلة
يقول خميس عتيق المويجعي مدير إدارة المبيعات والتسويق في شركة كاراكال التابعة لمجموعة توازن، إن الشركة تعرض لمجموعة من الأسلحة المطورة الخاصة بالحماية الشخصية والصيد، وهي جميعها من فئة المسدسات والبنادق، ومن أكثر الأسلحة التي حققت مبيعات في المعرض وحظيت بإعجاب الجمهور هي البندقية” هيلكس” التي تميزت بخصائص جمالية فريدة، بالإضافة إلى قدرتها التسليحية، وبالنسبة للمسدسات، فإن نوع الـ “كاراكال” حقق إقبالاً كبيراً بين الجميع نظراً لمميزاته العديدة.
تابع المويجعي: نحن كشركة وطنية تميزنا هذا العام بالأشكال الجميلة لهذا المسدس وإمكانية تلوينه بألوان جذابة، والقيام بنقش أشكال تراثية مثل الصقر والقلاع وغيرها من مفردات التراث والبيئة الإماراتية على المسدس مما يجعله تحفة جميلة الشكل يسعى عشاق الجمال إلى اقتنائها، بالإضافة إلى توفر الصيانة المجانية والدورية لهذا السلاح.
وعن آلية الحفر على المسدس وكيفية تكوين هذه الأشكال الجميلة، أوضح المويجعي أنها تمزج بين الحفر الآلي واليدوي، وتستغرق فترة النقش على المسدس الواحد فترة تتراوح بين ثلاثة أسابيع إلى شهر، حيث يتم عمل جزء من الحفر في الإمارات والباقي في ألمانيا، ولذلك يرتفع سعر هذا المسدس قياساً إلى غيره ويصل إلى حوالي ست وعشرين آلف درهم.
كما لفت المويجعي إلى أن أبناء الإمارات يسعون باستمرار لعمل كل جديد في هذا المضمار، ومن ذلك الحرص على إضفاء لمسات جمالية فريدة على الأسلحة ومن ذلك استخدام ألوان جذابة وجديدة من نوعها في عالم الأسلحة، لإرضاء ذائقة الجمهور الذي يحرص على اقتنائها لاعتبارات جمالية بعيداً عن استخدامها في مجالات الصيد أو الحراسة الشخصية.
أصغر مسدس
أما أصغر مسدس، فقد تم عرضه داخل معرض أبوظبي للصيد والفروسية هذا العام، حيث بلغ طول ماسورته أربع بوصات وسعره ثلاثة آلاف درهم، وطرحته على الجمهور شركة الهدف، ويقول زيد علي الصانع المدير العام للشركة، إن المسدس يستخدم في أغراض الحماية الشخصية، ولكن لصغر حجمه يستعمل عادة ليكون احتياطياً، ويكون الأساس هو المسدس من عيار الـ “تسعة مللي” الطويل، وبالتالي يكون أصغر مسدس تم عرضه في المعرض يتم استخدامه كمساند ولهواة الاقتناء فقط.
وعن الأسلحة الفريدة التي تميز بها جناح الهدف لهذا العام، هو مجموعة من البنادق التابعة لمصنع براون الذي توقف الإنتاج به عام 1978، غير أن هذا النوع من الأسلحة يحمل سمعة جيدة، ويحرص عشاق الصيد والفروسية ممن يعرفون قيمته على اقتنائه، ولذلك هناك بعض القطع التي يعود عمرها إلى عام 1971 تم عرضها ويصل سعر الواحدة منها إلى 55 ألف درهم.
إلى ذلك، أشاد الصانع بحسن تنظيم المعرض والتطورات التي يحققها بمرور الأعوام، إلى أن أصبح معرضاً عالمياً ولا يقتصر زائروه فقط على سكان دولة الإمارات ومنطقة الخليج، بل صار المعرض أكثر شمولاً، وهو ما يظهر من حجم وتنوع المشاركات المختلفة والتي عكست وجودا لبلدان من قارات العالم المختلفة، تقدم كل مشاهد من التراث الإنساني المرتبط بشكل أو بآخر بعالم الصيد والفروسية.
الرماية بالقوس
الرماية بالقوس بوصفها واحدة من أقدم أشكال الرماية واستخدام السلاح التي عرفها البشر كان لها وجود كبير بين أروقة المعرض من خلال عدة أجنحة عكست أشكالاً مختلفة للقوس وكيفية استخدامه، وهناك شركات عربية وأخرى فرنسية، تشاركت جميعها في الاحتفاء بهذه الهواية الجميلة التي كانت يوماً ما سلاحا ضاربا استخدمه الجيوش والأفراد عبر القرون.
من أمام أحد تلك الأجنحة، تحدث حمود عبد المجيد طالب جامعي، وقال إنه سعيد بالوجود في المعرض ومشاهدة هذا الزخم من الأنشطة والفعاليات التراثية الفريدة، ومنها لعبة الرمي بالقوس، لافتاً إلى أنها رياضة ضاربة الجذور ونابضة في عرق كل عربي، وهي من الرياضات المفيدة من المساعدة على شحذ الحواس وتعلم التركيز وتقوية الجسد، والأهم من كل ذلك أن ممارستها تمثل اتباعاً لهدي الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم” وصحبه الكرام ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عن حين قال “علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل”.
وفي أحد أركان المعرض، أبهرت مجموعة من السيارات المزينة بأشكال جلد الأفعى الزائرين، الذين تجمعوا لمتابعة هذا الشكل الفريد في التصميم الخارجي للسيارات الذي صنع بأيدٍ إماراتية خالصة.
أجواء الصحراء
ويورد بدر محمد صعب صاحب الفكرة ومنفذها، أن تغطية السيارة بلون جلد الثعبان وملمس جلده، تم لأول مرة في الإمارات، ولاقت الفكرة إعجاباً كبيراً من رواد المعرض خاصة فئة الشباب، كون هذا الشكل يتواءم مع حبهم للصحراء وأجوائها المثيرة، كما أن السيارة مجهزة بشكل كامل من الداخل والخارج لطلعات البر كافة، كما أن مكوناتها الداخلية مجهزة للتعامل مع المطبات والطرق الوعرة بأريحية ودون شعور بأي مصاعب لراكبي السيارة، فضلاً عن توافر مستلزمات السلامة داخلها بما فيها الإسعافات الأولية كافة.
وذكر صعب أن “الحنيش” هو اسم تلك السيارة المزينة بلون جلد الثعبان، وهناك العديد من الأشكال الأخرى والألوان التي تحاكي هذه السيارة، وهي ألوان وتصميمات تستخدم لأول مرة في عالم السيارات، تم طرحها على الجمهور خلال فعاليات الصيد والفروسية، لافتاً إلى أنه تخصص مع زملائه في صناعة مثل هذه الإضافات المطورة وتظليل وحماية السيارات، ومن المنتجات التي قدموها حصرياً بأيدي أبناء الإمارات دراجة نارية مزينة أشكال فريدة.
وأكد أن أهل الإمارات يحبون مثل هذه النوعية من الإضافات التي لا تخل بسلامة السيارة، بل تعطيها مميزات شكلية متفردة، وهناك الكثيرون الذين زاروا الجناح وأبدوا إعجابهم بكل معروضاته خاصة الأشكال الجديدة المستخدمة في تغليف وتزيين السيارات، وأوضح صعب أن تكلفة تغطية السيارة بهذا اللون تتراوح من 10 إلى 15 ألف درهم، غير أن هذا السعر يقل حين يتم استعمال الألوان العادية.
وعن كيفية تنفيذ هذه الأشكال الجمالية، بين مصعب أن هناك مجموعة متكاملة من المعدات تستخدم في فك وتركيب جميع القطع الموجودة على السيارة حتى نقوم بعملية التجليد، ثم وضعها في أماكنها مرة أخرى، ومن ضمن تلك المعدات أدوات حرارية تساعد في التعامل مع بعض أجزاء السيارة في عملية الفك والتركيب.
وجهة ترفيهية
وللطبيعة والتهيئة البيئية، نصيب مميز في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية من خلال جناح متنزه العين للحياة البرية، وتقول منى الظاهري مدير إدارة التعليم ولوم الحياة بالإنابة في حديقة الحيوان بالعين التابعة للمنتزه، إن الوجود في معرض الصيد والفروسية من الأنشطة الدائمة التي نحرص عليها. بغرض التعريف بأنشطتنا في مجال حماية الحياة البرية في الإمارات العربية المتحدة وخارجها، حيث يعمل الخبراء على تحويل المنطقة المحيطة بموقع حديقة الحيوان الحالي إلى مشروع جديد مخصص لعرض وحماية الحياة البرية الصحراوية على نطاق أكبر وأشمل، وتقدم تلك الوجهة الترفيهية المستدامة، والتي تحمل اسم متنزه العين للحياة البرية، فرصة مدهشة للزوار تتيح لهم استكشاف البيئة الصحراوية فيما يستمتعون بوجهة سياحية عالمية المستوى من خلال متنزه العين الذي من المنتظر
ومن المنتظر أن يصبح متنزه العين للحياة البرية من أبرز الوجهات العالمية الراقية للعطلات لكونه يقرّب زواره من عجائب الطبيعة المذهلة في البيئة الصحراوية، وقد استوحى تصميم المتنزه من الثقافة والقيم الإماراتية العريقة؛ ليكون رمزاً يجسد التزام البلاد تجاه حماية الحياة البرية، ومركزاً عالمياً للتنوع الحيوي، ومثالاً حياً للحياة الصحراوية المستدامة.
منظمات دولية
ولفتت الظاهري إلى أن تحقيق هذه الأهداف، يتطلب التعاون مع منظمات دولية للإفادة من خبراتها؛ ولذلك تفخر حديقة الحيوانات بالعين بعضويتها في “الجمعية الدولية لحدائق الحيوان والأحياء المائية”، كما نعمل بالشراكة مع كبريات المؤسسات والجمعيات العالمية المعنية بصون وحماية البيئة والحياة الطبيعية، ومن ضمنها “هيئة البيئة في أبوظبي” و”حديقة حيوان سان دييغو” و”حديقة حيوان أدنبرة” و”لجنة بقاء الأنواع” و”جمعية رينجلاند ترست الشمالية في كينيا” و”صندوق الحفاظ على الصحراء”، وذلك بهدف تطوير أدوات واستراتيجيات جديدة لإنقاذ الفصائل المهددة بالانقراض ومواطنها الطبيعية، ونعمل حالياً في مجموعة من المشاريع الدولية للبحث وحماية الفصائل الحيوانية ومنها: إدارة مثلى للقطعان عبر تطوير أدوات نموذجية، تحليل الحمض النووي في قطعان حديثة حيوان العين، إعادة إطلاق الأنواع المهددة في البرية، دعم أعمال لجنة بقاء الأنواع، تطوير الإرشادات الجديدة للاتحاد الدولي لصون الطبيعة في إعادة إطلاق الأنواع في البرية، حماية ظبي الهيرولا المهدد بالانقراض، الأبحاث حول القط الرملي العربي، الشراكة مع حديقة حيوان تعز لحماية الفهد العربي، دعم الفصائل المهددة بالانقراض في مواطنها الطبيعية.
المصدر: أبوظبي