14 سبتمبر 2011 02:05
في هذه الأوقات التي تَشهد تَغييرات مناخية كبيرة، أصبح استخدام الطاقة الشمسية أكثر أهمّية من أيّ وقت مضى. وفي العاصمة النمساوية فيينا، يَعكف اثنان من رواد الطاقة من مدينة بازل السويسرية على تنفيذ فكرة تجميع حرارة الشمس بواسطة “نقانق عملاقة”. ومن المُتَوَقَّع أن يُطرح هذا المشروع الرائد في الأسواق في عام 2016. ويكفي إلقاء نظرة على المحطة التجريبية للمشروع للإعجاب بهذه الفكرة الجديدة.
(أبوظبي) - قال فيليكس تيفنباخر المُختص في الفيزياء الكَمّية مدير شركة “هيليوفيس” Heliovis المسؤولة عن تنفيذ هذا المشروع الرائد، إنه أطلق على الأنابيب التي يعمل على تصنيعها لإنتاج الطاقة الشمسية، التي يحلو له أحياناً تسميتها بالنقانق، اسم “هيليوتوب”؛ لأنها تحول ضوء الشمس إلى طاقة.
وقال تيفنباخر إنه “من الناحية العملية يتسم المبدأ ببساطته الشديدة”. وأوضح أن الأنبوب يعمل على تجميع الطاقة الشمسية من رقائق مختلفة تم توصيلها على هيئة أنبوب نصفه العلوي شفاف، وبداخله صفائح عاكسة.
وتقوم الصفائح بِعَكس ضوء الشمس إلى أنبوب أسود صغير يَمُر على امتداد السطح العلوي داخل الأنبوب الكبير “هيليوتوب”. ويقوم هذا الأنبوب الأسود بامتصاص الضوء.
وتابع تيفنباخر “يعمل هذا الأنبوب الأسود، على امتصاص الضوء وتحويله إلى حرارة”. ومن خلال “ضخ سائل ما في هذا الأنبوب، كالماء مثلاً، سترتفع حرارته ويتحول بالتالي إلى بخار يحرك توربينات تولد طاقة كهربائية”.
فكرة تجارية عظيمة
وكان تيفنباخر قد التقى بالنمساوي يوهان هوفلر الذي كان يعمل في الجامعة التقنية بمدينة فيينا، حيث أخبره الأخير عن فكرته. ولم يَستَغرق الأمر أكثر من 20 ثانية ليدرك تيفنباخر أن مبدأ هذه الفكرة “يلبي جميع معايير فكرة تجارية عظيمة سيكون لها سوق كبير جداً في المستقبل”، بالإضافة إلى سهولة إنتاجها”.
ولم يمضِ سوى عام واحد، حتى بدأ تيفنباخر بالفعل في العمل على هذه الفكرة التكنولوجية داخل جدران مكتب صغير. وفي عام 2009، تم تأسيس شركة “هيليوفيس” في أحد الجراجات “مرآب”، وتم الحصول علـى براءة ابتكار واختراع لنموذج من الفكرة.
ومنذ عام 2010، يقع مقر هذه الشركة في مبنى يضم مكاتب الموظفين، بالإضافة إلى ورش العمل في المنطقة الصناعية لبلدة فيَنر نويدورف Wiener Neudorf الواقعة جنوب العاصمة النمساوية.
وحالياً، يعمل 18 شخصاً في هذا المشروع بالفعل، من بينهم الفيزيائي صامويل كوتَّر العضو الثاني في الفريق القادم من مدينة بازل، الذي يشغل أيضاً منصب مدير عام الشركة. وكان سبق لكوتَّر اكتساب خبرة جيدة في مجال الطاقة من خلال عمله في شركة E.ON الألمانية العملاقة لإنتاج الطاقة.
متطلبات عالية
وفي هذه الأثناء، يقول تيفنباخر “ما زلنا نكافح بعض الشيء حالياً مع مشكلات تتعلَّق بالمواد”، ويعود السبب في ذلك إلى المُتَطَلَّبات العالية لمكونات الجهاز الثلاثة، إذ إنَّ عليها جميعاً مقاومة الأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة لمقاومة الخدوش، وعوامل الطقس والرطوبة، هذا بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون أيضاً سهلة التنظيف.
ويعمل مبتكرو هذه الفكرة حالياً على دمج أجزاء الجهاز الثلاثة في جزء واحدة، على أن يُمكن تسليمها للعملاء على هيئة “نقانق” ملفوفة مُسبقاً.
ويبدو أن الانتهاء من هذه التطورات ليس مُمكناً في فترة وجيزة، ولهذا لا تُخطط الشركة دخول سوق الطاقة قبل عام 2016. ويتوقع تيفنباخر أنه عند الانتهاء من تطوير الفكرة بالكامل سيبلغ طول الأنبوب 200 متر وقطره 12 متراً.
ومن الواضح أنَّ فكرة أنبوب “هيليوتوب” لم تصمم لكي توضع في حديقة المنزل. ولهذا السبب، سيكون الزبائن المتوقعون هم الشركات الكبيرة لإنتاج الطاقة.
تلائم الجنوب والصحراء
يقول تيفنباخر «لن يتم نَصب النقانق الكبيرة هذه في أماكن صغيرة، وإنَّما في مناطق واسعة جداً فقط». وأضاف «ستولّد هذه المحطات طاقة كهربائية تتراوح بين 50 و100 ميجاواط، وهي حالياً تُعتبر كبيرة بالنسبة لمحطة توليد الطاقة الكهربائية وسائل الطاقة المُتجددة، ولكنها لا تزال صغيرة بالمُقارنة مع محطة لتوليد الطاقة النووية ذات قدرة جيجاواط».
وحَسب عالم الفيزياء، لن تستخدم هذه الأنابيب الضخمة في مناطق دوائر العرض الشمالية لسويسرا أو النمسا مثل. وأضاف «كل واحدة من مكثفات الطاقة الشمسية هذه هي عبارة عن نظام بصري، يتم تركيز الضوء من خلاله، وهذا يتطلب وجود قُرص الشمس في السماء، ولن تفي سماءٌ تغطيها السُحُب بهذا الغرض». وتابع «هذا يعني أنَّ هذه المكثفات ستوضع في مناطق تشرق فيها الشمس معظم الأوقات، وينخفض فيها عدد السكان جداً، وهو ما نجده عادة في جنوب إسبانيا أو الصحراء الأفريقية».