8 سبتمبر 2011 22:17
حققت البنوك الإسلامية نمواً بنحو 20% سنوياً خلال العقد الماضي، مقابل 4% للبنوك التقليدية، وفقاً لبيانات دراسة حديثة لصندوق النقد العربي.
وأظهرت الدراسة أن عدد المؤسسات المالية الإسلامية بنهاية العام الماضي بلغ نحو 300 مؤسسة، تعمل في 51 بلداً حول العالم، بأصول تقدر بنحو 800 مليار دولار، بما يشكل 1% من حجم الأصول المصرفية في العالم، وذلك دون احتساب النوافذ الإسلامية لدى البنوك التقليدية.
وأوضحت الدراسة، التي تم استعراضها خلال دورة “اختبارات التحمل” التي اختتمت أعمالها بمقر الصندوق في أبوظبي أمس أن البنوك التقليدية تقوم بممارسة النشاط المصرفي الإسلامي من خلال تأسيس نوافذ إسلامية وتطوير أقسام إسلامية متخصصة أو إنشاء وحدات مصرفية مستقلة وتابعة، كما هو الحال في المؤسسات المالية الكبرى.
وفيما يخص اختبارات التحمل، شددت الدورة على أن ضعف أساليب الرقابة على المخاطر لدى البنوك وعدم قيام الجهات الرقابية بتقييم مدى قدرة المؤسسات المالية على تحمل ظروف ضاغطة كان من العوامل الرئيسية التي أدت للأزمة المالية العالمية عام 2008.
وقال الكراسنة” “ينطبق اختبار التحمل لدى المصارف الإسلامية، والذي يكشف قدرة البنوك في مواجهة الأحداِث الطارئة بمختلف أنواعها، على البنوك التقليدية بخصوص اختبار التحمل لبعض المخاطر مثل مخاطر سعر الصرف، مخاطر سعر البضائع، مخاطر أسعار الأسهم”.
وناقشت الدورة قضايا “اختبار التحمل” وأهميته بالنسبة للعديد من المخاطر مثل مخاطر الائتمان، مخاطر السيولة، ومخاطر السوق، فضلاً عن استعراض تجارب بعض الدول في استخدام اختبار التحمل كأداة لمعرفة مدى استجابة البنوك للظروف الضاغطة والوقوف على مدى قوة المصارف من عدمها.
وأشار الكراسنة إلى أن البنك الإسلامي هو مؤسسة مصرفية لا تتعامل بالفائدة (الربا) أخذاً أو عطاءً، فالبنك الإسلامي ينبغي أن يتلقى من العملاء نقودهم دون أي التزام أو تعهد مباشر أو غير مباشر بإعطاء عائد ثابت عن ودائعهم، مع ضمان رد الأصل لهم عند الطلب.
كذلك، عندما يتم استخدام ما لدى البنك من أموال في أنشطة استثمارية أو تجارية فإنه لا يتم منح قروض بفائدة، وإنما يقوم بتمويل النشاط على أساس المشاركة فيما يتحقق من ربح أو خسارة.
يذكر أن أول بنك إسلامي حديث أنشأ في مصر في عام 1963 وكان يقوم بالاستثمار في قطاع التجارة والصناعة سواء مباشرة أو من خلال المساهمة، وكان يتم اقتسام الأرباح مع المودعين وبالتالي كان هذا البنك بمثابة مؤسسة ادخارية استثمارية وليس بنكاً تجارياً.
وأضافت الدراسة، التي أعدها الدكتور ابراهيم الكراسنة رئيس قسم التدريب بصندوق النقد العربي أن الودائع بأنواعها الأربعة تشكل المصدر الرئيسي للأموال لدى البنوك الإسلامية شأنها في ذلك شأن البنوك التقليدية.
إلا أن هناك اختلافات بين طبيعة هذه الودائع من حيث درجة المخاطر والعوائد.
وأوضح أن الودائع لدى البنوك الإسلامية تكون إما على شكل ودائع لغايات تسيير أعمال وتكون هذه الودائع خالية من المخاطر ولا يتحقق عليها أي عائد، فيما تحقق ودائع الاستثمار عوائد وتتحمل مخاطر.
وأشار إلى أن الحسابات الجارية في البنوك الإسلامية تعد من الودائع مضمونة السداد وبالتالي فهي لا تحقق أية عائد لصاحب هذه الوديعة، ويتم الاحتفاظ بهذا النوع من الودائع لغاية تسيير الأعمال.
وتعتمد المصارف الإسلامية اعتماداً كبيراً على هذا النوع من الودائع، مما يتطلب ضرورة الاحتفاظ بسيولة كافية لمقابلة السحوبات على هذه الودائع.
ولفت إلى أن المصرف الإسلامي يحرص أن تكون سياسته الاستثمارية مطابقة لمدى رغبة أصحاب حسابات الاستثمار والمساهمين في تحمل المخاطر، وإلاّ قد يتعرَّض البنك لأزمة سيولة إذا ما قام أصحاب هذه الحسابات بسحب أموالهم من المصرف خاصة أصحاب الحسابات المطلقة.
وأوضح الكراسنة أن هُناك عدة أوجه لاستخدامات الأموال لدى المصارف الإسلامية، فمنها ما يقوم على الموجودات (المرابحة أو السلم والاستصناع التي تقوم على بيع وشراء الموجودات، والإجارة التي تقوم على بيع منافع هذه الموجودات)، أو تقوم على المشاركة في الأرباح (مثل المشاركة والمضاربة)، أو على الصكوك (الأوراق المالية) والمحافظة وللصناديق الاستثمارية.
وأشارت الدراسة إلى أن المصارف الإسلامية تواجه العديد من المخاطر شأنها في ذلك شأن البنوك التقليدية إلا أنها تختلف عنها في أن بعض المودعين (أصحاب حسابات الاستثمار) يشاركون المصرف الإسلامي في تحمل جزء من هذه المخاطر.
وتشمل تلك المخاطر “مخاطر الائتمان والمخاطر التجارية المنقولة ومخاطر الاستثمار في رؤوس الأموال ومخاطر السوق ومخاطر السيولة ومخاطر معدل العائد ومخاطر التشغيل”.
وتختلف مخاطر الائتمان في المصارف الإسلامية باختلاف صيغ التمويل المستخدمة، وبالتالي فإن تقييم مخاطر الائتمان يجب أن يتم بشكل مستقل لكل أداة تمويل على حده مما يسهل عملية المراقبة الداخلية.
كما أن تعامل المصرف الإسلامي مع عدة جهات مثل الممولين، والموردين والمضارب والشركاء في عقود المشاركة قد يؤدي إلى ظهور مخاطر ائتمان مختلفة مثل عدم قيام أحد هذه الأطراف من الوفاء بالتزاماته تجاه المصرف من حيث سداد المستحقات المؤجلة، وتسليم أو تسليم موجودها.
وأشار الكراسنة إلى أن آلية التعامل مع مخاطر الائتمان بالمصارف الإسلامية تتطلب ضمان أدوات التمويل الإسلامي وأن تتم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية، إضافة إلى اعتماد الإجراءات التي تتم عادة في إدارة المخاطر في البنوك التقليدية.
كما تواجه المصارف الإسلامية مخاطر التشغيل الناتجة عن عدم كفاية أو فشل الإجراءات الداخلية والأشخاص والنظم أو تلك الناتجة عن أحداث خارجية مثل الكوارث الطبيعية والحروب، وكذلك مخاطر عدم الالتزام بالشريعة الإسلامية والذي يعد من أهم أساسيات العمل المصرف الإسلامي.
كذلك من أهم مخاطر التشغيل لدى المصارف الإسلامية هو عندما يدير المصرف الإسلامي أموالاً متنوعة يتم استثمارها في مشاريع طويلة الأجل مما يؤدي إلى خلط غير مناسب للأموال التي تسلمها المصرف خلال فترات زمنية طويلة بغرض الاستثمار.
ومن الأمثلة على ذلك، استثمار أموال المستثمرين في مشروع متعثر على أمل إنقاذه ومن ثم قيام المصرف بتزويد المستثمرين القدامى بتقرير يحتوي على عائد جذاب يُدفع من أموال المستثمرين الجدد.
وطالبت الدراسة المصارف الإسلامية بإيجاد الضوابط اللازمة للتعامل مع مخاطر التشغيل مثل أنظمة ضبط ورقابة داخلية وإجراء تدقيق مستقل للحسابات من قبل مدققين داخليين أو خارجيين.
كما شدد الكراسنة على ضرورة وضع الآليات المناسبة لحماية مصالح جميع مقدمي الأموال، مشيراً إلى أنه في حالة خلط أصحاب حسابات الاستثمار مع الأموال الخاصة بالمصرف الإسلامي، يتعين على المصرف وضع أسس لتوزيع الموجودات والإيرادات والمصروفات والأرباح وبما ينسجم مع مسؤوليات المصرف.
وأضاف “يجب أن يقوم المصرف الإسلامي بتحديد أنشطة الاستثمار التي تساهم في عوائد الاستثمار والتعامل مع مقدمي الأموال بشكل مناسب من حيث توزيع الموجودات والأرباح بين المصرف وأصحاب الاستثمار الذين استثمرت أموالهم خلال فترات استثمارية مختلفة، كذلك تحديد الاحتياطيات المناسبة عند مستويات لا تضر بحق أصحاب حسابات الاستثمار الحاليين في الحصول على عوائد أفضل”.
ونظم الدورة معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي، بالتعاون مع معهد الاستقرار المالي التابع لبنك التسويات الدولية في مدينة أبوظبي، بمشاركة 33 شخصاً من العاملين بالمصارف المركزية العربية في 17 دولة.
المصدر: أبوظبي