الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الصيد والفروسية» إبحار بين مفردات الصحراء يستقطب آلاف الزوار

«الصيد والفروسية» إبحار بين مفردات الصحراء يستقطب آلاف الزوار
9 سبتمبر 2012
بعد مسيرة أربعة أيام انتهى الحفل التراثي العالمي الذي استضافته الإمارات وحمل اسم معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، محققاً نجاحاً كبيراً تمثل في زيارة عشرات الآلاف من ضيوف الدولة والمقيمين، ليتابعوا مفردات التراث العربي الأصيل في أبهى صورة، وفي ظل حفاوة كبيرة شهد بها الجميع، ليكرسوا قيمة العاصمة الإماراتية كواحدة من أفضل الوجهات العالمية التي يقصدها الجميع بحثاً عن كل ما هو فريد ومبدع في عوالم التراث المرتبط بالبيئة العربية ومفرداتها من صحراء ورمال وخيل. البيئة الصحراوية جعلت أساطين وفحول الشعر العربي يفخرون بها منذ عشرات القرون ومنهم المتنبي حين قال: الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ”، ليجمل في بيته كل مفردات الصيد والفروسية التي اعتز بها الانسان العربي منذ القدم ولا يزال حتى أيامنا هذه، وهو ما نراه ماثلاً للعيان في معرض أبوظبي للصيد والفروسية الذي شهدت العاصمة الإماراتية دورته التاسعة خلال الأيام الماضية. السفينة التراثية ومن أبرز المشاركات في المعرض هذا العام الجناح الخاص بهيئة أبوظبي للثقافة والسياحة والذي شغل مساحة كبيرة في صدر المعرض بلغت ألفا ومائتين متر مربع، اشتملت فعاليات عديدة وأنشطة متنوعة غطت كافة جوانب الحياة الثقافية والسياحية في المجتمع الإماراتي، وفرت أجواء ترفيهية وتثقيفية وأخرى ترحيبية لكل من زار الجناح، في مدخل الجناح مجموعة من بنات الإمارات يقمن بتوزيع كتيبات ومطبوعات تسرد حكاية أماكن سياحية وشواهد حضارية كثيرة في أبوظبي، وإلى اليمين هناك استراحة تتسع لعشرات الزائرين يتم من خلالها تقديم واجبات الضيافة العربية من تمور وقهوة عربية، يعقب الاستراحة معرض كبير يضم صوراً ولوحات تراثية يتوقف أمامها طويلاً جمهور المعرض، حيث يدور أغلب موضوعاتها حول الخيل والصقور، ثم جناح دار الكتب الوطنية التابع للهيئة ويعرض كتباً متنوعة حول الصيد والصقارة، وفي القلب من جناح الهيئة نجد سفينة تراثية ضخمة يجلس عليها مجموعة من أهل البحر الإماراتيين، ويقدمون تغرودة النهامة التي كانوا يتغنون بها في الزمن القديم حين كان اعتمادهم الرئيس في الحياة على البحر وخيراته، وذلك في محاكاة واقعية للكيفية التي كان يتعاملون بها مع البحر بحرفية وحب، وهو المشهد الذي جذب أعدادا كبيرة من الزوار وأخذوا يسجلونه بعدسات كاميراتهم أو خلال هواتفهم المحمولة. أما الركن الأيسر فتم تخصيصه للأطفال وألعابهم التراثية بالإضافة لقسم خاص بالمشغولات اليدوية التقليدية وركن حناء للرسم على أيدي الزوار مجانا، وهو القسم الذي انتشرت فيه الوالدات وهن يمارسن المشغولات اليدوية الإماراتية العريقة، ويقمن بتعريفها لجموع الحضور إلى أرض المعرض سواء من الأجيال الجديدة أو من الزوار القادمين من أرجاء العالم. ذكريات جميلة وعن هذه المشاركة النسائية اللافتة تقول صافية القبيسي مسؤولة تطوير التراث في هيئة أبوظبي للثقافة والسياحة إن الغرض من هذه المشاركة السنوية في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية هو العمل ضمن برامج الهيئة الهادفة للتعريف بالتراث الإماراتي وإبرازه للزوار من خلال الحرف اليدوية المتنوعة التي اعتمدت عليها المرأة الإماراتية في مراحل حياتها منذ القدم، مثل التلي لصناعة الملابس والخوص لصناعة المستلزمات المنزلية المختلفة، والرحا لطحن الحبوب بالإضافة للسدو ورسم الحناء. ولفتت القبيسي إلى أن الهيئة تعمل على الحفاظ على هذه الحرف وتطويرها، حتى يكون هناك استمرار لها وتوصيل رسائلها التراثية بشكل مباشر إلى الجمهور خلال المعرض الذي يشاهده الآلاف من الإماراتيين وأبناء الجنسيات الأخرى، حتى يتم تبادل المعارف والثقافات بينهم في سياق حضاري راق وجذاب. وفي سياق الاهتمام بالتراث انتشرت في أرجاء المعرض أشكال مختلفة ومدهشة للتراث الإماراتي أشرف عليها الآباء من الخبراء التراثيين، ومنهم الوالد محمد بن خلفان بن روية الخييلي، الذي أوضح أنه يشارك في المعرض باستمرار منذ سبع سنوات، ويشاهد تطوره عاماً بعد عام إلى أن أصبح في هذا المستوى من النجاح، بفضل جهود أولي الأمر والمسؤولين عن تنظيمه. وأوضح الخييلي أنه من خلال الأنشطة التراثية التي يقوم بها يعمل على تعليم ”العيال فوق سن 12 سنة”، بحسب ما قال العادات والتقاليد الإماراتية مثل آداب المجلس واحترام الناس صغيرهم وكبيرهم، وكيفية تقديم القهوة. وأكد الخييلي أن سنواته السبع الماضية مع المعرض حملت ذكريات جميلة استطاع خلالها تقديم رسالة طيبة للجميع عن قيمة التراث الإماراتي، وبعيداً عن المعرض يساهم في الاشراف على رحلات الشباب والأولاد في المخيمات التي يشاركون فيها، خلال الرحلات والأنشطة التراثية التي تقيمها دار زايد للرعاية التابعة لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، كما يشرف الخييلي على الأجيال الجديدة خلال مشاركتهم في الأفراح والمناسبات السعيدة عبر عروض الخيالة والحربية، التي سبق وأن تعلموها خلال ممارستهم للأنشطة التراثية. فرصة ذهبية وضمن الأقسام المميزة في المعرض لهذا العام القسم الخاص بالبرنامج الوطني للرفق بالحيوان، وهو أحد البرامج الإماراتية الهادفة إلى رفع مستوى ثقافة المجتمع بالرفق بالحيوان، وفي ذلك يقول وليد مبارك الشكيلي مدير البرنامج إن البرنامج يعمل تحت شعار “معاً للرفق بالحيوان”، ويحرص على التواجد المستمر في معرض أبوظبي للصيد والفروسية كونه واحدا من أكبر الفعاليات التي تشهد إقبالاً كبيراً من جانب الفئات والشرائح العمرية المختلفة في المجتمع الإماراتي، ولذلك يعتبر التواجد هنا فرصة ذهبية للتعريف بالبرنامج والإسهام في نشر الوعي بأهدافه والبرامج والفعاليات التي يعتمد عليها وهي فعاليات تعليمية وثقافية وتوعوية بالإضافة إلى أنشطة مختلفة وإصدارات ثقافية وعلمية متنوعة تساعد على الارتقاء بمفهوم الرفق بالحيوان وترسيخه من خلال تشجيع المجتمع على العمل التطوعي مع التركيز على شريحة الطلبة. ولفت الشكيلي إلى أن البرنامج الذي يتفرع الى مراحل متعددة يسعى لتضافر جهود الشركاء والداعمين من الجهات الحكومية والخاصة وتسخيرها لخلق بيئة داعمة للعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق أهدافه ويقوم البرنامج بالتعاون مع شركائه بتفعيل مبادرات مهمة من شأنها تخفيف العبء على المهتمين بالحيوانات كما يساهم البرنامج في إبراز جميع الجهات المشاركة كداعم للحياة الفطرية والرفق بالحيوان في جميع أنشطته وفعالياته التي تنفذ كخدمات تطوعية ذات نفع عام للمجتمع. مشاركة فعالة كعادته تميز نادي تراث الإمارات بمشاركة فاعلة وحضور لافت في أنشطة المعرض من خلال الجناح المميز له والذي اشتمل مناشط عدة منها، المطبوعات التراثية المختلفة، والألعاب الشعبية، وتقديم المأكولات التراثية الإماراتية مثل الحمص والفول والتي قدمت للزوار من خلال المقهى الشعبي. ومن خلال تلك الانشطة يتم التعرف على كيفية بناء المحامل وأجزاء المحمل والأدوات التي كان يستخدمها أهل البحر قديماً، وكيف كان يتم صنعها وطرائق التعامل مع اللؤلؤ من خلال الوالد حثبور الرميثي الذي احتل ركنا في جناح النادي وأخذ في تعليم الزائرين والضيوف الكثير من فنون البحر وصناعة الأدوات الخاصة به وساعدت الإنسان الاماراتي على تطويع البحر عبر الزمن. ملتقى عالمي وحول معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية بوصفه ملتقى عالمياً لعرض ألوان التراث العربي بشكل عصري وجذاب، حتى صار صداه يتردد في أرجاء العالم، وينتظره الجمهور عاماً بعد عام، مترقبين الجديد فيه، يقول الحاج عبدالله المحيربي، رئيس المجلس الوطني الاتحادي سابقاً، إن هذا المعرض يعد خير مثال لتقدير شيوخ الإمارات للإنسان في كل مكان وفي كافة العصور، بما يتيحه من تقديم الثقافة والتراث الإماراتيين في قالب جذاب للعالم أجمع، وهو ما تميزت به أبوظبي من حرص على العادات والتقاليد وتمسك بها، بحيث صارت قاعدة سارت عليها عمليات التقدم والتطوير في الإمارات، ومهما حققنا من تطورات تكنولوجية فكل ذلك ينبع من الحكمة التي أرساها المغفور له الشيخ زايد، الذي منح كل الأشياء حقها. تابع المحيربي: ونحن في هذا المعرك العالمي رأينا بيوت الشعر ومظاهر التراث الإماراتي بشكل واضح ومثير للإعجاب والتأمل. وأشاد المحيربي بالجهود التي أسفرت عن ظهور المعرض بهذا الشكل ويسر له ولغيره الالتقاء بأصدقاء يشاركونه نفس الاهتمام، ومنه شياب يعملون كخبراء تراثيين في أكثر من جناح من أجنحة المعرض. وذكر أن هناك من الدول من تملك أموالاً كثيرة ولكنها لا تهتم بالتراث مثل ما فعلت دولة الإمارات، وبالتالي لم تستطع أن تحقق ما حققته الإمارات في المزج بين الأصالة والمعاصرة في إطار من النجاحات المتواصلة، وهو ما يميز دولة الإمارات عن غيرها من كثير من الدول التي تمتلك إمكانات مادية كبيرة ولكنها لا تهتم بإحياء كافة نواحي الحياة الثقافية والحضارية لديها بذات النهج الذي تسير عليه دولة الإمارات. رؤية الأسلحة ومن المملكة العربية السعودية يقول الوالد سلمان فراج السبيعي وهو رجل أعمال ومهتم بعوالم الإبل إنه جاء خصيصاً لمعرض أبوظبي للصيد والفروسية لرؤية أنواع الأسلحة المختلفة الخاصة بالصيد سواء الحديثة منها أو القديمة خصوصاً السلاح الأبيض القديم والسيوف والخناجر، وهي جميعاً يمكن أن نطلق عليها أسلحة تراثية محدثة على نفس النمط القديم. وأوضح السبيعي أنه يهوى اقتناء مثل هذا الأنواع من الأسلحة ولديه بعض السيوف القديمة التي يصل عمر بعضها إلى 175 عاماً. صديقه حميد المنصوري قال من جهته إنه يتابع المعرض عاماً بعد عام، ويستمتع بحضور كل فعالياته وإن كان يتمنى أن تزداد فترة إقامته حتى يتسنى له وللجميع التعرف على كافة المفردات والمكونات المتعلقة بعالم الصيد والفروسية التي يقدمها المعرض للجمهور، كما يجب ملاحظة أن هناك ضيوفا كثر يأتون من خارج الدولة وهو ما ينبغي وضعه في الحسبان بإتاحة مزيد من الوقت أمامهم لمتابعة فعاليات المعرض والاستمتاع بالبقاء في أبوظبي والتعرف على معالمها الحضارية والثقافية. جناح منتجع الفرسان جناح منتجع الفرسان الرياضي احتل حضوراً قديماً داخل المعرض، عبر الخدمات الراقية التي يقدمها لعشاق الرياضات العالمية ذات الصبغة التراثية، وفي ذلك تقول كارين بغدادي مسؤولة الجناح، إن معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية أتاح لعشاق الرياضات الفريدة من أنحاء العالم الالتقاء تحت سقف واحد وفي أجواء ترحيبية لا توفرها سوى العاصمة أبوظبي. وأشادت بغدادي بالتطور الذي يشهده المعرض عاماً بعد عام، وهو ما استقطب أعداداً متزايدة من الجمهور من كافة الجنسيات، وأصبح المعرض ذا صبغة عالمية ويتحسب له عشاق الرياضات والصيد والفروسية من كل مكان وليس فقط من المنطقة العربية، وهو أمر يحسب للقائمين على المهرجان ويعتبر شهادة نجاح عالمية واعتماداً دولياً لقدرة أبناء الإمارات على تحقيق كل ما هو مبدع ومميز. أما عن منتجع الفرسان، فتوضح بغدادي أنه يولي اهتماماً خاصاً بالرماية والفروسية ويفتح أيامه طوال أيام الأسبوع لعشاق هذا اللون من الرياضة المرتبط بشكل مباشر بالإنسان العربي والثقافة العربية. أدوات الخيول أدوات الخيول كان لها نصيب ملحوظ بين معروضات أبوظبي للصيد والفروسية، ومن تلك المشاركات ما قدمه جناح “الخيل لمعدات الفروسية، الذي طرح مجموعة من الزيوت والمستحضرات الواقية لحوافر الخيول، وعلاجات للمعدة، وفيتامينات لتقوية الخيل ومساعدتها على التحمل وتحقيق نتائج متقدمة في سباقات القدرة التي تشارك فيها والتي تقام في ظروف جوية شديدة الجفاف والحرارة، فضلاَ عن مجموعة من التركيبات التي تسهم في إراحة عضلات الخيل بعد القيام بالتمارين الشاقة، وكذا الحفاظ على تناغم وتناسق العضلات مع الحد من معدل فقد كثافتها خلال فترات التعرض للجهد المكثف والمضني، خاصة وأن نسبة كبيرة من الخيول تتعرض لكثير من إصابات المفاصل المتكررة والمستمرة خلال المسابقات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©