السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد الأرجنتيني في مواجهة « العاصفة المؤجلة»

الاقتصاد الأرجنتيني في مواجهة « العاصفة المؤجلة»
3 سبتمبر 2011 22:24
حقق الاقتصاد الأرجنتيني نمواً قدره 65% منذ عام 2002 وحتى وقوع الأزمة المالية العالمية في 2008، مع توقع أن يبلغ 8,2% في العام الحالي. لكن لم تستطع الحكومة حتى الآن إزالة الضرر الناجم عن تأخير سداد ديونها عن سمعة البلاد. وعمل النموذج الأرجنتيني لفترة طويلة بصورة أفضل مما توقعه الكثيرون. وبسبب العزلة عن أسواق المال العالمية، بذلت البلاد جهداً كبيراً لتسيير الفائض التجاري والمالي. كما أن المحافظة على منافسة سعر الصرف ضروري لهذا التوجه لمساعدته في خلق توازن لفائض المدفوعات في الوقت الذي يعمل فيه على إنعاش الصادرات. وهذا الخيار مثلاً، ليس متوافرا لليونان لارتباطها بعملة اليورو. ومن السمات الأخرى بالغة الخطورة الالتزام الشديد بالنظام المالي الذي كان متبعاً في عهد الرئيس السابق نيستور كيرشنر في الفترة بين 2003 إلى 2007 الذي ركز على العائدات الضريبية. لكن منذ عام 2007 لم يعد ذلك النظام متشدداً حيث أخذ معدل التضخم في الارتفاع عندما اتجهت الحكومة لطباعة النقود لتلبية احتياجاتها. وتشير التقديرات إلى أن الأرجنتين في طريقها لمعدل تضخم يبلغ نحو 25% أو أكثر في العام الحالي. وهناك بعض علامات التحذير الأخرى، حيث يفوق الإنفاق العام نسبة العائدات الضريبية. كما يبدو أن مساعدات قطاعات الطاقة والمواصلات لا يمكن المحافظة عليها. وتعني الانتخابات القادمة التي من المرجح أن تفوز بها كريستينا فيرنانديز مرة أخرى، عدم احتمال انتهاء مثل هذه المساعدات في وقت مبكر على الأقل. ويعمل كل ذلك على تقويض صورة الأرجنتين في نفس الوقت الذي تملك فيه الحكومة الفخورة بانضمامها لمجموعة العشرين، دروساً مفيدة كثيرة لتقديمها. وتعتقد الحكومة أن “صندوق النقد الدولي” الذي شكّل سياسة البلاد في فترة السنوات التي أعقبت تأخيرها عن سداد الديون، لم ينجح في فهم الأرجنتين حيث حدد لها سياسات تحررية جديدة مدمرة. ومع ذلك، لا يزال العالم متردداً في الاعتراف بتعافي الأرجنتين أو أخذه على محمل الجد. ومن أسباب ذلك، أن صورة غير واضحة تكمن وراء هذه الأرقام الممتازة. وبداية، يعود الفضل في الانتعاش ولحد كبير لعوامل عالمية. وتعتبر الأرجنتين وفي وسط الارتفاع الذي عمّ الأسعار العالمية، من الدول الرائدة في إنتاج المواد الغذائية حيث تشكل الزراعة 35% من المبيعات الخارجية. وعلاوة على ذلك، فليست الصين وحدها التي تسعى للحصول على موارد الأرجنتين الطبيعية، لكن تتجه الطبقة الوسطى في الجارة البرازيل الشريك التجاري الرئيسي نحو شراء السيارات التي تشكل أكبر صادرات البلاد. وانخفض معدل البطالة في الربع الأول إلى 7,4% مع تراجع الاستثمارات التي بلغت 19,4% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي غضون ذلك، كانت الإنتاجية مقبولة لحد ما. وفي أعقاب سنوات من قلة التمويل، تراجع مستوى نظام التعليم الذي اشتهرت البلاد بجودته في الماضي. وينطبق ذات الشيء على “مكتب الإحصاء الحكومي” الذي دأب على نشر أرقام غير واضحة عن معدلات التضخم والفقر والنمو نسبة لوقوعه تحت نفوذ الحكومة. ولا تعتبر ديون الأرجنتين الخارجية، 35% إلى الناتج المحلي الإجمالي، كبيرة، على الرغم من أنها لا تزال مُدانة بنحو 16 مليار دولار. ويستثني ذلك اثنتين من مقايضات السندات التي عملت على هيكلة 92,4% من الديون غير المسددة. كما أن الأرجنتين مُدانة للحكومات الغربية بنحو 7 مليارات دولار أخرى. ومع أنه لا تلوح في الأفق القريب عمليات تأخير عن السداد، لكن ربما تكون هناك بعض الأزمات الخفيفة. ويقول مارك ويستبروت، من “مركز البحوث الاقتصادية والسياسية” في واشنطن، والذي يرى الكثير من الفوائد في استراتيجيات الحكومة: “لا يوجد نموذج اقتصادي واحد يمكن تطبيقه إلى الأبد، وأكبر مشكلة تواجهها الأرجنتين أن معدل تضخمها أعلى من ذلك الذي لشركائها التجاريين، لذا بدأت العملة في زيادة قيمتها بصورة حقيقية على الرغم من أن الأرجنتين ليست على وشك الوقوع في الكارثة”. والدليل على أنه ليس من الممكن ربط كل شيء بانتعاش الاقتصاد باستثناء صفقات الطاقة التي عقدتها الصين في العام الماضي، لا يبدو إقبال المستثمرين على الأرجنتين كبيراً. كما أن التضخم وأزمة الطاقة والسياسة الاقتصادية غير المتوقعة جراء تدخل الحكومة، تجعل ممارسة النشاطات التجارية أمراً غاية في الصعوبة. وفي غضون ذلك، بلغ هروب رأس المال 60 مليار دولار أو أكثر خلال السنوات الاربع الماضية متجاوزاً ما قدرته “المفوضية الاقتصادية لأميركا اللاتينية ودول الكاريبي” التابعة للأمم المتحدة بنحو 26 مليار دولار من التدفقات الداخلية في شكل استثمارات خارجية مباشرة منذ عام 2007. وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى بلوغ معدل الفقر نحو 50%، بيد أن البيانات الرسمية تشير إلى 10% فقط. وتميزت الأرجنتين بعودة قوية من حالة التأخير عن سداد ديونها، بالإضافة إلى أنها كانت واحدة من أكثر الدول ثراء في العالم قبل قرن من الزمان. كما أنها لا تزال تتمتع بأعلى دخل للفرد في المنطقة قياساً على تعادل القوة الشرائية. لكن تراجعت أهميتها بشكل واضح، حيث أصبح اقتصادها يساوي سدس اقتصاد البرازيل وثلث اقتصاد المكسيك، مع توقع أن تتجاوزها كولومبيا قريباً. ونتج عن ذلك عزلة للبلاد التي تعتبر واحدة من الأعضاء الصغار في مجموعة العشرين والتي تفوقت عليها نظيراتها من دول الأسواق الناشئة. ويقول المحللون إن الحكومة في حاجة للسيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف حيث فقد البيسو نحو 8% مقابل الدولار في غضون الـ 18 شهراً الماضية. ويقول مارتن ريدرادو، المُقال من منصب رئيس “البنك المركزي” في السنة الماضية: ”تتميز الحكومة بسياسة مناصرة التضخم المالي والنقدي التي تتماشى مع سياسة سعر الصرف. لكن من المؤكد تصادم هاتين السياستين عاجلاً أم آجلاً. لكن ليس من المرجح انهيار الأرجنتين كما حدث في السابق على الرغم من أنها تسلك طريقاً يقودها لمواجهة العاصفة”. وتعتمد البلاد الآن على فول الصويا لإنقاذها، حيث إنه وبينما ارتفع هروب رأس المال، تدفقت نحو 100 مليار دولار من العائدات الزراعية في الأرجنتين خلال الأربع سنوات الماضية، وما لم تتغير أسعار السلع أو الأحوال المناخية، فإن وضع الأرجنتين ربما يكون مبشرا للغاية. ومع ذلك، فإنها تخاطر بان تكون نموذجاً لشيء لم تقم بفعله، بدلاً عن نموذج واعد لما تقوم به. ويقول لوسيو كاسترو، من مؤسسة “سيبيك” الفكرية في بوينس آيرس،: “سيطرح التاريخ علينا بعد 20 عاماً سؤالا عن مدى الفائدة التي جنيناها من وفرة السلع، وعن ما إذا كانت هناك زيادة في الاستهلاك والأجور والاستثمارات والصحة والتعليم والادخارات. كما أنه ليس من الواضح قيام الأرجنتين بواجباتها كاملة لكي تصبح ضمن قائمة الدول المتقدمة”. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©