11 ديسمبر 2010 20:22
بدأ صافي الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم المحلية منذ مطلع الشهر الجاري في التحول من بائع إلى مشتر، فيما أسهمت مشتريات الأجانب في تعويض النقص الذي حدث من مبيعات المستثمرين المواطنين والعرب، بحسب خبراء اقتصاديين وماليين.
وأرجع هؤلاء الارتفاع الذي سجلته المؤشرات مؤخرا إلى تدفق أموال أجنبية قصيرة الأجل على أسواق الأسهم المحلية متوقعين زيادتها مع توفر فرص استثمارية من وراء الفارق في الفوائد على الودائع بين البنوك المحلية والأوروبية.
ووفقا لإحصائيات الأسواق بلغت قيمة مشتريات الأجانب غير العرب بسوقي أبوظبي ودبي في الأسبوع الأخير قبل إجازة “اليوم الوطني” نحو 426,8 مليون درهم مقابل مبيعات بقيمة 413,2 مليون درهم بصافي استثمار قيمته 13,6 مليون درهم كمحصلة شراء.
وخلال الأسبوع الماضي بلغ صافي الاستثمار الأجنبي 168,5 مليون درهم محصلة شراء من مشتريات بقيمة 812 مليون درهم مقابل مبيعات بـ 643,5 مليون درهم.
يأتي ذلك في الوقت الذي استمر فيه صافي الاستثمار الأجنبي سالبا طيلة الأسابيع الماضية، ففي الأسبوع الأول من الشهر الماضي بلغ الصافي 64,8 مليون درهم كمحصلة بيع تناقص إلى 25,9 مليون درهم كمحصلة بيع، ثم عاود الارتفاع إلى 92,1 مليون درهم كمحصلة بيع أيضا.
وارتفعت حصة الاستثمار الأجنبي في رؤوس أموال شركات منتقاة خصوصا الشركات العقارية وفي مقدمتها شركة الدار التي شهد سهمها في جلسة الأربعاء الماضي ارتفاعا أقترب من الحد الأقصى 10% بدعم من شراء مؤسسي أجنبي ارتفعت معه حصة الأجانب ككل إلى 23,37% منها 17,74% للأجانب غير الخليجيين والعرب.
وقال المحلل المالي محمد علي ياسين رئيس قسم الاستثمار في شركة كاب ام للاستثمار إن جزءا من الودائع المصرفية التي قفزت خلال شهر أكتوبر لتتفوق على القروض تعود للأموال الأجنبية التي بدأت تدخل الأسواق المحلية بهدف الاستثمار.
بيد أنه قال “ لا نعرف حتى الآن خطط هذه الأموال وما إذا كانت تخطط للاستثمار طويل الأمد أم أنها تستهدف تحقيق ربح سريع لكن في المجمل فان البنوك مضطرة إلى استثمار جزء من هذه الأموال في أسواق الأسهم حتى تكون قادرة على سداد الفوائد المستحقة على الودائع”.
ووفقا لإحصائيات مصرف الإمارات المركزي فان الودائع ولأول مرة منذ أكثر من عامين فاقت القروض بنحو 16 مليار دولار في شهر أكتوبر الماضي لتصل إلى 1,053 تريليون درهم مقابل 1,037 تريليون درهم للقروض.
وحتى سبتمبر الماضي كان القطاع المصرفي يعاني من فجوة بين القروض والودائع بقيمة 25 مليار درهم لصالح القروض وهو ما دعا العديد من الاقتصاديين والمحللين الماليين إلى ضخ سيولة في الأسواق.
وأوضح ياسين “إن بعضا من هذه الأموال تأتي ضمن الاستثمارات المؤسساتية التي تتبع مؤشرات فوتسي التي ضمت أسواق الإمارات اليها وان كان تأثير هذا الانضمام لا يظهر سريعا لكن اجمالا تعتبر أسواق الإمارات على المدى الطويل سوقا استثمارية مغرية وهو ما سنراه بوضوح خلال الربع الأول من العام المقبل”.
وفي سبتمبر الماضي جرى ترقية أسواق الإمارات ضمن مؤشرات فوتسي للأسواق الناشئة وأدرجت نحو 21 شركة إماراتية على لائحة المؤشرات التي تتبعها صناديق ومحافظ الاستثمار المؤسساتية بأصول تفوق 3 مليارات دولار، ومن المتوقع أن انضمام أسواق الإمارات العام المقبل إلى مؤشرات مورجان ستانلي الأكثر شهرة عالميا.
واتفق كفاح المحارمة مدير عام شركة الدار للخدمات المالية مع ما ذهب إليه ياسين مضيفا” إن وتيرة الاستثمار الأجنبي آخذة في الازدياد خصوصا مع اقتراب العام المالي من نهايته حيث تعتاد الأسواق المالية في مثل هذه الفترة الزمنية على دخول قوي للسيولة سواء كانت أجنبية أو محلية.
غير أنه قال “ من الصعب الآن تحديد هوية هذه الأموال وما إذا كانت مؤسساتية تستهدف الاستثمار أم أنها مضاربية، وبالتأكيد فان محافظة الأسواق على مسارها الصاعد مع استمرار الأجانب في الشراء يؤشر على أنها أموال استثمارية والعكس صحيح”.
فارق الفوائد.
واختلف د. مهدي مطر كبير الاقتصاديين ورئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية في شركة كاب ام للاستثمار مع الآراء السابقة معتبرا أن هدف الأموال الأجنبية التي دخلت القطاع المصرفي ليس الاستثمار في أسواق المال حيث أنها تسعى في الأساس إلى الاستفادة من فارق الفوائد على الودائع في البنوك الإماراتية”.
وأضاف أن البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوربا تضخ سيولة بهدف دعم التحسن الاقتصادي وهذه الأموال تستهدف الاستثمار قصير الأجل وبما أن الدرهم مربوط بالدولار فانها تسعى إلى الاستفادة من فارق الفوائد.
ويرى أن البنوك المحلية تدرك أن الأموال الأجنبية التي تتدفق عليها “أموال ساخنة” تخطط للاستثمار قصير الأجل وليست مصدر خطورة كما يراها البعض حيث تقوم البنوك بمعادلتها مع القروض قصيرة الأجل مما يجعلها غير خطرة بالمرة”.
وأكد مطر أنه في حال بقت هذه الأموال لفترة زمنية تتراوح بين 6 شهور إلى سنة عندها يمكن أن تستفيد منها أسواق المال المحلية”.
وأتفق وليد الخطيب المدير المالي الأول في شركة ضمان للاستثمار مع مطر في أن أموالا أجنبية بأحجام ضخمة دخلت الأسواق بهدف الاستفادة من الفائدة على الدرهم التي تتراوح بين 2 إلى 3% مقارنة مع فائدة صفرية في أوروبا وأميركا ما يخلق فرصا للمستثمرين الأجانب في الأسواق المحلية.
وأوضح أن مدير المحفظة في أوروبا والولايات المتحدة يجمع أموالا من المستثمرين مع وعد بدفع عائد 1% في حين يحصل على فائدة 3% من إيداعها في بنوك الإمارات وهو ما يساهم في تدفق الأموال الأجنبية على الأسواق المحلية طالما ظل هناك فارق كبير في الفوائد المصرفية بين البنوك المحلية والبنوك الأوروبية.
وتصل الفائدة على الودائع بين البنوك لأجل سنة “الإيبور” 2,59% وتختلف بالنسبة لودائع الأفراد من بنك إلى آخر حسب السيولة المتوفرة لدى البنك والمركز المالي للعميل وتتراوح نسبتها بين 2,5% إلى 3%.
غير أنه اختلف مع د. مهدي في أن أسواق الأسهم ستستفيد من الأموال الأجنبية خلال الفترة المقبلة حيث ستقوم البنوك باستثمار جزء منها في الأسهم لفترات قصيرة حتى تكون قادرة على سداد الفائدة عليها.
مشتريات الأجانب
وأضاف أن الفترة المقبلة ستشهد دخولا قويا للاستثمار الأجنبي مع ارتفاع حجمه في الجلسات الأخيرة وهو ما أكده زياد الدباس مستشار بنك أبوظبي الوطني للأسواق المالية موضحا أن مشتريات الأجانب غير الخليجيين والعرب باتت اكبر من مبيعاتهم خصوصا من أسهم شركات العقار مثل الدار وإعمار وأرابتك.
وأضاف” هناك قناعة لدى الاستثمار الأجنبي بوجود فرص استثمارية في أسواق الإمارات وان شركاتها العقارية ستستفيد من المشاريع الضخمة التي ستقام في قطر بمناسبة استضافة بطولة كأس العالم 2022 ولهذا السبب فمن المتوقع ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي في الأسواق مع اقتراب نهاية العام.
المصدر: أبوظبي