أحمد مراد (القاهرة)
حذَّر علماء في الأزهر شباب الأمة العربية والإسلامية من الانخداع بأكاذيب الإرهاب والضلال التي تروج لها المنصات الإعلامية التابعة للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية، مؤكدين أن نصرة الإسلام لا تكون بالتدمير والتخريب، وأن مصلحة الأمة في استقرار شعوبها وأوطانها، لا في تفرقها وتفتيت مجتمعاتها.
وأكد العلماء أن ما تبثه منصات الجماعات والتنظيمات الإرهابية يصد عن سبيل الله، حيث إنها مليئة بالصور المشوهة للإسلام التي تقدمها التنظيمات الإرهابية من خطاب تكفيري وتخريبي، مشددين على أهمية أن تكون هناك مواجهة فكرية وإعلامية مضادة لهذه المنصات المشبوهة.
خطاب تكفيري
كان مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، قد أعد دراسة لمضمون المنصات الإعلامية التي تروج لأفكار التنظيمات الإرهابية، أكدت أن ما تبثه هذه المنصات يصد عن سبيل الله، حيث إنها مليئة بكل ما ينفر من الصور المشوهة للإسلام التي تقدمها التنظيمات الإرهابية من دماء وخطاب تكفيري وتخريبي، وهو ما ساهم في تغذية التوجه نحو الإلحاد.
وشددت دار الإفتاء المصرية على ضرورة التصدي لتلك الدعايات السوداء التي تروجها الأدوات الإعلامية التابعة للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية، والعمل على إيجاد آلية تضمن استبدال المحتوى العنيف بمحتوى آخر معتدل يفكك ويدحض المحتوى العنيف ويفرغه من مضمونه.
وطالبت دار الإفتاء المصرية بضرورة حظر الوجود العنيف على المنصات الإلكترونية والعمل على حذفها بشكل سريع وعاجل، وملاحقتها في كافة المنصات المنتشرة في مختلف دول العالم، بالتعاون مع المؤسسات والشركات التكنولوجية العملاقة ومحركات البحث العالمية، والعمل على إيجاد منصة عالمية تقوم بنشر وفضح المغالطات والأكاذيب التي ترد في إصدارات التنظيمات التكفيرية والإرهابية.
أفكار مسمومة
بداية، شدد الدكتور محمد عبد الفضيل، مدير مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى، على خطورة المنصات الإعلامية الناطقة بلسان التنظيمات والجماعات الإرهابية، سواء كانت صحفاً ومجلات أو قنوات وفضائيات أو مواقع إلكترونية أو حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن كل هذه المنصات الإعلامية تعمل على إثارة الفتن والفوضى بهدف تخريب وتدمير المجتمعات المستقرة، مشيراً إلى أن مواجهة هذه المنصات التخريبية والتحريضية باتت «ضرورة ملحة» حتى لا تستقطب مزيداً من الشباب المغيبين.
كما شدد الدكتور عبد الفضيل على أهمية تبادل الخبرات بين مختلف المؤسسات في مجال مواجهة الإرهاب ومنصاته الإعلامية، وقد أصبح هذا الأمر واجباً حتمياً لا سيما في ظل تكرار العمليات الإرهابية التي أسالت دماء الأبرياء في العديد من دول العالم، باستخدام وسائل مختلفة يأتي في مقدمتها المواقع الإلكترونية التي تديرها التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، لبث الأفكار المسمومة في عقول الشباب.
مواجهة فكرية وإعلامية
وبدوره، أوضح الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن خطر المنصات الإعلامية التابعة للتنظيمات الإرهابية لا يقل أبداً عن خطر مقاتلي هذه التنظيمات، الذين يحملون أسلحة فتاكة يقتلون بها الأبرياء ويخربون المجتمعات، مشدداً على أهمية استئصال هذه المنصات المخربة، والعمل على إغلاقها بقدر الإمكان.
ويضيف عفيفي: بالتأكيد أن مواجهة هذه المنصات التخريبية والتحريضية ليست بالأمر الهين والسهل، فقد نجد صعوبة في استئصالها بشكل نهائي وجذري، وبالتالي فإنه من المهم جداً أن تكون هناك مواجهة فكرية وإعلامية مضادة لهذه المنصات المشبوهة، وهذه المواجهة تتطلب توعية الناس بخطرها وما تبثه من أفكار، والعمل على تصحيح ما تحاول ترويجه من مفاهيم مغلوطة كمفهوم الدولة الإسلامية، والجهاد، والحاكمية، والجاهلية، والتكفير إلى غير ذلك من المصطلحات المغلوطة، فضلاً عن ضرورة توعية الناس بقضايا المواطنة والتعايش السلمي، وتدعيم الحوار، وترسيخ مفاهيم التعددية الدينية والمذهبية، خاصة أن هذه المنصات المشبوهة تحاول استغلال مثل هذه القضايا لبث الفتن بين الأفراد والمجتمعات لأجل تهيئة بيئة مناسبة لتحقيق أهداف التنظيمات الإرهابية.
ودعا عفيفي شباب العالمين العربي والإسلامي إلى الحذر من الخطابات والحملات الإعلامية التي تروجها التنظيمات الإرهابية، خاصة على المواقع الإلكترونية أو التواصل الاجتماعي، وعدم الانخداع بأكاذيب جماعات الإرهاب والضلال، مؤكداً أن نصرة الإسلام لا تكون بالإرهاب والعنف والتدمير والتخريب، فضلاً عن أن مصلحة الأمة في استقرار شعوبها وأوطانها، لا في تفرقها وتخريب وتدمير مجتمعاتها.
منهج القتل
ومن جانب آخر، أوضحت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن المنصات الإعلامية التابعة للتنظيمات الإرهابية تعمل على بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد عبر ترويج الأكاذيب والأفكار المغلوطة والمضللة، وتدعي أنها من صحيح الدين، وتتخذ من ذلك شعارات براقة لخداع الشباب من أصحاب الثقافات المحدودة، ومن هنا تكمن خطورة هذه المنصات، والتي لا بد من العمل على مواجهتها بشتى الطرق، سواء من الناحية الأمنية والتكنولوجية، أو الناحية الفكرية والإعلامية والدعوية.
وقالت الدكتورة إلهام: التنظيمات الإرهابية ومنصاتها الإعلامية تتبع منهجاً واحداً في القتل والإرهاب، وتعمل على الإفساد في الأرض وتزيد غلواً بأن تنسب ذلك للدين، ومن هنا ينبغي أن تقوم حملة من العلماء ووسائل الإعلام حتى ننبه القاصي والداني لخطورة هذه المنصات الإعلامية وسوء الأفكار التي تروجها وبعدها عن منهج الإسلام الحنيف، وحتى يعلم العالم كله أن الإسلام بريء من هذه التنظيمات الإرهابية ومن كل أفعالها.
وأضافت: كل من يساهم بقليل أو كثير في عمل منصات الإرهابيين أو تأييدهم أو مساعدتهم أو دعمهم مادياً أو معنوياً أو إعلامياً، فهو مشارك لهم في الإثم.
خلافة مزعومة
يقول الدكتور محمد عبد الفضيل: من المؤكد أن المواجهة الفعالة لمنصات الجماعات والتنظيمات الإرهابية تتطلب قدراً كبيراً من تضافر جهود جميع المؤسسات العاملة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وذلك للعمل على توعية الشباب بمخاطر استقطاب الجماعات الإرهابية لهم عبر مختلف المنصات الإعلامية التابعة لهذه التنظيمات، خاصة أن هذه المنصات تستغل ما يعاني منه بعض الشباب من جهل وفقر وفراغ، للتأثير على أفكارهم ودفعهم لحمل السلاح بهدف إقامة خلافة مزعومة.