1 سبتمبر 2012
محاولـة إيران الرامية إلى مقاومـة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة من أجل عزلها تجسدت أول من أمس الخميس في وقت عقد فيه القادة الإيرانيون قمة لحركة عدم الانحياز دامت يومين في طهران.
وبحضور أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون" والعشرات من زعماء العالم ورؤساء الحكومات، رفض المرشد الأعلى للثورة الإيرانية استعمال الأسلحة النووية باعتبارها "خطيئة لا تغتفر" منتقداً بشدة الولايات المتحدة والقوى الغربية وإسرائيل و"انتشار أدوات الهيمنة". وقال علي خامنئي للمؤتمر إن مجلس الأمن الدولي -الذي فرض على طهران أربع مجموعات من العقوبات على خلفية برنامجها النووي- يمتلك "هيكلة وآلية غير منطقية وغير عادلة وغير ديمقراطية كلياً"، تمثل "شكلاً سافراً من أشكال الديكتاتورية التي انقضى تاريخ صلاحيتها".
كما لفت إلى أن إيران كانت قبل عقود مضت أول بلد اقترح منطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي، وقال، حسب ترجمة رسمية: "إن الأسلحة النووية لا تضمن الأمن ولا تعزز السلطة السياسية، بل تشكل تهديداً للأمن والسلطة السياسية معاً".
وكانت إيران قد تولت يوم الخميس الماضي الرئاسة الدورية لحركة تضم في عضويتها 120 بلداً وتعتبر نفسها غير منحازة إلى أي كتلة عالمية. ويتم تقديم المؤتمر رسمياً من قبل طهران باعتباره دليلاً على أن الولايات المتحدة وإسرائيل -وليس إيران- هما المعزولتان على خلفية التجاذب بصدد برنامج إيران النووي.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً إقناع "بان كي مون" والبلدان الأعضاء في حركة عدم الانحياز بعدم السفر إلى إيران لحضور المؤتمر.
كما تحدث خامنئي عن "فرصة قد لا تتاح مرة أخرى"، لأن العالم يعيش "تحولاً" إلى نظام عالمي جديد قائلاً: "إننا نعتقد أن غرفة التحكم في العالم ينبغي ألا تدار من قبل الإرادة الديكتاتورية لبضعة بلدان غربية".
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كانا قد أصدرا عقوبات قوية تستهدف كل جوانب الاقتصاد الإيراني، مثل المعاملات البنكية ومبيعات النفط.
كما تعرضت إيران خلال السنوات الأخيرة لحرب اغتيالات خفية للعلماء النوويين، والتجسس، والانفجارات الغامضة، والفيروسات الحاسوبية التي تهدف إلى إبطاء تقدم برنامج إيران النووي، وكلها أمور تحمِّل طهران مسؤوليتها للولايات المتحدة وإسرائيل.غير أن ذلك لم يكن له تأثير كبير في ما يبدو على قدرة إيران على جلب أعضاء حركة عدم لانحياز إلى طهران.
وقد رأى مندوبو البلدان المشاركة خارج مقر القمة بقايا السيارة المحروقة، التي وضعت هناك من قبل الحكومة، والتي توفي فيها علماء نوويون عندما قام مجهولون على متن دراجات نارية بإلصاق متفجرات بسيارتهم.
غير أن محاولة إيران إظهار أنها غير معزولة أُضعفت بسبب كلمتي الأمين العام الأممي ومحمد مرسي، الرئيس المصري المنتخب حديثاً الذي أصبح أول زعيم مصري يزور إيران منذ الثورة الإسلامية 1979.
ففـي الكلمـة التـي ألقاهـا في المؤتمر، قال "بـان كي مون" للقيادة الإيرانيـة إنه "من أجل السلام الإقليمـي"، يتعين عليهـا أن تتعاون بشكل كلي مع جهود الوكالـة الدولية للطاقة النووية التابعة للأمم المتحدة من أجل توضيح الأسئلة المتبقية بشأن نشاط مفترض له علاقة بالأسلحة. كما دعا إيران إلى الامتثال بشكل كامل لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تنص على وقف كل عمليات تخصيب اليورانيوم على الأقل.
أما بخصوص الربيع العربي، فقد قال "بان كي مون" إنه "أتى من الداخل" وعلى أيدي الشعوب "التي وقفت للدفاع عن حقوقها"، وهو رأي ينسجم مع رأي طهران التي أشادت بانهيار أنظمة موالية للغرب العام الماضي في مصر وتونس -إضافة إلى نظام القذافي- ووصفت تلك الثورات باعتبارها "صحوة إسلامية". ولكن "كي مون" ومرسي خرجا عن النص المفضل من قبل إيران عند حديثهما عن الانتفاضة في سوريا، التي تعتبر أقرب حليف لإيران في العالم العربي، وحيث تسبب القتال في سقوط عشرات آلاف القتلى.
وفي هذا الإطار، قال "كي مون" إن المظاهرات الأولى السلمية المعارضة للحكومة "قوبلت بقوة وعنف كبيرين"، داعياً جميع الأطراف إلى وقف تقديم الأسلحة، في إشارة واضحة إلى روسيا وإيران على جانب مؤيدي نظام بشار الأسد.
ومن جانبه، عبر مرسي عن دعم مصر لـ"الثورة" في سوريا حيث قال للمؤتمر "إن نزيف الدم السوري في رقابنا جميعاً وعلينا أن ندرك أن هذا الدم لا يمكن أن يقف أو يتوقف بغير تدخل فاعل منا جميعاً لوقف هذا النزيف". وقد دفع خطاب الزعيم المصري الوفد السوري إلى مغادرة القاعة احتجاجاً.
وقال مرسي: "إن تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته هو واجب أخلاقي، بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية".
سكوت بيترسون
إسطنبول
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»