أبوظبي (الاتحاد)
تلعب السلاحف البحرية دوراً رئيساً في الحفاظ على أنظمة بيئية صحية في البحار والمحيطات، والمساعدة في السلسلة الغذائية البحرية، وتسهيل دورات التغذية في مواطن عدة، منها على سبيل المثال السواحل الرملية، ومناطق الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية. وهذه الموائل تقدم باقة واسعة من خدمات الأنظمة البيئية المهمة للمجتمعات البشرية في دولة الإمارات، للمحافظة على مخزون مستدام للثروة السمكية.
وتعتبر السلاحف من الكائنات البحرية المهمة، إلا أنه للأسف باتت أعداد السلاحف تشهد تراجعاً كبيراً حتى تم وضعها على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض، ويعود السبب الرئيس في تراجع أعدادها إلى تغييرات أو خسارة شواطئ التعشيش، أو الصيد عن طريق الخطأ في الشباك، أو تعرض بيضها للتلف، في ظل مشاريع التوسع على الشريط الساحلي في منطقة الخليج التي تساهم ببصمتها السلبية في زيادة الخطر على هذه السلاحف.
عبر الأقمار الصناعية
في هذا الإطار، أطلقت جمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة، وبشراكة مع الجهات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص على مستوى منطقة الخليج العربي وبحر العرب، مشروع الحفاظ على السلاحف الخضراء في الخليج «2016 - 2019»، وهذا المشروع يأتي كجزء من مبادرة واسعة أطلقتها الجمعية للحفاظ على السلاحف البحرية، والتي تمكنت خلال فترة أربع سنوات من تعقب 75 سلحفاة من فصيلة منقار الصقر في المنطقة.
وتركز جمعية الإمارات للحياة الفطرية جهودها حالياً على تعقب السلاحف الخضراء التي تعتبر الأكثر شيوعاً في منطقة الخليج، باستخدام تقنيات التعقب عبر الأقمار الصناعية التي تتيح للباحثين تحديد المناطق المهمة التي يجب الحفاظ عليها، ومنها هذه الكائنات المهددة بالخطر، وتمكن مشروع الحفاظ على السلاحف الخضراء في الخليج منذ عام 2016 من تعقب 35 سلحفاة خضراء، بالإضافة إلى 11 سلحفاة إضافية إناثاً وذكوراً في مياه دولة الإمارات ضمن مناطق تغذيتها على الأعشاب البحرية، ولقد لوحظ بعد شهرين من التعقب الأخير بأن أربعا من هذه السلاحف قطعت مسافة تفوق 400 كيلومتر خارج الخليج، ويبدو أن قطع هذه المسافات يأتي متزامناً مع بداية موسم التعشيش في مناطقها، مثل سلطنة عمان التي يكون بها موسم التعشيش في ذروته خلال شهر يوليو وأغسطس، وتُعرف هذه الهجرة لخبراء السلاحف بالهجرة الإنجابية، والتي تقوم خلالها كل من ذكور وإناث السلاحف بالتحرك من مواقع تغذية رئيسة في المنطقة إلى مناطق تعشيش معينة اعتادت إناث السلاحف العودة لها دائماً لوضع البيض كل موسم.
مسار الهجرة
وحسب الجمعية، فإن إشارات التعقب الواردة تشير إلى أن السلاحف التي اتبعت مسار هجرة طويلاً قد غادرت من أبوظبي بعد قرابة الأسبوع الثاني والرابع من تاريخ تعقبها، لتصل إلى مناطق التعشيش في سلطنة عمان خلال بضعة أسابيع لاحقة، مع احتمال وجود المزيد من أنشطة وضع البيض يمكن ملاحظتها خلال الفترة القادمة، وذلك نظراً لأن السلاحف تقوم بالتعشيش «من 2 إلى 3 مرات»، قبل عودتها إلى مناطق التغذية.
مناطق التعقب
وحسب جمعية الإمارات للحياة الفطرية، فإن إشارات التعقب التي تشير إلى المسار الذي اتبعته السلاحف الخضراء بعد تعقبها في جزيرة بوطينة في مارس 2018، أسفرت عن أن مجموع السلاحف التي تم تعقبها 11 سلحفاة، ومناطق التعقب تمثلت في خور مزاحمي في رأس الخيمة، وجزيرة بوطينة، ومحمية بوطينة للمحيط الحيوي في أبوظبي.
الحفاظ على السلاحف
يتم تطبيق مشروع الحفاظ على السلاحف الخضراء في الخليج باستشارة علمية من قبل مؤسسة الأبحاث البحرية، وبالتعاون مع الشركاء في دولة الإمارات، وهم: وزارة التغير المناخي والبيئة، هيئة البيئة - أبوظبي، هيئة حماية البيئة والتنمية في رأس الخيمة، هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، إضافة إلى الشركاء في المنطقة: وزارة البيئة والشؤون المناخية في سلطنة عمان، المحيطات الخمسة وجمعية البيئة العمانية، علماً بأنه يشرف على إدارة هذا المشروع الدكتورة جيمينا رودريغوز، مدير مشروع الحفاظ على السلاحف البحرية.