منى الحمودي (أبوظبي)
أكد الدكتور جاريث جودير، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، لـ«الاتحاد»، بدء تشغيل وافتتاح «مدينة الشيخ شخبوط الطبية»، أكبر مستشفى في الإمارات منتصف العام المقبل، لافتاً إلى القيام بإجراء مراجعة شاملة لنظام الرعاية الصحية الخاص بالشركة، لبناء خطة استراتيجية معدلة بحلول الربع الثالث من عام 2019، والتي يجب أن تتوافق مع الخطة الاستراتيجية لدائرة الصحة – أبوظبي.
وأوضح الدكتور جودير أن «مدينة الشيخ شخبوط الطبية» تضم 732 سريراً وجناحين رئاسيين و36 جناحاً لكبار الشخصيات، لافتاً إلى أنها تعد من بين أكبر المنشآت الطبية المتخصصة بالعناية الفائقة على مستوى المنطقة، إذ تتضمن غرف عمليات، وأقساماً متعددة للطوارئ والرعاية المركزة والولادة، ومركزاً للأبحاث الطبية، و132 سريراً لخدمة الحالات المحولة إلى العناية المركزة، بما فيها العناية المركزة للأطفال الخدج، إضافة إلى مركز لعلاج الجروح المتقدمة، و18 غرفة للعمليات، وقسم للولادة التقليدية والمبكرة، والعديد من الاختصاصات الطبية المختلفة. إضافة إلى ذلك ستكون مدينة الشيخ شخبوط الطبية الجديدة من أكبر المنشآت الطبية المتخصصة بالعناية الفائقة، إذ خصص 154 سريراً للعناية الفائقة وللأعمار كافة. وشدد الدكتور جاريث على جودة الرعاية الصحية في أبوظبي، لافتاً إلى وجود خطط وتوقعات بأن تكون الجودة أعلى، بناءً على الدعم الذي يتم صرفه على القطاع المقدم بشكل كبير من الحكومة التي تولي هذا القطاع جُل اهتمامها.
و أشار د. جودير إلى مدى تركيز شركة «صحة» على جودة الخدمة التي تقدمها، عبر الالتزام بثلاثة معايير رئيسة أثناء تقييم جودة الخدمة الصحية، هي: نتائج المرضى أولاً وقبل كل شيء، تجربة المريض، وكفاءة وفعالية العملية برمتها، والتي على «صحة» تحقيقها جميعاً.
وقال: «نعمل بشكل جاد لتحسين نتائج المرضى وتجاربهم، ولديَّ إيمان بأهمية استطلاع آراء المرضى حول الخدمات المقدمة، وكلما اشتكى المرضى كلما كان هذا الأمر لصالحنا، لكون هذه الشكاوى هي التي تستطيع إخبارنا أين يمكننا التحسين في الخدمات الصحية المقدمة».
وأشار إلى أن شركة «صحة» تركز على تدريب جميع العاملين فيها بالتركيز بشكل كامل على جودة رعاية المرضى وتجربتهم، والتي تعتبر أول اهتمامات «صحة»». لافتاً إلى العمل الجاد في «صحة» بأن يتم تقديم رعاية وخدمات صحية ذات جودة معتمدة على الاشتراطات العالمية.
وتابع: «هناك اعتقاد شائع أن جميع المستشفيات تقدم نوعية الرعاية نفسها، وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، وما نريده هو الحصول على نتائج موحدة عالية الجودة حتى يحصل المريض على أفضل رعاية سواء في أبوظبي أو العين أو الظفرة، ومع ميزانية الرعاية الصحية الضخمة في أبوظبي، فإن هذا أقل ما يمكن توقعه.
سخاء الدعم الحكومي
ولفت إلى أن الحكومة سخية للغاية في تمويل النظام الصحي، لذلك يجب تقديم الرعاية الصحية بجودة تتناسب مع مستوى التمويل والدعم لهذا القطاع. بحيث تكون الخدمات الصحية أكثر كفاءة وفعالية، مشيراً إلى أن هناك حاجة لتقليل النفقات والخسائر، واستخدام المدخرات من الأموال للاستثمار في رعاية أفضل، وتجربة أفضل للمرضى.
وقال: «مدة الإقامة في المستشفيات تعتبر طويلة بالنسبة لمدة الإقامة في المستشفيات العالمية، وكقاعدة عامة، يكون اليوم في المستشفى أكثر تكلفة من يوم في فندق خمس نجوم مع خدمة الخادم الشخصي على مدار 24 ساعة. فالإقامة في المستشفى باهظة التكلفة بشكل كبير، لذلك إذا بقي المريض في المستشفى يوماً إضافياً بلا داعٍ، فإن ذلك هدر للكثير من المال، وهي الأموال التي يمكن استثمارها في رعاية أفضل للمرضى الذين يعانون من الأمراض الحادة».
وأضاف: «النفقات والخسائر في المجال الطبي في الإمارات لا تختلف كثيراً عن المستشفيات العالمية، ويمكن للإدارة الجيدة والتغييرات أن تحسن من هذا الأمر وتقلل الخسائر والنفقات، على سبيل المثال هياكل المستشفيات القديمة، فعندما يكون لديك مبانٍ قديمة، فهذا غير فعال، فإن مع تغير الرعاية الصحية على مدى العقدين أو الثلاثة الماضية، تغيرت طريقة تصميم المستشفيات بشكل كبير، فهناك مراعاة لمكافحة العدوى، وتغير في حجم غرف العناية المركزة والتصميم بشكل كبير، بسبب المعدات التي تحتاجها الغرفة، والتي تعتبر ضعف الحجم الذي كانت عليه في عام 2000، كما أن معظم غرف العناية المركزة لا تحتوي على ستائر، لأن الستائر قد تحتوي على الجراثيم والميكروبات. كما تغير تصميم المرافق والغرف، خصوصاً للمباني التي تم إنشاؤها في السبعينات، والتي من الصعب تقديم الرعاية الصحية الحديثة فيها، لأن المتر المربع للغرف كان مناسباً لزمن إنشائه».
إدارة ذاتية
وحول إدارة المستشفيات الحكومية في أبوظبي، علق الدكتور جاريث بأن الأمر سيستغرق بضع سنوات لإدارة أبوظبي جميع مستشفياتها، بدلاً من الاعتماد على الإدارات العالمية. وقال: «صرفنا الكثير من المال لتطوير أطبائنا في الخارج، ويجب أيضاً تطوير المهارات لدى المديرين، وإنه أمر جيد أن يكون لديك أطباء وممرضون جيدون، بالإضافة إلى مديرين ذوي جودة وخبرة عالية».
وأكد الحاجة إلى المزيد من الإماراتيين للمشاركة في التمريض، فالوضع هناك مختلف بالنسبة للتمريض، لكون معظم البلدان يكون للممرضات أدوار خاصة، لدرجة أنهم يعرفون الحالات المرضية أكثر من الأطباء، وهو ما يجب تحقيقه في مستشفيات «صحة»، وذلك عن طريق تدريب الممرضات المتخصصات وتطويرهن بشكل مستمر.
وفيما يتعلق بعدد الموظفين الطبيين في «صحة» ونسبة الموظفين الإماراتيين، ذكر د.جاريث أن عدد موظفي شركة «صحة» يصل إلى أكثر من 17 ألف موظف، تبلغ نسبة المواطنين 23%، ولكن النسبة تختلف بحسب التخصصات المهنية. مشيراً إلى وجود مساعٍ جادة من خلال مختلف الأدوار بإن تكون شركة «صحة» مؤسسة تدار بأيادٍ إماراتية. وتتمثل إحدى المسؤوليات في تدريب وتطوير الموظفين، ففي السابق كان التركيز على تدريب الأطباء، وهي مبادرة ناجحة، والآن، ينصب التركيز على تدريب الإماراتيين على التمريض والوظائف الصحية والمناصب الإدارية.
تفعيل الخدمات الإلكترونية
أكد د.جاريث أن من الضروري وجود نظام صحي رقمي يسهل مراجعة المرضى للمنشآت الصحية، لافتاً إلى وجود سجلات صحية رقمية يعود تاريخها إلى 10 سنوات، وهناك طموح للحصول على بوابة إلكترونية سهلة الاستخدام للمريض، وتقديم الرعاية الصحية في راحة يده من خلال الهاتف المتحرك، بداية من حجز المواعيد للوصول إلى السجلات والتواصل مع الموظفين الطبيين، وقال: «نبذل في «صحة» قصارى جهدنا للوصول إلى هذه المرحلة بأسرع وقت ممكن، ودائرة الصحة – أبوظبي تعمل على استكشاف الطب الجيني والطب الدقيق، وتأمل «صحة» أن تكون شريكاً رئيساً في هذا المشروع المبتكر، حيث يمكن لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أن تسمح بتحليل أنماط جديدة من الأمراض، وتوفير العلاجات المتطورة مثل العلاج الجيني والعلاج بالخلايا الجذعية، ونسعى إلى أن تكون «صحة» في طليعة أبحاث الرعاية الصحية في هذه المجالات المتخصصة.«
مراجعة نظام الرعاية الصحية
وحول الخطط التي تنوي «صحة» تنفيذها في السنوات القليلة المقبلة، بناءً على استراتيجيتها، قال الدكتور جودير: «بعد أن تسلمت مهام عملي رئيساً تنفيذياً للمجموعة في صحة منذ أشهر قليلة، نقوم الآن بإجراء مراجعة شاملة لنظام الرعاية الصحية الخاص بالشركة. وانطلاقاً من نتيجة هذا التقييم، سنستخدم المعلومات لإنشاء خطة استراتيجية معدلة بحلول الربع الثالث من عام 2019، والتي يجب أن تتوافق مع الخطة الاستراتيجية لدائرة الصحة – أبوظبي».
وعن دور شركة «صحة» لتخفيف الضغط في مستشفياتها، والخطط لتقديم خدمات جديدة في المنشآت التابعة لصحة، قال: «كما ذكرت، لدينا منشأتان جديدتان في الخطة، مما يعني وجود زيادة في أسرة المستشفيات في النظام بأكمله، ونحن على علم تام بالحاجة الماسة لمزيد من الأسرة المتخصصة، مثل أسرة العناية المركزة، وأسرّة وحدة الاعتماد الكبيرة، وأسرّة إعادة التأهيل وخدمات الصحة النفسية والعقلية».
مؤتمرات صحية
شدد د.جودير على أهمية المؤتمرات الطبية التي تشارك فيها صحة، حيث دعمت «صحة» حوالي 30 مؤتمراً تعليمياً في عام 2018. وفي الآونة الأخيرة، تم عقد مؤتمر التميز البحثي في التنمية والابتكار والتكنولوجيا، وسوف تواصل «صحة» في العام المقبل دعم مختلف التخصصات من خلال المؤتمرات التعليمية السريرية.
وقال: «مرت 40 سنة منذ إعلان «ألما-آتا» عام 1978، وهو الإعلان الذي أكد من جديد أن الصحة التي هي حالة من تمام العافية البدنية والعقلية والاجتماعية، وليست مجرد غياب المرض أو العجز، وهي حق إنساني أصيل، وأن تحقيق أعلى مستوى ممكن من الصحة هو أهم هدف اجتماعي على مستوى العالم، ويتطلب تحقيقه عمل العديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، جنباً إلى جنب مع القطاع الصحي».
وتابع: «انطلاقاً من روح إعلان ألما-آتا، لا يتمثل دور «صحة» ببساطة في التركيز على الأمراض الجسدية الحادة، ولكن أيضًا على معالجة قضايا الأفراد من الناحية النفسية والاجتماعية. وتمثل استضافة أبوظبي للألعاب الأولمبية الخاصة تعبيراً عن النهج الاستباقي الذي تتبعه الحكومة في ما يتعلق بأصحاب الهمم».