نوف الموسى (أبوظبي)
في ليلة من «ألف ليلة وليلة»، أطلقت الشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان، رئيسة مؤسسة الشيخة فاطمة بنت هزاع الثقافية، رئيس مجلس إدارة أكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية، من متحف اللوفر بأبوظبي، مجموعة «جنة» التي وضعت تصاميمها من خلال تعاون هو الأول من نوعه، مع دار «بولغاري» العالمية.
وتسرد من خلالها للعالم قصة إماراتية، تحمل بصمتها، وتمثل جسراً للتسامح بين أبوظبي وروما، حيث موطن «بولغاري» العلامة الإيطالية، وهو جسر أيضاً للعالم الذي تمد الإمارات يديها إليه دوماً بالتسامح والمحبة والسلام.
يحضر حفل الإطلاق الذي يتواصل لليوم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ودانييلا ماسكيتي، رئيسة مزادات المجوهرات الأوروبية في دار «سوذبيز» للمزادات، وعدد من كبار المسؤولين والضيوف من أنحاء أوروبا واليابان وأفريقيا وكوريا، ومجموعة من الفنانين العرب والأجانب، من بينهم: يسرا، كارول سماحة، نادين نسيب نجيم، أحمد حلمي، منى زكي، لجين عمران، ريا أبي راشد، وأسيل عمران، وغيرهم.
وقدمت الشيخة فاطمة بنت هزاع تحت قبة متحف اللوفر أبوظبي سردية جديدة من الفن والإبداع، متجسدة في بريق الألماس والأحجار الكريمة التي شكلت مجموعتها الأولى المستوحاة من الحكايات التي كان القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يرويها على مسامعها عندما كانت طفلة، حيث قضت معه حينها وقتاً طويلاً، واستمعت إلى الحكايات التي سرد القائد المؤسس من خلالها كيف بنى الإمارات، فبقيت حكاياته في ذاكرة الشيخة فاطمة وهو ما دفعها للجمع بينها وبين الهوية الإماراتية المتجسدة في وردة مؤلفة من خمس بتلات، منقوشة على جدران جامع الشيخ زايد الكبير، تحت عنوان اختارته ليمثل ثمرة جهود القائد المؤسس الذي حول الإمارات إلى «جنة».
وتربط هذه المجموعة بين الفن بكل تفاصيله الجمالية، وبين القيمة المعنوية لما حققه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على أرض هذا الوطن المعطاء من تطور وتقدم، كما تعود بتفاصيل تصاميمها إلى رموز الحضارة الإماراتية لتمزج بينها وبين رموز الحضارة الرومانية القديمة، وهو ما يفتح باباً جديداً للحوار الحضاري بين أبوظبي وروما، ويكرس بالتالي لقيم التسامح وتقبل الآخر، وهي قيم تحرص عليها الإمارات دوماً.
وجاء حفل الإطلاق فريداً من نوعه، لكونه جمع بين ثلاثة رموز عالمية، إذ تعتبر «بولغاري» علامة تجارية عريقة لعائلة تمثل الفن وواجهة المجتمع الإيطالي، وتتعاون للمرة الأولى مع الشيخة فاطمة بنت هزاع آل نهيان.
وأعربت الشيخة فاطمة بنت هزاع عن سعادتها بإطلاق «جنة الإمارات»، تلك الجنة التي بناها أولاً القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقالت: «جدي الشيخ زايد، بنى لنا جنة غرس فيها حب حضارتنا والتسامح مع حضارات العالم أجمع، واليوم أقدم إلى روحه هذه الجنة».
وأشارت إلى أصالة تراث الإمارات، قائلة: «عبق الأزهار يشدو عندما تكون الجذور راسخة»، كما أشارت إلى أن الإمارات كانت مصدر الإلهام في المجموعة التي أطلقتها، وأنها تهديها للإمارات أرضاً وشعباً وقيادة، لافتة إلى أن ما حققته الإمارات في مسيرتها المظفرة، يمثل مصدر إلهام للكثيرين.
كما أشارت أيضاً إلى دور الفن، مؤكدة أن «الفن هو خير سفير بين الثقافات يتخطى حواجز اللغة والأنماط السائدة ويعزز التفاهم بين الشعوب»، وأن الإمارات قدمت للفن الكثير في الفترة الأخيرة، لافتة إلى «لوفر أبوظبي» وما يمثله من أيقونة فنية مضيئة في العاصمة الإماراتية، وإلى العديد من العلامات الفنية الأخرى، آملة أن تكون «جنة» إضافة لتلك العلامات. واختتمت بالتأكيد على أن القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان ولا يزال مصدر إلهام في شتى مناحي الحياة، حتى في الفن، ولا يزال إرثه يمنح أبناءه كل يوم المزيد من الرؤى التي استلهموها من عطائه، فهو كالنبع يجري عبر التاريخ، يروي شغف الأبناء.
التصميم الجديد.. يروي تفاصيل الإبداع
تمثل مجموعة «جنة» إبداعاً جديداً للشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان، الفنانة التشكيلية التي أقامت من قبل العديد من المعارض، كما حصلت في العام 2012 على جائزة محمد بن راشد لداعمي الفنون، إلى جانب أنها تشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشيخة فاطمة بنت هزاع الثقافية، ومنصب رئيسة مجلس إدارة أكاديمية الشيخة فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية.
جذبت اهتمامها الوردة وطريقة رسمها، فقدمتها من جديد وروداً توزعت بأحجام مختلفة على 15 طقماً مؤلفاً من 33 قطعة، تعكس كل قطعة منها عالماً إبداعياً خاصاً، فمن قلادة مؤلفة من ورود كثيرة كان الأساس فيها أنها بخمس بتلات، ويتوسطها اسم «زايد»، رصعت بالألماس والأحجار الكريمة، إلى عقد يركز على وردة كبيرة في إحدى الجهات، ووردة صغيرة في الجهة الأخرى، أو ورود ترتبط ببعضها بعضاً لتشكل الكف الذي ينتهي بخاتم، وتستمر الإبداعات البراقة لتحاكي بجماليتها ذوق المرأة في أي مكان من هذا العالم، والتي تعرف عندما تقتني أي طقم، بأنها ترتدي قطعة يزيد من قيمتها اسم «زايد» المحفوظ في القلوب قبل أن تخطه الحروف.
ولم تكتفِ الشيخة فاطمة بتصميم مجوهرات خاصة بالمرأة، بل صممت تحت إشراف فابريزيو بوونامسا مصمم الساعات في «بولغاري» ساعة نسائية من ضمن مجموعة «جنة»، إذ أبقت على عنصر الوردة على أرضية باللون الأزرق «التركواز» من منطلق مفهوم العادات والتقاليد بأن هذا اللون يحمي من العين ويرد الحسد. كما أطلقت ساعة للرجال، في وسطها كتبت «زايد»، استخدمت فيها الصقر الذي يعد أحد عناصر التراث الإماراتي.
ومن هنا، فإن ما قدمته الشيخة فاطمة بنت هزاع بمجموعتها الاستثنائية، قادها إلى القيام بنقلة حقيقية في عالم التصميم الإماراتي الذي يروي تفاصيله للعالم، ويضيف إنجازاً إبداعياً جديداً، لكون الفن لغة إنسانية يفهمها الجميع، ولذلك فمن السهل أن تصل إلى الجميع في كل مكان من دون أية حواجز.
وشاح زايد.. هدية تذكارية للحضور
لم تقتصر خصوصية الحدث بالاطلاع على المجوهرات، واكتشاف عالمها الإبداعي، إذ يُقدم للحضور هدية تذكارية صنعت في مدينة «فلورنسا»، وهي عبارة عن وشاح مزين بصورة جامع الشيخ زايد الكبير، كتب عليها «زايد»، لتمزج في تفاصليها رمزية مجموعة «جنة» التي باتت متاحة للجمهور بعد حفل الإطلاق الرسمي، وذلك عند عرضها اليوم وغداً في اثنتين من فلل «بولغاري» في جميرا السعديات في أبوظبي.
البتلات الخمس.. تحفة احتاجت إلى عامين
من وردة منقوشة على جدران جامع الشيخ زايد الكبير تتميز ببتلاتها الخمس، إلى وردة مرصعة بالألماس شكلت العنصر الأساس في مجموعة «جنة»، التي تم إطلاقها بالأمس.
وجاء الإبداع الجديد ثمرة جهود استمرت لمدة عامين وشهرين ما بين الشيخة فاطمة بنت هزاع، وبين لوتشيا سيلفيستري المديرة الإبداعية لدار «بولغاري»، لتبصر هذه المجموعة النور وهي تشع نوراً لا ينطفئ.
ريع المجوهرات.. للأعمال الخيرية
استطاعت الشيخة فاطمة بنت هزاع آل نهيان أن توظف أدواتها الإبداعية، ومزجت الفن بالفكر ليتجسد بالتعاون مع «بولغاري» مجوهرات نفسية، وهي سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ هذه الدار العالمية العريقة، بأن تتعاون مع مصممة مجوهرات إماراتية أو تقدم تصاميم تحمل أحد الرموز الإماراتية.
والشيخة فاطمة التي جسدت في هذه المجموعة الأيقونة تجربتها الأولى، ستقدم في الفترات المقبلة مجموعات أخرى تكون بمتناول أكبر شريحة من الناس، وتواصل بذلك مسيرتها الإبداعية المدهشة، معلنة للعالم أن ما تقدمه هو جزء من حصاد زرعه قائد مسيرة الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
ويعود ريع مجموعات المجوهرات للأعمال الخيرية من خلال مؤسسة فاطمة بنت هزاع الثقافية.
6 أشهر للقلادة.. و3 للأقراط
كشفت «بولغاري» عن طقوس الإعداد لمجموعة «جنة»، حيث أكدت في بيان لها أن الإبداع بأفكار الشيخة فاطمة كان يبدأ بالرسم على «اسكيتش» للقطع، تناقش مع «بولغاري» كيفية تطبيقها، وكان الأمر يستغرق زمناً مختلفاً ما بين القلادة التي تطلبت ستة أشهر من التصميم، والأقراط التي تطلبت ثلاثة أشهر، وغير ذلك من فترات، كانت تحدث فيها العديد من التعديلات بناء على النقاشات حول إمكانية تصنيع التصميم، وحول اختيار الأحجار المناسبة، وغير ذلك من تقنيات، إذ اطلعت الشيخة فاطمة على جميع أنواع الأحجار في العالم التي تضعها «بولغاري» على إحدى الطاولات.
وبناء على ذلك، تم قص الوردة ووضعت عليها الأحجار الكريمة، بخبرة «بولغاري» واحترافها بالتعامل مع الأحجار، مثل استخدامهم طريقة القصة الكولومبية لحجر «لأزميرالد»، مستخدمين أنقى أنواع الأحجار التي لا تحتوي على زيت أو القليل من الزيت، لأن زيادة كمية الزيت بها تجعلها غير مشعة.
كما استعمل في مجموعة «جنة» اللؤلؤ الذي يعبر عن تقليد إماراتي أصيل، كون استخراج اللؤلؤ كان من أهم المهن التي مارسها سكان الخليج، وتم اختيار نوع «أم اللؤلؤ» لبعض قطع «جنة»، حيث يتميز هذا النوع بلونه الرمادي، إلى جانب أنه لؤلؤ عضوي، أي يبقى هو وقطع الأحجار الأخرى في حالة حياة.
«اللوفر أبوظبي».. وفكرة التسامح
جاء إطلاق المجموعة «جنة» في متحف اللوفر أبوظبي، حيث يتناغم المتحف بمعروضاته مع فكرة التسامح، إذ يركز على التسامح وحوار الحضارات من خلال طريقته في عرض القطع الأثرية والفنية التي تسرد تاريخ الإنسانية.
ومن قلب اللوفر أبوظبي، بعثت الشيخة فاطمة بنت هزاع برسائلها للعالم.. رسائل الفن والتسامح من خلال رمز جمالي للقلادة التي كتب عليها اسم «زايد» باللغة العربية، أو للتاج الذي تضعه المرأة الإماراتية على رأسها، أو الكف الذي يلبس في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، ويذكِّر بمجوهرات الأمهات والجدات ويرمز لقصصهن الباقية، بطريقة تصميم مبتكرة.